آخر الأخبار

أميركا تطوّر قنبلة جديدة خارقة للتحصينات.. لماذا الآن؟

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

فجر 22 يونيو/حزيران 2025، أطلقت القاذفات الشبحية الأميركية طراز " بي-2 سبيريت " وابلا من القنابل الخارقة للتحصينات "جي بي يو 57" (GBU-57)، على منشأة فوردو النووية الإيرانية، المحصّنة بعمق داخل جبل من الحجر الكلسي، في أول استخدام لهذه القنبلة في قتال حقيقي، بعد سنوات من تطويرها وتجاربها فقط.

وعلى الرغم من ضخامة تلك القنابل، إذ يبلغ وزن الواحدة نحو 13 ألف كيلوغرام، فقد بدت التحصينات الجبلية عصيّة على التدمير النهائي؛ إذ أشارت تقارير إلى أن التقييمات الاستخباراتية الأميركية الأولية لا تتوافق مع الرواية الرسمية التي أعلنتها واشنطن عقب الضربة.

اقرأ أيضا

list of 3 items
* list 1 of 3 القنبلة النووية الأميركية لا تشبه غيرها
* list 2 of 3 طيار هيروشيما الذي لم يندم.. كيف تقتل 140 ألف إنسان بلا رحمة؟
* list 3 of 3 القاتل الآلي الجديد.. إليك سر دبابة المستقبل الأميركية end of list

فبينما أكّد الرئيس دونالد ترامب ووزير الحرب  بيت هيغسيث أن المنشآت النووية الإيرانية قد "دُمّرت بالكامل"، كشف تقييم لـ"وكالة الاستخبارات الدفاعية" (DIA) أن الضربات لم تُزل المشروع من جذوره، بل أحدثت أضرارا جسيمة أدّت إلى تأخيره لعدة أشهر.

كما أبلغت إدارة ترامب مجلس الأمن الدولي لاحقا، أن الهجوم "أضعف" البرنامج النووي الإيراني ، في صياغة أكثر حذرا بكثير من التصريحات العلنية التي أعقبت الضربة.

هذا الاختلاف في مستوى التصريحات يعكس مدى الشكوك داخل المؤسسة الأمنية الأميركية، حول ما إذا كانت القنابل الخارقة للتحصينات قد بلغت فعلا قلب المرافق المدفونة داخل جبل فوردو، وذلك في ظل تكتّم طهران عن إظهار مدى الضرر الحقيقي الذي لحق بالمنشآت النووية التي تم استهدافها.

اختبار أول غير مُقنع

من جهة أخرى، تداولت وسائل إعلام أميركية ودولية، بعد ساعات قليلة من انتشار صور الفوهات العميقة التي خلّفتها الضربة في فوردو ونطنز، معلومات لافتة، تشير إلى أن الولايات المتحدة تعمل منذ مدة على تطوير خليفة للقنبلة المستخدمة في الهجوم، وهو برنامج "المخترِق من الجيل التالي" (NGP).

هذا التزامن مع الجدل الذي أثارته نتائج الضربة بدا أكثر من مجرد مصادفة، إذ جرى تقديم أخبار السلاح الجديد بوصفها امتدادا مباشرا للسياق الذي فتحته العملية، وكأن إعادة تسليط الضوء عليه يلمّح ضمنا إلى أن " جي بي يو-57 "، على الرغم من قوتها وقدرتها على اختراق طبقات سميكة من الصخور، لم تُظهر الأداء الحاسم الذي كان مأمولا في مواجهة منشأة محصنة على غرار فوردو.

إعلان

وعلى الرغم من أن أغلب تفاصيل برنامج "مُخترِق الجيل الجديد"، تعود إلى إشعار تعاقد صدر قبل أكثر من عام، فإن إعادة تداولها فور الضربة منحها طابعا تفسيريا إضافيا. فالمعلومات التي أُعيد إبرازها أوحت بأن واشنطن كانت تُعِدّ بالفعل لسلاح يسد فجوة ظهرت بوضوح في مسرح العمليات، وأن الاستخدام القتالي الأول لـ"جي بي يو-57″، كشف حدودا معينة في قدرتها الفعلية على التعامل مع منشآت مدفونة عميقا داخل الجبال.

ويتقاطع ذلك مع ما أوردته تقارير عدة حول قرار تسريع البرنامج في أعقاب الضربة الإيرانية، مشيرةً إلى أن أول استخدام عملياتي للقنبلة بعد سنوات من الاكتفاء بتجارب الإطلاق الحي، كشف عن قيود مهمة في أدائها.

كما أوضحت التقارير أن الوصول إلى نقطة واحدة في فوردو تطلّب 6 ضربات متتابعة على الإحداثيات نفسها. فالقنابل الأولى أزالت الطبقات العليا من الصخر والخرسانة، في حين واصلت القنابل اللاحقة الحفر تدريجيا مستفيدة من ثقب كل ضربة سابقة، إلى أن بلغت قلب المنشأة المدفونة على عمق كبير.

وقد اعتُبر هذا دليلا على صعوبة التعامل مع منشآت محصّنة داخل جبال كثيفة، وعلى الحاجة إلى سلاح أخف وزنا وأكثر قدرة على الاختراق العميق، بدون الاعتماد على هذا العدد الكبير من القنابل في الهجوم الواحد.

في هذا السياق، بدا الحديث عن القنبلة الجديدة أقرب إلى إقرار غير مباشر بأن الضربة، مهما بلغت شدتها، لم تُنهِ التحدّي الذي تمثّله التحصينات الإيرانية الثقيلة، وأن الولايات المتحدة تميل اليوم أكثر من أي وقت مضى، إلى تطوير جيل أشد ذكاء وفاعلية من الأسلحة الخارقة للتحصينات.

مصدر الصورة رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات الجوية الأميركية، الجنرال دان كين، يشاهد فيديو لاختبار قصف قنبلة GBU-57A/B الخارقة لللتحصينات المستخدمة في الهجوم على محطة فوردو الإيرانية، وذلك خلال مؤتمر صحفي مع وزير الحرب الأميركي بيت هيغسيث في البنتاغون بتاريخ 26 يونيو/حزيران 2025 (الفرنسية)

ولادة القنابل الخارقة للتحصينات

برزت الحاجة إلى تطوير أسلحة قادرة على ضرب أهداف مُحصّنة تحت الأرض خلال حرب الخليج عام 1991. ففي ذلك الحين، ابتكرت القوات الأميركية على عجل قنبلة "جي بي يو-28" ، التي بلغ وزنها نحو 2.3 طن، بغرض اختراق ملاجئ القيادة العراقية المتوارية في باطن الأرض.

فضلا عن ذلك، طوّر سلاح الجو الأميركي نماذج أكثر دقة مع نهاية التسعينيات، مثل "جي بي يو-37″، القادرة على ضرب أهداف تحت الأرض حتى في ظروف جوية معقدة أو منخفضة الرؤية.

أما على الجانب النووي، فأدخلت واشنطن إلى الخدمة القنبلة "بي 61-11" نهاية القرن الماضي، بوصفها أول قنبلة نووية معدّة خصيصا للاختراق الأرضي. إذ جرى تعديل إحدى نسخ عائلة "بي 61″، لتزويدها برأس خارق للهيكل قادر على الانفجار تحت السطح مباشرة.

وبلغ الحد الأقصى لقوة هذه القنبلة نحو 400 كيلوطن، وهو ما عوّض محدودية دقة تسديدها بقوة تفجير هائلة. وعلى الرغم من أن اختراقها الفعلي للأرض لا يتجاوز بضعة أمتار، فإن تفجيرها تحت السطح يضاعف تأثير الضرر، بحيث يعادل تأثير قنبلة أكثر قوة في حال انفجرت على السطح.

إعلان

ومع دخول الألفية الجديدة، اتّسعت دائرة النقاش داخل المؤسسة العسكرية الأميركية، حول جدوى تطوير "مُخترقات نووية فائقة" قادرة على الوصول إلى أعماق أكبر، من تلك التي تتيحها القنبلة النووية الاختراقية "بي 61-11". وبرزت آنذاك مقترحات لتعديل القنبلة النووية الثقيلة "بي 83″، بحيث تصبح مخترقا أرضيّا قادرا على النفاذ داخل طبقات صخرية أكثر صلابة. غير أنّ هذه المشاريع اصطدمت باعتراضات حادّة، تمحورت حول مخاطر التسرب الإشعاعي، قبل أن يغلق هذا الباب نهائيا عام 2005.

وبعد إغلاق هذا المسار النووي، وجّهت وزارة الحرب جهودها نحو تطوير ذخائر تقليدية فائقة الثقل، أبرزها "جي بي يو-57″، التي مُنح عقد تطويرها لشركة بوينغ عام 2007. وبذلك أصبح لدى البنتاغون نمطان مختلفان للتعامل مع التحصينات العميقة، أولهما تقليدي شديد القوة يصلح للعمليات المحدودة (جي بي يو-57)، والآخر نووي تكتيكي مثل "بي 61-11" للسيناريوهات الأكثر تعقيدا.

كيف تعمل القنابل الخارقة للتحصينات؟

ولكي نفهم كيف تؤدي هذه القنابل مهامها، ينبغي البدء من لحظة سقوطها من القاذفة. فمنذ خروجها من حاضنتها تبدأ رحلة معقّدة لضبط المسار، فبينما تكتسب الذخيرة سرعتها الهائلة إثر سقوطها الحُر، يتم مباشرة تفعيل أنظمة التوجيه الدقيقة للتحكم بمسارها.

وتعتمد القنابل الخارقة للتحصينات في ذلك على منظومة مزدوجة، تجمع بين نظام القصور الذاتي (INS) ونظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، بما يضمن بقاءها على خط الاستهداف المراد لها، حتى لو كان الهدف مدخل نفق ضيق أو سقف منشأة مدفونة تحت طبقات كثيفة من الصخور.

هذه الدقة تعدّ حاسمة في عمليات استهداف التحصينات العميقة، فأي انحراف بسيط عن المسار قد يؤدي إلى انفجار القنبلة على السطح أو في طبقة صخرية عليا، بدل الوصول إلى النقطة الحساسة المراد تدميرها داخل البنية الجوفية، وهذا الانحراف سيعني بالضرورة فشل المهمة.

وبعد مرحلة التوجيه تبدأ المعركة الحقيقية مع الحصن. فجسم القنبلة مصنوع من فولاذ عالي الصلابة قادر على تحمّل الارتطام العنيف بسرعة كبيرة، ثم الاستمرار في التقدّم داخل الطبقات الصخرية أو الخرسانية قبل الانفجار. كما أن ضخامتها تمنحها طاقة حركية هائلة عند السقوط. ومع تصميمها الانسيابي وهيكلها الفولاذي، تصبح القنبلة أشبه بمثقاب عملاق يندفع داخل طبقة الأرض العليا قبل أن يبدأ عمل المتفجّر الداخلي.

وعندما تخترق القنبلة السطح، يعمل صاعق ذكي (مُبرمج مُسبقا) على تأخير انفجار الرأس الحربي لبضعة أجزاء من الثانية، بما يسمح بوصول القنبلة إلى عمق كاف داخل التحصين قبل الانفجار. هذا التأخير يعدّ أهم ما في التقنية، فبدل انفجار على السطح يبدّد معظم طاقته في الهواء، فإن الانفجار الجوفي يولّد موجة ضغط زلزالية تنتشر داخل الصخور والأنفاق وتفتّت الهياكل الخرسانية من الداخل نحو الخارج.

وتختلف حدود الاختراق بحسب نوع التربة وسماكة الصخر. فبحسب التقديرات المنشورة، تستطيع "جي بي يو-57" اختراق ما يصل إلى 18 مترا من الخرسانة المسلحة، أو نحو 60 مترا من التربة المضغوطة أو الحجر الجيري قبل أن تنفجر، وهي قدرة لا يمكن لأي ذخيرة جوية أصغر توفيرها.

ومع ذلك، فهذه القدرة ليست مطلقة، فالمنشآت الأكثر عمقا، والتي تصل إلى 80 مترا أو أكثر داخل جبل، قد تصمد جزئيا حتى بعد ضربة مباشرة، وهو ما يفسّر لماذا تلجأ القوات الأميركية في بعض الحالات، إلى إسقاط عدة قنابل على النقطة نفسها لتعميق أثر الصدمة الانفجارية.

مصدر الصورة في هذه الصورة التي نشرتها القوات الجوية الأميركية في 2 مايو/أيار 2023، ينظر طيارون إلى قنبلة GBU-57، في قاعدة وايتمان الجوية بولاية ميزوري (أسوشيتد برس)

ما القنبلة الجديدة؟

فيما يتصل بالقنبلة الجديدة التي تعتزم واشنطن تطويرها، فمن المفترض ألا يتجاوز وزنها 10 أطنان، أي أقل بنحو 25% من وزن القنبلة الحالية.

إعلان

هذا التخفيض في الوزن لا يعدّ خيارا هندسيا فحسب، بل ضرورة عملياتية أيضا، إذ تهدف الولايات المتحدة إلى امتلاك ذخيرة اختراق أرضي، يمكن دمجها مع قاذفتها الشبحية الجديدة "بي-21 رايدر"، التي لا تستطيع حمل قنبلتين من طراز "جي بي يو-57″، على غرار "بي-2″، كما أن ذلك قد يُمكّنها أيضا من استخدام القنبلة الجديدة مع طائرات أصغر حجما.

وفضلا عمّا يهدف إليه التصميم الجديد من توسيع قابلية حمل القنبلة على عدد أكبر من الطائرات، وزيادة مدى استخدامها العملياتي، يدرس المسؤولون إمكانية تزويدها بمحرك صاروخي يمنحها قدرة أكبر على الاختراق، ويتيح إطلاقها من مسافات أبعد بكثير من الوضع الحالي، الأمر الذي يقلّل بشكل ملحوظ من تعرض الطائرات أو منصات الإطلاق لتهديدات الدفاعات الجوية المتقدمة.

وبذلك، تتحول القنبلة الجديدة من مقاربة "القوة الضخمة"، التي تمثّلها "جي بي يو-57″، إلى مقاربة "القوة الذكية"، المعتمدة على دقة التوجيه وفعالية التصميم بدلا من زيادة الكتلة وحدها. فالمرونة في الوزن تعني مدى أوسع للطائرة وقدرة على حمل ذخائر مرافقة واحتمال إدماج السلاح في عمليات أشد تعقيدا، تتطلب اختراقا صامتا بدون الاقتراب الشديد من الهدف، وهي نقاط حاسمة في سيناريوهات صراع مستقبلية مع إيران أو كوريا الشمالية أو الصين.

ووفق ما أعلنته شركة "الأبحاث التطبيقية" الأميركية (ARA)، المسؤولة عن تطوير القنبلة الجديدة والمتخصصة في صناعات مقذوفات الاختراق الأرضية، فإن مخترِق الجيل التالي لن يكون مجرد نسخة مخففة من "جي بي يو-57″، بل سلاحا جديدا بالكامل، سيُصمَّم ليجمع بين قدرة الاختراق وقوة الانفجار الداخلي وقدرات التشْظية، في خليط واحد قادر على التعامل مع الطبقات الصخرية الأشد صلابة. وسيجري اختبار نماذج مصغرة وكاملة الحجم خلال فترة تتراوح بين 18 و24 شهرا، في إطار تقييم شامل لقدرة السلاح على استهداف منشآت تصل إلى "مئات الأمتار" تحت سطح الأرض.

وتلعب بوينغ (المُصنّعة الحالية للقنبلة) دورا رئيسا كذلك في المشروع الجديد، إذ تتولى تطوير ما يُعرف بـ "ذيل التوجيه". ويُنتظر أن يشتمل هذا الذيل على منظومة ملاحة قادرة على العمل في بيئات تُعطَّل فيها إشارات " تحديد الموقع العالمي" بالكامل، وهي سمة تزداد أهميتها مع احتمال المواجهة مع خصوم يمتلكون قدرات تشويش متقدمة.

هذا التركيز على "الصمود الملاحي" يعكس رؤية البنتاغون القائمة على أن مبدأ القوة وحده لا يكفي، إذ لا بد من إيصال القنبلة إلى نقطة الضعف داخل البنية الجوفية، وبدقة عالية.

مصدر الصورة يبدو أن واشنطن لا تطوّر قنبلة خارقة جديدة لرفع كفاءتها العسكرية فحسب، بل لإعادة تشكيل ميزان الردع، في بيئة أصبح العمق الجيولوجي فيها جزءا من معادلة القوة (الجزيرة)

العمق كسلاح دفاعي

سعي الولايات المتحدة إلى تطوير قنبلة جديدة خارقة للتحصينات، يعكس إدراكها المتزايد بأن التحدّي لم يعد مرتبطا بإيران وحدها، بل ببنية كاملة من الدفاعات الجوفية التي يبنيها الخصوم. فهذه الدول فهمت مبكرا أن التفوق الجوي الأميركي يمكن الالتفاف عليه بالنزول عميقا تحت الأرض، وأن العمق نفسه يمكن أن يتحول إلى أداة دفاع فعّالة تحدّ من قدرة واشنطن على ضرب الأهداف الحساسة.

ففضلا عن إيران، تورد تقارير صحفية واستخبارية أن كوريا الشمالية بنت ما يشبه "دولة تحت الأرض"، من شبكات أنفاق وقواعد صواريخ وثكنات بعمق يفوق 100 متر. بل إن شبكة مترو بيونغ يانغ نفسها أُنشئت على عمق مماثل، لتعمل كمخبأ ضخم للسكان والقيادة عند الحاجة.

الصين بدورها، شيّدت شبكة هائلة تُعرف بـ"السور العظيم تحت الأرض" وهي شبكة أنفاق معقدة تمتد لآلاف الكيلومترات، يقال إنها مخصصة لإخفاء تحركات منصات الصواريخ الباليستية عابرة القارات وإطلاقها من مواقع سرية. وفي السنوات الأخيرة، شيّدت الصين حقولا جديدة لصوامع صواريخ باليستية عابرة للقارات في شمالي البلاد، كما بنت منشآت قيادة وسيطرة إستراتيجية في أعماق الجبال لحماية قيادتها النووية.

هذا الانتشار الواسع تحت الأرض، يعني أن أي خصم يفكر في تحييد قوة الصين، سيتوجب عليه التعامل مع مدن عسكرية تحت الأرض، وهي مهمة شبه مستحيلة بدون أسلحة مصممة لهذا الغرض.

أما روسيا، فتعدّ رائدة هذا النهج منذ الحرب الباردة ، إذ تحتفظ بمنشآت قيادة نووية محصنة في جبال الأورال، مثل كوسفينسكي كامين ويامانتاو، ومصفوفات صوامع قادرة على تحمل ضربات تقليدية أو نووية منخفضة القوة. ويُعتقد أن هذه المنشآت المبنية على عمقٍ هائل، كانت السبب الرئيسي وراء تطوير قنبلة "بي 61-11" من جانب الأميركيين. ففكرة وجود مركز قيادة روسي محمي بمئات الأمتار من الغرانيت، شكّلت كابوسا للخطط الحربية الأميركية، وهذا دفعها لإيجاد وسيلة لاختراقه إذا لزم الأمر.

إعلان

هكذا يبدو أن واشنطن لا تطوّر قنبلة خارقة جديدة لرفع كفاءتها العسكرية فحسب، بل لإعادة تشكيل ميزان الردع، في بيئة أصبح العمق الجيولوجي فيها جزءا من معادلة القوة. فالخصوم، عبر نقل المنشآت الحساسة إلى باطن الأرض، يجعلون أي عملية استهداف تقليدية مكلفة وغير مضمونة. ولذلك، فإن تطوير قنبلة أكثر خفة ودقة وقدرة على النفاذ العميق، يهدف قبل كل شيء إلى كسر شعور الحصانة الجبلية الذي يتراكم لدى هذه الدول.

غير أن إدخال سلاح اختراقي أقوى إلى الميدان لن يمرّ بلا مقاومة. ففي المقابل، ستسعى القوى المنافسة إلى تعميق منشآتها أكثر، وتوزيعها على مواقع متعددة. فربما يحفّز هذا المسار سباقا خفيا جديدا تحت الأرض، بين سلاح قادر على بلوغ الهدف، وهدف يسعى إلى الاختفاء أعمق فأعمق. فإذا ما كانت واشنطن لا تقبل بوجود ملاذات محصّنة خارج متناول قوتها، فإن خصومها بدورهم سيحاولون البحث عن حلول في سباق عمق يبدو بلا نهاية واضحة.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة


الأكثر تداولا أمريكا دونالد ترامب روسيا

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا