آخر الأخبار

اليمن: كيف يرى الجنوبيون التصعيد الأخير ومستقبل الجنوب؟

شارك
مصدر الصورة

"حواجز أمنية مشددة وتفتيش على هويات المواطنين وانتشار عسكري غير مسبوق"، يخبرني عبد الجبار عن الأوضاع في محافظته حضرموت بعد التطورات المتسارعة التي شهدتها الأسابيع الأخيرة.

عبد الجبار ينتقد ما يقوم به المجلس الانتقالي الجنوبي، ويتهمه بأنه "يستقوي بالسلاح على أبناء حضرموت والمهرة"، في إشارة إلى عملية "المستقبل الواعد" التي أطلقها المجلس في بداية ديسمبر/كانون الأول 2025.

أهداف العملية وفقاً لبيان المجلس الانتقالي هي "استعادة السيادة وتطهير مدن ومناطق وادي وصحراء حضرموت من الجماعات الإرهابية والعناصر الإخوانية، وقطع خطوط تهريب السلاح الإيراني إلى ميليشيا الحوثي".

في سياق متصل، أجرى السيناتور الأمريكي ماركو روبيو عدة اتصالات مع مسؤولين خليجيين خلال الأيام الماضية، ناقش فيها التصعيد العسكري في حضرموت والمهرة، مؤكدًا على أن تجنب العمليات المسلحة وحماية المدنيين ضرورة عاجلة للحفاظ على الاستقرار الإقليمي. وأشار روبيو إلى أن التدخلات الخارجية والتحركات المسلحة قد تزيد الانقسامات المحلية وتعقد الحلول السياسية للأزمة اليمنية، داعيًا جميع الأطراف إلى الحوار وممارسة ضبط النفس.

وبعد سلسة أحداث المتلاحقة، أصدر رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، الثلاثاء، قراراً بإعلان حالة الطوارئ في كافة أراضي الجمهورية لمدة 90 يوماً قابلة للتمديد، وفرض حظر جوي وبحري وبري لمدة 72 ساعة على كافة المنافذ والموانئ.


*
*

مطلب الانفصال بين مؤيد ومعارض

مصدر الصورة

مع سيطرة قوات المجلس الانتقالي الجنوبي على محافظتي حضرموت والمهرة، ووصولها إلى حدود سلطنة عمان، خرجت تظاهرات في ساحة العروض بمدينة عدن الجنوبية رفع خلالها المتظاهرون أعلام الجنوب وطالبوا بالانفصال والاستقلال وإستعادة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية. لكن هذا المطلب لا يلقى إجماعاً في صفوف أهالي الجنوب، بل على العكس، بات سبباً للانقسام بين السكان.

يعقوب السفياني من عدن يقول لبي بي سي عربي إنه "يؤمن بحق الشعب في اختيار مستقبله وتقرير مصيره" ويؤكد أن "الأصوات المطالبة بالانفصال هي أصوات قوية ولا يمكن إغفالها وتجاوزها أو اهمالها".

يعزو السفياني التصعيد السياسي والعسكري إلى تردي الأوضاع الاقتصادية والخدمية ويرى أن " الجنوبيين يشعرون بعدم الاستفادة من الشراكة في المجلس القيادي الرئاسي والحكومة المعترف بها دولياً، لذلك فإن السيطرة على منابع النفط والمؤسسات وموارد الدولة يمكن أن تفضي إلى إنفراجة في هذا المجال".

القوات الموالية للمجلس الانتقالي الجنوبي كانت قد أعلنت سيطرتها على المواقع التابعة للشركات النفطية في منطقة المسيلة بمحافظة حضرموت، بالإضافة إلى انتشار عسكري شمل الحقول النفطية ومحيط المنشآت وطرق الإمداد، عقب انسحاب حلف قبائل حضرموت.

تتفق أروى (اسم مستعار)، وهي من سكان الجنوب، مع السفياني على تردي الوضع الاقتصادي، وترى أنه يعكس أزمة عميقة تجعل المواطن منشغلاً بتأمين احتياجاته اليومية أكثر من الانخراط في مشاريع سياسية كبرى.

لكنها ترى أن "الانفصال لا يقدم حلولاً حقيقية للمشاكل التي يعاني منها المواطن الجنوبي بل قد يعيد إنتاجها في كيان أصغر، فالمشكلة تعود إلى غياب دولة القانون والمؤسسات، وغياب العدالة، وسوء إدارة الموارد، وتهميش الإنسان. وهذه المشاكل لا تزول تلقائياً بمجرد الانفصال، بل تحتاج إلى مشروع وطني جامع يعالج جذور الأزمة، ويضمن الشراكة، والمساءلة، وتكافؤ الفرص".

توتر إقليمي

مصدر الصورة

الانقسام حول التطورات الأخيرة في جنوب اليمن ينسحب على الموقف الإقليمي أيضاً.

السعودية أعربت عن أسفها إزاء "دعم إماراتي" لقوات المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن واصفة إياه بـ"بالغ الخطورة" وأنه يشكل تهديداً لأمنها الوطني.

وزارة الخارجية السعودية قالت إن الإمارات مارست ضغوطاً على قوات المجلس الانتقالي الجنوبي لدفعها إلى تنفيذ عمليات عسكرية قرب الحدود الجنوبية للمملكة في محافظتي حضرموت والمهرة.

"تحالف دعم الشرعية" بقيادة السعودية أعلن تنفيذ غارة جوية استهدفت "دعماً عسكرياً أجنبياً" للقوات الانفصالية الجنوبية المدعومة من الإمارات. حيث قصف التحالف أسلحة بعد وصولها على متن سفينتين إلى ميناء المكلا في محافظة حضرموت قادمة من الإمارات بحسب السلطات السعودية.

مصدر الصورة

كما طالب رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي القوات الإماراتية بالخروج من جميع الأراضي اليمنية خلال 24 ساعة بسبب ما يحدث في الجنوب، وألغى اتفاقية الدفاع بين بلاده والإمارات. الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً أكدت أنها تدين تحركات المجلس الانتقالي الجنوبي، وتدعوه إلى الانسحاب فوراً وتسليم المواقع للسلطات المحلية في حضرموت والمهرة.

وزارة الدفاع الإماراتية أعلنت بعد ساعات من الغارة السعودية إنهاء ما تبقى من فرق مكافحة الإرهاب في اليمن بمحض إرادتها، وبما يضمن سلامة عناصرها، وبالتنسيق مع الشركاء المعنيين.

وزارة الدفاع أشارت إلى أن القوات المسلحة الإماراتية كانت قد أنهت وجودها العسكري في اليمن عام 2019 بعد استكمال المهام المحددة ضمن الأطر الرسمية المتفق عليها، فيما اقتصر ما تبقى من تواجد على فرق مختصة ضمن جهود مكافحة الإرهاب وبالتنسيق مع الشركاء الدوليين المعنيين.

انفصال أم تقرير مصير؟

مصدر الصورة

الناشطة الحقوقية ضياء حسن إبراهيم، المقيمة في عدن، تقول لبي بي سي عربي إن الموضوع ليس انفصالاً بل هو تقرير المصير وفقاً لمخرجات الحوار الوطني، "القضية الجنوبية هي محورية لا يمكن التنازل عنها من أي طرف جنوبي ولكن توجد آليات على طاولة الحوار وبناء الدولة والمؤسسات. ما حدث هو فشل المجلس الرئاسي في توفير أبسط الخدمات للمواطنين. في عدن نفتقد إلى الغاز وهناك أزمة خانقة مرتبطة بارتفاع الأسعار وتردي الخدمات. هناك أيضاً انفلات أمني ناتج عن تعدد الأجهزة الأمنية على الأرض، في ظل علم المجتمع الدولي بما يجري وصمته عنه. الأمر هو عبارة عن حق تقرير المصير".

في المقابل، يقول عبد الجبار وهو من محافظة حضرموت أن "مسألة الانفصال من عدمه ينبغي أن تناقش على طاولة الحوار بمشاركة كافة الأطراف، وإذا تم الاتفاق على الانفصال فلا مشكلة في ذلك". لكن يسلط عبد الجبار الضوء على ما يصفها بالضغوطات الكبيرة على كل من يرفض المشروع الانتقالي، "تتنوع هذه الضغوطات بين التهديد والتخويف والترهيب وحتى الترغيب أحياناً، بل وصلت إلى الهجوم العسكري على حلف قبائل حضرموت في المنشآت النفطية بمنطقة غيل بن يمين، فالمجلس الانتقالي لا يريد سماع صوت جنوبي مناهض لمشروعه السياسي".

أروى بدورها تتحدث لبي بي سي عما تصفه بحالة "استقطاب سياسي واضحة" وتشير إلى أنه "بينما يُقدَّم خطاب الانفصال أحيانًا بوصفه الصوت الغالب، هناك شريحة لا يستهان بها تحمل رؤى مختلفة، لكنها تواجه ضغوطاً اجتماعية وسياسية تجعل التعبير العلني عن هذا الموقف أمراً محفوفًا بالحساسية".

فيما يؤكد السفياني من عدن أنه يؤمن بحق الشعب الجنوبي في اختيار مستقبله وتقرير مصيره ويؤكد أن "الأصوات المطالبة بالانفصال هي أصوات قوية. واعتصامات الساحات ومنها عدن هي دليل على مطالب الجنوبيين".

بي بي سي المصدر: بي بي سي
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا