" اسمي جيم ميروف، جذوري التركية تمتد إلى تاسع أجيال أسرتي، من الأب إلى الجد، فجد الجد (…) المدعو ديليان بييفسكي لايمثلني، ليس لأنه منتم للعرق البلغاري. بالنسبة لي، على مدى 30 عاما كانت حركة الحقوق والحريات حزب بعض الماكرين، الذين تحوّل قسم منهم إلى أوليغارشيين. ففي الوقت الذي كان فيه عِرق ومجتمع كاملان يربطان التبغ منذ الساعة الخامسة صباحا، كان آخرون يعيشون في القصور، ونحن لم ننس من كان يدفع فاتورة تلك القصور. وعلى بييفسكي ألا ينسى أن العرق التركي لديه نفور من لحم الخنزير، وهذا سيظهر عاجلا أو آجلا. … ببساطة ، نحن أناس من عوالم مختلفة".
هكذا لخص الصحفي الرياضي الشاب جيم يوميروف عبر شاشة التلفزيون الحكومي(BNT) موقف جيله الذي خرج نهاية نوفمبر/تشرين الأول الماضي إلى شوارع صوفيا، مطالبا برحيل حكومة يمين الوسط بزعامة روسن جليازكوف، على خلفية محاولتها تمرير موازنة 2026 بالتزامن مع انضمام هذا البلد إلى منطقة اليورو. وهو الاحتجاج الأوسع نطاقا في البلاد منذ سقوط النظام الشيوعي عام 1989 والذي أفضى إلى استقالتها في 11 ديسمبر/كانون الأول.
يشار أولا إلى أن استقالة حكومة جيليازكوف أتت على خلفية أزمة سياسية متواصلة منذ العام 2020، محورها سياسيان، هما بويكو بوريسوف (زعيم التحالف الحاكم) وديليان بييفسكي (زعيم حركة الحقوق والحريات الداعمة للحكومة)، وتفجّر الغضب المتراكم على الرجلين بعد إدراج مقترحات مثيرة للجدل في مشروع موازنة 2026، بينها منح امتياز اليانصيب الحكومي لبييفسكي، والتحضير لإجراءات تأميم مصفاة "لوك أويل نفطوخيم" (أكبر مصفاة في البلقان)، ورفع ضريبة التأمينات الاجتماعية، وسحب قروض ضخمة من دون إصلاحات وزيادة رواتب القطاع الأمني. وقد فسّرت شرائح واسعة من المجتمع هذه المقترحات على أنها محاولة من بييفسكي لتعزيز نفوذه داخل الأجهزة الأمنية، ووضع يده على ملكيتين حكوميتين كبيرتين: اليانصيب والمصفاة.
وفق هذه المعطيات، لم يكن مستغربا تصنيف منظمة الشفافية الدولية (ضمن مؤشرها الذي يضم 180 دولة) بلغاريا خلال العام 2024 بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي الأكثر فسادا، إلى جانب المجر ورومانيا، حيث احتلت الموقع 67 عالميا. وعلى خلاف المنظمة الأممية المستقلة لم تتردد وزارة الخزانة الأميركية عام 2021 في إشهار 3 أسماء بعينها في هذا البلد الواقع في شرق أوروبا هم: فاسيل كروموف بوجكوف، وديليان سلافتجيف بييفسكي، وإلكو ديمتروف جليازكوف، بوصفهم رموزا للفساد البلغاري، وفرضت عقوبات عليهم استنادا إلى " قانون ماغنيتسكي".
وفي بيان صحفي نشرته الوزارة الأميركية في الثاني من يونيو/حزيران، وُصف بييفسكي بأنه "أوليغارشي"، يقوم بانتظام بأفعال فساد تشمل الرشاوى واستخدام النفوذ للسيطرة على مؤسسات رئيسية وقطاعات في المجتمع البلغاري.وجاء في نص البيان أيضا أن الأخير عمل "في سبتمبر 2019 بنشاط للتأثير سلبا على العملية السياسية البلغارية في الانتخابات البلدية التي جرت في 27 أكتوبر 2019. وتفاوض مع السياسيين لتقديم الدعم السياسي لهم والتغطية الإعلامية الإيجابية، مقابل الحصول على الحماية من التحقيقات الجنائية". وهو ما دعا واشنطن حسب البيان إلى معاقبة بييفسكي بتجميد أصوله ومنع الأميركيين من إجراء أي صفقات معه.
لم يفلت بييفسكي في العام ذاته من كشوفات "وثائق باندورا" التي عرض الاتحاد الدولي للمحققين الاستقصائيين خلالها 12 مليون وثيقة ،غطت ثروات سرية وتهربا ضريبيا وغسيل أموال نفذها عبر ملاذات ضريبية، رجال أعمال وقادة سياسيون من مختلف أنحاء العالم. تبين أن بييفسكي أسقط من إقراراته الضريبية 3 شركات أوفشور كان قد سجلها في جزر العذراء البريطانية في الفترة التي كان فيها عضوا في البرلمان عن حركة الحقوق والحريات.
في 10 فبراير/شباط من العام 2023 وسعت الولايات المتحدة من نطاق عقوباتها على بييفسكي والمرتبطين به، وفي ذات اليوم حذت بريطانيا حذوها فأوقعت عليه عقوبات استنادا إلى قوانينها الخاصة بمكافحة الفساد. وفي ذات العام فرضت واشنطن عقوبات بموجب قانون "ماغنيتسكي" على 5 مواطنين بلغاريين آخرين. أحدهم وزير المالية السابق فلاديسلاف غورانوف في حكومتين من حكومات حزب غيرب بقيادة بويكو بوريسوف، وهو الحزب الذي شكّل أيضا حكومة جيليازكوف التي أُطيح بها مؤخرا.
مع هذا الرصيد الموثق من جرائم الفساد، لم يكن من المستغرب أن يصنف شباب بلغاريا المحتج بييفسكي كرمز للفاسدين الذين أخرجوهم إلى الشارع، مع تمييزه عنهم بمجسم الخنزير(استخدمه قبلهم رسامو الكاريكاتير المحليون) واليقطينة (ترمز في المأثور الشعبي البلغاري للغباء والعناد وقلة الثقافة) للإشارة إلى بويكو بوريسوف. وهو الأمر الذي يثير مزيدا من الفضول تجاه مسيرة هذا الأوليغارشي. ويستحق الالتفات بذات المستوى انتزاعه لزعامة حركة الحقوق والحريات من زعيمها التاريخي أحمد دوغان والسير بها عكس التيار.
يفيد مقال منشور في 30 يناير/كانون الثاني 2024 في موقع "بيرد بي جي" المتخصص بالصحافة الاستقصائية بعد سنوات من صدور العقوبات الأميركية، تحت عنوان "الصفحات المظلمة في ملف بييفسكي" ما نصه "قائمة الأنشطة الإجرامية التي ارتبطت بـ"بييفسكي" على مر سنوات طويلة:
المسار
أما المسار السياسي لبييفسكي المولود عام 1980، فبدأه بانضمامه إلى جناح الشباب في حزب الملك سيميون ساكس-كوبورغوتسكي (2001-2005)، ليصبح أصغر عضو في الطاقم الحكومي بعد تعيينه سكرتيرا برلمانيا لوزير النقل وعضوا في مجلس إدارة ميناء فارنا. وفي تلك الفترة كانت والدته تشغل منصب مديرة اليانصيب الحكومي. وفي الحكومة اللاحقة شغل منصب نائب وزير شؤون الكوارث والطوارئ، حيث كان مسؤولا عن الاحتياطي الحكومي للمخزونات المخصصة لزمن الحرب. وفي انتخابات العام 2009 أصبح رسميا عضوا في حزب حركة الحقوق والحريات، حيث تم ترشيحه وانتُخب نائبا في البرلمان.
خلال تلك المرحلة كان بييفسكي قد رسّخ حضوره الغامض في المشهد السياسي بوصفه مزيجا من رجل أعمال ونائب برلماني وقطب إعلامي، يمتلك عددا من الصحف والقنوات التلفزيونية. وهي ذات الفترة التي شكل فيها حزب "غيرب" حكومته الأولى باتفاق مع الحزب الاشتراكي وحركة الحقوق والحريات. وفي العام 2013 رشح الائتلاف الحاكم بييفسكي لمنصب مدير المخابرات الوطنية، رغم أنه كان قد عزل في يونيو/حزيران 2007 من منصب نائب وزير شؤون الكوارث والطوارئ، بسبب قضايا الفساد حول العقود التجارية لشركة التبغ الحكومية "بلغارتاباك". وقد أثار هذا القرار غضب البلغار ودفعهم للخروج إلى الشوارع في موجة احتجاجات على ما اعتبر تحالفا للسلطة السياسية مع عالمي الأعمال والأمن. وأدت الاحتجاجات إلى سحب ترشيح بييفسكي للمنصب الحساس، وسقوط الحكومة.
لكنّ سقوط الحكومة لم ينزع الغطاء السياسي الذي أمّنته له عضوية حركة الحقوق والحريات. بل إن تمثيله للحركة في البرلمان أتاح له فرصة توسيع نطاق علاقاته الزبونية في أوساط فقراء الأقليات التركية والغجرية والمسلمة جنوبي البلاد، كما أتاحت له عضوية البرلماني الأوروبي عام 2014. ورغم شموله بقانون العقوبات الأميركي في يونيو/حزيران 2021 أعادت حركة الحقوق والحريات إدراجه على لوائحها في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني 2021 مما أتاح له الاحتفاظ بمقعده النيابي.
مع انفجار الغضب الشعبي ضد الفساد اعتبارا من العام 2020 لم يكتف بييفسكي بهذا الغطاء. ففي أول انتخابات لاحقة على انطلاق موجة الاحتجاجات الشعبية ضد الفساد، انتخب رئيسا مشاركا للكتلة البرلمانية لحركة الحقوق والحريات بعد الانتخابات البرلمانية في أكتوبر/تشرين الأول 2023. وفي فبراير/شباط 2024 انتخب بييفسكي رئيسا مشاركا للحركة ذاتها إلى جانب جودت تشيكيروف في ختام مؤتمرها الوطني.
وفي 22 ديسمبر/كانون الأول من ذات العام نظم مؤتمرا استثنائيا للحركة أجريت خلاله تعديلات على نظامها الداخلي قضت بإقصاء مؤسسها ورئيسها الفخري أحمد دوغان وإلغاء منصبه ومنصب الرئيس المشارك وانتخاب ديليان بييفسكي رئيسا. جرى ذلك بالتزامن مع فرض نفسه كعامل لا غنى عنه في الحياة السياسية كزعيم لحركة الحقوق والحريات ولكتلتها البرلمانية المسماة "حركة الحقوق والحريات – بداية جديدة". وبهاتين الصفتين بات يلعب دورا رئيسيا في تشكيل الأغلبيات البرلمانية، رغم أن عدد أعضاء كتلته يقتصر على 29 من أصل 240.
في تعليق للجزيرة نت، قال ميخائيل إيفانوف، مستشار شؤون الأقليات العرقية وحقوق الإنسان لدى أول رئيس ديمقراطي منتخب في بلغاريا، جيليو جيليف، إن " بييفسكي يدير حزبه على أساس أنه شركته الخاصة. في هذا الحزب يحدث ما يقوله هو فقط (…).لذلك، فباستثناء شراء الأصوات، لا ينتهج سياسة مرتبطة بقضايا العلاقات العرقية أو موجّهة نحو بناء علاقات إثنية جيدة. هذا غير موجود لديه. إنه يحاول كسب مؤيدين عندما يوجّه أموالا إلى بلديات معيّنة".
في قراءته لأسباب الأزمة الأخيرة التي أطاحت بحكومة جيليازكوف قال الناشط السياسي البلغاري فيكتور ليلوف في تدوينة على فايسبوك نشرها في الثاني من ديسمبر/كانون الأول "يرى جزء كبير من الناس أن هذه الحكومة هي مجرد حكومة أخرى تحت سيطرة "الرجل القوي" في بلغاريا ديليان بييفسكي، الشخص الوحيد الذي ينطبق عليه تعريف الأوليغارشية؛ باتهامات علنية ثقيلة بالفساد والنفوذ الخفي، بعقوبات "ماغنيتسكي"، بالسيطرة على النيابة العامة من خلال القائم بأعمال المدعي العام بوريسلاف سارافوف، وبوصول غير محدود عمليا إلى جهاز الأمن القومي. هذا ليس مجرد اندلاع مفاجئ، بل غضب متراكم".
بدورها نشرت صحيفة "لوموند الفرنسية" تقريرا في 4 ديسمبر/كانون الأول بعنوان "الأوليغارشي الذي أغضب البلغار" نقلت في سياقه عن فيسيلا تشرنيفا من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية قولها "رغم أنه ليس في الحكومة، عندما يقول بييفسكي شيئا، يخضع جميع الوزراء. مشروع الميزانية الذي تم تقديمه بدون مشاورات وتم تمريره بسرعة كان القطرة التي أفاضت الكأس".
أما أسين فاسيلف، زعيم المعارضة الوسطية، الذي جعل من مكافحة الفساد محورا لبرنامجه، فلم يطالب خلال الأيام الأخيرة للاحتجاجات فقط باستقالة الحكومة، بل أيضا بـ"انسحاب ديليان بييفسكي من الحياة السياسية".
لم يبد بييفسكي قلقا من خروج شبان بلغاريا إلى الشوارع مطالبين بكف يده عن السلطة. لكنه لم يتعامل بعدم اكتراث، بل اختار التلويح بورقة التوتر العرقي التي يمسك بها منذ مصادرته لزعامة حركة الحقوق والحريات. فصرح أمام الإعلام في 3 ديسمبر/كانون الأول قائلا "أظهروا على الشاشات إخوتي الأتراك، إخوتي البوماك (المسلمين البلغار)، إخوتي الغجر. لن أسمح لهم بذلك بصفتي زعيمهم. إذا زرعوا الكراهية، سيحصدون الكراهية. أُحذرهم من تقسيم الناس". وفي رده على سؤال عما إذا كان يهدد بإثارة توتر عرقي، أعلن أنه لن يسمح "بإهانة شعبي".
يقول ميخائيل إيفانوف ردا على هذا التصريح إن "قضايا الأقليات العرقية في بلغاريا، وكذلك قضايا العلاقات بين الأعراق، ليست ضمن أولويات سياسات بييفسكي. ولذلك، وبناء على حساباته الخاصة، قدّر أن من المجدي لحزبه الذي يهيمن عليه فرد واحد أن ينتهج مثل هذه السياسة وأن يتخذ مثل هذا الموقف". وتابع قائلا إن بييفسكي يسعى إلى تحويل حزبه إلى قوة وطنية بدون صبغة إثنية، عبر توسيع نفوذه داخل المجتمع البلغاري من خلال توسيع رقعة التحكم بأصوات الناخبين المُشتراة أصواتهم. غير أن نجاح هذا المسعى يظل محل شك، في ظل بروز تكتلات معارضة له حتى في مناطق كان يتمتع فيها الحزب تقليديا بنفوذ قوي.
يشار إلى أن بييفسكي نظّم تظاهرات مضادة دعما له في أوائل ديسمبر/كانون الأول الجاري، لكنها لم تحظَ بالدعم الذي كان يتوقّعه، بل جاءت بنتيجة عكسية. إذ خرج كثير من المسلمين البلغار، والأتراك، والغجر بنداءات عبر شبكات التواصل الاجتماعي تدعو إلى عدم دعم مسيرات بييفسكي. وقد أدّى هذا السلوك إلى اتساع رقعة الاحتجاجات في 9 ديسمبر/كانون الأول وسقوط الحكومة.
وفي تفسيره لهذه المفارقة يقول ميخائيل إيفانوف ان فئة متنامية من المسلمين (الأتراك والبومـاك)، تتشكل وتتميّز بالاستقلالية والتعليم والاندماج المهني لا تعتمد في قوتها على مؤسسات الدولة.. وأضاف "هؤلاء يمتلكون مسارهم الخاص في الحياة، ويعملون بنجاح داخل البلاد وخارجها، ولا يتخذون قراراتهم السياسية بناء على أوامر أو ضغوط".
بدوره أشار مصدر بلغاري للجزيرة نت، طالبا عدم الكشف عن هويته، أن المنظمات الكبرى للأتراك البلغار (المقيمين) في تركيا ساخطة على ديليان بييفسكي بسبب ما فعله بحركة الحقوق والحريات. وأضاف أن هذه المنظمات تحتفظ بعلاقات قوية مع الأتراك في بلغاريا ولها دور محوري في الانتخابات.
يشار أيضا إلى أن تلاعب بييفسكي بالورقة الإثنية أحدث تصدعات داخل حزبه. فقد قدّم إسماعيل إسماعيل، رئيس كتلة المستشارين البلديين لحركة الحقوق والحريات في بلدية خاسكوفو، استقالته احتجاجا على هذه السياسة في المظاهرة الكبرى. وتُعدّ خاسكوفو منطقة محورية بالنسبة إلى بييفسكي، كونها من كبرى المناطق المختلطة عرقيا، كما تقع على أراضيها أكبر نقطة عبور حدودية في الاتحاد الأوروبي مع تركيا. وقد سبقت خطوة إسماعيل إسماعيل مقابلة لوالده، صباح الدين إسماعيل، وهو صاحب شركة نقل كبيرة وعضو مؤسس في الحزب، قال فيها إنه لا توجد كراهية إثنية حقيقية بين الناس، بل غضب متراكم موجّه ضد "الإقطاعيين" في السياسة وضد إدارة حركة الحقوق والحريات، التي تسعى منذ 36 عاما إلى التحكم في أصوات المسلمين.
وفي حديث للجزيرة نت اعتبر إسماعيل "أن هذا النموذج الإثني مضر ببلغاريا ومضر بالمسلمين في بلغاريا. لا أحد يوافق على ديليان بييفسكي، لكنْ في تلك المناطق التي يوجد فيها ناخبو حركة الحقوق والحريات ، القواعد مختلفة. هناك تغيب الدولة البلغارية".
اللافت كذلك أن بييفسكي يتصرف كأنه الزعيم المتوج لأتراك بلغاريا ومسلميها، ولكنه لم يظهر اهتماما أو تعاطفا مع قضايا السياسة الخارجية التي تؤثر فيهم مثل حرب الإبادة الإسرائيلية على مدى عامين في غزة، بل على العكس من ذلك فقد صرح في 13 أكتوبر/تشرين الأول 2023 قائلا "كدولة، يجب علينا أن نقدّم دعما كاملا لإسرائيل". ومنذ ذلك الحين لم يدلِ لا هو ولا ممثلو حزبه بأي تعليقات بشأن حرب الإبادة في غزة. حتى عندما قُتل مواطن بلغاري يعمل في الأمم المتحدة في غزة، حيث تبنت الحكومة المستقيلة الرواية الإسرائيلية حيال ظروف مقتله.
في هذا الشأن قال صباح الدين إسماعيل للجزيرة نت إن "الناس في المناطق المختلفة مصدومون مما يحدث. كيف تتصورون أن يشاهد المرء ما يحدث في غزة، وفي الوقت نفسه يرى شخصا يدّعي أنه يمثل المسلمين وهو يدعم إسرائيل؟ وذلك في وقت تدين فيه دول أوروبية عدة مثل إسبانيا وسلوفينيا إرهاب إسرائيل وتعلنها دولة إرهابية، بينما تم تصنيف زعيمها كمجرم حرب؟"
وتحدث إسماعيل عن تعرض شركته وعائلته لمضايقات وضغوط بسبب إشهار موقفه من الحرب داخل الحزب. وقال"عبّرت عن موقفي السلبي تجاه سلوكهم وموقفهم من غزة. طرحت السؤال بوضوح وحزم أمام نواب الحزب في البرلمان: "لماذا لا تتخذون موقفا بشأن غزة؟". كانوا صامتين كالأموات، لأنه لا يوجد ما يجيبون به. لأنه ليس من الطبيعي أن تقدّم نفسك كممثل للمجتمع المسلم في بلغاريا، وفي الوقت نفسه تقول "أنا أدعم إسرائيل دون تحفظ". وتساءل صباح الدين إسماعيل "هل ترون أن هذا أمر طبيعي؟".
صباح الدين اسماعيل سأل نواب حركة الحقوق والحريات لماذا لا تتخذون موقفا مما يجري في غزة؟ (الجزيرة)من جهته قال إيفانوف "لقد شكّلت مأساة غزة حدثا أليما عاشه المسلمون البلغار بعمق ولا يزالون يعيشونه، بغضّ النظر عن انتماءاتهم السياسية، بما في ذلك مؤيدو بييفسكي، الذين يعيشون هذه المأساة بدورهم ويدينون كذلك الإبادة الجماعية التي ارتُكبت هناك". في الوقت نفسه، ينظم المواطنون، والمسلمون خاصة، حملات منتظمة لجمع التبرعات لدعم غزة. ولم يعد بالإمكان إخفاء موجة التضامن مع فلسطين، رغم أن وسائل الإعلام الرسمية تواصل التزام الصمت".
في معرض تفسيره لصمت الحكومة ومن خلفها بييفسكي على ممارسات إسرائيل في غزة، يقول مالك ورئيس تحرير موقع "غلاسوف" يافور داتشكوف للجزيرة نت: "إنه خاضع لعقوبات القانون الأميركي "ماغنيتسكي"، ولذلك فهو الأكثر اعتمادا على السياسة الأميركية. بل أكثر من ذلك، فقد سمحت له السياسة الأميركية بأن يستحوذ على هذا القدر من السلطة في بلغاريا، لكي تُدار من خلاله مصالحها الجيوسياسية، وخصوصا تجاه روسيا والحرب في أوكرانيا." ولفت داتشكوف أن تصريحات بييفسكي في القضايا المتعلقة بالسياسة الخارجية تدل أنه ثابت تماما على "الخط الأميركي". وتابع موضحا: "هو لا يملك خيارا آخر. هذه هي سياسة التبعية لديهم. وإذا لم تكن علاقته جيدة مع إسرائيل، فسيُفسد علاقاته أيضا مع الولايات المتحدة. ببساطة ليس لديه خيار".
ويشاطر صباح الدين إسماعيل داتشوف الرأي نفسه، إذ يقول "رغبته الوحيدة هي أن يخرج من قائمة "ماغنيتسكي"، وأن ترفعه الولايات المتحدة من هذه القائمة. إنه يتبع سياسة ترامب بشكل أعمى، على أمل أن يتم استبعاده بهذه الطريقة من قائمة "ماغنيتسكي". لكنّ ذلك لن يحدث. ولهذا السبب يتم استخدام أكثر من 600 ألف مسلم في بلغاريا كدرع لحماية مصالح شخص واحد فقط. هذا أمر فاضح في القرن الحادي والعشرين".
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة
مصدر الصورة
مصدر الصورة
مصدر الصورة
مصدر الصورة