آخر الأخبار

أبو عبيدة.. صوت المقاومة الفلسطينية الملثم

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

أبو عبيدة، الملثم بالكوفية الفلسطينية، صوت غزة والمقاومة، الناطق الرسمي باسم كتائب القسام، الذي ظلت هويته خفية طوال أكثر من عقدين من الزمان.

انخرط في صفوف حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وانتسب إلى جناحها العسكري ليكون قياديا فيه، ويتولى مسؤولية الإعلام العسكري، ويكون الناطق الرسمي في كتائب القسام.

اشتهر بخطاباته القوية التي كان يحتشد لسماعها محبوه وأعداؤه على السواء، وكان ظهوره حدثا يترقبه كل متابع للشأن الفلسطيني، خصوصا في أوقات المعارك والحرب الإسرائيلية على غزة.

أعلنت حركة المقاومة الإسلامية حماس يوم 29 ديسمبر/كانون الأول 2025 أنه استشهد أثناء حرب الإبادة التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة في أعقاب طوفان الأقصى.

مصدر الصورة كشفت حماس يوم 29 ديسمبر/كانون الأول 2025 عن شخصية "أبو عبيدة" وأعلنت عن استشهاده (الجزيرة)

المولد والنشأة

ولد حذيفة سمير عبد الله الكحلوت -المَكْنيُّ بأبي إبراهيم المشتهر بـ"أبو عبيدة"- عام 1984، لأسرة فلسطينية تنحدر من قرية نِعليا جنوب غربي من المجدل، ونزحت أسرته بعد النكبة عام 1948 لتستقر في جباليا شمالي قطاع غزة.

نشأ حذيفة في مخيم جباليا، وتلقى تعليمه الأساسي في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، ونشط في الكتلة الإسلامية، الذراع الطلابي لحركة حماس، وتخرج من الثانوية العامة بتفوق من الفرع العلمي عام 2002.

بدأ دراسة الهندسة قبل أن يتحوّل إلى الدراسات الشرعية في كلية أصول الدين بالجامعة الإسلامية بغزة، التي نال فيها درجة الماجستير من قسم العقيدة عام 2013، عن رسالته التي حملت عنوان "الأرض المقدسة بين اليهودية والمسيحية والإسلام".

في صفوف المقاومة

التحق مبكرا بصفوف حركة المقاومة الإسلامية (حماس) مع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000، وبرز دوره داخل جناحها العسكري "كتائب القسام"، متدرجا في المهام الميدانية والإعلامية.

إعلان

كان الظهور الأول لـ"أبو عبيدة" في إصدارات مرئية خاصة بحماس بين عامي 2002 و2003، عُرّف فيها بأنه "قائد في كتائب القسام". لكن تركيز الأضواء عليه بدأ حين عقد مؤتمرا صحفيا في مسجد النور شمال القطاع أثناء معركة أيام الغضب في أكتوبر/تشرين الأول 2004، ليطل على الصحفيين مرتديا قناعا أسود وعاقدا عصابة خضراء على رأسه تحمل شعار الكتائب، ويحدّثهم عن مجريات المعركة وأبرز عمليات المقاومة فيها، ويستعرض بعض الأسلحة التي استخدمتها لصد الاجتياح، وبقايا الآليات التي دمرتها.

وعقب انسحاب إسرائيل من قطاع غزة عام 2005، بات يظهر بوصفه "الناطق الإعلامي لكتائب القسام"، وهي الصفة ذاتها التي ظهر بها في فيلم "كتائب القسام.. في ضيافة البندقية" الذي صورته الجزيرة عام 2005، وبثته عام 2014، وفيه تحدث عن أن تسمية مكتب إعلامي لكتائب عز الدين القسام كانت في أوائل عام 2004.

شغل أبو عبيدة منصب مسؤول الإعلام العسكري في كتائب القسام، وكان مقربا من قائدها العام محمد الضيف. وبصفته رئيس دائرة الإعلام العسكري في القسام، أشرف على أقسام عدة، منها التوثيق والتصوير، والعمليات النفسية، وإدارة المنصات الإعلامية، وإصدار البيانات المرئية والمكتوبة.

ظهوره الإعلامي

بالرغم من تكرار ظهوره الإعلامي وإجرائه عدة لقاءات صحفية مع عدد من وسائل الإعلام، فإن الظهور الأبرز لـ"أبو عبيدة" كان في يونيو/حزيران 2006، حين أعلن عن نجاح المقاومة في تنفيذ عملية "الوهم المُتبدد"، التي أدت إلى قتل جنديَّيْن إسرائيليين، وجرح اثنين آخرين، وأسْرِ الجندي جلعاد شاليط الذي أفرج عنه لاحقا عام 2011، بعد عقد صفقة مع إسرائيل أفرج بموجبها عن أكثر من ألف فلسطيني معتقل في سجونها.

فقد ترك ظهور "أبو عبيدة" هذا أثرا كبيرا في الشارع العربي، لأن عملية الوهم المتبدد جاءت بعد أيام من انتشار مقطع مصوّر أبكى الناس للطفلة هدى التي كانت تجري ذاهلة تنادي على جثث عائلتها الذين قضت عليهم مجزرة ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي على شاطئ غزة، واستشهد على إثرها أبو هدى وأمها وإخوانها الخمسة.

وخلال حرب "الرصاص المصبوب" التي شنها الاحتلال على غزة عام 2009، برز صوته من خلال بيانات المقاومة الرسمية، والكشف عن العمليات وخسائر الاحتلال. كما تكرر ظهوره في حرب "عامود السحاب"، أو "حجارة السجيل" كما سمّتها المقاومة، عام 2012.

وفي معركة "العصف المأكول" عام 2014، أطلّ الملثم بشكل أوسع، وكان أبرز خطاباته آنذاك في يوليو/تموز من العام نفسه، حيث أعلن عن أسر الجندي "شاؤول آرون".

ولوحظ خلال المعركة ازدياي حجم تأثيره، فانتشرت العديد من المقاطع التي تظهر احتشاد الجماهير للاستماع لبياناته وكلماته، كما تردد اسمه خلال الهتافات المؤيدة للمقاومة والمنددة بالمجازر التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في القطاع.

حاولت إسرائيل في البداية تجاهل خطابات "أبو عبيدة"، لكن مع اتساع حضوره وازدياد شعبيته بمرور السنين، بات حاضرا رئيسيا في الموضوعات التي يتناولها الإعلام الإسرائيلي، وصارت كل خطاباته تُترجَم سريعا في وسائل إعلام الاحتلال، مع اهتمام إسرائيلي متزايد بشخصيته الصاعدة باعتباره، أحد أهم المطلوبين لها بسبب الحرب الإعلامية والنفسية التي يشنها عليها.

إعلان

وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن تل أبيب حاولت اغتياله عدة مرات، وقالت إنها قصفت منزله أكثر من مرة في أعوام 2008 و2012 و2014، فضلا عن استهدافه أخيرا أثناء حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة إثر طوفان الأقصى.

مصدر الصورة من كلمة صوتية لحذيفة الكحلوت في اليوم الـ13 من طوفان الأقصى (كتائب القسام على تليغرام)

طوفان الأقصى

في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023، في اليوم التالي لمعركة طوفان الأقصى، أطل أبو عبيدة برسالة صوتية مقتضبة، تناولت ملف أسرى الاحتلال، قبل أن يتبعها بكلمة مسجلة طويلة بعد نحو ساعتين، ليبدأ بعدها ظهوره المتكرر طوال أيام العدوان الإسرائيلي على غزة عبر رسائل صوتية ومرئية وتغريدات نصية.

في هذه الفترة، أصبح أبو عبيدة ظاهرة شعبية على المستوى العربي، بل حتى على مستوى العالم، وباتت تصريحاته محط اهتمام واسع، سياسي وشعبي، حتى وجدت تصريحاته مكانا لها في الأغاني الشعبية، وأصبحت موضوع نقاش وتداول على منصات التواصل الاجتماعي، وباتت كل ظهور له يملأ الدنيا ويشغل الناس حقا.

وذهبت العديد من التقديرات إلى أنه خلال عامين من حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، كان لقب "أبو عبيدة" هو الأكثر انتشارا وتداولا، ليس فقط على منصات التواصل، ولكن في كافة أرجاء إسرائيل، إذ كانت تحظى كلماته بمصداقية وموثوقية عالية، جعلت الأصوات تعلو في إسرائيل باتهام حكومتها بأنها تضللهم وتكذب عليهم.

أطلقت الجماهير والمعلقون على الشأن الفلسطيني والمتابعون لأحداث فلسطين على "أبو عبيدة" العديد من الألقاب، فقد سمي: صوت غزة، وصوت المقاومة، والناطق باسم الأمة، وعنوان الحرب النفسية، وقاموس المعركة، ولعل اللقب الأكثر شهرة له والذي تردد في الأغاني والأهازيج حتى بات علما عليه، هو لقب "الملثم".

الظهور الأخير

كان آخر ظهور إعلامي لحذيفة الكحلوت "أبو عبيدة" في مقطع مصور بتاريخ 18 يوليو/تموز 2025، تناول فيه تطور أحداث المعارك في غزة، مؤكدا أن الفصائل الفلسطينية جاهزة لخوض "معركة استنزاف طويلة" ضد إسرائيل.

وفي 31 أغسطس/آب 2025، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه استهدف بواسطة طائرات سلاح الجو قياديا مركزيا في حركة حماس بمدينة غزة، بالتعاون مع جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شاباك) وقيادة المنطقة الجنوبية وبإشراف من شعبة الاستخبارات العسكرية.

قبل أن يؤكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اغتيال الناطق باسم كتائب القسام "أبو عبيدة"، ثم يؤكد لاحقا وزير الدفاع إسرائيل كاتس نجاح عملية الاغتيال.

لم تعلق حركة حماس أو كتائب القسام على خبر اغتيال الناطق باسمها، غير أن صوت المثلم "أبو عبيدة" غاب عن الشاشات والمنصات ردحا طويلا من الزمان، قبل أن يظهر المثلم أبو عبيدة مرة أخرى اليوم الاثنين 29 ديسمبر/كانون الأول 2025، ليلقي كلمة باسم الكتائب، ينعى فيها الملثم الأول "أبو عبيدة"، ويعلن -للمرة الأولى- اسمه الحقيقي: حذيفة سمير الكحلوت، أبو إبراهيم، ويؤكد أنه (المتحدث) ورث عنه لقبه "أبو عبيدة"، ليكون الناطق الرسمي الجديد باسم كتائب القسام.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا