أعلنت إسرائيل، اعترافها الرسمي بصوماليلاند كدولة مستقلة وذات سيادة، لتصبح بذلك أول دولة عضو في الأمم المتحدة تعترف بالكيان الواقع في القرن الإفريقي. وجاء هذا الإعلان بعد سنوات من النشاط السري لجهاز الموساد وبناء علاقات وثيقة مع كبار المسؤولين في صوماليلاند.
وتشير وسائل إعلام عبرية أن لدى إسرائيل، مصلحة استراتيجية قوية في صوماليلاند بسبب طول ساحلها وموقعها في القرن الإفريقي، خاصة قرب المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين في اليمن ، الذين يشكلون تهديدًا للملاحة البحرية الإقليمية رغم وقف إطلاق النار المرتبط بحرب غزة. ويُنظر إلى تعزيز العلاقات مع صوماليلاند في إسرائيل كـ"أداة استراتيجية ضد الحوثيين".
ويقول مسؤولو الاستخبارات الإسرائيلية إن الموساد كان نشطًا في صوماليلاند لسنوات، مذللا العقبات للاعتراف بها عبر علاقات طويلة الأمد وسرية مع كبار المسؤولين هناك. وحافظ رؤساء الموساد على علاقات شخصية مع مسؤولين في صوماليلاند، وتأمل تل أبيب أن يشجع هذا الاتفاق دولًا إضافية على إقامة علاقات استراتيجية معها كجزء من توازن إقليمي أوسع.
وجاء الاعتراف المتبادل بعد أشهر من المحادثات المكثفة والسرية التي قادها وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر ، وبدأت في أبريل بلقاء بين ساعر وممثلين عن رئيس صوماليلاند. ومنذ ذلك الحين، قام كبار المسؤولين من كلا الجانبين بزيارات متبادلة تحت تنسيق وزارة الخارجية.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في بيان رسمي، إن القرار يأتي "في روح اتفاقيات أبراهام"، مؤكدًا أن الاعتراف سيسهم في تعزيز الاستقرار والأمن في المنطقة. كما أشار البيان إلى أن الاتفاق يشمل تعزيز التعاون في مجالات الزراعة والصحة والتكنولوجيا والاقتصاد، مع تعيين سفراء وفتح سفارات بين البلدين.
وأكد المسؤولون الإسرائيليون أن القرار يعكس واقعًا قائمًا منذ أكثر من ثلاثة عقود، إذ تتمتع صوماليلاند بحكم مدني ومؤسسات منتخبة وأمن نسبي، مع انتقال سلمي للسلطة، مشيرين إلى أن الاعتراف "سيعزز الاستقرار في منطقة متقلبة".
وفي سياق متصل، تشير تقارير إعلامية إلى توسّع النفوذ الإسرائيلي في إفريقيا على مدى السنوات الماضية من خلال الأنشطة الاستخباراتية والتكنولوجية، حيث أقام الموساد وشركاء إسرائيليون شبكات سرية مع حكومات عدة دول أفريقية لمراقبة الجماعات المشتبه بتواصلها مع حزب الله أو إيران، وتبادل المعلومات الاستخباراتية، وتوفير تقنيات سيبرانية متقدمة بأسعار منافسة.
وتمثل هذه الشراكات جزءًا من استراتيجية تل أبيب لتعزيز وجودها الجيوسياسي والأمني في القارة الإفريقية، وضمان مصالحها في نقاط استراتيجية مثل سواحل القرن الإفريقي والموانئ الحيوية، مع الاستفادة من ضعف الرقابة ومحدودية قدرات بعض الدول الإفريقية في مواجهة العمليات الاستخباراتية المعقدة.
وسبق للموساد الإسرائيلي أن لعب دورًا في تنظيم وإدارة عمليات نقل يهود الفلاشا من إثيوبيا إلى إسرائيل ، لا سيما خلال ثمانينيات القرن الماضي، في ما عرف باسم "عملية موسى". وجاء تدخل الموساد ضمن جهود مشتركة مع الجيش الإسرائيلي ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية، إضافة إلى بعض المسؤولين السودانيين، لتسهيل خروج اليهود الإثيوبيين من مخيمات اللاجئين في السودان.
وكان الموساد مسؤولًا عن التخطيط السري وتنسيق الرحلات الجوية، بما في ذلك تأمين المسارات الآمنة لنقل نحو 8 آلاف شخص، أغلبهم من الأطفال والشباب، من السودان إلى مطارات أوروبية، مثل بروكسل، قبل وصولهم إلى الأراضي الإسرائيلية.
المصدر:
يورو نيوز