في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
واشنطن- شهد عام 2025 تدهورا حادا في العلاقات الأميركية الفنزويلية المتوترة بشدة منذ رفض واشنطن الاعتراف بانتخاب نيكولاس مادورو رئيسا ل فنزويلا عام 2014.
وتبنّت إدارة الرئيس دونالد ترامب سياسة "الضغط الأقصى"، وفرضت المزيد من العقوبات والإجراءات التي وصلت للعمل العسكري المباشر بمهاجمة مراكب تعمل بتهريب المخدرات، ومحاصرة السواحل الفنزويلية مع زيادة الوجود العسكري حولها بصورة لم تشهدها منطقة البحر الكاريبي منذ منتصف ستينيات القرن الماضي، إبان أزمة الصواريخ الكوبية.
وأخذ منحنى التصعيد الأميركي مسارا عدائيا بتصنيف شبكة "كارتل لوس سولس" (كارتل الشمس) الفنزويلية كمنظمة إرهابية عالمية. ثم ضاعفت المكافأة على المعلومات التي تؤدي لاعتقال مادورو إلى 50 مليون دولار.
وتعتبر واشنطن (كارتل الشمس) شبكة من الفساد وتهريب المخدرات، يُتهم بالانخراط فيها ضباط في الحرس الوطني والجيش الفنزويلييْن.
كما هددت واشنطن بفرض تعريفات جمركية على أي دولة تستورد النفط الفنزويلي، وألغت ترخيص شركة "شيفرون" الأميركية للعمل هناك.
ومنذ بداية الشهر الحالي، استولت أميركا على عدة ناقلات نفط مرتبطة بما يُعرف بـ" أسطول الظل" بحجة مخالفتها للعقوبات الأميركية.
وسبق ذلك ضرب واشنطن، وبشكل متكرر، سفنا يُزعم أنها متورطة في تهريب المخدرات بالمنطقة، مما أوقع خسائر كبيرة، كجزء من جهودها المعلنة لمكافحة المخدرات التي أدانتها فنزويلا باعتبارها "عدوانية".
من جانبها، حشدت فنزويلا قواتها العسكرية، وأجرت تدريبات دفاعية، وحذّرت أميركا علنا من شن أي هجمات، وذكّرت إدارة ترامب بتجربة حرب فيتنام.
وفي حديث للجزيرة نت، قال الجنرال المتقاعد مارك كيميت، الذي عمل مساعدا لوزيري الدفاع السابقين دونالد رامسفيلد و روبرت غيتس، وكان مساعدا لوزيرة الخارجية للشؤون السياسية والعسكرية في عهد الرئيس السابق جورج دبليو بوش، "بالرغم من عدم تحديد الرئيس ترامب لأهداف واضحة وصريحة بفنزويلا، إلا أن إستراتيجية الأمن القومي الأخيرة تتعامل مع نصف الكرة الغربي على أنه محور التركيز الإستراتيجي الأميركي".
في حين قال السفير الأميركي السابق لدى فنزويلا جيمس ستوري، الذي يطالب علنا بتغيير نظام الرئيس مادورو حتى لو تطلّب الأمر استخدام القوة، إن "فنزويلا تُدار فعليا من شبكة إجرامية فاسدة بدلا من دولة مسؤولة".
وأضاف أن مادورو خسر الانتخابات الأخيرة بفارق كبير لكنه رفض التنحي، مما أدى إلى انهيار المؤسسات الديمقراطية، وإغراق البلاد بالفساد، وبالتالي أزمة إنسانية دفعت حوالي 25% من الفنزويليين للفرار من البلاد، مما يجعل فنزويلا ليست مجرد مسألة أخلاقية، بل أيضا مشكلة استقرار إقليمي، وفقا لستوري.
وفي حديثه ببودكاست مؤسسة "كارنغي للسلام الدولي"، أصرّ السفير ستوري على أن أي نتيجة مقبولة يجب أن تتضمن رحيل مادورو، مبينا أن الصفقات الجزئية التي تتركه هو أو دائرته المقربة في السلطة "ستفشل، وتضر بمصداقية الولايات المتحدة عند الشعب الفنزويلي".
وفي حديث مع الجزيرة نت، قال المؤرخ الفنزويلي والأستاذ بجامعة نيويورك البروفيسور أليخاندرو فيلاسكو "أعتقد أنه من المهم التمييز بين ترامب وإدارته في هذه الحالة، لأن مسألة الأهداف ليست نفسها تماما".
وأضاف أن "اهتمام ترامب بفنزويلا يدور تقريبا حصريا حول النفط، وكان ذلك واضحا خلال إدارته الأولى.. وتم تأكيده بشكل صريح في الأسابيع القليلة الماضية، لكن آخرين في إدارة ترامب، خاصة وزير الخارجية ماركو روبيو الذي يقود هذه الحملة فعليا، يهدفون أساسا لتغيير النظام من أجل التغيير".
ويرى فيلاسكو أن إزاحة النظام سيكون له تأثير متدرج على دول أخرى في المنطقة "التي يريد روبيو رؤية استبدال أنظمتها مثل نيكاراغوا وكوبا، ويراها الجائزة الكبرى في كل هذا".
وحسب المؤرخ، فإن وزير الحرب بيت هيغسيث يريد بدء حرب "لاستعراض القوة العسكرية الأميركية، ويرى في فنزويلا هدفا سهلا".
أما مستشار ترامب الأهم، ستيفن ميلر، فأبدى اهتماما مؤخرا بفنزويلا في مجالين:
وتضمنت الإستراتيجية الجديدة للأمن القومي الأميركي بوضوح أن نصف الكرة الغربي أصبح الآن أولوية أميركا القصوى. ويعد ذلك تحولا كبيرا لخدمة هدفين:
من هنا تمنح الإستراتيجية نظرة على الهدف النهائي لإدارة ترامب في فنزويلا، حيث تتهم واشنطن فيها مادورو ومساعديه حاليا بتوفير ملاذ آمن للجماعات "الإجرامية"، وتحقيق أرباح من الإتجار بالمخدرات، والترحيب بمنافسي الولايات المتحدة، هو ما يراه ترامب تهديدا مباشرا للأمن القومي لبلاده.
وفي حوار للجزيرة نت، قال المسؤول الاستخباري الأميركي السابق فولتون أرمسترونغ إن الهدف الرئيسي من سياسة ترامب تجاه فنزويلا "هو إعطاء مضمون لما يسميه البيت الأبيض نهج ترامب المتوافق مع مبدأ مونرو، أي تأكيد الولايات المتحدة كقوة وحيدة مهيمنة في نصف الكرة الغربي".
وفي هذا الدور، "ينتزع لنفسه الحق في التدخل ضد أي فاعل نصف الكرة الأرضية يُفسّره على أنه يتبع سياسات لا تخدم مصالحه، مما يتطلب جهودا لمنع أي فاعل أجنبي، وخاصة الصين، من اكتساب نفوذ فيما يعتبره نصف الكرة الأرضية".
وعن أسباب إعلان ترامب حكومة الرئيس مادورو "منظمة إرهابية" أجنبية، قال أرمسترونغ، الذي عمل لدى وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية " سي آي إيه" بعدة دول بأميركا اللاتينية، إن ما سيفعله ترامب في 2026 سيعتمد على كيفية تنفيذ خطته الحالية، فهو يهاجم صناعة النفط، التي تعتمد عليها فنزويلا بنسبة 90% من إيراداتها.
وأضاف "إذا لم ينجح تشديد هذا الطريق، فمن المحتمل أن يضطر للعمل العسكري المباشر، وترامب يُحبّذ استخدام الطائرات المُسيّرة والصواريخ، لأن الحرب البرية ستكون قبيحة، وربما يعتقد أن اغتيال المسؤولين الكبار سيمنحه النتيجة التي يرغب بها، لكن فنزويلا في الواقع أكثر تعقيدا من ذلك".
وعن الرسائل التي يبعثها ترامب إلى الجيش الفنزويلي عبر الهجمات على القوارب والحصار البحري على بلادهم، قال الجنرال كيميت إن "رسالة ترامب مقصود أن تكون واضحة، بأن أي محاولة للانخراط في صراع مسلح مع الجيش الأميركي ستحدث رد فعل ساحقا، وبالنظر إلى ما قام به من ضربات في إيران، يمكن لواشنطن تدمير الجيش الفنزويلي".
وعن إمكانية شن أميركا هجوما بريا اعتمادا على الحشد البحري والجوي قرب السواحل الفنزويلية، اعتبر كيميت أن "هذا سيناريو افتراضي وغير محتمل، وسيعتمد أي عمل عسكري على عوامل عديدة غير معروفة حاليا، بما في ذلك طبيعة الأهداف العسكرية، وعددها، واستعداد الجيش الفنزويلي للقتال بعد حملة قصف ضخمة قبل الغزو، ومدى استعداد حكومة مادورو للمقاومة".
بينما يرى المؤرخ أليخاندرو فيلاسكو أنه حتى الآن، يبدو أن روبيو ورفاقه لم يقنعوا ترامب بالالتزام بعملية تغيير النظام بالكامل. و"يجب أن يتذكر ترامب كيف أنه خلال إدارته الأولى، أقنعه روبيو بفكرة أن حكومة مادورو ستنهار بسرعة إذا دعمت أميركا مسرحية (زعيم المعارضة) خوان غوايدو المؤقتة".
وأضاف "بالطبع لم يحدث ذلك، لذا عندما يخبره روبيو وآخرون الآن أنه سيكون سهلا الإطاحة بمادورو وتنصيب حكومة دمية أميركية تحت قيادة ماريا كورينا ماتشادو، لا بد أنه سيكون لديه بعض الشكوك، بالإضافة إلى رفضه الطويل لحروب تغيير الأنظمة".
لذا، يرى فيلاسكو، أنه لتحقيق هدف تأمين الهيمنة على النفط وتغيير النظام، من المرجح أن يستمر ترامب بزيادة الضغط على أصول النفط الفنزويلية، بغض النظر عن موقف القانون الدولي من ذلك.
وعن احتمال نجاة مادورو، فإن ذلك سيعتمد على مدة استمرار أميركا وربما تصعيد هذه الحملة، وفق المؤرخ الفنزويلي. ويقول "بالطبع، مصلحة مادورو (ودائرته المقربة) هي البقاء في السلطة مهما كلّف الأمر. لذا فإن حكومته، كما فعلت في أول نسخة من الضغط الأقصى من الولايات المتحدة، ستلجأ إلى القمع والتقشُّف وكل ما يلزم للحفاظ على الحكم".
وخلص الحديث مع معلقين وخبراء إلى عدة سيناريوهات تتحرك فيها أزمة فنزويلا، منها:
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة
مصدر الصورة