آخر الأخبار

هل ينفرط عقد العصابات المتعاونة مع الاحتلال في غزة؟

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

غزة- ما إن أعلنت إسرائيل مقتل ياسر أبو شباب -رئيس العصابة التي أشرفت على تشكيلها في قطاع غزة – حتى ظهرت خلافات علنية بين أفرادها بالتزامن مع رفع العائلات والعشائر الفلسطينية الغطاء عن أبنائها المنتسبين للعصابات التي ارتكبت جرائم بحق سكان غزة بتوجيه من قوات الاحتلال الإسرائيلي.

وفتح جهاز أمن المقاومة باب التوبة أمام العملاء المنتسبين للمليشيات المدعومة من الاحتلال وذلك عقب الضربات التي وجّهتها الأجهزة الأمنية لعدد من عناصرها، مما يرجح أن يسرّع ذلك في انفراط عقد العصابات التي تحتمي ب الجيش الإسرائيلي داخل منطقة الخط الأصفر التي لا يزال الاحتلال يسيطر عليها رغم اتفاق وقف إطلاق النار .

ملاحقة العملاء

وقال مصدر مسؤول بوزارة الداخلية والأمن الوطني في غزة إن الاحتلال لجأ إلى تشكيل العصابات الإجرامية بهدف إحداث وزرع الفوضى داخل المجتمع الفلسطيني، لكنها لم تتمكن من تحقيق النتائج التي خطط لها الاحتلال.

ويرى المصدر المسؤول، في حديثه للجزيرة نت، أن العامل الأساسي في فشل خطة الاحتلال، أن هذه العصابات منبوذة ومعزولة شعبيا ولم تجد ظهيرا أو سندا داخل المجتمع، حيث شكّل موقف العائلات والعشائر والقبائل برفع الغطاء عن أي شخص يقوم بالتعاون مع الاحتلال صمام أمان للمجتمع الفلسطيني.

وأكد المصدر أن "مقتل المجرم ياسر أبو شباب، أبرز من كانوا يتزعمون تلك العصابات، هو نهاية طبيعية ومتوقعة له"، مشددا على أن "عوامل فشل العصابات الإجرامية تتزايد يوما بعد يوم، ولن تنجح في تحقيق مساعي الاحتلال الخبيثة".

وقال المصدر المسؤول في وزارة الداخلية إن "العصابات تضع نفسها في مواجهة المجتمع الفلسطيني بمختلف أطيافه، وليس مع الأجهزة الأمنية فقط، ونعمل من أجل المحافظة على حالة الأمن ووأد أي محاولات لخلق الفوضى التي سعى لها الاحتلال".

وبحسب المصدر، فإن الجهود التي بذلتها الأجهزة الأمنية على مدى عامين من الحرب وقدمت خلالها مئات الشهداء، أدت لضعف العصابات التي تمر بحالة من التفكك مع مرور الوقت.

إعلان

وكشف المسؤول بوزارة الداخلية أن عددا من عناصر تلك العصابات سلموا أنفسهم مؤخرا للأجهزة الأمنية، التي بدورها تعالج ملفاتهم في إطار القانون.

ودعا المصدر من تبقى منهم لتسليم أنفسهم على الفور، "لأن نهاية الطريق التي يسلكونها معروفة ومصيرهم محتوم، وعليهم أن يعودوا لحضن شعبهم ومجتمعهم قبل فوات الأوان، وأن يتراجعوا عن خيانة شعبهم ووطنهم ومخالفتهم للقانون والأعراف والقيم الفلسطينية".

وشدد المصدر المسؤول على أن الأجهزة الأمنية تتعامل بمسؤولية -وفق القانون- مع كل من يسلّم نفسه من العناصر التي ارتمت في أحضان الاحتلال وتوهمت بأنه يمكن أن يشكل لها الحماية والأمان.

ومن الجدير بالذكر أن مصدرا أمنيا كان قد كشف للجزيرة نت أن الأجهزة الأمنية حاولت خلال الأسابيع الماضية تصفية "العميل" حسام الأسطل، ولكن تم إلغاء العملية في اللحظات الأخيرة "نظرا لظرف ميداني خطير".

مصدر الصورة الأهالي في قطاع غزة يوزعون الحلوى احتفالا بمقتل ياسر أبو شباب (مواقع التواصل)

جهود عشائرية

وتتخذ العصابات المتعاونة مع الاحتلال من المناطق الشرقية لقطاع غزة أماكن لتمركزها، حيث توجد عصابة أبو شباب التي بات يديرها الآن غسان الدهيني شرق مدينة رفح ، في حين تقيم عصابتا حسام الأسطل وشوقي أبو نصيرة شرق خان يونس ، بينما تقبع عصابة رامي حلس شرق مدينة غزة ، وتتخذ عصابة أشرف المنسي من شمال القطاع موقعا لها.

وقال رئيس التجمع الوطني للقبائل والعشائر الفلسطينية علاء الدين العكلوك، إن الاحتلال لجأ إلى توظيف مجموعة من الأشخاص المرتبطين بسجلات إجرامية، محاولا إضفاء صبغة قبلية وعشائرية عليهم.

ليؤكد في حديثه للجزيرة نت أن الأمر فشل سريعا بعد أن تبرأت منهم قبائلهم وعشائرهم وعوائلهم، ونبذت أفعالهم التي تحولت لاحقا إلى أدوات ضمن تشكيلات جيش الاحتلال الإجرامية في إبادة شعبنا، والسطو على المساعدات ولقمة العيش، واستخدامها في هندسة تجويع الناس وقتلهم.

وأوضح العكلوك أن العشائر تواصلت مع جميع عوائل المتورطين في هذه العصابات، سواء من شكّلها أو من انضم إليها، ومدت يد العون لمن يرغب منهم في العودة إلى أحضان شعبه، ونجحت في إعادة عدد منهم عبر عائلاتهم وقبائلهم، وسجلت "مواقف مشرفة" لعائلات فضّلت أن تُقصف وتنزح على أن ترتكب خطيئة التعاون مع الاحتلال.

وأشار إلى أن العشائر تواصلت مع عائلات كثيرة لإنهاء ملفات أمنية شائكة وكبيرة، وعاد قرابة 70 شخصا غُرر بهم للعمل ضمن العصابات المرتبطة بالاحتلال، وتمت تسوية أوضاعهم مع الجهات المختصة، وكشفوا عن فظائع وجرائم ترتكبها هذه العصابات، ورفضوا أن يكونوا جزءا منها، خاصة أنها تعمل بشكل مباشر مع قوات الاحتلال.

وكشف العكلوك عن ترتيبات اتخذتها العشائر الفلسطينية مؤخرا لإنهاء ملفات عدد من الشباب الذين سلّموا أنفسهم عبر عائلاتهم وعشائرهم، وتتوسط لدى الجهات المختصة لإنهاء ملفاتهم، التي استجابت لفتح باب التوبة لمدة 10 أيام.

وشدد العكلوك على أن أصحاب الملفات والسجلات الأمنية "القذرة" لا يمكن أن يصنعوا قيادة يلتف حولها الشعب، كما أنهم لا يمكن أن يكونوا العنوان الأمثل لليوم التالي (ما بعد الحرب)، لذا فمصيرهم الحتمي هو "مزابل التاريخ"، على حد تعبيره.

بداية التفكك

ويعتبر مدير "مركز الدراسات السياسية" رامي خريس، أن مقتل ياسر أبو شباب، باعتباره أحد أبرز قادة المجموعات المنفلتة المتعاونة مع الاحتلال، شكّل هزة داخلية لهذه العصابات، لكنه لا يعني بالضرورة بداية تفككها الكامل.

إعلان

ومع ذلك، يقول خريس إن مقتله مؤشر واضح على هشاشة بنيتها، لأنها بطبيعتها مجموعات بلا عقيدة أو تنظيم حقيقي، وإنما تلتقي مصالح أفرادها في إطار ضيق يخدم نفوذا معينا.

وقال خريس، في حديث للجزيرة نت، إن هذه العصابات تعتمد على شخصيات محورية في مناطق محددة، لذلك فإن مقتل القيادي الذي يشكل مركز الثقل يؤدي إلى فراغ داخلي وصراعات نفوذ، رغم أن المجموعة سارعت لتعيين بديل عنه، لكن في مثل هذه اللحظات تنكشف التناقضات الداخلية، وتبدأ كل جهة بصياغة روايتها ومحاولة تبرئة نفسها، وهو بحد ذاته علامة على ضعف بنيتها.



وأوضح خريس أن هناك عدة عوامل تجعل هذه المجموعات عرضة للتفكك أبرزها:


* غياب الرؤية الموحدة؛ فهي ليست تنظيمات ذات خلفية فكرية أو سياسية، بل تتحرك بدافع حماية مصالح أفرادها، وكثير من عناصرها لديهم تاريخ من القضايا الجنائية أو ملفات عمالة (تعاون مع الاحتلال)، مما يدفعهم للالتحاق بهذه العصابات بحثا عن حماية أو نفوذ أو مال.
* التنافس على التمويل والحماية الإسرائيلية؛ إذ تعتمد هذه المجموعات بشكل أساسي على دعم مباشر أو غير مباشر من الاحتلال، وتتنافس فيما بينها على توسيع حصتها من هذا الدعم، ما يخلق صراعات داخلية متكررة.
* ضعف البنية القيادية؛ إذ لا تمتلك هذه العصابات هيكلا تنظيميا ثابتا، ومقتل القيادي الذي يشكل مركز الثقل يؤدي إلى فراغ داخلي وصراعات نفوذ بل تقوم على مجموعات صغيرة مرتبطة بأشخاص محددين، لذلك تؤدي الاغتيالات أو الاختراقات الأمنية إلى انهيار الروابط بسرعة.
* ضغط المقاومة والأجهزة الأمنية الوطنية؛ مما يخلق حالة خوف وارتباك داخل صفوفها، ويدفع بعض العناصر للانسحاب أو التعاون أو تسريب المعلومات.
* انعدام الثقة؛ فطبيعة هذه المجموعات قائمة على الشك والخيانة، ولا تربط أفرادها أي قيم أو مبادئ مشتركة، مما يجعل كل عنصر يتوقع أن يتخلى عنه زميله عند أول اختبار.
* تخلي العشائر؛ وتبرؤ العائلات من أفراد تلك العصابات ورفضها تغطيتهم اجتماعيا، يجعلهم بلا حاضنة، ويعمّق عزلتهم، ويمنع تمددهم، ويغذي الانشقاقات داخل صفوفهم بسبب الخوف من "العار العشائري".
* كما أن الإجماع الشعبي على رفض الفوضى والنظر إلى هذه المجموعات باعتبارها أدوات للاحتلال، يجعل أفرادها يدركون أن استمرارهم معها أشبه بانتحار اجتماعي وسياسي.
الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا