آخر الأخبار

عدم تنفيذ قرارات المحاكم هل أصبح ظاهرة ممنهجة بالضفة؟

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

رام الله – يسود الأوساط الحقوقية في الضفة الغربية قلق متزايد إزاء تنامي عدد الشكاوى من عدم تنفيذ قرارات قطعية صدرت عن المحاكم الفلسطينية، وسط مخاوف من تحول الأمر إلى "ظاهرة ممنهجة".

تتعلق أغلب القرارات غير المنفذة بحالات معتقلين سياسيين تقرر الإفراج عنهم ولم ينفذ القرار، إضافة إلى قرارات إدارية ومالية وتلكؤ في صرف تعويضات لمواطنين "دون أي مبرر" وفق أحد الخبراء.

اقرأ أيضا

list of 2 items
* list 1 of 2 من يبلسم الجراح النفسية والمادية للمعتقلين وأهالي المفقودين السوريين؟
* list 2 of 2 تحقيقات تكشف مشارح مكتظة ومقابر سرية في تنزانيا end of list

وفق مختصين، فإن مسؤولية عدم تنفيذ قرارات القضاء تتشارك فيها عدة جهات بما فيها النيابة العامة والقضاء العسكري والحكومة التي وصلتها عشرات الشكاوى من هذا النوع دون نتائج ملموسة في هذا الملف.

مصدر الصورة المحامي ربعي حصل على قرارات قضائية لصالح معلمين فصلوا من وظائفهم وأغلبها لم ينفذ (الجزيرة)

عشرات القرارات

خلال العامين الماضيين تمكن المحامي الفلسطيني غاندي ربعي، رئيس مجموعة الحق والقانون للمحاماة والاستشارات الدولية، من استصدار عشرات القرارات القطعية من المحاكم الفلسطينية بإعادة معلمين فصلوا من وظائفهم وصرف مستحقات مالية لهم، لكن أغلبها لم ينفذ.

يوضح ربعي -في حديثه للجزيرة نت- أن الامتناع عن تنفيذ قرارات المحاكم يشكل "جريمة" حسب القانون الفلسطيني، معتبرا أن "المعضلة هنا أن الخصم في الدعوى هي الدولة، فعندما يكسب المواطن قضية كالتعويض أو صرف مستحقات نواجه إشكالية كبيرة وهي بطء التنفيذ أو تأخره وهو بمثابة عدم تنفيذ".

وأضاف "تصدر قرارات قضائية قطعية ولا نرى تنفيذا مباشرا وخاصة في الشق المالي (…) وهذا أمر مخالف للقانون، ولا يوجد آلية ضاغطة بهذا الاتجاه سوى المراجعات المستمرة للجهات المختصة".

وأوضح الخبير القانوني أن بعض القضايا غير المنفذة تعود لعام 2023، منتقدا "الروتين القاتل والبطء وعدم الفهم من الجهات التي يفترض أن تنفذ تلك القرارات".

ليس هذا فحسب، بل يشير ربعي إلى إجراءات أخرى "غير قانونية" كتقسيط المبالغ المالية المقرة قضائيا أو الخصم منها "دون سند قانوني" معبرا عن تخوفه من تحول عدم تنفيذ المحاكم إلى "ظاهرة" في ظل ظروف عامة صعبة يتطلع فيها المواطن إلى تعزيز واحترام القضاء وسلطة القانون.

لا إفراجات

لا يقتصر عدم تنفيذ قرارات القضاء على الجانب الإداري أو المالي، إنما يشمل موقوفين في السجون الفلسطينية، صدرت بحقهم قرارات إفراج لكنها لم تنفذ.

إعلان

ووفق تقارير الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان فإنها تلقت 144 شكوى منذ بداية العام الجاري تتعلق بعدم تنفيذ قرارات قضائية، منها 40 حالة بين يوليو/تموز وسبتمبر/أيلول فيها انتهاك يتمثل في عدم تنفيذ قرارات المحاكم بالإفراج عن محتجزين، إضافة لأعداد أخرى في أشهر سابقة ولاحقة.

وخلال 2024، يفيد تقرير سنوي للهيئة بتوثيق 122 شـكوى تتعلق بالإبقاء على موقوفين رغم صدور قرارات قضائية بإخلاء سبيلهم.

وتقول الهيئة إنه لا تتوافر لديها بيانات أو معلومات رسمية من الجهات المختصة عن تنفيذ أي ملاحقات قضائية أو تأديبية اتخذت ضد ضباط وأفراد في قوى الأمن حول تورطهم في انتهاك حرية المواطنين الشخصية، بمن فيهم الممتنعون عـن التنفيذ الفوري لقرارات صادرة عن المحاكم بإخلاء سـبيل المحتجزين.

ظاهرة ممنهجة

تزايد القرارات غير المنفذة، أثار انتباه الهيئة الأهلية لاستقلال القضاء وسيادة القانون (استقلال) والتي أخذت على عاتقها متابعة القرارات التي لا تنفذ ورصدها وبدأت في حصرها منذ نحو شهر.

ويكشف المدير التنفيذي للهيئة ماجد العاروري للجزيرة نت، عن 100 قرار قضائي لم ينفذ خلال شهر، موضحا أن أغلبها أوامر أو قرارات إفراج عن موقوفين صدرت عن محاكم الصلح أو المحكمة الإدارية.

وإضافة إلى قرارات الإفراج، أشار إلى قرارات غير منفذة صادرة عن هيئات مدنية أو ترتبط بهيئات مدنية ووزارات ومؤسسات عامة كإعادة موظف إلى العمل أو دفع تعويضات مالية، وبعضهم كانوا مدرسين.

ورغم حدوث اختراق جزئي في بعض الملفات المدنية، أكد وجود مجموعة من الأحكام المتعلقة بوزارات ومؤسسات مدنية أخرى لم تنفذ.

أما مسؤولية عدم تنفيذ القرارات القضائية، فقال إنها تقع "مبدئيا" على عاتق النيابة العامة كون عدم تنفيذ أي حكم قضائي جريمة جنائية، ومن مسؤولية النيابة العامة أن تباشر التحقيق في أي نوع من الجرائم الجنائية، موضحا أن قانون السلطة القضائية ينص على إعفاء وعزل أي موظف من وظيفته العمومية ومحاسبته، إذا عطّل أو أعاق تنفيذ قرار قضائي.

وإضافة إلى النيابة العامة، تحدث العاروري عن مسؤولية وزارة الداخلية التي تخضع لها مراكز الاحتجاز، كون الأشخاص الذين لم يفرج عنهم يوجدون في مراكز احتجاز تخضع لإشراف وزير الداخلية، مشيرا إلى مخاطبة الوزير في عدة حالات ومطالبته بتحمل الداخلية مسؤوليتها بأن لا يبقى أي شخص موقوفا في أي مركز احتجاز بشكل غير قانوني.

مصدر الصورة ماجد العاروري: خاطبنا رئيس الوزراء بشأن 73 قرارا قضائيا لم تنفذ (الجزيرة)

تحرك حقوقي

وضمن تحركاتهم لمحاربة الظاهرة، قال العاروري، إن هيئة استقلال خاطبت رئيس مجلس القضاء الأعلى وطالبته بأن يقوم رؤساء المحاكم بزيارات لمراكز الاحتجاز للتأكد من عدم وجود أي شخص محتجر بشكل غير قانوني.

وأكد مخاطبة رئيس الوزراء محمد مصطفى منذ أيام بشأن 73 قرارا ومطالبته بالعمل على تنفيذها مع تزويده بكافة القرارات وأسماء المحاكم ورقم الدعاوى والأشخاص المتضررين من عدم التنفيذ، وأن يطرح الأمر على مجلس الوزراء وأن تكون إحدى أولوياته.

وأشار إلى التواصل "يوميا -تقريبا- ومنذ شهر مع كل الأطراف للضغط من أجل تنفيذ قرارات المحاكم غير المنفذة، لأنه لا يمكننا الحديث عن هيبة للمحاكم دون تنفيذ قراراتها".

إعلان

وحمّل القضاء العسكري أيضا "مسؤولية كبيرة" تجاه الأشخاص الذين يقومون بالاحتجاز خارج نطاق القانون "لأن هذا جريمة".

كما حمل القضاء مسؤولية ما يسمى "سياسة الباب الدوار" والتي تعني إعادة اعتقال أشخاص بملفات جديدة بعد صدور قرارات الإفراج عنهم "نعتقد أن هناك مسؤولية كبيرة جدا على القضاء أن يدافع ويضغط باتجاه أن تحترم قراراته".

ردود محدودة

وعبّر العاروري عن قلقه من تحول عدم تنفيذ قرارات المحاكم إلى "ظاهرة ممنهجة"، مشيرا إلى تعديل قانوني عام 2018 شطبت بموجبه مادة كانت تعتبر عدم تنفيذ قرارات المحكمة "جريمة فساد".

عن تبرير الجهات الرسمية أو ردودها على مراسلات الهيئة، يقول العاروري "في حالات محدودة تم الرد بالتنفيذ، وفي حالات أخرى هناك محاولات للتهرب بادعاء عدم المسؤولية".

وعن نفس الموضوع، كانت الهيئة الأهلية لاستقلال القضاء وسيادة القانون قد عقدت جلسة نقاشية بعنوان "امتناع السلطات الرسمية عن تنفيذ قرارات المحاكم" في منتصف أكتوبر/تشرين الأول الماضي بحضور ممثلي المؤسسات القضائية والأمنية والحقوقية، بما فيها نقابة المحامين والهيئة المستقلة لحقوق الإنسان والمحكمة الشرعية وجهاز المخابرات العامة والشرطة الفلسطينية والقضاء العسكري وممثلي المجتمع المدني.

خلال الورشة التي عقدت بمدينة الخليل ، جنوبي الضفة، أكد ممثل القضاء العسكري، عيسى عمرو، أن "أي توقيف يخالف قرارات الإفراج يُعد جريمة تستوجب الملاحقة".

بينما قال المستشار القانوني في جهاز المخابرات إبراهيم الريان، إن الجهاز يعمل بإشراف النيابة العامة، ويتابع الحالات المنظورة لدى المحاكم، مشيرا إلى التزام الجهاز "بتنفيذ القرارات القضائية فور استكمال الإجراءات النظامية".

وتواصلت الجزيرة نت، بعدد من الجهات الرسمية، بما فيها مكتب رئس الوزراء ومجلس القضاء الأعلى، للحصول على رد عن دواعي عدم تنفيذ القرارات والمخاوف من تحولها إلى ظاهرة ممنهجة، دون أن تحصل على رد.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا