في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
اتهم وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو قوات الدعم السريع بالتورط في ارتكاب فظائع بحق المدنيين وحمّلها مسؤولية التصعيد الدامي للنزاع في السودان ، ولم يستبعد إدراج قوات الدعم ضمن "قوائم الإرهاب" للمساعدة على حل الأزمة.
وقال روبيو للصحفيين عقب اجتماع وزراء خارجية مجموعة السبع في كندا أمس الأربعاء "ما يحدث هناك أمر مرعب"، وألقى باللوم على قوات الدعم السريع التي تخوض حربا مع الجيش منذ أبريل/نيسان 2023 وسيطرت أخيرا على مدينة الفاشر الرئيسية غربي البلاد.
وأضاف "قوات الدعم السريع وافقت على هدنة إنسانية لا تنوي الالتزام بها وبخصوص الانتهاكات فهي ممنهجة وليست من عناصر منفلتة.. أعتقد أنه يجب القيام بشيء ما لقطع إمدادات الأسلحة والدعم الذي تتلقاه مع تواصل تحقيقها تقدما".
وتابع "المنظمات الإنسانية تقول لنا إن مستوى سوء التغذية والمعاناة التي يعاني منها الفارون غير مسبوق.. والأكثر إزعاجا وقلقا أنهم لم يستقبلوا الأعداد المتوقعة من اللاجئين ما يعني أنهم إما قتلوا أو جياع وضعفاء لا يستطيعون الحركة وهذا مروع".
وقال روبيو إن قوات الدعم تعتمد على الأموال والدعم الخارجيين لأنها تفتقر إلى مرافق تصنيع الأسلحة الخاصة بها، مشيرا إلى أنهما يأتيان "من بعض البلدان ونحن نعرف من هي وسنتحدث معها بشأن ذلك ونجعلها تفهم أن ذلك سينعكس بشكل سيئ عليها وعلى العالم إذا لم نتمكن من وقف ما يحدث".
وأضاف "نحن نعرف الأطراف المتورّطة. ولهذا السبب هي جزء من الرباعية إلى جانب دول أخرى. ويمكنني أن أؤكد أنه على أعلى مستويات حكومتنا يتم طرح هذا الملف وممارسة الضغط على الأطراف المعنيّة. لا أرغب في توجيه أصابع الاتهام أو تسمية أي جهة خلال مؤتمر صحفي، لأن ما نريده هو الوصول إلى نتيجة جيدة. يجب أن يتوقّف هذا. فمن الواضح أنهم يتلقّون دعما من الخارج".
وأكد روبيو أن واشنطن تشارك "الكثير من المخاوف التي يعبّر عنها الآخرون بشأن إمكانية تحوّل الوضع في السودان إلى بؤرة لنشاط الجهاديين والإرهابيين".
وردا على سؤال بشأن موقفه من دعم تحرك في مجلس الشيوخ لتصنيف قوات الدعم إما كمنظمة إرهابية أجنبية أو ككيان خاضع للعقوبا، قال روبيو "إذا كان ذلك سيساعد في إنهاء هذه الأزمة، فسندعمه. لم أطلع على ذلك المقترح بعد، أعلم أن بعض أعضاء مجلس الشيوخ ناقشوه معي قبل عدة أشهر، لكن في نهاية المطاف، ما نريده هو إنهاء هذا الوضع. يجب أن يتوقف فورا".
وانتقد الباشا طبيق مستشار قائد قوات الدعم السريع تصريحات وزير الخارجية الأميركي، وقال إنها "غير موفقة وتعرقل جهود الهدنة الإنسانية بالسودان"، وأضاف في منشور على منصة إكس "التصريحات تُقرأ من قبل الطرف الآخر بوصفها انتصارا سياسيا ودبلوماسيا، الأمر الذي يعزز من رفض سلطات بورتسودان لأي هدنة ويدفع نحو الاستمرار في التصعيد العسكري".
من جانبه، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى ضرورة وقف الأعمال القتالية في السودان ووقف تدفق الأسلحة والمقاتلين من الأطراف الخارجية.
وقال غوتيريش "أشعر بقلق بالغ إزاء التقارير الأخيرة عن الفظائع الجماعية والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في الفاشر، وتفاقم العنف في كردفان. يجب وقف تدفق الأسلحة والمقاتلين من الأطراف الخارجية، وتمكين تدفق المساعدات الإنسانية من الوصول بسرعة إلى المدنيين المحتاجين، ووقف الأعمال العدائية".
وأضاف "أدعو القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع إلى التعاون مع مبعوثي الشخصي إلى السودان، رمطان لعمامرة، واتخاذ خطوات سريعة وملموسة نحو تسوية تفاوضية".
من جهة أخرى، حذّرت المديرة العامة للمنظمة الدولية للهجرة إيمي بوب من أن حجم الاحتياج الإنساني في السودان كبير للغاية، وأشارت إلى أن أزمة النزوح الحالية وصلت إلى "نطاق هائل"، مع تزايد التقارير عن العنف المروع ضد المدنيين.
وفي إحاطة صحفية من العاصمة السودانية الخرطوم، للصحفيين في نيويورك أمس الأربعاء، كشفت بوب عن أرقام كبيرة للنزوح، مشددة على أن هدف زيارتها لفت الانتباه إلى الأزمة التي تتزامن مع تراجع غير مسبوق في المساعدات الإنسانية عالميا.
ووصلت بوب إلى السودان الاثنين الماضي في زيارة تستغرق 5 أيام تلتقي فيها عددا من المسؤولين، وتزور كذلك تجمعات لنازحين في مدينة الدبة بالولاية الشمالية، والعاصمة الخرطوم.
وتحدثت بوب عن نزوح 90 ألف من مدينة الفاشر خلال الأسبوعين الماضيين، وفرار نحو 50 ألف شخص إثر الأحداث التي وقعت في إقليم كردفان جنوبي البلاد.
ونقلت المسؤولة الدولية شهادات النازحين الذين يفرون من مناطق القتال، حيث يواجهون مخاطر مروعة على طول الطريق، وقالت "الأشخاص الذين يخرجون من المنطقة يُبلغون عن انتشار واسع للعنف والاعتداءات الجنسية، وإطلاق النار على المدنيين. وتحدثوا عن رؤية جثث القتلى على طول الطريق".
وأكدت أن الهدف من وجودها في البلاد "التأكد من حصول الفئات الأكثر ضعفا، وخاصة النساء والأطفال، على الخدمات التي يحتاجونها".
وأقرت بوجود "تحديات كبيرة"، مشيرة إلى أن الإمكانيات الحالية لا تفي بالاحتياج، ودعت إلى اتخاذ إجراءات فورية وعاجلة لفتح ممرات المساعدات.
من جانبه، قال رئيس المفوضية الأفريقية محمود علي يوسف إن الوضع في السودان "بلغ مستوى خطيرا من الانهيار ومعاناة الشعب لا تحظى باهتمام دولي كاف"، وأكد أن أزمة السودان "تعد من أعنف وأعقد النزاعات في القارة وحجم المأساة يفوق ما يظهر إعلاميا".
بدوره، دعا مستشار الرئيس الأميركي للشؤون الأفريقية مسعد بولس إلى "الموافقة الفورية على الهدنة الإنسانية المقترحة وتنفيذها"، وقال في بيان "لقد بلغت معاناة المدنيين مستويات كارثية، إذ يفتقر ملايين الأشخاص إلى الغذاء والمياه والرعاية الطبية، وكل يوم من استمرار القتال يحصد مزيدا من الأرواح البريئة".
وتتفاقم المعاناة الإنسانية في السودان جراء استمرار الحرب منذ أبريل/نيسان 2023، التي أدت إلى مقتل عشرات الآلاف وتشريد نحو 13 مليون شخص.
وأشار بولس، إلى أنه "تم طرح نص قوي للهدنة على أمل أن يلتزم به الطرفان سريعا، من دون أي مناورة سياسية أو عسكرية تكلّف مزيدا من الأرواح". وشدد على أنه يجب على جميع الأطراف احترام التزاماتها ووقف الأعمال العدائية، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وآمن ومن دون عوائق.
ولم يوضح بولس تفاصيل الهدنة التي تحدث عنها وآلية تنفيذها، غير أن قوات الدعم السريع أعلنت مساء الخميس الماضي موافقتها على "الانضمام إلى الهدنة الإنسانية" التي اقترحتها دول "الرباعية" التي تضم الولايات المتحدة والسعودية ومصر والإمارات.
وفي 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أعلن بولس أن الرباعية بحثت بواشنطن التوصل إلى هدنة إنسانية عاجلة ووقف دائم لإطلاق النار بالسودان، وشكلت لجنة مشتركة للتنسيق بشأن الأولويات العاجلة، وأكد التزام دول الرباعية بالبيان الوزاري الصادر في 12 سبتمبر/أيلول الماضي.
والبيان الوزاري الذي أشار إليه بولس، دعت خلاله الرباعية إلى هدنة إنسانية أولية مدتها 3 أشهر في السودان، لتمكين دخول المساعدات الإنسانية العاجلة إلى جميع المناطق تمهيدا لوقف دائم لإطلاق النار.
يلي ذلك إطلاق عملية انتقالية شاملة وشفافة تُستكمل خلال 9 أشهر، بما يلبي تطلعات الشعب السوداني نحو إقامة حكومة مدنية مستقلة تحظى بقاعدة واسعة من الشرعية والمساءلة.
وأول أمس الثلاثاء، شدد وزير الخارجية السوداني محي الدين سالم على أن حكومة بلاده "ستواصل مساعيها الجادة لإخراج المليشيا (الدعم السريع) والمرتزقة من البلاد"، ولفت إلى أن "الرباعية لم تصدر بقرار من مجلس الأمن أو أي منظمة دولية، وبالتالي لا تتعامل معها الحكومة السودانية بصفة رسمية".
المصدر:
الجزيرة