آخر الأخبار

مدفع بابل العملاق.. القصة الغامضة لحلم صدام ومقتل جيرالد بول

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

شكل الصعود السريع للعراق في مجال التسلّح خلال الثمانينيات أحد أبرز التحولات في المشهد العسكري العربي، إذ انتقل البلد خلال فترة قصيرة إلى موقع متقدم في صناعات السلاح، مستندا إلى خطط طموحة للنمو ومصادر مالية ضخمة وفّرتها عائدات النفط.

وقد انعكس هذا التطور مباشرة في حرب الخليج الأولى، حيث اتّسعت قدرات العراق الصناعية والعسكرية بصورة لافتة، لتصبح إحدى ركائز قوته الإقليمية آنذاك.

وكما يرصد يزيد صايغ في كتابه "الصناعة العسكرية العربية"، ففي الحرب ضد إيران، كشف العراق عن قدرة لافتة على إنتاج السلاح محليا في الفترة ما بين عامي 1984 و1990، بما في ذلك تطوير صواريخ أرض-أرض بعيدة المدى، وإطلاق ما يقارب 300 صاروخ في ربيع 1988، وقد اعتمدت بغداد حينها بشكل كبير على صناعاتها العسكرية الوطنية التي أثبتت قدرتها على تلبية متطلبات الحرب.

ووفقا لصايغ، فإن واردات الأسلحة العراقية في الحرب ضد إيران بلغت تقريبا 32 مليار دولار أميركي، وهو مبلغ جعل العراق يتجه تدريجيا إلى الاعتماد على الصناعة العسكرية الوطنية، وإلى جذب العقول العربية والأجنبية التي يمكن أن تحقق طفرة تسليحية في العراق لهذا الغرض.

ولهذا سنرى العراق يجلب العالم المصري يحيى المشدّ لتطوير برنامجه النووي، ومثله العالم الكندي جيرالد بول الذي كان له باع طويل في مجال المدافع والصواريخ البالستية، وكان منفتحا على التعاون مع دول غير أوروبية.

جيرالد بول.. عاشق المدافع

ومثلما اغتيل يحيى المشد سيقع بول في المصير عينه، إذ لم تكن حوادث الاغتيال ذات الطابع الاستخباراتي تظهر للعلن كثيرا، غير أن مقتل بول شكّل استثناء لافتا.

ففي صباح 22 مارس/آذار 1990، وُجد الرجل مضرجا بدمائه أمام شقته في بروكسل العاصمة البلجيكية، وذلك بعد أن أُطلقت عليه 5 رصاصات من مسدس مزود بكاتم صوت، ومن اللافت أن الجاني ترك الأموال التي كانت في جيب الضحية، مما أغلق الباب مبكرا أمام فرضية الدافع الجنائي التقليدي.

إعلان

ورغم أن إحدى الصحف البلجيكية نشرت بعد يومين خبرا مقتضبا بعنوان مقتل أميركي، فقد طُويت القضية سريعا، وخرجت من التداول العام كما لو لم تكن، ولكن وحدها الشاهدة الأولى هيلين غريغوار، التي عثرت على الجثة، أدلت بإفادتها للشرطة ثم لأجهزة الأمن، وتلقّت بلاغا غير رسمي بأن التحقيق لن يصل غالبا إلى الفاعلين، وأن للجريمة "أبعادا سياسية" يصعب الاقتراب من دوافعها، بحسب ما رصده الصحفي فيكتور والت في مقالته "لماذا قُتل بول؟!".

وبالرجوع لبول وتاريخه الصناعات العسكرية، فقد كان اسما معروفا في دوائر التسليح، ومهندسا استثنائيا عمل في مشاريع متعددة لدى العراق خلال عقد الثمانينات.

وقد أعاد الصحفي البريطاني ويليام لوذر في كتابه "السلاح والرجل: جيرالد بول.. العراق ومدفع بابل" إثارة الجدل حين طرح فرضية وجود دور إسرائيلي مباشر في عملية الاغتيال، وذلك على خلفية مساهمة بول في تطوير برنامج صاروخي عراقي بعيد المدى، ونفى إمكانية ارتباط ذلك بمشروع "المدفع العملاق" الذي كان يحلم باستخدامه لإطلاق أجسام إلى الفضاء.

ويشير لوذر إلى أن بول كان واعيا تماما للمخاطر المحيطة بمجاله، فقد أمضى سنواته الأولى في تجارة الأسلحة، وسُجن بسبب صفقة مدفعية مع جنوب أفريقيا، وخضع لمتابعات استخباراتية بسبب اتصالاته مع الصين، وقد اعتاد أن تُفتّش حقائبه خلال سفره بطريقة غامضة، وأن تختفي بعض محتوياتها في مطارات مختلفة، مما دفعه إلى حمل حقيبة صغيرة لا تفارقه أبدا كانت تضم الوثائق الحساسة.

ومع ذلك، تكشف أيامه الأخيرة عن حالة خوف واضحة، فقد وصلته رسائل تحذير عبر وسطاء، ثم لاحظ تغييرات دقيقة في محتويات شقته لم يقم بها بنفسه، مثل أثاث حُرك من مكانه، وشريط فيديو أُخرج من الجهاز بعد لفّه، واستبدال لأكواب زجاجية بغيرها، وكانت تلك العلامات كافية ليدرك أن منزله لم يعد مكانا آمنا.

مصدر الصورة جيرالد بول (الصحافة الأجنبية)

ومن اللافت أن جيرالد بول نشأ في عائلة ذات أوضاع مضطربة، حيث فقد والدته وهو في الثالثة من عمره، وعُرف والده بحدة طباعه، وقد وجد الطفل عزاءه في العزلة ونماذج الطائرات التي كان يصنعها بشغف.

ومع تقدمه في العمر برزت لديه موهبة لافتة في الرياضيات والعلوم، إلى جانب شخصية رقيقة ميّالة للشعر والدعابة، وربما لهذا السبب انخرط مبكرا في قطاع الصناعات الدفاعية الكندية خلال مرحلة بحثت فيها كندا عن موقع تكنولوجي دولي، وتميّز بسرعة بديهته ورفضه للبيروقراطية الثقيلة كما يشير لوذر في كتابه عنه.

وفي عام 1952، وأثناء اختبار صاروخ كندي جديد، لجأ بول إلى أسلوب غير مألوف، حيث أطلق نموذج المقذوف من مدفع بدلا من اختباره في نفق هوائي، لتبدأ منذ ذلك الوقت علاقته الطويلة بعالم المدافع، ورغم قناعته بأن إطلاق الأجسام إلى ارتفاعات شاهقة عبر المدافع أقل تكلفة، فإن مشاريعه كانت تعتمد على مقذوفات معقدة متعددة المراحل مدعومة بمحركات صاروخية.

وكما يذكر فيكتور والت في مقالته السابقة فبعد أن توقف التمويل الحكومي لمشروعه للأبحاث عالية الارتفاع أواخر الستينيات، اتجه بول للتعاون مع دول عدة بينها إسرائيل والصين وإيران والعراق وجنوب أفريقيا، ولكن ازداد إحباطه بعد إدانته في صفقة جنوب أفريقيا، إذ رأى نفسه ضحية "حسابات سياسية" دفعت بها إدارة الرئيس الأميركي آنذاك جيمي كارتر .

إعلان

لم يكن أحد يشكك في قدرته التقنية، فمنذ أواخر الخمسينيات أي قبل ظهور "مبادرة حرب النجوم" بعقود، كان بول يطوّر مفاهيم لاعتراض الصواريخ العابرة للقارات عبر آليات أقرب إلى المدافع العملاقة، ولأنه لم يكن محبوبا لدى بعض الجهات الأميركية، فقد صمّم أنظمة تسليح لدول عديدة في العالم الثالث تفوقت أحيانا على مثيلاتها في دول حلف شمال الأطلسي ( ناتو ).

وخلال الحرب العراقية الإيرانية ، امتلك العراق مدفعية بعيدة المدى من تصميمه، ذات قدرة تتجاوز المدى الفعلي لمدافع دول التحالف باستثناء راجمات الصواريخ الأميركية المتقدمة.

مصدر الصورة صدام حسين خلف مدفعية خلال الحرب العراقية الإيرانية (ناشطون)

مشروع "بابل العملاق"

وعلى الصعيد الإنساني، ينقل صديقه ألفريد راتز صورة لرجل يملك قدرة استثنائية على التعامل مع أعقد التحديات التقنية، لكنه يقف عاجزا أمام ما كان يراه قيودا بيروقراطية أو اعتبارات سياسية لا لزوم لها، حيث كان بول يتعامل مع هذه العوائق باعتبارها "تشويشا عبثيا" يعرقل مسار مشاريعه.

فمشروعاته لم تكن بالنسبة إليه مجرد هندسة وخرائط، بل جزء من ذاته ومن طريقته في فهم العالم، ولذلك كان يمضي في عمله بلا تردد، مدفوعا بإيمان داخلي لا يتزعزع بما يصنعه، حتى عندما أدرك أن هذا المسار سيضعه في مواجهة أجهزة أمن دولية.

أما من الناحية المالية وكما يرصد لوذر في كتابه السابق، فقد بدت نقطة ضعفه أكثر وضوحا، إذ كان يميل كثيرا إلى إبرام العقود وفق شروط مجحفة، فقط ليفتح الطريق أمام تنفيذ المشروع بأسرع وقت ممكن، وهو ما أثار امتعاض أبنائه مرارا.

وقد استغلت عدة شركات هذا الجانب من شخصيته، فشركة فوست ألبينه النمساوية وشركة أرمسكور الجنوب أفريقية حصلتا على تقنياته الخاصة في هندسة المدافع، وبدأتا بإنتاج أنظمة مشتقة من تصميماته دون أن تسددا له أي حقوق، بل إن شركة أرمسكور ذهبت إلى حد الادعاء بأن الأسلحة التي طورتها اعتمادا على أفكاره هي إنتاج وطني خالص، متجاهلة تماما جهوده الأصلية بحسب ما يرصد فيكتور والت.

وفي موازاة انشغاله بتطوير منظومات المدفعية العراقية بعيدة المدى، انخرط جيرالد بول في مشروع أكثر طموحا حمل اسم "بابل"، وهو مبادرة اعتبرها المتخصصون واحدة من أكثر مغامراته التقنية جرأة على الإطلاق.

فقد أنشأ بول إلى جانب شريكه كريستوفر كاولي شركة تحمل اختصار "إيه تي آي" (ATI)، وشرعا عبرها في التعاقد مع مصانع أوروبية متعددة لصناعة مكونات مدفع عملاق يتجاوز ارتفاعه حال اكتماله 140 إلى 150 مترا.

ومع تطور الفكرة خرج المشروع عن النماذج التقليدية للمدافع الثابتة التي طُرحت في بدايته، فقد اتجه بول وفريقه إلى تصميم مدافع ضخمة يمكن رفعها وتوجيهها، في نقلة تقنية كانت ستفتح الباب أمام استخدامات عسكرية أكثر مرونة.

وكان أول نموذج مخطط له أن يمتلك سبطانة بقُطر 350 ملم وطول يناهز 30 مترا، مع تقديرات أولية تشير إلى قدرة نيرانية قد تصل إلى 1000 كيلومتر، ولا ريب أن هذا المدى إذ تحقق، كان سيضع إسرائيل ومناطق واسعة من وسط إيران داخل دائرة الاستهداف المحتمل، ويُحوّل المشروع إلى عنصر تغيير إستراتيجي في معادلات القوة الإقليمية في ذلك الوقت.

وكما يذكر كل من لوذر ووالت، فقد اعتمد المشروع في مكوناته الأساسية على شركات صناعية أوروبية، إذ حصل العراق على الأنابيب الفولاذية الخاصة بالسبطانات والهياكل من مؤسسات بريطانية، كان في مقدمتها شيفيلد فورجماسترز ووالتر سومرز، كما تم التعاقد مع شركات في ألمانيا وفرنسا وإسبانيا وسويسرا وإيطاليا لتزويد المشروع بأنظمة الارتداد وإغلاق السبطانات.

مصدر الصورة المدفع العملاق عيار 350 ملم في جبل حمرين (صفحة الأمم المتحدة)

النهاية

وعقب الانتهاء من تركيب نموذج مدفع "بابل الصغير" والشروع في تجارب الإطلاق الأولية، ظهرت مشكلات فنية معقدة تتعلق بسلامة الوصلات التي تربط أجزاء السبطانة بعضها ببعض، وباشرت الفرق الهندسية في وضع حلول تقنية لهذه الاختلالات.

إعلان

إلا أنّ المسار بأكمله تلقّى ضربة قاضية مع اغتيال جيرالد بُول في مارس/آذار 1990، حيث أدى الاشتباه الواسع في تورط جهاز الموساد إلى تجميد الجهود البحثية وتعطيل شبكات التعاون الفني، مما جعل المشروع يدخل في حالة شلل تام خلال أسابيع قليلة.

أما مشروع مدفع "بابل العملاق" الأكثر طموحا، فقد وصلت مكوناته الرئيسية إلى مراحل متقدمة من النقل والتجميع داخل موقع محصّن شُيّد على سفح تلة مرتفعة، وكان هذا التعديل في الخطة بديلا عن الفكرة الأولى المتمثلة في تثبيت المدفع على هيكل فولاذي ضخم، وهي فكرة تخلّى عنها فريق بول بعد أن أثبتت الحسابات الهندسية عدم قدرة الهيكل المقترح على تحمّل الكتلة الهائلة للمنظومة.

وبرغم التقدم الكبير في تركيب أجزاء المدفع، فإن المشروع توقف نهائيا قبل الوصول إلى مرحلة التشغيل الفعلي.

وفي ربيع عام 1990، تلقّى مشروع "بابل العملاق" ضربة جديدة حين نجحت سلطات الجمارك البريطانية في كشف محاولة تمرير دُفعات أخرى من أجزاء السبطانة المخصصة للمدفع، فقد كانت القطع مخفية بعناية داخل شحنات وُصفت رسميا بأنها "أوعية ضغط للاستخدامات البتروكيميائية"، غير أن الفحص الدقيق في ميناء تيسبورت البريطاني أدى إلى مصادرتها بالكامل.

ولم يقتصر الأمر على بريطانيا، إذ تم اعتراض شحنات مماثلة في اليونان، كما صودرت مكوّنات إضافية كانت قيد التصنيع داخل منشآت في إسبانيا وسويسرا، مما كشف حجم الشبكات الدولية التي اعتمد عليها المشروع وقتئذ.

مصدر الصورة جزء من مدفع رشاش عراقي عملاق مُحمّل على شاحنة في قاعدة راف سيلاند الجوية في كلويد، صادرته الجمارك قبل عامين (شترستوك)

ووفقا للصورة أعلاه، يوضح الوصف أن مدفع هارب الذي طوره الدكتور جيرالد بول كان أساسا للمدفع العراقي العملاق، الذي صُنعت أجزاؤه في بريطانيا وهُربت إلى العراق قبل 20 عاما، وكان مزودا بسبطانة بطول 172 قدما.

وقد أثارت سبطانة المدفع الفولاذية العملاقة دهشة خبراء المدفعية في العالم، الذين يعتقدون أن إطلاقه يتطلب 200 شخص ومساحة بحجم ملعب ويمبلي.

وبما أن إعادة التعبئة تستغرق ساعة -وهي مدة كافية لأي شخص لتحديد موقعه وتدميره- فلا بد أن يكون سلاحا ذا طلقة أو اثنتين على الأكثر، وفقا لوصف الصورة بشترستوك.

وبحسب أرشيف وكالة الأمن القومي الأميركي، فإن وثيقة صادرة في نوفمبر/تشرين الثاني 1991 عن وكالة الاستخبارات الأميركية أفرج عنها في موقع الأرشيف، جاء فيها رصد دقيق لهذا المشروع وما آل إليه جاء فيها "بحلول أوائل عام 1990، كان نموذج أولي من المدفع بقُطر 350 ملم قد أُنجِز بنجاح وخضع للاختبارات، إضافة إلى ذلك وصلت إلى العراق العديد من مكوّنات المدفع العملاق ذي قُطر 1000 ملم، فضلا عن مكوّنات مدفعين إضافيين بقُطر 350 ملم".

ويضيف التقرير السري المفرج عنه، في مارس/آذار 1990، قُتل جيرالد بول، وفي الشهر الذي تلاه صادرت هيئة الجمارك البريطانية القطع الثمانية الأخيرة التي كانت ستُستخدم في صناعة سبطانة المدفع ذي القُطر 1000 ملم، وتبعت دول أخرى ذلك بإجراء عمليات مصادرة لمكونات أخرى من المدفع العملاق.

وقد منعت هذه المصادرات العراق من استكمال المشروع، وفي يوليو/تموز 1991 وبعد مرحلة من الإنكار، اعترف العراق رسميا بالمشروع، وفي أكتوبر/تشرين الأول 1991 جرى تدمير مكونات مشروع بابل تحت إشراف الأمم المتحدة .

ولا تزال بقايا مشروع "بابل" حاضرة حتى اليوم كشاهد مادي على تلك التجربة العسكرية الفريدة، فبعض أجزاء السبطانات التي تمت مصادرتها ما تزال معروضة في متحف السلاح الملكي في فورت نلسون بمدينة بورتسموث البريطانية، حيث تُقدَّم للجمهور بوصفها نموذجا على الطموحات التكنولوجية غير التقليدية في نهاية الحرب الباردة .

كما ظلّت قطعة أخرى من مكوّنات المدفع معروضة لسنوات في متحف المدفعية الملكية في وولويتش إلى أن أُزيلت عام 2016 ضمن عملية إعادة تنظيم المعروضات.

من اللافت أن تجربة مدفع بابل العملاق الذي حلم به صدام حسين تقاطعت مع مصير مدفع شيفره غوستاف -المدفع الذي أراده أدولف هتلر لتدمير الحلفاء- فهما مشروعان عملاقان تحطّما أمام تطور الحرب الحديثة، إذ إن مدفع هتلر رغم ضخامته، انتهى عبئا ميدانيا ودُمّر قبل سقوط ألمانيا، في حين تفكك "بابل العملاق" قبل تشغيله بعد اغتيال جيرالد بول وتدخل الأمم المتحدة.

إعلان

وهكذا برهنت التجربتان أن عصر المدافع العملاقة صعبة الحركة كان قد انتهى فعليا، وأن السلاح الذي كان يُراد له تغيير ميزان القوة لم يعد يملك مكانا في عالم تقوده الصواريخ والتكنولوجيا الدقيقة.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا