سلط الكاتب فابيو لوغانو في تقرير له نشره موقع "شيناري إيكونوميشي" الإيطالي الضوء على التعزيزات العسكرية الأميركية غير المسبوقة قرب سواحل فنزويلا ، متسائلا. ما إذا كان ذلك تمهيدا لغزو بري شامل أم مجرد حصار بحري استعدادا لعمليات محدودة لإطاحة نظام نيكولاس مادورو ؟
واعتبر الكاتب أن هذا الانتشار العسكري الواسع لا يبدو مجرد مناورة لـ"مكافحة تهريب المخدرات"، بل حصارا بحريا كامل الأركان، مع قوة نارية لم يُرَ مثلها منذ غزو بنما .
وينقل الكاتب عن موقعي "نافال نيوز" و"آرمي ريكوغنيشن" المتخصصين في الشؤون العسكرية، أن إدارة الرئيس دونالد ترامب نشرت 25% من السفن الحربية التابعة للبحرية الأميركية في البحر الكاريبي ، وفي قلب هذا الأسطول حاملة الطائرات " يو إس إس جيرالد فورد ".
ويقول الكاتب إن "يو إس إس جيرالد فورد" ليست مجرد حاملة طائرات، بل هي الأفضل في فئتها وجوهرة التكنولوجيا العسكرية الأميركية، وهي مزوّدة بنظام إطلاق كهرومغناطيسي يوفّر معدّل طلعات جوية يفوق بكثير ما كانت توفره حاملات الطائرات من فئة نيميتز .
وإلى جانب "يو إس إس جيرالد فورد"، نشرت الولايات المتحدة طرّادات من فئة تايكونديروغا، ومدمّرات من فئة آرلي بيرك، وهو ما يعني -وفقا للكاتب- قبة جوية وصاروخية لا يمكن اختراقها.
ويضيف أن الحشد يشمل أيضا غواصتين هجوميتين تعملان بالطاقة النووية، وتحملان صواريخ توماهوك مثالية لضرب مراكز القيادة والسيطرة من دون أي إنذار مسبق.
ويرى الكاتب أن الإشارة الأوضح على أنّ الأمر يتجاوز بكثير مجرد تعقّب زوارق تهريب المخدرات، هو وجود سفينة الإنزال "يو إس إس إيو جيما"، وعلى متنها 2000 جندي من وحدة مشاة البحرية الاستكشافية الثانية والعشرين، وهي قوات اقتحام برمائية مُجهّزة للهجوم على الشواطئ والبنى التحتية الساحلية والسيطرة عليها.
يتابع الكاتب، إن البنتاغون أعاد فتح دفاتر الحرب الباردة ، بإعادة تشغيل قاعدة روزفلت رودز البحرية في بورتو ريكو ، والتي كانت مغلقة منذ سنوات، حيث نُشرت فيها مقاتلات إف-35 لايتنينغ 2.
وحسب الكاتب، فإن الميزة التكتيكية من وجود مقاتلات إف-35 على أرض بورتو ريكو، مع قاذفات بي-52 الموضوعة في حالة تأهّب في لويزيانا، هو أنّ الولايات المتحدة تستطيع ضرب أي نقطة في فنزويلا دون الحاجة حتى إلى إقلاع أي طائرة من حاملة الطائرات "جيرالد فورد".
ويؤكد الكاتب أن ذلك يعني فرض حصار كامل على كراكاس بحرا وجوا، كما يؤشر إلى أن البنتاغون يستعد لعمليات مطوّلة، وليس لهجوم خاطف يستمر بضعة أيام.
البنتاغون يستعد لعمليات مطوّلة، وليس لهجوم خاطف يستمر بضعة أيام.
وذكر الكاتب أن الجانب الأكثر إثارة للاهتمام على الصعيدين السياسي والقانوني، هو أن وزير الحرب بيت هيغسيث لعب "الورقة الرابحة" من تصنيف "كارتل لوس سولوس" ( كارتل الشمس ) كـ "منظمة إرهابية أجنبية".
يعني ذلك أن الولايات المتحدة تعتبر رسميا أنّ كارتل الشمس جزء من القوات المسلحة الفنزويلية، وتُديره الدائرة المقرّبة من مادورو، وعليه فهي تتعامل مع رموز النظام الفنزويلي كـ "إرهابيين" وليسوا مجرد "مجرمين".
يتيح ذلك -وفقا للكاتب- تفعيل قوانين مكافحة الإرهاب التي أُقِرّت بعد 11 سبتمبر/أيلول ، وبالتالي إمكانية استهداف "البنى التحتية الداعمة للإرهاب" -أي القواعد العسكرية الفنزويلية- دون الحاجة إلى طلب الإذن بتنفيذ اعتقالات وفق القانون الأميركي.
واعترف هيغسيث، أن هذه الخطوة "تفتح عددا كبيرا من الخيارات الجديدة"، وقد صدر إشعار ملاحي يطلب من كل من يعتزم التحليق فوق فنزويلا أن يُبلّغ مسبقا قبل يومين عن خطّ الطيران الذي ينوي اتباعه، في إشارة واضحة إلى أن شيئا ما يجري التحضير له، حسب الكاتب.
وأكد الكاتب أن المراقبين في مفترق طرق حاليا ولا يستطيعون الجزم بالخطوة الأميركية القادمة. فالعمليات الحالية قد تكون مجرد استعراض ضخم للقوة على أمل أن ينهار نظام مادورو تحت وطأة الضغط النفسي والاقتصادي والحصار البحري.
لكن انتشار مشاة البحرية وصواريخ توماهوك، إلى جانب تصنيف "كارتل" الشمس كمنظمة إرهابية أجنبية، كلها مؤشرات على أنّ واشنطن مستعدة للانتقال إلى العملية العسكرية المباشرة إذا ارتكبت كراكاس أي خطوة خاطئة.
ويرى الكاتب أن موازين القوة بين الولايات المتحدة وفنزويلا غير متكافئة بتاتا، مضيفا أن أول مقاتلة تنطلق من حاملة الطائرات جيرالد فورد في مهمة قتالية، ستؤثر فورا على الأسواق العالمية -وخاصة أسعار النفط- لأنها تعني إشارة مباشرة على قرب اندلاع مواجهة عسكرية شاملة.
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة