غزة- بعد 4 أشهر على إعلان وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس اغتيال أبي عبيدة الناطق باسم كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية ( حماس)، أطل اليوم الاثنين ناطق جديد يحمل الكنية الشهيرة ذاتها للمتحدث الشهيد.
وألقى "أبو عبيدة" خطابا محملا برسائل سياسية وعسكرية، تتناغم مع تطورات الأوضاع في قطاع غزة بعد مرور 80 يوما على اتفاق وقف إطلاق النار، وما صاحبه من خروقات إسرائيلية.
ويستكمل المتحدث الجديد مشوار سلفه الملثم، الذي امتد على مدار 21 عاما من الظهور الإعلامي في المؤتمرات الصحفية والمقاطع المصورة، فماذا كشفت 22 دقيقة من التسجيل الذي بثته كتائب القسام؟
وأعلن الناطق الجديد استشهاد 5 من قادة كتائب القسام بعد تجدد العدوان الإسرائيلي على غزة في مارس/آذار الماضي وهم:
ويرى رامي الشقرة رئيس معهد فلسطين للدراسات أن "التسجيل المصور للمتحدث الجديد يعطي دلالة أن كتائب القسام قد أنهت ترتيباتها الهيكلية، واستوعبت طبيعة الاستهداف الصهيوني ونجحت في إعادة ملء الشواغر القيادية، من دون أن يصيب بنيتها خلل أو فراغ، وأن الميدان يعلن جهوزيته الكاملة كما هو الحال في القيادة السياسية، بما ينم عن تكامل واضح بين القرار والفعل".
وأوضح للجزيرة نت أن استهداف الشخصيات مهما بلغت مكانتها ورمزيتها لا يلغي الفكرة ولا يطفئ جذوة المشروع المقاوم الذي يتجدد عبر أدوار ووظائف ومسارات تتوارثها الأجيال، ولفت إلى أن "أبا عبيدة الجديد بدأ صفحة جديدة في سجل النضال، مستكملا الدور ومجددا الخطاب، ومراكما على ما سبق دون انقطاع".
وعلمت الجزيرة نت من مصادر خاصة أن المتحدث الجديد كان قد رافق الشهيد حذيفة سمير عبد الله الكحلوت (أبو إبراهيم) طوال معركة " طوفان الأقصى"، للاستفادة من خبراته في الإعلام العسكري، واستعدادا لحمل الراية إن تمكنت قوات الاحتلال من اغتياله.
وكشفت منصة تتبع أمن المقاومة أن تأخر إعلان المقاومة عن مصير القادة الذين تعرضوا للاستهداف خلال الحرب يعود لاعتبارات أمنية وعسكرية دقيقة تتعلق بإجراءات التثبت والتحقق التي تستغرق في العادة وقتا وفقا لمقتضيات العمل الأمني.
وأوضحت أن ذلك يأتي في إطار الحفاظ على سرية المعلومات، ومنع أي توظيف عدائي لها، سواء على صعيد الصراع الأمني أو الحرب النفسية.
أكد المتحدث باسم كتائب القسام أن المقاومة "أدت ما عليها من التزامات، وتعاملت بكل مسؤولية مع اتفاق وقف إطلاق النار"، مؤكدا "حقها في الرد على جرائم الاحتلال، وأن الشعب الفلسطيني لن يتخلى عن سلاحه ما بقي الاحتلال، ولن يستسلم ولو قاتل بأظافره".
في هذا الإطار، يرى الشقرة أن "كلمة أبي عبيدة ترفض أي معادلة يحاول العدو وحلفاؤه فرضها، سواء بالقوة العسكرية أو بالضغط السياسي أو بالحرب النفسية، لأنها تصطدم بإرادة شعب لا يساوم على حقه في المقاومة والتحرر".
ونوه إلى أن اختيار توقيت الكلمة المصورة لم يكن عابرا، إذ جاء قبيل ساعات من اجتماع الرئيس الأميركي دونالد ترامب برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -المطلوب ل لمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة-، وهو أمر "ذو دلالة سياسية قوية، ومؤشر بالغ الأهمية خاصة في ظل السياق الإقليمي والدولي الضاغط" حسب رأيه.
ويشي هذا التزامن -وفقا له- برسالة محسوبة، تتجاوز الداخل الفلسطيني وتخاطب غرف القرار مباشرة، مفادها أن "المقاومة حاضرة في معادلة اللحظة، وتقرأ المشهد السياسي بدقة، ولا تنفصل عن مساراته".
وأشار الشقرة إلى المفردات التي استخدمها الملثم الجديد، لا سيما في ما يتعلق بالسلاح وشرعيته الحصرية في اليد الفلسطينية، حيث لم يكن الخطاب -برأيه- توصيفيا أو عاطفيا، بل "تأسيسيا وحاسما، يعيد تثبيت السلاح بوصفه أداة تحرر وحقا سياديا غير قابل للنزع أو المساومة، ويمثل جوهر المشروع الوطني ذاته".
من جهته، شدد الباحث في الشأن العسكري رامي أبو زبيدة أن إعلان كتائب القسام استشهاد ثلة من قادة الصف الأول، وعلى رأسهم قائد أركانها محمد السنوار، وناطقها الرسمي الشهير أبو عبيدة، بالتزامن مع ظهور "أبي عبيدة الجديد"، يمثل وثيقة عسكرية تكرس مفهوم المقاومة المستدامة.
وأوضح في حديث للجزيرة نت أن "استشهاد ممثلي العقل العملياتي والتصنيعي في كتائب القسام وهم في قلب المواجهة يغلق ثغرة التشكيك في وجود القيادة بعيدا عن الجبهات، ويمنح الخلف شرعية الدم التي هي أقوى من شرعية التكليف التنظيمي".
وبحسب أبي زبيدة، فإن انتقال لقب أبي عبيدة للناطق العسكري الجديد هو رسالة للاحتلال بأنه أمام "مؤسسة ناطقين" وليس فردا واحدا، مما يفرغ عمليات الاغتيال من محتواها الإستراتيجي.
وقرأ ظهور المتحدث الجديد بأنه يعكس سلسلة القيادة والسيطرة في المنظومة الإعلامية لكتائب القسام وبأنها لم تتأثر بغياب رأس الهرم، مما يعكس مرونة تنظيمية هائلة، ويعتقد أن الخطاب أسس لمرحلة ما بعد توقف القتال ملخصها:
المصدر:
الجزيرة