آخر الأخبار

العراق.. خبراء يبينون المخاوف بصفقة مقايضة النفط بالماء مع تركيا

شارك
مصدر الصورة تُظهر هذه الصورة الجوية منظرًا لنهر الفرات مع انخفاض منسوب المياه فيه بسبب الجفاف في مدينة الكفل، الواقعة جنوب غرب محافظة بابل في العراق، بتاريخ 14 سبتمبر/أيلول 2025. Credit: KARRAR JABBAR/AFP via Getty Images)

(CNN) -- يواجه العراق ، "أرض الرافدين" التاريخية، أزمةً تُهدد هويته، مع الانخفاض الحاد في منسوب نهري دجلة والفرات جراء الجفاف الشديد وتزايد تأثير السدود المقامة في دول المنبع، ما أدى إلى أسوأ نقص في المياه تشهده البلاد منذ عقود .

وتحول النهران، اللذان ينبعان من تركيا، واللذان كانا رمزًا للوفرة، إلى محور صراع يُجبر العراق على استخدام أغلى موارده - النفط - لتأمين احتياجاته المائية .

وتشهد البلاد، التي يزيد عدد سكانها عن 46 مليون نسمة، تراجعًا حادًا في إمدادات المياه نتيجةً لمجموعة من العوامل المتداخلة، منها بناء السدود في دول المنبع (تركيا وإيران وسوريا)، وتدهور البنية التحتية للمياه وتقادمها بعد عقود من الحروب والعقوبات وعدم الاستقرار، وسوء الإدارة الحكومية.

ويُضاف إلى ذلك ضغط الجفاف الشديد الناجم عن تغير المناخ، وهو الأسوأ الذي يشهده العراق منذ ما يقرب من قرن، وفي الوقت نفسه، يتزايد الطلب على المياه بسبب النمو السكاني في المدن والقطاع الزراعي الذي يستهلك أكثر من 80% من موارد المياه في العراق .

وشهد العراق أمطارًا غزيرة وفيضانات مفاجئة لعدة أيام هذا الشهر، مما أسفر عن مقتل ستة أشخاص على الأقل، وفقًا لوكالة الأنباء العراقية الرسمية، ومع ذلك، لا تزال سدود العراق تعاني من نقص حاد في المياه بعد سنوات من انخفاض معدلات هطول الأمطار، حسبما ذكرت وزارة الموارد المائية العراقية في بيان، الاثنين.

وقال الخبير البيئي ورئيس منظمة المناخ الأخضر العراقية، مختار خميس، إن حوالي 60% من مياه العراق تأتي من مصادر في تركيا المجاورة، إلا أن البلاد تتلقى حاليًا كميات أقل من المياه مقارنة بالسنوات السابقة .

وأضاف في تصريح لشبكة CNN أن السدود المقامة على نهري دجلة والفرات، وخاصة تلك التي بنتها تركيا، تُقيّد تدفق المياه إلى العراق بشكل كبير، مما يؤدي إلى انخفاض ملحوظ في كمية المياه المتاحة وتفاقم أزمة ندرة المياه التي تعاني منها البلاد.

وقال خبراء إن سنوات من الفساد وسوء الإدارة تركت العراق في موقف تفاوضي ضعيف فيما يتعلق باتفاقيات تقاسم المياه .

ومع تفاقم أزمة المياه في العراق، أبرمت بغداد اتفاقية تعاون مثيرة للجدل مع تركيا.

ففي نوفمبر/ تشرين الثاني، وقّعت الدولتان رسميًا اتفاقية إطار التعاون المائي التي تُقدّر بمليارات الدولارات، والتي بموجبها ستقوم شركات تركية ببناء بنية تحتية جديدة لتحسين كفاءة استخدام المياه وتخزينها في العراق، وسيتم تمويل هذه المشاريع من عائدات النفط العراقي، في محاولة لتحويل صادرات البلاد من النفط الخام إلى أمن مائي .

وبحسب طرهان المفتي، مستشار شؤون المياه لرئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، ستبيع العراق بموجب الاتفاقية كمية متفق عليها من براميل النفط يوميًا، وسيتم إيداع عائداتها في صندوق لدفع مستحقات الشركات التركية مقابل أعمالها في مشاريع البنية التحتية للمياه .

ووفقًا لتقرير رويترز، ستشمل المشاريع الأولية سدودًا لتجميع المياه ومبادرات لاستصلاح الأراضي.

ووصفت أنقرة هذه المبادرة بأنها مفيدة للطرفين من حيث تحقيق الاستقرار الإقليمي والتعاون الاقتصادي، حيث قال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في بغداد خلال مراسم التوقيع: "نحن في تركيا حريصون على دعم أمن العراق وتنميته وسلامته، ودعمنا في هذا الشأن مطلق".

وأشاد وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، بالاتفاقية واصفًا إياها بأنها ضرورية لحماية الأمن المائي والإنتاج الغذائي والاستقرار الاقتصادي، وقال خلال مراسم التوقيع إن بغداد عانت طويلًا من ضعف موقفها بسبب غياب معاهدات رسمية تنظم استخدام مياه نهري دجلة والفرات .

مع ذلك، فقد أثارت هذه الاتفاقية شكوكًا ومخاوف لدى بعض السياسيين والخبراء في مجال المياه في العراق.

قالت الخبيرة في سياسات المياه والسياسية المقيمة في بغداد، شروق العبايجي، إن المياه حق من حقوق الإنسان ولا ينبغي أن تكون سلعة مرتبطة بعائدات النفط، وحذرت من أن الاتفاقية مع تركيا "تتعارض مع المبادئ المعترف بها دوليًا في مجال دبلوماسية المياه".

وأضافت أن هذه الاتفاقية ليست حلاً لأزمة المياه في العراق، داعيةً بدلاً من ذلك إلى "سياسة مائية طويلة الأجل وسيادية ومهنية ومتوافقة مع المعايير الدولية"، بما في ذلك إصلاح القطاع الزراعي في البلاد.

ويخشى البعض أن تُضعف هذه الصفقة سيطرة العراق على موارده الطبيعية على المدى الطويل، إذ حذّرت الباحثة البارزة في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، ناتاشا هول، من أنه إذا أصبح العراق معتمدًا بشكل مفرط على الاتفاقيات الثنائية، فقد تتعرض سيادته للخطر.

وتابعت لشبكة CNN إن تركيا قد "تُحكم قبضتها على جارتها الجنوبية في المستقبل المنظور".

واقترح البعض أن الاتفاقية تميل لصالح تركيا، إذ تمنحها نفوذًا كبيرًا على أهم موارد العراق في لحظة ضعف، كما قالت المديرة المؤسسة لبرنامج تركيا في معهد الشرق الأوسط، غونول تول.

وقد ردّ المسؤولون العراقيون على هذه الانتقادات، حيث أكد المفوض العراقي أن إدارة المياه ستبقى تحت السيادة العراقية الكاملة، وفقًا لما صرّح به لشبكة CNN.

مع ذلك، يشير الخبراء إلى مزايا رئيسية للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إذ قالت تول إنه يرى في الاتفاقية وسيلة لتعزيز موقفه الداخلي - بما في ذلك البقاء في السلطة بعد انتخابات عام 2028 - فضلاً عن تعزيز الدبلوماسية الإقليمية وأمن الطاقة.

وأضافت تول أن الصفقة تتناسب مع هدف أردوغان المتمثل في توسيع نفوذ تركيا في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وقد تُساهم أيضًا في تعزيز أمن الطاقة، مشيرةً إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حثّ أردوغان على التوقف عن شراء النفط الروسي. وقالت: "لقد أصبح النفط العراقي، الذي يُضاهي النفط الروسي من حيث الجودة، بديلاً طبيعيًا ".

ولم تردّ الحكومة التركية على طلب شبكة CNN للتعليق.

سي ان ان المصدر: سي ان ان
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا