آخر الأخبار

تلقيح السحب: هل تَعِد التقنية بحلّ للتغير المناخي أم تُثير تحديات جديدة؟

شارك
مصدر الصورة

أطلقتْ السلطات في إيران عمليات استمطار للسُحب، في محاولة للتعامل مع أسوأ موجة جفاف تضرب البلاد منذ عقود.

وأفادت وكالة إرنا الرسمية للأنباء بأن عملية "تلقيحٍ للسُحب" جرتْ فوق حوض بحيرة أروميه، التي تُعدّ أكبر خزّان دائم للمياه في إيران، والتي تقع في شمال غربي البلاد.

وأظهرت مقاطع فيديو متداوَلة عبر نوافذ الإعلام الرسمية في إيران أمطاراً غزيرة، بلغتْ أحياناً حدّ الفيضان بعدد من المناطق، لا سيما في عيلام وكرمانشاه وكردستان ولورستان غربي البلاد، بالإضافة إلى ولاية أذربيجان الغربية الواقعة في الشمال الغربي من إيران.

فما هو الاستمطار أو "تلقيح السُحب" أو "استزراع السُحب" كما يُسمّي البعض نفس العملية؟

تتضمن هذه العملية "رَشّ أو بَذْر أو حَقْن" السُحب في منطقة ما بمُركّبات كيميائية مُعينة مثل يوديد الفضة أو يوديد البوتاسيوم أو ثاني أكسيد الكربون المُجمَّد أو ما يُعرف بـ"الثلج الجاف" - وذلك باستخدام طائرات تمُرّ فوق السُحب أو بإطلاق صواريخ من الأرض مُحمّلة بتلك المُركّبات إلى السُحب المستهدفة.

هذه المُركّبات تعمل بدورِها على تحفيز السُحب، عبر تكثيف ما بها من جُزيئات المطر وتحويل القطرات بداخلها إلى بلّورات ثقيلة لتتساقط بفِعل الجاذبية على مناطق معيّنة من الأرض.

ويتضّح من التسمية أن عملية التلقيح لا توجِد السُحب ولا تساعد في تكوينها؛ وإنما هي فقط تُحفّزها على المطر.

وبحسب باحثين، فإن عمليات الاستمطار تُجرى عادة خلال الأشهر الممتدة من نوفمبر/تشرين الثاني وحتى مايو/أيار من العام، وفي ظل نشاط العواصف؛ نظراً لما تتطلبه عمليات الاستمطار من وجود سُحب ممتلئة بالرطوبة أو تحمِل كميات كبيرة من بخار الماء.

مصدر الصورة

"ليست ترفاً"

وفي ظل تداعيات التغيُّر المناخي والاحتباس الحراري وتكرار موجات الجفاف، لم تعُد عمليات الاستمطار تَرفاً، لا سيما مع الشُحّ المائي الذي يعاني ويلاته حوالي 2.3 مليار شخص حول العالم، وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة، ما دفع الكثير من الحكومات إلى تطبيق هذه التقنية بحثاً عن مصادر جديدة للمياه.

وبحسب المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، فإنّ هذه العملية تزيد هطول المطر بنسبة تصل إلى 20 في المئة.

وتُستخدم عمليات تلقيح السُحب حول العالم كوسيلة لتنويع موارد المياه وتخزينها بهدف استفادة المناطق المحيطة، كما تساعد هذه العمليات في زيادة المساحات الخضراء ومكافحة التصحّر.

وتجدُر الإشارة إلى أن هذه التقنية ذاتها قد تُستخدَم لمنع هطول الأمطار الغزيرة فوق بعض المناطق، لأهداف من بينها الحيلولة دون تلف محاصيل زراعية بتلك المناطق على سبيل المثال.

ورغم ارتفاع التكلفة المادية لعمليات الاستمطار، إلا أنها تظلّ أقلّ تكلفة مقارنة بعمليات تحلية المياه، كما أثبتت الدراسات العلمية.

"ليست حديثة العهد"

مصدر الصورة

وليست عمليات الاستمطار حديثة العهد، بل هي تعود إلى أربعينيات القرن الماضي، وتحديداً في أستراليا، حيث أجريت أول تجربة ناجحة لتلقيح السُحب، قبل أن تتطور التقنيات الخاصة بهذه العمليات وتتوسّع في استخدامها دول عديدة حول العالم.

وبحسب المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، هناك نحو 60 دولة في خَمس قارات حول العالم تستخدم عمليات الاستمطار وتلقيح السُحب، وتمتلك الصين أكبر برنامج لهذا الغرض في العالم.

وفي منطقة الشرق الأوسط، تعدّ الإمارات العربية المتحدة والسعودية وعُمان وإيران والمغرب والأردن وإسرائيل من أكثر دول المنطقة تطبيقاً لعمليات الاستمطار.

ودشّنت دولة الإمارات برنامجاً خاصاً ببحوث الاستمطار، بحثاً عن أفكار مبتكرة لتعزيز الأمن المائي في المناطق الجافة وشبه الجافة.

وفي عام 1990، بدأت عمليات الاستمطار في الإمارات التي تلبّي احتياجاتها المائية من تحلية مياه البحر والمياه الجوفية، لتبقى قضية أمن المياه من بين أبرز التحديات المستقبلية في الإمارات.

"أدنى مستويات منذ 100 عام"

وفي العام الماضي، أعلنتْ إيران أنها قامت بتطوير تقنيتها الخاصة على صعيد تلقيح السُحب.

وتُعدّ إيران من البلدان التي يغلب عليها طابع الجفاف، وقد زاد التغيّر المناخي من قسوة هذا الطابع خلال السنوات الماضية.

مصدر الصورة

وأفادت منظمة الأرصاد الجوية الإيرانية، بأن معدلات هطول الأمطار تراجعت خلال العام الجاري بنسبة تناهز 89 في المئة مقارنة بالمعدلات منذ مدى طويل.

وفي العاصمة طهران، سجلتْ هذه المعدلات أدنى مستويات لها على الإطلاق منذ 100 عام، وفقاً لمسؤولين، كما هبطت نسب المياه في الخزانات التي تغذّي عدداً من محافظات البلاد إلى مستويات قياسية.

وأفادت وكالة مِهر الإيرانية للأنباء بأن خزانات 19 من السدود الرئيسية في البلاد قد نضبتْ بالفعل مياهها.

وكان المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي قد حذّر من أزمة مياه منذ عام 2011، قبل أن يشهد الوضع مزيداً من التدهور.

وعزا خبراء ومسؤولون هذه الأزمة إلى طول أمد الجفاف، وإلى التغيّر المناخي، وسوء إدارة موارد المياه، وإلى حفر الآبار بشكل غير قانوني، فضلاً عن الممارسات الزراعية التي تستهلك الموارد المائية بشكل غير فعّال.

مصدر الصورة

"حل مؤقت"

ورغم أهمية تقنية تلقيح السحب، إلا أنها تبقى حلاً مؤقتاً، علاوة على أن كمية الأمطار التي تنتجها لا تقترب في كثير من الأحوال من الكمية المطلوبة لحلّ أزمة المياه القائمة، كما هي الحال في إيران حالياً - بحسب ما قالت سحر تاج بخش، رئيسة منظمة الأرصاد الجوية الإيرانية.

وفي الإمارات، تقوم السلطات بالفعل باستخدام المسيرات لرشّ الملح بين السحب دعماً لسقوط الأمطار، لكن رغم ذلك لا يتعدى معدل سقوط الأمطار السنوي في البلاد 100 ملليمتر مكعب.

وثمة مخاوف وتحذيرات يُطلقها خبراء المنظمة العالمية للأرصاد الجوية بشأن سُميّة المواد الكيماوية المستخدمة في عملية تلقيح السُحب وارتفاع نسبة هذه المواد في الهواء، وتأثير ذلك على صحة الإنسان والحيوان نتيجة اختلاط آثار مُركّبات التلقيح بمياه الأمطار وتسرّبها للمحاصيل الزراعية أو لمياه الشُرب.

وهناك أيضاً مخاوف تتعلق بعدم القدرة على التحكّم في كمية الأمطار التي قد تهطل نتيجة عمليات تلقيح السُحب، وما قد يتسبب فيه ذلك من فيضانات أو سيول جارفة.

وإلى ذلك، وفي ظل تفاقُم مشكلة المياه، هناك مخاوف من سرقة أمطار السُحب من قِبل بعض الدول قبل دخولها المجال الجوي لدول أخرى.

لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي
بي بي سي المصدر: بي بي سي
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا