قال محللون إن اعتبار إسرائيل للبرنامج الإيراني للصواريخ الباليستية "خطا أحمر"، وتمسك طهران ببرنامجها، يزيدان من احتمالات التصعيد، واندلاع حرب جديدة العام المقبل، بحسب تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.
وفي الأيام الماضية لوح العديد من المسؤولين الإسرائيليين بإمكانية نشوب مواجهة جديدة بين تل أبيب وطهران بسبب مساعي هذه الأخيرة في بناء ترسانتها من الصواريخ الباليستية، غير أن طهران تؤكد أن برنامجها الصاروخي "غير قابل للتفاوض".
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأربعاء، إن إسرائيل تراقب إعادة تسليح حماس وحزب الله وإيران، مضيفا أنها ستتحرك لمنع نشوب أي تهديد جديد.
خط أحمر جديد
وأكد محللون أن تصنيف إسرائيل لبرنامج الصواريخ الباليستية كـ"خط أحمر" يزيد من احتمال اندلاع حرب أخرى خلال العام المقبل.
وقال داني سيترينوفيتش، الرئيس السابق لفرع إيران في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، والباحث حاليا في معهد دراسات الأمن القومي في إسرائيل لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية: " إسرائيل لم تخض حربا من قبل بسبب تعزيز عسكري تقليدي. سيكون ذلك سابقة".
وأضاف: "نحن نلزم أنفسنا بالحفاظ على خط أحمر سيجبرنا على الهجوم مرة أخرى".
وأوضح سيترينوفيتش أن هذا التحول جاء ضمن العقيدة الأمنية الجديدة لإسرائيل بعد هجمات حماس في 7 أكتوبر 2023.
إيران ترفض التفاوض
وفي الجهة المقابلة، ترى إيران أن برنامجها للصواريخ الباليستية هو مربط فرس منظومتها الدفاعية، وملف غير قابل للتفاوض، خصوصا بعد تضرر برنامجها النووي جراء الضربات الأميركية والإسرائيلية في يونيو، وتراجع حلفائها الإقليميين بسبب الحملة العسكرية الإسرائيلية.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، هذا الأسبوع: "تم تصميم وتطوير البرنامج الصاروخي لإيران حصرا بهدف الدفاع عن سلامة أراضي البلاد وأمنها القومي، ويتمتع بطابع ردعي. وبناء عليه، فإن القدرات الدفاعية لإيران ليست موضوعًا للتفاوض أو المساومة، وقد تشكلت هذه القدرات لمنع أي عدوان محتمل، وهي غير قابلة للمساس".
مخاوف من هجوم مباغت من طهران
وعبر نتنياهو، هذا الأسبوع، عن مخاوف إسرائيل من أن تشن إيران هجوما استباقيا ضد تل أبيب إذا تمكنت من إنتاج آلاف الصواريخ.
وأكد سام لاير، الباحث المشارك في مركز جيمس مارتن لدراسات منع الانتشار، إن إيران تعمل على استعادة قدرتها على تصنيع الأسلحة بعد ضربات دمرت صواريخ ومنصات إطلاق، فيما تتقدم بحذر لترميم مواقعها النووية الرئيسية.
وأضاف سام لاير، إن صورا ملتقطة بالأقمار الاصطناعية من شركة "بلانيت لابس" تظهر أن إيران تعيد بناء مواقع إنتاج الصواريخ التي استهدفتها إسرائيل في الضربات السابقة.
وفي حال تمكنت إيران من إعادة تلك المنشآت إلى العمل، يضيف لير، فقد تتمكن من إنتاج مئات الصواريخ شهريا.
وقال: "يبدو أن الإيرانيين أعادوا تشكيل جزء من قدرتهم على إنتاج الصواريخ، لكنهم لم يعودوا بعد إلى المستوى الذي كانوا عليه سابقا. إنهم يكرسون موارد لإعادة بناء تلك المنشآت، وقد يصلون إلى ذلك مجددا".
والأحد، التقى نتنياهو بالسيناتور الأميركي ليندسي غراهام، الذي دعا إسرائيل إلى مهاجمة إيران إذا لزم الأمر لوقف برنامجها الصاروخي.
وقال في مقابلة مع قناة "آي 24 نيوز" الإسرائيلية: "لا يمكننا السماح لإيران بالعودة إلى مجال إنتاج الصواريخ الباليستية. الهجوم التالي، إذا كان هناك أي هجوم تال، سيرتكز على قدراتها في مجال الصواريخ الباليستية".
إيران والمشاكل الداخلية
لكن علي واعظ، مدير مشروع إيران في "مجموعة الأزمات الدولية"، قال إن احتمالية أن تبادر طهران بالهجوم تبقى ضعيفة، خصوصا بعد الخسائر التي ألحقتها حرب يونيو بالنظام، ومعاناته من أزمات داخلية أبرزها نقص المياه الحاد وانهيار العملة.
وأوضح علي واعظ، إن إيران تعطي الأولوية لإعادة بناء قدراتها الصاروخية لرفع كلفة أي هجوم إسرائيلي مستقبلي.
وأضاف أن "احتمال ضربة إيرانية استباقية يكاد يكون معدوما"، مؤكدا أن "الإيرانيين يرون أنه رغم هشاشة مجالهم الجوي، فإن إسرائيل أيضا معرضة للخطر".
فيما أمير عفيفي، المسؤول الدفاعي السابق والمقرب من الحكومة الحالية في إسرائيل، إن تفكير تل أبيب في توجيه ضربات إلى إيران هو محاولة لاستغلال فرصة ضعف إيران، التي لا تزال قدرتها على إطلاق الصواريخ متدهورة، وما تزال دفاعاتها الجوية ضعيفة، إلى جانب المشاكل الداخلية التي تعاني منها.
وأوضح أمير عفيفي: "لا نريد الانتظار حتى يصبحوا أقوى ويهاجموننا. علينا أن نتعامل مع هذا الآن ونضربهم وهم في حالة ضعف، والممر الجوي مفتوح".
موقف أميركي غامض
لكن موقف الإدارة الأميركية من الهجوم الإسرائيلي المحتمل لا يزال غامضا، في وقت تضغط فيه على إسرائيل لتثبيت اتفاق السلام الذي ترعاه في غزة، ومعالجة توتراتها مع الحكومة السورية الجديدة.
وحذر نتنياهو، قبيل سفره إلى الولايات المتحدة لعقد لقاء مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، من أن إسرائيل ستهاجم أي خطر محتمل.
وقال مسؤول إسرائيلي إن التقييمات الإسرائيلية للتقدم الإيراني في مجال الصواريخ الباليستية، واحتمال اتخاذ المزيد من الإجراءات العسكرية، سيكونان على جدول أعمال اجتماع ترامب ونتنياهو.
وصرح ترامب مرارا أن إسقاط القنابل الخارقة للتحصينات على المنشآت النووية الإيرانية في حرب الـ12 يوما قد قضى على البرنامج النووي الإيراني وفتح الباب أمام السلام الإقليمي، غير أن مسؤولين أميركيين عبروا بهدوء عن إحباطهم من استعداد إسرائيل لاستخدام القوة.
وحذر ترامب إيران من إعادة بناء منشآتها النووية، لكنه لم يتحدث تحديدا عن البرنامج الصاروخي.
وعند سؤالها عما إذا كانت الإدارة ستدعم هجوما إسرائيليا على إيران بسبب البرنامج الصاروخي، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، آنا كيلي: "كما قال الرئيس ترامب، إذا سعت إيران إلى امتلاك سلاح نووي، فسيتم استهداف ذلك الموقع وتدميره قبل أن يقتربوا حتى من تحقيق ذلك".
وتستلزم أي ضربة إسرائيلية موافقة ضمنية من واشنطن، لأن تل أبيب ستحتاج إلى المساعدة الأميركية لتحصين نفسها من الصواريخ التي قد تطلقها إيران ردًا على ذلك الهجوم.
المصدر:
سكاي نيوز