آخر الأخبار

لماذا تحولت احتجاجات اللاذقية إلى مواجهات دامية؟

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

وسط مرحلة شديدة الحساسية تعيشها سوريا لإعادة بناء الدولة، قتل 4 أشخاص وأصيب العشرات أمس الأحد في اللاذقية على الساحل السوري خلال احتجاجات هي الثانية من نوعها، أعادت طرح تساؤلات حول الوضعين الأمني والاجتماعي.

وبعد دعوة وجهها رئيس ما يعرف باسم "المجلس الإسلامي العلوي الأعلى في سوريا والمهجر" غزال غزال لأبناء الطائفة العلوية "للتظاهر سلميا" في فيديو بثه السبت الماضي، خرجت احتجاجات تحت عنوان "طوفان الكرامة" شهدت أحداث عنف في اللاذقية.

وأتى ذلك بينما كانت قوى الأمن تحمي المتظاهرين في شوارع المدينة التي شهدت بالوقت ذاته مظاهرات مضادة، مما يطرح استفهامات حول السياق الذي أدى للأحداث ومن المسؤول عن اندلاع العنف بالاحتجاجات المفترض أن تكون "سلمية".

1- بماذا طالبت الاحتجاجات؟

في الفيديو الذي دعا فيه غزال "أبناء الطائفة العلوية إلى الاحتجاج"، زعم أن "العلويين تعرضوا لانتهاكات بالفترة الماضية وتحاصروا بمصادر رزقهم واعتُقل عدد منهم"، مطالبا إياهم بالاحتجاج "لاستعادة حقوقهم".

وادعى أيضا أن الانفجار الذي وقع الجمعة بمسجد الإمام علي بن أبي طالب في منطقة وادي الذهب بحمص المتنوعة اجتماعيا وسط البلاد، وأسفر عن مقتل 8 مدنيين أثناء الصلاة، "استهدف أبناء الطائفة"، في ظل إدانة الحكومة السورية للانفجار واستمرار تحقيقاتها لمعرفة الجناة.

وقال غزال إن هدف "الاحتجاجات السلمية" هو المطالبة "بفيدرالية تُجنب البلاد الحرب الأهلية"، وتمنح "أبناء الطائفة العلوية الحق بتقرير المصير وتمنع تحوّل المظلومية إلى جريمة"، بحسب وصفه، متوجها إلى المجتمع الدولي بطلب الحماية.

وبناء على دعوة غزال، طالب المحتجون الأحد في اللاذقية بإطلاق سراح من يسمونهم بـ"السجناء"، وتؤكد الحكومة السورية أنهم موقوفون بعضهم شارك بجرائم ضد أبناء الشعب السوري خلال سنوات الثورة، فيما تطلق سراح من كان جزءا من نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد ويثبت عدم ارتكابه جرائم.

إعلان

وقبل خروج الاحتجاجات بيوم، وفي إطار الجهود الحكومية لمعالجة ملف الموقوفين وترسيخ سيادة القانون، أفرجت الجهات المعنية في محافظة اللاذقية عن 69 موقوفا ممن لم يثبت تورطهم بارتكاب جرائم بحق الشعب السوري، وذلك بعد استكمال التحقيقات والإجراءات القضائية اللازمة، وفق وكالة الأنباء السورية (سانا).

مصدر الصورة أفراد من قوى الأمن تحمي متظاهرين خلال احتجاجات اللاذقية أمس الأحد (رويترز)

2- ما سياق التظاهرات؟

رغم أن المظاهرات أتت بعد نحو يومين من انفجار حمص بحي يقطنه أغلبية من العلويين، إلا أنه لم يكن السبب الرئيسي.

ففي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، شهدت اللاذقية احتجاجات مشابهة دعا إليها أيضا غزال للأسباب ذاتها، لكنها لم تشهد حينها أحداث عنف، وسط حماية قوى الأمن السوري للمتظاهرين.

فمنذ سقوط نظام عائلة الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، يعيش الساحل السوري حالة من التوتر، مع محاولة جماعات مسلحة تسميهم الحكومة السورية بـ"فلول النظام" زعزعة الاستقرار مطالبة بإقليم ذاتي الحكم، في ظل تصاعد دعوات مشابهة من جانب ما تسمى باسم قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال شرقي سوريا، ومن مجموعات مسلحة في السويداء جنوبي البلاد، مما يزيد من صعوبة توحيد البلاد الممزقة بعد سنوات الصراع.

لكنّ الجانب الأمني لم يكن العامل الوحيد. فالمرحلة التي تلت سقوط النظام حملت مخاوف عدة لأبناء الطائفة العلوية، التي ربط النظام المخلوع نفسه بها، لا سيما بعد أحداث مارس/آذار الماضي التي أكدت اللجنة الوطنية للتحقيق فيها مقتل مئات المدنيين على يد مسلحين، وسط اتهامات للحكومة السورية بضعف التعامل مع ملف السلم الأهلي.

3- أين خرجت الاحتجاجات؟

تركزت المظاهرات في الساحل السوري (الذي يعتبر مركز ثقل وجود الطائفة العلوية) وبعض أحياء مدينة حمص. فخرجت مظاهرة عند دوار الزراعة في مدينة اللاذقية وأخرى عند دوار الأزهري، إضافة إلى احتجاجات في حي القصور بمدينة بانياس، ودوار السعدي في مدينة طرطوس.

كما شهدت مدن القرداحة وجبلة ومصياف وصافيتا والدريكيش والشيخ بدر وأريافها اعتصامات.

مصدر الصورة مصاب باشتباكات اندلعت خلال الاحتجاجات باللاذقية أمس الأحد يقف أمام المستشفى (الأوروبية)

4- ما الذي حوّلها إلى مواجهات؟

وفق قائد الأمن الداخلي في اللاذقية عبد العزيز الأحمد، فإن "بعض العناصر التابعة لفلول النظام المخلوع" الذين شاركوا في الاحتجاجات، اعتدوا على عناصر الأمن الداخلي في مدينتي اللاذقية وجبلة، مما أدى إلى إصابة عدد من عناصر الأمن، وتكسير سيارات تابعة للمهام الخاصة والشرطة.

وأكد رصد عناصر ملثمة ومسلحة تتبع لما تسمى "سرايا درع الساحل" و"سرايا الجواد"، المتهمتين بارتكاب أعمال عنف وتصفية ميدانية وتفجير عبوات ناسفة، بين المحتجين على دوار الأزهري في مدينة اللاذقية ودوار المشفى الوطني في مدينة جبلة.

وأشار إلى أن مسلحين في دوار الأزهري أطلقوا النار في الهواء خلال الاحتجاجات، بينما قام عناصر الأمن الداخلي باحتواء الموقف.

وبحسب مواقع صحفية سورية، وقعت اشتباكات بين المحتجين ومؤيدين للحكومة في تجمعي دوار الزراعة ودوار الأزهري باللاذقية، وتجمع دوار القصور في مدينة بانياس بريف محافظة طرطوس، ومدينة حمص.

5- ما عدد الضحايا؟

وبحسب مديرية الصحة في اللاذقية، قضى 4 أشخاص وأصيب 108 آخرين، جراء اعتداء عناصر ممن وصفتهم بفلول النظام على قوات الأمن والمدنيين خلال الاحتجاجات التي شهدتها مدينة اللاذقية.

إعلان

وأوضحت مديرية الصحة أن الإصابات التي وصلت إلى المشافي شملت إصابات بالسلاح الأبيض، والحجارة وطلقات نارية من "فلول النظام على عناصر الأمن والمواطنين"، دون مزيد من التوضيح.

وأشارت إلى خروج سيارتي إسعاف عن الخدمة، بسبب اعتداء المحتجين، وتكسيرهما أثناء أداء عملهما.

6- ماذا كانت ردود الفعل؟

اعتبر وجهاء وأهالي مدينة القرداحة في ريف محافظة اللاذقية أن الدعوة للاحتجاج "تحمل أبعادا طائفية"، مؤكدين حرصهم على الوطن وضرورة المحافظة على وحدة المجتمع، مشددين على رفضهم للتقسيم.

وأشاروا إلى أن الحكومة السورية تلبي المطالب المحقة لأبناء الطائفة العلوية، داعين إلى عدم الانجرار وراء الفتنة.

بدوره، أكد المتحدث باسم وزارة الداخلية السورية نور الدين البابا أن ما جرى من اعتداءات نفذتها "فلول النظام البائد بحق متظاهرين سلميين في اللاذقية وطرطوس، يكشف حقيقة هذه المجموعات، ويعد انتصارا لقيم الثورة السورية التي قامت على رفض القمع والعنف".

وأوضح أن قوى الأمن الداخلي تتعامل مع التطورات بقدر عالٍ من الانضباط والمسؤولية والأخلاق الكريمة، مشيرا إلى أن الاحتجاجات التي شهدتها بعض المناطق جاءت نتيجة دعوات انفصالية تسعى إلى زعزعة الاستقرار وإثارة الفوضى.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا