آخر الأخبار

بعد مقابلته مع أثير.. مواجهة حادة بين الشنقيطي ومدير مخابرات موريتانيا الأسبق

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

بعد أكثر من 23 عاما من لقائهما الأول وربما الأخير في أقبية إدارة الأمن الموريتانية، عاد لهب السجال إلى المواجهة من جديد بين المفكر والكاتب الموريتاني محمد المختار الشنقيطي ومدير المخابرات الموريتاني الأسبق دداهي ولد عبد الله، بعد تصريحات للشنقيطي في برنامج "حكايات أفريقية" على منصة أثير التابعة لشبكة الجزيرة، تحدث فيها عن توقيفه لدى إدارة الأمن الموريتانية في العام 2002، في واحدة من شرفات الذاكرة التي أثارتها أسئلة الزميل أحمد فال ولد الدين عبر "أثير" الحكايات الأفريقية.

ليس الشنقيطي اسما عابرا في الجدل السياسي الموريتاني الحديث، كما أن دداهي ولد عبد الله أيضا اسم لا يمكن أن يغيب عن ذاكرة السياسيين إذا ما نثروا كنانة الذكريات، خلال 3 عقود على الأقل من التاريخ المعاصر لموريتانيا .

ورغم أن الرجلين ليسا فرسي رهان، فقد كانا طرفي نقيض في توجهاتهما السياسية والفكرية، وإن كان كل منهما مبرزا في مجاله، ومتبتلا في محراب تخصصه.

بدأت قصة الرجلين في العام 2002 من "الجريف"، تلك القرية الهادئة التي تغفو في أحضان جبال سوداء، وبين بطحاء فضية التربة، وبين ذلك السواد والبياض، عاشت "الجريف" لعقود، ولا تزال، أريج القرآن ونمير التلاوة وصوت المؤذنين ومناجاة الذاكرين.

كان الشنقيطي يقضي هناك إجازة قصيرة قادما من الولايات المتحدة بعد مداخلة قوية له في برنامج الاتجاه المعاكس على قناة الجزيرة، انتقد فيها بشدة قرار النظام الموريتاني حينها بإقامة علاقات مع إسرائيل ، وهي المداخلة التي تركت صدى قويا داخل الساحة الموريتانية.

وخلال ذلك، تفاجأ بعناصر من الشرطة تقتحم القرية الوادعة، وتقتاده إلى مدينة النعمة عاصمة ولاية الحوض الشرقي (على بعد 1200 كيلومتر شرقي العاصمة نواكشوط)، قبل أن تنقله إلى العاصمة، وتحديدا إلى إدارة أمن الدولة (المخابرات)، حيث واجه هناك مديرها دداهي ولد عبد الله، للمرة الأولى وحقق معه أكثر من مرة، كما قال الشنقيطي، الذي كان الإعلام الرسمي وشبه الرسمي يومها يرى فيه خصما سياسيا عنيفا، خصوصا مع انتقاداته المتواصلة والقوية للتطبيع.

إعلان

تحدث ابن قرية الجريف والمعتقل السياسي السابق في حلقة برنامج أثير -التي لقيت صدى واسعا في موريتانيا وخارجها- عن بعض ذكريات الاعتقال وشذرات من الاستجواب، وكان من الطرائف التي تحدث عنها، ترجمة مدير الأمن لكلمة "الأباة" التي ذكرها الشنقيطي في بيت من الشعر، إلى الآباء، حيث اعتبر أنها تعني الأب الكبير (الجد)، وذلك عندما كان يحول أجوبة الشنقيطي من العربية إلى الفرنسية في إملائه على كاتبه.

ويبدو أن تصريحات الشنقيطي تلك كانت حارقة جدا، ولهبا يجري بين الدماء والعروق، ولذلك لم يستطع دداهي تركها تمر، فجاء تعليقه نافيا للرواية من الأساس، وجازما بأنها أسطورة مما اكتتبها الرجل، فهي تملى عليه بكرة وأصيلا.

خرج دداهي في منشور على الفيسبوك ، ثم تصريحات خاصة للجزيرة نت لاحقا، لينفي بوضوح أن يكون قد استجوب الشنقيطي أو عرفه من الأساس، وأكثر من ذلك نفى عنه أهم صفة عرف بها، وهي الفكر والثقافة، معتبرا أن تصريحاته المذكورة كذبة لا أساس لها، وأنها "أعلى تلفيق صنعه الشنقيطي بنفسه"، مؤكدًا أنه لم يستجوبه مطلقا خلال فترة عمله التي امتدت 28 سنة بين إدارة أمن الدولة وجهاز المخابرات، وأنه لم يره أو يسمع به مطلقًا، قبل العام 2017، حينما سمعه يتحدث بسلبية عن الرئيس الراحل اعل ولد محمد فال رحمه الله، عقب وفاته.

واستفاض دداهي في الإنكار على الشنقيطي، داعيا إياه إلى التوبة مما وصفها بالكذبة التاريخية، خاتما بأن ما تحدث عنه الشنقيطي لا يمت للحقيقة بصلة.

مصدر الصورة منشور لمدير الأمن الأسبق دداهي ولد عبد الله ينفي فيه استجوابه للشنقيطي (التواصل الاجتماعي)

وثيقة تحسم الجدل

دقائق بعد انتشار تدوينة دداهي ولد عبد الله، بدأت منصات التواصل تغلى في موريتانيا، بين الاتجاه والاتجاه المعاكس، بين مشكك فيما قاله الشنقيطي، وآخر جازم بصدق ومصداقية ما ذهب إليه، ومعززا رأيه بأن مدير الأمن دداهي طالما كذب حقائق ماثلة، وله سجل طويل في ابتزاز السياسيين والزعم بأن تصريحاتهم بشأن تحقيقاته معهم مجرد كذبة، خصوصا أن الجميع لم يكن يملك في الغالب من أدلة سوى ما تحتضنه ذاكرة المعتقل، وأضابير السنين من صعقات كهربائية، أو جلد بالسياط، أو إرغام على السهر طيلة الليل، ضمن أحاديث متعددة، تتردد بكثرة لدى السجناء السياسيين السابقين في موريتانيا.

ولكن الانتظار لم يطل كثيرا، فقد أخرج الموثق والباحث المهتم بتوثيق التاريخ السياسي الموريتاني إسماعيل ولد موسى ولد الشيخ سيديا من أرشيفه الثري واجهة عدد من صحيفة الراية المحظورة سنة 2002، يتحدث العدد بالصورة والعنوان الواضح عن اعتقال الشنقيطي، وضمن التفاصيل أسطر عن اعتذار مدير المخابرات الموريتانية الأسبق دداهي ولد عبد الله للمعتقل محمد بن المختار بن سيدي مولود الشهير بالشنقيطي.

وبعد وقت قصير شارك الشنقيطي صورة الصحيفة، مع تعليق قوي يؤكد احتقاره للظلمة، ليغرق الفيسبوك الموريتاني من جديد في موجة تبكيت للرجل الأقوى طوال 20 سنة من حكم ابن عمه الرئيس الأسبق معاوية ولد سيدي أحمد الطايع، بعد موجة أخرى من الإشادة والزهو بمضامين مقابلة الشنقيطي مع بودكاست حكايات أفريقية على منصة أثير، وما طبعها من إشراقات معرفية وطرافة، وما كشفته من محطات وصروف متعددة من حياة الرجل الذي حمل اسم شنقيط، وبها أصبح واحدا من أبرز مشاهير الفكر الإسلامي في عالم اليوم.

إعلان

ومع ذلك فقد اختار دداهي الاستمرار في تأكيد أنه لم يستجوب الشنقيطي ولم يدخل إدارة أمن الدولة طيلة عمله في هذا القطاع.

ثم عاد في تصريحاته اللاحقة للجزيرة نت ليؤكد أن الشنقيطي لم يدخل إدارة أمن الدولة مطلقا، ولم يمر عليه اسمه في أي تقرير أو محضر، وأنه لم يره ولم يسمع به قبل العام 2017 إثر حديثه عن الرئيس الراحل اعل ولد محمد فال، وأنه لم يعد يطيقه بسبب ذلك الحديث، وصار يصرف النظر عنه، أو يغلق شاشة قناة الجزيرة عندما يراه يتحدث عبرها.

كسرا لموجة الإعجاب

وبعد نشر صورة الصحيفة وإصرار ولد عبد الله على نفي قصة الاعتقال المعروفة لدى الذين عايشوا تلك المرحلة من تاريخ البلاد من موقع المتابعة السياسية والإعلامية، ثارت أسئلة الاستغراب لدى كثير من الموريتانيين، خصوصا أنهم ذكروا أن هذا الاستجواب ليس إلا واحدا من مئات أو ربما آلاف جلسات التحقيق التي أدارها وأشرف عليها المدير المذكور طيلة 3 عقود هي الأصعب والأعتى في التاريخ السياسي الموريتاني المعاصر.

فذهب بعض المدونين إلى أن دداهي، ورغم أنه أحيل للتقاعد منذ سنوات، فقد استجاب -ربما- لخلفيته الأمنية، وقرر تطوعا الإسهام في كسر صورة الإعجاب التي حظي بها الشنقيطي جراء مقابلته الشاملة مع منصة أثير، وهي المقابلة التي هيمنت طيلة أيام على ساحة التدوين في موريتانيا وأصبحت مقاطعها القصيرة وما ورد فيها الشغل الشاغل للناس حديثا وتداولا.

في حين ذهب أحد المدونين إلى أن دداهي "عاد أركاج" في استذكار لعبارة للرئيس الأسبق لموريتانيا المختار ولد داداه تعليقا على حديث لأحد وزرائه السابقين عندما وجه إلى ولد داداه اتهامات متعددة بالفساد وسوء الإدارة بعد أن غادرا السلطة، ليعلق ولد داداه بأن وزيره السابق "عاد أركاج" أي أصبح مسنا، وهو ما يعني أنه قريب من الخرف.

مدونون آخرون، ذهبوا مذهبا آخر في التفسير، مشيرين إلى أن دداهي دأب على تكذيب روايات المعتقلين السابقين، وكان يتوقع أن يتجاهل الشنقيطي اتهاماته كما فعل آخرون مثل المعتقل السابق في غوانتنامو محمدو ولد صلاحي، الذي قابل بالصمت والمسامحة تكذيب دداهي له، بل واتهامه له علنا بأنه كان عميلا للأمن الموريتاني، وأن إدارة الأمن الموريتانية أرسلته في مهمة أمنية إلى الولايات المتحدة الأميركية ، مؤكدين أنه "ما كل مرة تسلم الجرة".

واستغرب البعض إصرار ولد عبد الله نفي أي معرفة أو علم له بالشنقيطي، والحال أن الأخير عرف في موريتانيا أولا كقائد لنقابة التعليم الثانوي ذات الحضور النقابي الكبير في البلاد، ثم كمعارض وحقوقي مناصر للحرية ومدافع شرس عنها، قبل أن يشق طريقه نحو العالمية كاتبا ومفكرا، وضيفا دائما على البرامج الحوارية في القنوات الفضائية ومنصات التواصل.

و رأى بعضهم أن ذلك الإصرار يهدم رواية ولد عبد الله من أساسها، ويقوض أكثر من ذلك اتهامات مشابهة أطلقها تعليقا على روايات معتقلين سياسيين سابقين، ويعطي انطباعا "بأنه إما يتعمد إنكار الحقائق وإما يعاني بالفعل من خلل في ذاكرته"، وفق أحد المدونين.

وخلال ذلك، تحولت موجة النكير على دداهي إلى السخرية، حيث تذهب إحدى المدونات إلى أنه سينفي في تصريحه القادم، أو -تكذيبه الآتي- أن يكون قد عمل أصلا مديرا لأمن الدولة في موريتانيا.

وعلى المنوال نفسه يقتبس معلق آخر ساخرا مما وصفه بالمقابلة القادمة لدداهي قوله المفترض: "لم أسمع يوما بدولة اسمها موريتانيا ولا رئيس اسمه ولد الطايع ولم أسمع بوظيفة يوصف صاحبها بمدير أمن الدولة".

الشنقيطي: دداهي لم يستفد من تاريخه غير العار

أما بالنسبة للشنقيطي الذي وجد نفسه فجأة في دائرة الاتهام من قبل أشهر مدير للمخابرات في تاريخ البلاد، في غمرة سيل الإعجاب بمقابلته التي تحولت إلى إحدى أكثر المقابلات التي حظيت بتداول واهتمام واسع من المدونين الموريتانيين، فلم يترك مسألة تكذيب دداهي له تمر مر الكرام، وعلى عكس متهمين سابقين نفى الرجل كل ما قالوا، فقد جاء رد الشنقيطي منتقدا بقوة للرجل وتاريخه ومشددا النكير عليه.

إعلان

ويؤكد الشنقيطي في تصريح للجزيرة نت أنه "لم يستغرب الكذب الصراح في تعليق مدير إدارة أمن الدولة الأسبق في موريتانيا، المفوض دداهي ولد عبد الله. فإدمان الكذب جزء من مهنة سلخ فيها حياته، والذي يستبيح التعذيب والقتل يستعذب التدليس والكذب"، وفق تعبيره.

ويضيف الشنقيطي قائلا "إنما أستغرب تراجع مستوى الذكاء لدى المفوض العتيد، وهو ينكر حادثة اعتقال شهد عليها بلد كامل، بما فيه من سياسيين وإعلاميين ومثقفين، ونشرت عنها الصحف الوطنية يومها.. نعوذ بالله من الرد إلى أرذل العمر".

ولا يخفي الشنقيطي احتفاءه بموجة التكريم والتقدير والدفاع التي واكبه به الموريتانيون، وخصوصا تلك القصاصة الصحفية التي أيقظها المؤرخ إسماعيل ولد الشيخ سيديا من مرقد دام 23 سنة، مضيفا في تصريحه للجزيرة نت "أشكر المؤرخ البحاثة إسماعيل ولد الشيخ سيديا، الذي نشر الأرشيف الإعلامي عن الموضوع "فبُهتَ الذي أنكر"، كما علَّق أحد الزملاء. والدكتور إسماعيل أهلٌ لإحقاق الحق وإبطال الباطل:

ولا غرو إن طابت صنائع ماجد* *كريمٍ فماءُ العود من حيث يُعصرُ".

"كبير الزبانية"

ويواصل الشنقيطي انتقاده الشديد لرجل الأمن الأشهر في تاريخ موريتانيا دداهي ولد عبد الله معتبرا أن ولد عبد الله قد "عمل كبيرا لزبانية الرئيس الموريتاني الأسبق على مدى عقدين من الزمان، وأدمن القيام بدور الحاكم بأمره، الذي يستبيح أرواح الناس، وينتهك حرماتهم بغير حق".

وقال إنه اكتفى من قصته معه بسرد طرفة أدبية أراد بها "كشف مستوى البلادة لدى أولئك الذين كانوا يتحكمون في رقاب شعبنا خلال ذلك العهد الأغبر".

ويجدد الشنقيطي تمسكه بصدقية تصريحاته "لم أتجاوز الحقيقة فيما ذكرته قيد أنملة، ولم أهتم ببسط الحديث في الموضوع. ولو أردتُ الحديث عن قبائح ذلك العهد لأطلقت للساني العنان غير واجل. لكن الرجل لا يستحق مني ذلك الاهتمام، ويوجد من ضحايا ظلمه من هم أولى بذلك مني، خصوصا أن اعتقالي عنده لم يدم سوى بضعة أيام، ولم يتضمن التعذيب والإهانة التي عومل بها آلاف من بني وطني على يديه الآثمتين".

ولا يجد الشنقيطي أي غضاضة في وصف تاريخ دداهي بالقميء والقاتم معتبرا في حديثه للجزيرة نت أن "المفوض دداهي لا يزال يحنُّ إلى استعادة ذلك التاريخ القميء، والصفحة القاتمة من تاريخ موريتانيا، حيث القتل تحت التعذيب، والاعتقال التعسفي، وامتهان علماء الإسلام في بلد عريق في الإسلام، واضطهاد الذين يأمرون بالقسط من الناس".

دعوة للندم والاستغفار

يرى الشنقيطي أن ولد عبد الله قد خيب ظن الموريتانيين حيث كانوا يتوقعون منه "أن يقضي أواخر عمره نادما مستغفرا، ومطالبا ممن ظلمهم أن يُحِلُّوه من مظالمهم، قبل أن يأخذه الله بها أخذ عزيز مقتدر، وهو في حال إصرار واستكبار. لكن ما ظهر من أحاديثه في الأيام الأخيرة يدل على العكس تماما، فقد أنكر -زورا وكذبا- أنه استجوبني. ثم عاد فحدث زملاء إعلاميين بأنه استجوب كل الناس ممن هم أهم وأفضل مني، وأنه لم يندم على فعلٍ فعله قط مهما يكن فيه من إساءة".

وينفي الشنقيطي بوضوح أن يكون ولد عبد الله كان في شك من أمره، حينما استقدمه في سيارة شرطة من أقصى الشرق حوالي 1200 كيلومتر إلى نواكشوط، معتبرا أن "ادعاءات المدافعين عنه الآن بأني خلطتُ بينه وبين شخص آخر، أو أنه لم يعرفني باسم "الشنقيطي" حين اعتقلني (وهو إنما اعتقلني بسبب مداخلة عبر "الجزيرة" بالاسم نفسه) فهي تلفيقات باردة، لا تمت للحق والواقع بصلة.

ويختم الشنقيطي بتذكير دداهي بأن "يعرف أنه لم يجن من اعتقالي واعتقال غيري سوى العار والهزيمة، وما أظنه نسي منازلتنا له ولرئيسه على منبر "المرصد الموريتاني لحقوق الإنسان " وهما في عز سطوتهما، ولا أحسبه يتمنى عودة تلك المنازلات بعد أن رُدَّ إلى أرذل العمر".

سجلات من التعذيب وسجل من التكذيب

دخل دداهي ولد عبد الله المؤسسة الأمنية منتصف السبعينيات، وعمل أولا في بعض المفوضيات الصغيرة في نواكشوط، ولاحقا تم توجيهه في منحة تكوينية إلى الخارج استمرت سنة كاملة، قبل أن يعود مفوضا ثم محققا في إدارة الأمن التي كان من أبرز عناصرها المكلفة بالملفات السياسية، ومع وصول ابن عمه الرئيس معاوية ولد الطايع إلى السلطة، أصبح دداهي رجل الأمن القوي، ومديرا للمخابرات.

وقد تعاقبت على مقعد التحقيق لديه قيادات مهمة من مختلف التيارات السياسية، من الناصريين خلال انتفاضتهم الشهيرة سنة 1982، ثم اعتقالات البعثيين منتصف الثمانينيات، وما أدت إليه من فصل مئات منهم من الجيش والأمن.

إعلان

وشهدت البلاد خلال فترته اعتقالات لمتهمين بانقلابات متعددة، وسيتواصل الملف بعد ذلك مع اعتقالات الإسلاميين والمحسوبين عليهم في سنوات 1994-1997-2003-2004-2005.

كما تولى جزئيا التحقيق مع بعض المتورطين والمتهمين في المحاولات الانقلابية 2003/2004 بقيادة الرائد والنائب البرلماني الحالي صالح ولد حننا.

ومع سقوط حكم ولد الطايع في العام 2005، بدأت النهاية الأمنية والسياسية لدداهي ولد عبد الله، حيث أزيح من منصبه مديرا لأمن الدولة، قبل أن يتقاعد سنة 2015، كما حرم أيضا من ترقية كان يستحقها، ليدخل سجالا طويلا أمام المحاكم انتهى بإنصافه.

ويعمل دداهي الآن مستثمرا في مجال الزراعة في مدينته "أطار" الواقعة في الشمال الموريتاني، إضافة إلى مهمة جديدة -وفقا لمدونين- وهي تكذيب السياسيين والزعم بأن كل ما قالوا عن أدواره الأمنية لا يمت للحقيقة بصلة.

ومن أبرز من تصدى لهم دداهي القيادي البعثي الشهير دفالي ولد الشين حيث رد عليه دداهي بقوة معتبرا أن حديثه عن التعذيب مجرد كذبة، ومهددا بأن كشف كل الأوراق لا يخدم أحدا.

غير أن أكثر من تضرر مما وصفه البعض بـ"صحوة ضمير" دداهي وحضوره القوي في المجال الإعلامي هو المعتقل السابق محمدو ولد صلاحي، الذي ظل دداهي مصرا في كل خرجاته الإعلامية على أنه كان عميلا للأمن الموريتاني، وأنهم أرسلوه في مهمة أمنية إلى الولايات المتحدة.

ومع ما أثاره تكذيب دداهي لرواية الشنقيطي من سجال ساخن واتهام له بإدمان إنكار جزء كبير من تاريخه الأمني، فإن الرجل -كما يقول خصومه- سيكون ملزما أكثر من أي وقت مضى بمعرفة من سيكذبهم لاحقا وكيف سيتم تمرير ذلك التكذيب، وهو أمر لن يكون صعبا على رجل الأمن الأقوى خلال 30 سنة هي الأعتى في تاريخ موريتانيا، حتى وإن كان الجسد والذاكرة يذكرانه بأنه لم يعد ذلك المفوض القوي الذي يخلع اسمه الألباب، ويثير موجات الرعب بين المعتقلين، فقد تحورت المواقف ودالت الأيام، ولم يبق غير أضابير التاريخ، وأحاديث "متناقضة" في مرفأ الأيام، كما يقول هؤلاء.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا