أعلن متحف اللوفر في باريس أن 350 مجلداً، من أصل 15 ألفاً محفوظة في مكتبة البحث التابعة لقسم الآثار المصرية، قد تضررت، نتيجة تسرّب مائي وقع في إحدى غرف حفظ الوثائق.
وأوضح المتحف، في بيان رسمي مساء الثلاثاء، أن المواد المتأثرة تقتصر على دراسات حديثة ودوريات متخصّصة في علم المصريات، يستخدمها الباحثون والطاقم العلمي، مؤكداً أن أيّاً من الكتب القديمة أو الأعمال التراثية أو المخطوطات الأثرية لم يتضرر.
ووفقاً للبيان الذي اطّلعت عليه بي بي سي، وقع الحادث في 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2025، حين رُصد تسرب للمياه من سقف مكتبة البحث بقسم الآثار المصرية.
وأشار البيان إلى أن الموقع المتضرر يقع في جناح يختلف تماماً عن قاعات عرض المجموعات الأثرية المصرية، مؤكداً أن القطع الفنية المعروضة لم تتأثر بالحادث.
وأوضح المتحف أن سبب التسرب يعود إلى فتح قناة تالفة في الشبكة الهيدروليكية الخاصة بتجهيزات التدفئة والتهوية داخل المكتبة، وذلك أثناء عمل أحد المتعاملين الخارجيين مع المتحف.
وكانت هذه القناة معزولة منذ أشهر بسبب تقادمها، وهي هشاشة كانت فرق اللوفر قد رصدتها مسبقاً، على أن تُستبدل الشبكة بالكامل بدءاً من سبتمبر/أيلول 2026 ضمن مشروع "اللوفر – النهضة الجديدة" الذي أُعلن عنه في يناير/كانون الثاني 2025 بهدف تحديث وإعادة تأهيل البنية التراثية والتقنية للمتحف.
وأضاف اللوفر أن فرقه تدخلت فوراً عقب الحادث، حيث جرى تجفيف المجلدات المتضررة وتركيب أجهزة لإزالة الرطوبة لمنع أي تدهور إضافي، مؤكداً أن الحادث لم يسفر عن خسائر غير قابلة للتعويض، وأن المجلدات المتأثرة ستُرمم أو تُستبدل، وستعود متاحة للباحثين خلال الأسابيع القليلة المقبلة.
كانت صحيفة "لا تروبون دو لار" الفرنسية المتخصصة في الفن والثقافة أول من نشر خبر التسريب، وقالت حينها إن قرابة 400 مجلد تضررت، لكنها لم تذكر تفاصيل بشأن طبيعتها.
ويقول الصحفي أسامة حريري المقيم في باريس، في حديث لبي بي سي، إن "الصحيفة استبعدت منذ البداية تضرر مجلدات وصف مصر، لكنها أكدت أن المجلدات موجودة داخل القاعة التي وقع بها التسريب".
وتتكون مجلدات "وصف مصر" من 20 مجلداً وضعها مجموعة من العلماء والباحثين الفرنسيين خلال الحملة الفرنسية على مصر، وتشمل ملاحظاتهم وأبحاثهم، وتُعد أول توثيق علمي شامل للحضارة المصرية القديمة والحديثة، وباتت مرجعاً أساسياً للباحثين في التاريخ والجغرافيا المصرية.
ويضيف حريري أن بيان المتحف جاء مختلفاً عن ما نشرته الصحيفة، إذ خفف من حدة الحادث بينما قالت الصحيفة إن التسريب كان "هائلاً".
يأتي هذا الحادث ضمن سلسلة من الوقائع التي شهدها المتحف مؤخراً، حيث يقول حريري إنه خلال الشهرين الماضيين وقعت عدة حوادث داخل اللوفر، أبرزها إغلاق قاعة للفنون بسبب هشاشة الدعامات الخشبية التي تحملها، إلى جانب عملية السرقة الشهيرة التي وقعت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي وأسفرت عن سرقة مجوهرات لا تُقدّر بثمن.
ففي 19 أكتوبر/تشرين الأول، اقتحم أربعة لصوص ملثمون قاعة أبولو وسرقوا ثماني قطع من مجوهرات التاج الفرنسي، بينها تيجان وأطقم ثمينة. ونُفّذت العملية في أقل من 10 دقائق باستخدام رافعة وشاحنة، ولا تزال المجوهرات مفقودة حتى الآن.
ويقول حريري إن هذه السرقة كشفت عن "خلل أمني كبير" في المتحف.
وصوّت موظفو المتحف في اجتماع عُقد مطلع الأسبوع على إضراب يبدأ في 15 ديسمبر/كانون الأول الجاري.
ويتوقع حريري أن يكون الإضراب "كبيراً"، مشيراً إلى أن العاملين في اللوفر يشتكون منذ فترة طويلة من تدهور ظروف العمل داخل المتحف.
ويقول: "يشتكي العمال من ظروف صعبة جداً، ويتهمون الإدارة بأنها لا تضع استراتيجية واضحة لترميم المتحف، خاصة أن اللوفر متحف قديم ويحتاج إلى صيانة وترميم دائمين، فضلاً عن وجود نقص حاد في العمال".
ويضيف أن "كل هذه الأمور تشير إلى وجود غضب واسع بين العاملين في المتحف".
يُعد اللوفر أكبر وأكثر المتاحف زيارة في العالم، إذ استقبل نحو 8.7 مليون زائر عام 2024، يشكل الأجانب نحو 69 في المئة منهم.
كما أنه أكبر متحف من حيث عدد القطع الفنية المعروضة، وقد افتُتح رسمياً كمتحف وطني في 10 أغسطس/آب 1793 بمناسبة الذكرى الأولى لسقوط الملكية في فرنسا، ليصبح أول صرح يُحوَّل من مقر ملكي إلى فضاء مفتوح للفن والعلم، مع عرض أولي شمل 537 لوحة و184 قطعة فنية، معظمها من المجموعات الملكية وممتلكات الكنيسة المصادرة.
ويقع المتحف على الضفة الشمالية لنهر السين، ويُعد اليوم وجهة أساسية لمحبي الفن والتاريخ، حيث يحتضن كنوزاً من مختلف الحضارات، منها لوحة الموناليزا لليوناردو دا فينشي وتمثال فينوس دي ميلو، ويعتبر أكبر صالة عرض فنية في العالم، إذ يضم أكثر من 380 ألف قطعة أثرية و35 ألف عمل فني معروض، فيما يبلغ عدد القطع الأثرية المصرية فيه نحو 6 آلاف قطعة.
المصدر:
بي بي سي
مصدر الصورة
مصدر الصورة
مصدر الصورة