بشكل غير متوقع، أعلنت الرئاسة الروسية اليوم الثلاثاء، تعيين "ألكسندر عليموف" نائبا لوزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف.
وجاء قرار الرئيس فلاديمير بوتين بتعيينه نائباً ل وزير الخارجية ليؤكد الثقة المتزايدة التي يحظى بها داخل المؤسسة الدبلوماسية الروسية، وليمنحه دوراً أكبر في رسم ملامح المرحلة المقبلة.
خلال السنوات الأخيرة، برز اسم عليموف كأحد الوجوه الدبلوماسية الروسية الأكثر حضوراً في الساحة الدولية، وذلك بعد سلسلة من التعيينات والمهمات التي وضعته في قلب الملفات الحساسة المرتبطة بالسياسة الخارجية لموسكو.
ووُلد عليموف عام 1977، وينتمي إلى جيل جديد من الدبلوماسيين الروس الذين تلقوا تعليمهم في مؤسسات متخصصة بالعلاقات الدولية.
ثم تخرّج في معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية (MGIMO)، وهو من أبرز المؤسسات التي تخرج منها كبار الدبلوماسيين الروس، قبل أن ينضم إلى وزارة الخارجية حيث تنقل بين إداراتها المختلفة.
وكانت إحدى أبرز محطات مسيرته، العمل ممثلاً دائماً لروسيا لدى الأمم المتحدة في جنيف، حيث تمكن من بناء شبكة علاقات واسعة داخل المنظمات الدولية، خصوصاً تلك المعنية بحقوق الإنسان، وهي ملفات كثيراً ما واجهت موسكو انتقادات بشأنها.
فخلال تلك المرحلة، ظهر عليموف كصوت روسي يجمع بين الدبلوماسية الحازمة واللغة الهادئة، محاولاً تقديم رواية بلاده بطريقة أكثر مرونة من الأسلوب التقليدي المتعارف عليه في الخطاب الروسي.
كما عرف عنه قدرته على إدارة الحوارات الشائكة، لاسيما في القضايا المتعلقة بالأمن الدولي وملفات نزع السلاح والتعاون متعدد الأطراف. ووفق مصادر دبلوماسية روسية، فقد تمكن خلال وجوده في جنيف من إيصال وجهة نظر موسكو بفاعلية في اجتماعات مجلس حقوق الإنسان، كما لعب دوراً في محطات تفاوضية مرتبطة بالأزمات الإقليمية التي تورطت فيها روسيا بشكل مباشر أو غير مباشر.
ومع تصاعد المواجهة بين موسكو والغرب بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا، اكتسبت شخصيات مثل عليموف أهمية إضافية داخل الخارجية الروسية، خصوصاً مع الحاجة لإعادة صياغة أدوات الخطاب الدبلوماسي الروسي في المحافل الدولية. وبات يُنظر إليه اليوم كأحد الدبلوماسيين الذين يمتلكون خبرة في مخاطبة المجتمع الدولي بلغة تجمع بين المنهج القانوني والواقعية السياسية.
هذا ويضع التعيين الجديد عليموف ضمن الدائرة القريبة من لافروف، وبوتين، ويمنحه مسؤوليات أوسع تتعلق بملفات السياسة المتعددة الأطراف، إضافة إلى متابعة العلاقات الروسية مع المنظمات الدولية.
إذ من المتوقع أن يلعب دوراً محورياً في المرحلة المقبلة، سواء في إدارة التوترات مع الدول الغربية، أو في تعزيز علاقات موسكو مع آسيا وإفريقيا وأميركا اللاتينية، وهي مناطق باتت تحظى بأولوية متزايدة في الاستراتيجية الروسية.
ورغم أن عليموف لا يُعد من بين أكثر الشخصيات ظهوراً في الإعلام الروسي، فإنه يحظى بتقدير داخل أروقة الدبلوماسية، ويُعرف بأسلوبه العملي وقدرته على بناء تفاهمات في الملفات المعقدة. ويرى مراقبون أن تعيينه يأتي ضمن مسعى الكرملين لمنح جيل جديد من الدبلوماسيين أدواراً أكثر تأثيراً، في سياق إعادة رسم موقع روسيا على الخارطة الدولية.
وبهذا التعيين، يدخل ألكسندر عليموف مرحلة جديدة في مسيرته، محمّلاً بتوقعات كبيرة تتعلق بدوره في إدارة التحديات المتزايدة التي تواجه السياسة الخارجية الروسية.
المصدر:
العربيّة