في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
بغداد- شهد الشريط الحدودي الفاصل بين العراق وسوريا، والذي يمتد لمسافة 618 كيلومترا، تطورات لافتة مع إعلان قيادة قوات الحدود العراقية في 16 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي عن استمرارها في مشروع تعزيز السيطرة على هذا القاطع الحيوي عبر نصب جدار خرساني في منطقة طريفاوي شمال القائم.
وأكد الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية العراقية العقيد عباس البهادلي، أن الحدود المشتركة مع سوريا مؤمّنة بالكامل عبر منظومة تحصينات وإجراءات احترازية وصفت بأنها "الأفضل على الإطلاق"، مشددا على أن "حدود اليوم ليست حدود عام 2003، بفضل الجهود المكثفة المبذولة خلال السنوات الثلاث الماضية".
وكشف خلال حديثه للجزيرة نت عن إنجاز ما يقارب 400 كيلومتر من الجدار الخرساني (الصبّات الكونكريتية)، مشيرا إلى أن العمل جارٍ "بوتيرة متصاعدة" لاستكمال ما تبقى من هذا المشروع الحيوي، لضمان السيطرة الكاملة على الشريط الحدودي.
وأوضح البهادلي أن التحصينات لا تقتصر على الجدار الخرساني فحسب، بل هي منظومة متكاملة تشمل تدابير هندسية ولوجستية وتقنية متطورة على طول الحدود العراقية السورية، وشملت هذه المنظومة:
كما أشار الناطق الرسمي إلى تطبيق خطة دفاعية متعددة الطبقات تتضمن 3 خطوط صد على طول الحدود السورية، وهي:
وأضاف أن هناك 3 أفواج من ناقلات الآليات، و3 أفواج من المغاوير، متوفرة كقوات احتياط جاهزة للتدخل السريع على الحدود، مؤكدا أن هذه الإجراءات "احترازية ومن حق أي دولة معنية بضبط الحدود أن تعمل بها".
أكدت قيادة قوات الحدود العراقية أن مشروع "الجدار الكونكريتي" على الحدود مع سوريا هو "مشروع إستراتيجي وضرورة أمنية طويلة الأمد، تهدف إلى ضبط أمن الحدود وإنهاء التسلل والتهريب بشكل جذري" مشيرة إلى أن العمل به بدأ منذ عام 2022.
وقال منير عباس، من إعلام قيادة قوات الحدود للجزيرة نت، إن الجدار يمثل حلا دوليا معمولا به، وهو جزء لا يتجزأ من منظومة متكاملة من التحصينات الأمنية، وشدد على أن المشروع "لم يكن رد فعل ظرفيا، بل رؤية أمنية استباقية".
وأضاف أن المرحلة الأولى من الجدار بدأت غربي سنجار، ثم توسع العمل ليشمل مقاطع أخرى، حيث ساهم معمل القيادة في إنتاج ونصب أكثر من 120 كيلومترا. وأضاف أن المشروع يشمل قواطع عدة على الشريط الحدودي الذي يبلغ طوله نحو 618 كيلومترا، بدءا من القائم والباغوز، وصولا إلى فيشخابور.
كما أكد تكامل التحصينات الميدانية مع منظومة مراقبة ذكية متطورة تعمل على مدار الساعة، وتنقل صورتها عبر كيبل ضوئي إلى مراكز السيطرة، مع الاستفادة من الطائرات المسيّرة لتعزيز الرصد.
وأشار عباس إلى أن اجتماع منظومتي التحصين والمراقبة أدى إلى استقرار ملحوظ في الحدود العراقية السورية، مؤكدا استمرار العمل لاستكمال المقاطع الرئيسية ذات الأهمية القصوى قريبا.
أكد الخبير في الشأن الأمني، فاضل أبو رغيف، أن الجدار العازل على الحدود العراقية السورية "ليس وليد اللحظة، إنما هو نتاج تراكمات وجهود بُذلت لسنوات طوال".
وقال أبو رغيف للجزيرة نت إن الشروع ببناء هذا الجدار بدأ قبل سنوات. وبين أن طول الجدار يناهز أكثر من 615 كيلومترا على طول الحدود، ويمتد إلى ما بعد مناطق غرب نينوى بـ125 كيلومترا، نظرا لكون تلك المنطقة "ساخنة وشهدت أعمالا إرهابية وقيام تنظيم الدولة ".
وأضاف أن الجدار يوفر "منعا ماديا" إضافة إلى المنع الاستخباري، ويتكون من سياج خرساني بارتفاع يتجاوز 3.6 أمتار تعلوه أسلاك شائكة، يليه خندق وسد ترابي بعمق 3 أمتار، فضلا عن كاميرات حرارية ليزرية ونقاط مرابطة لقوات الحدود.
وأكد أبو رغيف أن الهدف من هذا النظام الأمني المتكامل هو "ضمان عدم تسلل بقايا التنظيم، ودرء الجماعات الإرهابية، ومنع جماعات الجريمة المنظمة المتعلقة بالمخدرات وما شابه ذلك.
كما أشار الباحث في الشأن السياسي، أحمد المياحي، إلى أن الحكومة العراقية تمارس "نوعا من التحوّط الإستراتيجي"، حيث تعمل على تحصين جبهتها الغربية عسكريا لمواجهة أي تهديد محتمل أو تسلل، في حين تسعى للحفاظ على خطاب دبلوماسي متزن تجاه دمشق يؤكد الحرص على علاقات جوار مستقرة.
وقال المياحي للجزيرة نت إن هذا التوازن يعكس إدراك بغداد لحساسية الوضع الإقليمي، مؤكدا أنه "لا يمكن فصل الأمن عن السياسة".
وأكد أن الخشية من تمدد التنظيمات المتطرفة إلى الأراضي العراقية، والتحسب لموجات نزوح جماعي قد تُستخدم غطاء للاختراق الأمني، بالإضافة إلى تغيير التوازنات الإقليمية، كلها عوامل تدفع بغداد لتبني سياسة أمنية أكثر تشددا وتحوّطا.
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة
مصدر الصورة
مصدر الصورة