أثار توقيع الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمرا تنفيذيا يوجه بمباشرة إجراءات تصنيف بعض من فروع جماعة الإخوان "منظمات إرهابية أجنبية"، موجة من التساؤلات حول ما إذا كان هذا التحرك يمهد لمرحلة أكثر صرامة في التعامل الدولي مع التنظيم، ويفتح الباب أمام توجه أوروبي مماثل، في ظل تزايد المخاوف من نفوذ التنظيم الإرهابي داخل القارة العجوز.
في السنوات الأخيرة، مضت دول أوروبية في اتخاذ خطوات فعلية لمواجهة ما تراه "تهديدا إخوانيا"، فالنمسا، على سبيل المثال، أدرجت الجماعة رسميا ضمن لوائح مكافحة الإرهاب عام 2021، حيث يمنع القانون الترويج لأفكارها أو دعم أنشطتها، مع فرض عقوبات على المخالفين.
فرنسا من جانبها أقرّت حزمة جديدة من الإجراءات الهادفة إلى تشديد القيود على عناصر ومؤسسات الإخوان.
وفي المقابل، لم يتبن الاتحاد الأوروبي ككل أي تصنيف مماثل، رغم أن البرلمان الأوروبي ناقش هذا الملف في أسئلة مكتوبة، ما يعكس وجود تباين أو غياب توافق أوروبي شامل بشأن الجماعة.
ومن الناحية الشعبية، فهناك حراك متصاعد من المدنيين الأوروبيين، إذ شهدت العواصم بروكسل وبرلين خلال الأيام الماضية احتجاجات طالبت بتصنيف الإخوان كمنظمة إرهابية، معتبرة أن وجودهم في أوروبا ليس فقط تهديدا أمنيا، بل استهدافا للتماسك المجتمعي.
ويعتقد خبراء ومحللون في حديثهم لموقع "سكاي نيوز عربية" أن قرار ترامب قد يشكل مؤشرا لمرحلة جديدة من المواقف الغربية تجاه الجماعة، لكن ليس بالضرورة أن يقود أوروبا بشكل تلقائي إلى تبني تصنيف مماثل، موضحين أن التحركات الأوروبية الحالية، مثل مراقبة الجمعيات والأنشطة المرتبطة بالجماعة، تمثل خطوات احترازية وتعكس تصاعد القلق من نفوذ الإخوان داخل القارة، ما قد يمهد لتبني مقاربة أمنية أكثر شمولا تجاه التنظيم.
تأييد الإخوان في أدنى مستوياته
قال المحاضر بجامعة "جورج ميسون" والذي عمل سابقا ضمن فريق موظفي التخطيط السياسي بالخارجية الأميركية، بيتر ماندافيل، إنه "رغم وجود مجموعات سياسية في عدة دول أوروبية وكذلك داخل البرلمان الأوروبي تطالب بحظر جماعة الإخوان، فإن أيا من الدول الأوروبية لم يُدرج الجماعة حتى الآن كمنظمة إرهابية".
وأشار ماندافيل في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية"، إلى أن "المملكة المتحدة كانت قد أجرت قبل عشر سنوات مراجعة رسمية شاملة للجماعة، وخلصت إلى أن عضوية الإخوان قد تقود في بعض الأحيان إلى الانخراط لاحقا في التطرف"، معتبرا أن "المسعى الراهن لإدارة ترامب يستهدف بالأساس عددا من المنظمات الأميركية التي تشير الإدارة أن لها صلات بالجماعة".
وأضاف: "لم تعد جماعة الإخوان بصورة حقيقية في الولايات المتحدة، ويبدو أن التأييد للتنظيم في أدنى مستوياته على الإطلاق"، موضحا أن "بعض الأفراد في الولايات المتحدة قدّموا دعما ماليا أو غيره لحركة حماس، لكن هؤلاء خضعوا للمساءلة بموجب القوانين الجنائية القائمة وتشريعات مكافحة تمويل الإرهاب".
حراك منتظر
اعتبر مدير مركز بروكسل الدولي للبحوث، رمضان أبو جزر، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "التصنيف الأميركي المنتظر سوف يشجع دولا أوروبية عديدة لاتخاذ إجراءات مشابهة، وبذلك يزداد التنسيق الأمني والتبادل المعلوماتي بين هذه الدول مما يصعب مهام استمرار هذا التنظيم بنشاطه التخريبي والإرهابي كما كان".
وبيّن أبو جزر أن "جماعة الإخوان استغلت هامش الحرية الواسع في الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي للتغلغل داخل المؤسسات الإعلامية والسياسية، واستغلال هذا النفوذ للتحريض، لكن هذا الهامش بدأ يتقلص اليوم بشكل ملحوظ، بعد توجه دول أوروبية كبرى مثل فرنسا للتضييق على شبكاتهم، فضلا عن التوجه الأميركي الأخير، مما يؤكد أن المواجهة الشاملة قد اقتربت".
وأكد أبو جزر أن "الإخوان شكلوا شبكات مالية ونفوذا اقتصاديا وتجاريا في الولايات المتحدة"، لكنه شدد على أن التصنيف الأميركي سيقلص بشكل كبير هامش حرية تحرك الجماعة، ويضعف قدرتها على تهديد استقرار الدول.
المصدر:
سكاي نيوز