الخميس 18 ديسمبر 2025
مرحبًا بكم مجددًا في نشرة MBN الخاصة بإيران،
في عدد هذا الأسبوع، نسلّط الضوء على إعادة اعتقال الحائزة على جائزة نوبل للسلام الإيرانية نرجس محمدي، ونتابع تحركات وزير الخارجية الإيراني. كما نعرض الانهيار المتسارع لقيمة الريال، ونتناول جدلًا أثارته جولة تسوق فاخرة لابنة الرئيس، ونتعرّف إلى طريقة جديدة “فاضلة” لإنفاق العملات المشفّرة.
هذا إصدار جديد من شبكة الشرق الأوسط للإرسال (MBN)، المنصّة الإعلامية الناطقة بالعربية أولًا، والموجّهة إلى المنطقة ومن أجلها. يمكنكم التواصل معي عبر البريد الالكتروني التالي: ailves@mbn-news.com .
وإذا وصلتك هذه النشرة عبر إعادة توجيه، ندعوك للاشتراك . اقرأ النسخة الانجليزية من هذه النشرة هنا .
اقتباس الاسبوع:
“يبدو هذا الميل إلى السرقة متأصّلًا بشكل وراثي لدى كثير من زملائنا الغربيين”.
— وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، تعليقًا على تجميد الدول الغربية لأصول روسية وإيرانية وفنزويلية
لم يفز سوى اثنين من إيران بجائزة نوبل في أي فئة (كلاهما للسلام). يوم الجمعة، دخلت نرجس محمدي، إحدى هاتين الفائزتين، إلى مراسم تأبين في مدينة مشهد لمحامٍ حقوقي توفي في ظروف وُصفت بالمريبة. لاحقًا غادرت محمدي المكان في سيارة إسعاف لأسباب لا تزال غامضة، قبل أن تختفي داخل المنظومة الأمنية التي قضت معظم حياتها البالغة في مواجهتها.
أقدم عناصر بملابس مدنية على اعتقالها أثناء مراسم التأبين، وانهالوا عليها بالضرب على الرأس والرقبة إلى حدّ استدعى نقلها مرتين إلى أقسام الطوارئ ، قبل نقلها إلى مكان احتجاز غير معلن. لعدة أيام، لم يكن لدى عائلتها ومحاميها أي علم بمكانها. وعندما تمكّنت أخيرًا من إجراء مكالمة هاتفية مقتضبة، قالت إنها في وضع صحي سيئ، وتخضع للاستجواب، وتواجه تهمًا جديدة تتعلق بالأمن القومي تشمل الآن « التعاون مع الحكومة الإسرائيلية » — وهي تهمة قد تصل عقوبتها في إيران إلى الإعدام.
ونشرت رويترز أمس خبراً نقلاً عن شقيقها عبّر فيه عن قلق العائلة، قائلًا إن المعلومات عن حالتها محدودة، ومؤكدًا «تعرّضها للضرب بالهراوات على الوجه والرأس والرقبة»، وأن لديها كدمات في الوجه والرقبة.
على مدى أكثر من عقدين، عملت محمدي على قضايا السجناء السياسيين، وقادت حملات مناهضة لعقوبة الإعدام، ووثّقت التعذيب والعنف الجنسي في السجون الإيرانية. وقد كلّفها ذلك ما لا يقل عن 13 اعتقالًا، وأحكامًا مجموعها أكثر من 30 عامًا، و154 جلدة، وفترات طويلة في سجن إيفين بطهران. وعندما منحتها لجنة نوبل جائزة السلام لعام 2023 «لنضالها ضد اضطهاد النساء في إيران وسعيها لتعزيز حقوق الإنسان والحرية للجميع»، كانت قد أمضت عامين في سجن إيفين سيّئ الصيت. وقد هرّبت نص محاضرة نوبل ليُتلى في أوسلو بلسان توأميها المراهقين، علي وكيانا.
إجمالًا، أمضت محمدي (53 عامًا) أكثر من عقد خلف القضبان. وهي تقضي حاليًا حكمًا بدأ عام 2021، وتوسّع عبر سلسلة أحكام جديدة ليصل إلى أكثر من 13 عامًا تراكميًا بتهم «الدعاية ضد الدولة» و«التواطؤ ضد أمن الدولة». وكانت قد أُفرج عنها سابقًا إفراجًا طبيًا مؤقتًا بسبب مشكلات خطيرة في القلب والرئتين، شملت نوبات قلبية متعددة ومضاعفات استدعت تدخلًا جراحيًا.
وتقول عائلتها وأنصارها بأنها «مريضة قلب»، وقد عانت عدة نوبات قلبية داخل السجن وخضعت لجراحة قلب عام 2022.
وعندما فازت الإيرانية الأخرى على نوبل، شيرين عبادي (جائزة السلام 2003)، بجائزة حقوقية مختلفة عام 2010، أهدت الجائزة إلى محمدي قائلة: «هذه المرأة الشجاعة أحقّ بهذه الجائزة مني».
يُذكر أن مراسم التأبين التي حضرتها محمدي قبل اعتقالها كانت للمحامي الحقوقي الإيراني خسرو علي كردي، الذي عُثر عليه ميتًا في مكتبه في 6 ديسمبر/كانون الأول في ظروف وُصفت على نطاق واسع بالمريبة. وقال مسؤولون إنه توفي بنوبة قلبية، لكن زملاءه ومنظمات حقوقية أشاروا إلى آثار ضرب على الرأس ودماء على الوجه، واعتبروا مصادرة تسجيلات كاميرات المراقبة دليلًا يُرجّح جريمة قتل برعاية الدولة على صلة بعمله في الدفاع عن السجناء السياسيين وعائلات قتلى الاحتجاجات.
وجاءت الإدانات سريعة. فقد أصدر اللجنة النرويجية لنوبل بيانًا يدين «الاعتقال الوحشي» للإيرانية الحائزة على جائزة نوبل، بينما دعا الاتحاد الأوروبي إلى الإفراج عنها، مشيرًا إلى «هشاشة وضعها الصحي». كما انتقدت مراسلون بلا حدود والعديد من الجهات الأخرى اعتقالها.
أما رواية النظام حول إعادة اعتقالها، فيلخّصها هذا العنوان:
«نرجس محمدي: الحائزة على جائزة نوبل هي كالبيدق في لعبة تغيير النظام التي يقوم بها الغرب». ويقول المقال إن «الاعتقال الأخير لنرجس محمدي بتهمة التحريض على الاضطرابات خلال مراسم تأبين في مشهد يبرز مسيرة اتسمت بالاصطفاف مع عناصر غربية تسعى إلى زرع بذور زعزعة الاستقرار والفوضى في الجمهورية الإسلامية».
وفي عنوان آخر لموقع تسنيم نيوز المقرّب من الحرس الثوري: «اعتقال 39 شخصًا اثناء قيامهم بسلوكيات خارجة عن الأعراف في جنازة الراحل علي كردي بمشهد»، ووصفت محمدي بأنها ضمن «نشطاء سياسيين ذوي سوابق جنائية».
اسم «نرجس» الفارسي ما قبل الإسلامي يرمز إلى زهرة النرجس، التي تمثّل في الشعر الفارسي الكلاسيكي الجمال والحنين وعيون الحبيب الساهرة. واليوم، يراقب العالم مصيرها في أحدث اعتداءات النظام عليها.
طريقة أخرى لإنفاق ريالاتك: إذا كنت تتساءل، بات بإمكانك الآن التبرّع لمرقد الإمام الرضا ، ثامن أئمة الشيعة، باستخدام العملات المشفّرة . إذ باتت التبرعات تُقبل بـ« بيتكوين » و« إيثيريوم » و« لايتكوين » و« تيثر ».
كان أسبوعًا حافلًا لوزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي.
يوم الأحد، بدأ عراقجي جولة شرقية من محطتين: من طهران إلى مينسك ثم إلى موسكو. في بيلاروسيا، حظي بمراسم كاملة: وضع إكليلا عند نصب النصر، ثم اجتمع مطولا مع الرئيس ألكسندر لوكاشينكو في قصر الاستقلال. ووقّع الجانبان ثلاثة وثائق : إعلانًا للتعاون ضد العقوبات، وبيانًا مشتركًا حول «تعزيز القانون الدولي»، وخطة تشاور بين وزارتي الخارجية تمتد لعدة سنوات.
وربطت صحيفة طهران تايمز المتشددة شبه الرسمية بين البلدين بوضوح، بعنوان: «مسار إيجابي للغاية: إيران وبيلاروسيا تعززان التحالف ضد العقوبات»، مشيرة إلى أن «طهران ومينسك تعرّضتا لسنوات لقبضة غربية ازدادت شدّة في الآونة الأخيرة»، وأن «الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين حاولوا عرقلة التنمية في البلدين».
من جهته، قال موقع وزارة الخارجية البيلاروسية : «بوصفهما دولتين خاضعتين لضغط العقوبات، تدين بيلاروسيا وإيران استخدام القيود الاقتصادية التي تتعارض مع مبادئ القانون الدولي، وتضرّ أولًا بالمواطنين العاديين، وتؤدي إلى تصعيد التوترات».
وتسارعت العلاقات بين البلدين منذ عام 2020، عندما فُرضت على بيلاروسيا عقوبات أميركية وأوروبية واسعة عقب انتخابات وُصفت بالمزوّرة وحملة القمع التي تلتها.
ومن مينسك، توجّه عراقجي مباشرة إلى موسكو، حيث كان البرنامج أثقل: محادثات مع سيرغي لافروف، واجتماعات مع قيادات في الدوما ومجلس الاتحاد، ومراجعة اتفاق «الشراكة الاستراتيجية الشاملة» بين إيران وروسيا، الموقّع في يناير/كانون الثاني ودخل حيّز التنفيذ في أكتوبر/تشرين الأول، والممتد عشرين عامًا.
وتبرز البيانات الروسية «التنسيق ضد العقوبات غير المشروعة وتجميد الأصول الإيرانية»، إلى جانب التعاون النووي وملفات غزة والقوقاز. وكان لافروف قد شنّ في مقابلات هجومًا على «سرقة» الغرب للأموال الروسية والإيرانية المجمّدة، مضيفًا (من دون أي أحساس بالمفارقة في كلامه): «هذا الميل إلى السرقة يبدو متأصّلًا وراثيًا لدى كثير من زملائنا الغربيين»، وواصفًا إياهم بـ«المحتالين» و«اللصوص».
وفي مقال رأي نشرته أمس صحيفة الأعمال كوميرسانت القريبة من الكرملين، أشار عراقجي إلى حق النقض الذي تمتلكه موسكو بوصفها عضوًا دائمًا في مجلس الأمن، وأكّد تقاطع مظلومية البلدين: «تعرضت كلّ من إيران وروسيا لعقوبات أحادية وغير قانونية ولا إنسانية، لا تنتهك القانون الدولي فحسب، بل تدوس الحقوق الأساسية للدول».
طهران… مينسك… موسكو… «نادي عقوبات» ربما؟ الدول المعنية تفضّل مصطلح «التدابير القسرية الأحادية» بدل «العقوبات»، وغالبًا ما تسبقها بوصفي «غير مشروعة وغير قانونية». ولإزالة أي لبس بشأن الاصطفافات، يكفي الاطلاع على عنوان بيان سابق:
« بيان مشترك لكل من بيلاروسيا والصين وكوبا وكوريا الشمالية وإيران ونيكاراغوا وفلسطين وروسيا والسودان وسوريا وفنزويلا». ابقوا معنا للمزيد.
وعلى الهامش، تعرض إيران خدمات صيانة الطائرات على «فنزويلا المتضرّرة من العقوبات».
موضة عائلية: هذا الأسبوع أثار فيديو ضبابي من ألماتي في كازاخستان عاصفة صغيرة لكنها ذات دلالة بالغة. فقد نشر متجر محلي للأزياء التقليدية الكازاخية تسجيلًا بكاميرات مراقبة يُظهر ابنة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان وصهره وهما يجرّبان ملابس ، خلال الزيارة الرسمية الثنائية الأخيرة لكازاخستان.
وخلال ساعات، انتشر الفيديو على منصات التواصل بالفارسية، مع تعليقات تقارن بين تسوّق أقارب الرئيس الفاخر وبين تدهور قيمة العملة الإيرانية.
ونقلت صحيفة همشهري واسعة الانتشار عن سيد محمد بلاغي مبين، المدير العام لإنتاج الإعلام في مكتب الرئيس، قوله ردًا على الجدل: «حتى تعلموا مدى سخف وقبح سلوك المدّعين، أودّ التوضيح أن السيدة زهرا بزشكيان زارت عدة مراكز ثقافية في مدينة أستانا بدعوة من رئيس كازاخستان، وهذه الزيارات أمر شائع في الرحلات الدبلوماسية».
الريال ينهار: ما زاد من وقع الفيديو على الإيرانيين هو الخلفية الاقتصادية. فالريال يهبط مجددًا هبوطًا حرًّا. ففي أوائل نوفمبر/تشرين الثاني كان الدولار يُتداول بنحو 900 ألف ريال في السوق المفتوحة؛ هذا الأسبوع يتحدّث تجار في طهران عن نحو 1.3 مليون ريال. وتحت عنوان «انخفاض قيمة العملة الوطنية منذ بداية حكومة بزشكيان»، نشر موقع فرادو الإصلاحي جدولًا يرصد الهبوط المتواصل لسعر الصرف منذ تولّي الرئيس الحالي مهامه أواخر يوليو/تموز الماضي، مشيرًا إلى أن تراجع القيمة «بأكثر من 100 % أثّر في حياة ملايين الإيرانيين».
وكما خلصت واشنطن بوست في تحليل هذا الأسبوع: «يحذّر اقتصاديون من أن التسارع في تدهور الريال قد يغذّي حلقة مفرغة من ارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية، لا سيما للسلع الأساسية مثل اللحوم والأرز التي تشكّل عنصرًا محوريًا في النظام الغذائي الإيراني. وبالنسبة لكثير من الإيرانيين، يعزّز الانخفاض القياسي الأخير المخاوف من أن الانفراج لا يزال بعيد المنال مع تعثّر الدبلوماسية وتشديد العقوبات».
المصدر:
الحرة
مصدر الصورة
مصدر الصورة