حوالي 85٪ من اللاجئين في العالم هم من المسلمين، ومع ذلك لا يطلبون اللجوء في الدول الإسلامية الـ56، بل يتجهون فقط نحو الدول الغربية.
لكن لماذا؟ https://t.co/93vUfdS878— 🇫🇷ن ن ن🇱🇧 (@Georges96236410) August 6, 2025
انتشرت في الآونة الأخيرة منشورات على منصات التواصل الاجتماعي تزعم أن 85% من لاجئي العالم مسلمون، في إحصائية وصفت بأنها "صادمة" وأثارت تفاعلا وجدلا واسعا بين المستخدمين.
اللافت أن هذا الادعاء لم يقتصر على دولة أو لغة بعينها، بل انتشر على نطاق عالمي عبر حسابات محسوبة على اليمين المتطرف في أوروبا وأخرى إسرائيلية، وتنوّعت لغاته بين العربية والإنجليزية والألمانية.
كما ترافق الادعاء مع سؤال يعاد تداوله بالصيغة نفسها "لماذا لا يطلب هؤلاء اللجوء في 56 دولة إسلامية؟ ولماذا يختارون الدول غير المسلمة فقط؟".
في نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، رصد فريق "الجزيرة تحقق" انتشار هذا الادعاء مصحوبا بصور ذات دلالات دينية إسلامية لا علاقة لها بالأرقام، مثل لقطات لنساء منقبات أو مشاهد للكعبة المشرفة، توظف لإثارة الخوف لدى الغرب، وتقدم دليلا بصريا على أن "اللاجئين مسلمون متشددون" وأن "الإسلام يتمدد في أوروبا".
Approximately 85% of the world’s refugees are Muslims.
The don’t seek asylum in the 56 Muslim countries.
They only seek asylum in non- Muslims countries, but Why? pic.twitter.com/T1I0wlDr0E
— 🦅 Eagle Wings 🦅 (@CRRJA5) November 12, 2025
ومن خلال تتبع مصادر النشر، تبيّن أن المنشورات نفسها يعاد تدويرها دوريا عبر حسابات يمينية متشددة على منصة " إكس " دون أي دليل أو مرجع إحصائي موثوق، مما يشير إلى حملة رقمية منظمة لإعادة تدوير المحتوى وتغذية الخطاب المعادي للإسلام واللاجئين.
كما أعاد ناشطون مشاركة الادعاء نفسه في منشورات ومقاطع فيديو على منصات ومواقع مختلفة مثل " تيك توك " و" فيسبوك "، وحظيت بانتشار واسع.
ولم تكن الحسابات الإسرائيلية في معزل عن الموجة، إذ حقق الادعاء ذاته حوالي 2.5 مليون مشاهدة على حساب "Dr. Maalouf " المعروف بترويجه لأفكار اليمين المتطرف والسردية الإسرائيلية.
Any ideas why?! pic.twitter.com/QBgdtRhD1I
— Dr. Maalouf (@realMaalouf) September 6, 2025
ونشرت حسابات أخرى تغريدة باللغة الألمانية حملت عنوانا هجوميا، واستدلت بخريطة تظهر أعداد اللاجئين السوريين في المنطقة، مع الإشارة إلى أن السعودية و قطر والكويت والإمارات والبحرين استقبلت "صفرا" منهم، وهي صياغة تستخدم لتغذية الخطاب الذي يبرر رفض استقبال اللاجئين المسلمين بالقول إنه "حتى الدول الإسلامية لا تريدهم".
DIE HEUCHLER❗️
Die Solidarität der reichen muslimischen Staaten mit ihren Glaubensbrüdern beschränkt sich auf Lippenbekenntnisse und Schaufenster-Gesten.
Aufgenommene muslimische Flüchtlinge:
🇸🇦 Saudi-Arabien: 0
🇰🇼 Kuwait: 0
🇶🇦 Katar: 0
🇦🇪 VAE: 0
🇧🇭 Bahrein: 0 pic.twitter.com/mpZNEnumU7— Georg Pazderski (@Georg_Pazderski) September 26, 2025
وعند التحقق، تبيّن أن المنظمات الدولية المختصة، وعلى رأسها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين "يو إن إتش سي آر" (UNHCR)، لا تُفصل بيانات اللاجئين بحسب الديانة، بل تدرجها وفق معايير أخرى مثل بلد المنشأ وبلد اللجوء والفئة العمرية والجنس والوضع القانوني، مما يثير شكوكا حول مصدر هذه الأرقام.
وتكذب الأرقام الحقيقية هذه المزاعم، إذ تشير بيانات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى أن خمس دول فقط تستضيف أكثر من ثلث اللاجئين في العالم، وهي: كولومبيا (2.8 مليون لاجئ)، وألمانيا (2.7 مليون)، وتركيا (2.7 مليون)، و إيران (2.5 مليون)، و أوغندا (1.9 مليون).
وتعد تركيا وإيران دولتين ذات أغلبية مسلمة، و عضوين في منظمة التعاون الإسلامي ، كما يقدّر عدد المسلمين في أوغندا بنحو 35% من السكان، مما يعني أن جزءا كبيرا من أعباء اللجوء العالمي تتحمله بالفعل دول ذات أغلبية مسلمة أو حضور مسلم قوي، خلافا للسرديات التي تزعم أن "العالم الإسلامي لا يستقبل اللاجئين".
ووفقا لبيانات المفوضية، فإن نحو 67% من اللاجئين حول العالم ينحدرون من خمس دول فقط: فنزويلا (6.5 ملايين لاجئ) وسوريا (5.5 ملايين) وأوكرانيا (5.3 ملايين) و أفغانستان (4.8 ملايين) و السودان (2.5 مليون).
ويُظهر هذا التوزيع أن موجات اللجوء الكبرى لا تقتصر على دول ذات أغلبية مسلمة، إذ تشكل فنزويلا وأوكرانيا -وهما دولتان غير مسلمتين- العدد الأكبر من اللاجئين المسجلين عالميا، متجاوزتين معا مجموع اللاجئين من سوريا وأفغانستان و السودان ، رغم أن التصنيف لا يقسم حسب الديانة، كما أن أسباب اللجوء متنوعة، فقد تكون اقتصادية أو سياسية أو أمنية.
ويشير تقرير مركز بيو للأبحاث إلى أن عدد المهاجرين المسلمين حول العالم يقدّر بحوالي 80 مليون شخص، أي ما يعادل 29% من إجمالي عدد السكان المقيمين خارج بلدانهم الأصلية حتى عام 2020.
ويظهر التقرير الصادر في أغسطس/آب 2024 أن حركة المسلمين عبر الحدود لا تتركز في اتجاه الغرب كما يُروج في الحملات الرقمية، بل تبقى في الغالب داخل المناطق الإسلامية أو المجاورة لها، إذ استشهد بلجوء ملايين السوريين إلى تركيا و لبنان ، وانتقال الأفغان إلى إيران و باكستان ، وجميعها ذات غالبية أو حضور مسلم قوي.
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة
مصدر الصورة
مصدر الصورة