آخر الأخبار

علي البقلوطي.. الجزيرة نت تحاور عالما تونسيا جمع بين الرياضيات والعلوم الأخرى

شارك الخبر

مثل كثير من المتميزين في تخصصاتهم، اشتعل شغف الأستاذ بجامعة صفاقس التونسية علي البقلوطي بالرياضيات منذ مرحلة التعليم الإعدادي والثانوي، لتكون دراسة هذا المجال هي اختياره الأول في التعليم الجامعي، وواصل مسيرة التفوق والإبداع، التي تكللت مؤخرا بجائزة "فايزر" المرموقة للبحث العلمي لسنة 2024، التي تمنحها الأكاديمية الملكية البريطانية.

ورغم حصوله على هذه الجائزة الدولية الرفيعة، كأول عربي ينالها، فإن داء الغرور لم يتسلل إلى نفسه، ولم يعتبر هذه الجائزة تكريما ذاتيا له، بقدر ما هي تكريم لمنظومة التعليم العالي والبحث العلمي في تونس.

وتحدث البقلوطي عن علاقته بالرياضيات، التي تتعدى نطاق البحث العلمي إلى التدخل في كافة تفاصيل حياته، إذ إن كل تفصيلة تدار بمنهج المعطيات والنتائج، وكشف أنه في بعض الأحيان تخطف النظريات الرياضية التي يفكر فيها النوم من عينيه، فيستيقظ لتدوين بعض الأفكار التي جالت في ذهنه.

ويرى أن علم الرياضيات، الذي يوصف دوما بأنه نمطي وجاف، يتدخل في كثير من العلوم، بل إن كثيرا من أبحاثه تقوم على هذا النهج، الذي يحاول من خلاله أن يصاهر بين الرياضيات والعلوم الأخرى.

ولم ينس البقلوطي الإشارة إلى أن أحد الأسباب التي تخلق جفاء بين الطلاب وعلم الرياضيات هي طريقة تدريسه، موضحا "روشتة" الإصلاح من وجهة نظره، التي يجب أن تركز على البعد التطبيقي لعلم الرياضيات.. وإلى نص الحوار.

دعنا نبدأ من جائزة "فايزر" التي حصلت عليها، ماذا تعني بالنسبة لك؟

تعني الكثير على المستوى الوطني قبل الشخصي، فهي شهادة نجاح للمنظومة الوطنية للبحث والتكوين، وعلى المستوى الشخصي تعد اعترافا بتميز أعمالي البحثية وارتقائها لمستوى هذه الجائزة العلمية المرموقة.

هل بإمكانك وصف لحظة استقبالك لخبر الفوز؟

كانت لحظات سعيدة للغاية وفرحة عارمة عشتها مع زوجتي فور استقبالي البريد الإلكتروني الذي يخبرني بالفوز، فجائزة فايزر سبق وحصل عليها علماء كبار من أمثال "نيوتن" و"كاستيلي" و"مونج" و"أومبير"، وشرف كبير أن ينضم اسمي لقائمة الحاصلين عليها، كأول عربي ينال هذا الشرف، وأنا متحمس لاستلام الجائزة في 2025، حيث سيكون هذا الحدث لحظة فارقة في تاريخ البحث العلمي الأفريقي والعربي.

مصدر الصورة
الدكتور علي البقلوطي يرى أن طريقة تدريس الرياضيات في العالم العربي تحتاج إلى تعديل (علي البقلوطي)

الشغف المبكر بالرياضيات

تميزك في مجال صعب مثل علم الرياضيات، من المؤكد أنه نتاج شغف شديد بهذا العلم تشكل في مراحل مبكرة من حياتك الدراسية، فما الشرارة التي أشعلت هذا الشغف؟

(بنبرة متحمسة) مثل كثير من الذين حققوا نجاحات ملموسة في تخصصهم، تشكل شغفي بهذا العلم منذ مرحلة التعليم الإعدادي، وفي مرحلة البكالوريا كنت شغوفا ليس فقط بحل التمارين الرياضية، ولكن بالبحث أيضا عن طرق مختلفة للحل، غير تلك المتعارف عليها، لذلك وبعد أن حصلت على البكالوريا، سرت خلف شغفي هذا والتحقت بكلية العلوم بصفاقس، لأدرس الرياضيات، وذلك بالرغم من أنه كان بإمكاني الالتحاق بكليات أخرى مثل الطب والهندسة، ولأني أدرس ما أحب، تفوقت في الكلية، واستكملت دراساتي العليا في فرنسا، وعدت للتدريس في جامعة صفاقس.

حماسك وأنت تتحدث عن الشغف بهذا العلم، قد لا يكون مستساغا عند البعض ممن يرون في الرياضيات علما نمطيا وجافا، فما ردك على هؤلاء؟

صحيح أن علم الرياضيات جاف، لأنه يعتمد على الذهن والتفكير والمعقولية والتحليل الذاتي، لكن يمكن جعله مثيرا للاهتمام بإبراز تطبيقاته، التي بدونها لم تكن البشرية لتحقق أي تقدم في البحث العلمي والتكنولوجيا، فهو قاطرة العلوم، فلا يوجد علم لا يعتمد عليه، حتى العلوم الإنسانية، التي تحتاج إلى إحصاءات خاصة بتحليل النتائج.

والثورة الآن التي تحدث في مجال الذكاء الاصطناعي هي قائمة على هذا العلم أيضا، الذي كان له دور أيضا في إنتاج الهواتف الجوالة وشاشات البلازما، لذلك فإن الإحصاءات في فرنسا على سبيل المثال، تشير إلى أن علم الرياضيات مسؤول وحده عن توفير 10 آلاف فرصة عمل سنوية.

وأحد أسباب منحي الجائزة الأخيرة، هو أن أبحاثي تركز على علاقة المصاهرة بين علم الرياضات والعلوم الأخرى، فركزت على تأثير الرياضيات في العلوم الأخرى مثل الفيزياء النظرية وميكانيكا الكم وعلم النسيج والخلايا البيولوجية.

البعد التطبيقي في التدريس

لكن للأسف، يفتقد تعليم الرياضيات في العالم العربي لهذا المنهج الذي يظهر العلاقة بين الرياضيات والعلوم الأخرى، لهذا يظل في أنظار بعض الطلاب، علما مملا، فهل نحن بحاجة إلى ثورة في أسلوب تدريسه؟

(يومئ بالموافقة) أتفق معك تماما، فنحن بحاجة إلى ثورة في تدريس الرياضيات، فهذا العلم متطور، والنظريات التي كانت سائدة في السبعينيات، لم تعد صالحة الآن، ويجب أن يتطور التدريس مع تطور العلم.

وكيف يتطور التدريس؟

هذه القضية تشغلنا في المجمع التونسي للعلوم والفنون والآداب (بيت الحكمة) الذي أعمل عضوا فيه، وما خلصنا إليه هو أن طريقة التدريس يلزمها الاهتمام بالبعد التطبيقي، حتى يعرف الطالب ما وراء النظرية من تطبيقات على مستوى العلوم المختلفة من ميكانيكا وهندسة وطب وغيرها، أما التركيز فقط على الجانب النظري عند التدريس، فهذا من شأنه أن يصيب الطلاب بالملل.

وكيف اهتمت أبحاثك بهذا الجانب التطبيقي؟

هناك فرق بين البحث والتدريس، فأبحاثي نظرية، وأحد أبرز مجالاتها "نظرية مجموعات لي"، وهي فرع من فروع الرياضيات، وسميت على اسم عالم الرياضيات النرويجي سوفوس لي، وتلعب دورا حاسما في مجالات مختلفة من الرياضيات والفيزياء والهندسة وميكانيكا الكم.

ولكن عندما أقوم بالتدريس، يكون البعد التطبيقي حاضرا بإبراز تطبيقات العلم في الطبيعة والفيزياء والذكاء الاصطناعي والتشفير وخلافه من العلوم لخلق الشغف بهذا العلم لدى الطالب.

مصدر الصورة
عالم الرياضيات التونسي الدكتور علي البقلوطي، الحاصل مؤخرا على جائزة فايزر من الأكاديمية الملكية البريطانية (علي البقلوطي)

علماء رفعوا سقف الطموح

كيف تشعر أن خ ....

لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي
الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك الخبر

إقرأ أيضا