آخر الأخبار

دفن 18 ألف فلسطيني.. حكاية "الحانوتي" يوسف أبو حطب في غزة

شارك

في مقبرة خان يونس ، حيث لم تعد الشواهد تكفي لاحتواء الأسماء، يقف يوسف أبو حطب (65 عاما) شاهدا على الإبادة الجماعية التي حوّلت قطاع غزة إلى مقبرة مفتوحة.

بيدين مشققتين ومعول بسيط، يدفع الرجل الذي يلقّب نفسه بـ"الحانوتي" عربته الصغيرة بين قبور متلاصقة، أغلبها بلا أسماء، في مهمة تحوّلت من مهنة إلى شهادة حية على حرب إبادة لم تترك حتى الموتى بسلام.

اقرأ أيضا

list of 2 items
* list 1 of 2 تباين المواقف على منصات التواصل السودانية حول مبادرة الحكومة للسلام
* list 2 of 2 "1200 توغل و33 قتيلا".. عام من انتهاكات إسرائيل في جنوب سوريا end of list

وخلال عامين من الإبادة، أصبح أبو حطب شاهدا على واحدة من أكبر موجات دفن الموتى في تاريخ قطاع غزة، حيث دفن نحو 18 ألف جثمان، بعضها كامل، وأغلبها أشلاء ممزقة تختصر أرواحا أزهقتها حرب الإبادة.

في المقبرة، لا تحكي الشواهد أسماء بقدر ما تحكي مآسي؛ فقبور كثيرة بلا علامات، إذ ضمّت أشلاء جمعتها الأيادي على عجل، تاركة خلفها الألم والفراغ.

ومع كل حفرة جديدة، كان المسن أبو حطب يدفن أكثر من جسد، يدفن قصة وعائلة وحلما لم يكتمل، فالمقبرة التي امتلأت عن آخرها لم تعد مكانا للموت فقط، بل شهادة صامتة على حجم الجريمة، وعلى غزة التي تُدفن كل يوم، ولا تزال تقف.

بحزن عميق، يروي أبو حطب ما عاشه: "الإنسان لا يمكنه تخيل هذا المشهد ما لم يعشه بنفسه، يدفن ابنه أو أخيه، ثم آلاف الجثامين، بعضها متحلل أو متروك في الشوارع منذ أسابيع".

وأشار إلى أن عمليات الدفن جرت في ظروف قاسية، تنوعت بين ضحايا مجازر، مقابر جماعية وفردية، وأحيانًا داخل المستشفيات، وسط ضغط غير مسبوق وكثافة في أعداد القتلى.

وأضاف عن المقابر الجماعية: "وضعت فيها أحيانا نحو 15 شخصًا بحفرة واحدة بسبب كثافة القتل الإسرائيلي".

وأوضح أن سنوات العمل تركت أثرا نفسيا عميقا رغم صموده الجسدي، مشيرا إلى أن ما يحمله من ألم لا يوصف، لكنه يواصل عمله ويميل للعزلة بعد مشاهدة المجازر.

وأكد أن عمليات الدفن كانت تتم أحيانا باستخدام أكياس فقط، دون حجر أو بلاط أو أسمنت، ما اضطره إلى الحفر بأي وسيلة ممكنة.

إعلان

ولاقت قصة أبو حطب انتشارا واسعا عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث اعتبرها نشطاء واحدة من أبرز الشهادات الإنسانية التي توثّق حجم الجرائم الإسرائيلية بحق سكان قطاع غزة.

ورأى مغردون أن أبو حطب لم يكن مجرد حفّار قبور، بل شاهدا حيا على الموت الجماعي، بعدما تولّى دفن أطفال ورضّع وأشلاء جثامين على مدار الحرب، مشيرين إلى أن ملامح وجهه المتجعدة تختصر حجم المأساة والمعاناة النفسية.

وكتب أحد النشطاء: "غزة لم تعد مدينة، بل أصبحت مقبرة كبيرة"، في إشارة إلى أعداد القتلى الهائلة وضيق المساحات المخصصة للدفن.

وأضاف آخر: "قتلوا الموتى أكثر من مرة".

ولفت آخرون إلى أن القبر الواحد كان يضم أحيانا عشرة جثامين أو أكثر، ما يعني أن نحو 18 ألف جثمان دُفنوا في عدد محدود من القبور، خصوصًا أن كثيرًا منهم كانوا أشلاء لا يمكن التعرف إليها.

واعتبر نشطاء أن قصة أبو حطب تمثل وثيقة إنسانية صادمة، تختصر فصولا من الإبادة التي عاشها قطاع غزة، وتكشف جانبا من المأساة التي لا تظهرها الأرقام وحدها.

وخلال عامي الإبادة لم تسلم المقابر من الاستهداف، إذ أقدم الجيش الإسرائيلي على تجريفها وتدميرها في المناطق التي توغلت فيها آلياته.

ووفق المكتب الإعلامي الحكومي في القطاع، دُمرت 40 مقبرة من أصل 60، وسُرقت جثامين أكثر من ألف فلسطيني.

كما أشار المكتب إلى أن أكثر من 10 آلاف جثمان تحت الأنقاض لم يتمكن الدفاع المدني من انتشالها بسبب ضعف الإمكانات جراء الحصار الإسرائيلي.

وبدأت حرب الإبادة الإسرائيلية في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023 بدعم أميركي واستمرت سنتين، مخلفة أكثر من 70 ألف شهيد فلسطيني، وما يفوق 171 ألف جريح، معظمهم أطفال ونساء، إضافة إلى دمار طال 90% من البنى التحتية المدنية.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا