آخر الأخبار

تفاقم الصراع بين الكنيسة والحكومة إلى أين يقود أرمينيا؟

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

موسكو- لا يزال الصراع في أرمينيا بين حكومة نيكول باشينيان والكنيسة الرسولية الأرمنية يتفاقم، وسط مؤشرات على أن الأزمة قد تخرج عن نطاق السيطرة ما لم يتم التوصل إلى تسوية بين الطرفين.

واندلعت المواجهة بين السلطات الأرمنية والكنيسة بعد تصريحات لاذعة لرئيس الوزراء باشينيان، انتقد فيها كبار رجال الدين، قبل أن يقوم -لاحقا- باقتراح تغيير إجراءات انتخاب كاثوليكوس عموم الأرمن، مُشيرا إلى ضرورة وجود دور للدولة في هذه العملية، بل وعن نيته قيادة حركة لإقالته شخصيا.

وتصاعد الموقف أكثر بعد إعلان الكاهن المفصول آرام أساتريان نيته إقامة قداس في دير هوفانافانك، قابله إعلان الكنيسة الرسولية الأرمنية بأن أساتريان غير مُصرّح له بإقامة القداسات، وأن السلطات بدعمها لأفعاله تسعى إلى بثّ الفتنة داخل الكنيسة.

مواجهة سياسية

ويرى مراقبون أن الأزمة المحيطة بالكنيسة هي جزء من مواجهة سياسية أوسع نطاقا في أرمينيا، حيث تسعى الحكومة، وفقا لبعض هؤلاء، إلى إضعاف نفوذ الكنيسة والقضاء على الشخصيات "الموالية ل روسيا "، وسط تلميحات إلى أن باشينيان قد يحاول حل قضية الكنيسة الأرمنية بالقوة.

وفوق ذلك، ومن جملة أمور أخرى، تتهم الكنيسة الحكومة بالتخلي عن إقليم ناغورني قرة باغ ل أذربيجان والمسؤولية عن فرار جميع السكان الأرمن من هناك، إضافة إلى محاولة إضعاف نفوذ الكنيسة قبل الانتخابات البرلمانية في 2026.

وعلى مدى الأشهر الخمسة الماضية، انتشرت بشكل واسع على الإنترنت تسجيلات ومقاطع فيديو لعمليات تنصُّت سرية ذات مضامين جنسية، شملت في المقام الأول رجال دين وشخصيات معارضة، مما دفع الجهات الرسمية المعنية إلى رفع دعاوى جنائية.

ونتيجة لهذه التسجيلات، أُلقي القبض على رئيس الأساقفة ، زعيم حركة المعارضة "الكفاح المقدس"، باغرات غالستانيان، ورئيس الأساقفة ميكائيل أجاباهيان، رئيس أبرشية شيراك التابعة للكنيسة الرسولية الأرمنية.

إعلان

كما شملت عمليات التنصُّت رئيس الأساقفة ناتان هوفهانيسيان، والراهب أغان يرنجيكيان، المسؤول السابق عن عصا قداسة كاريكين الثاني، مما أدى إلى بدء إجراءات جنائية. وعقب نشر التسجيلات، اعتُقل كذلك فاردان غوكاسيان رئيس بلدية غيومري.

ومع ذلك، لم تحدد الجهات الرسمية -حتى الآن- هوية من نظّم ونفّذ عمليات التنصُّت التي تشكّل سابقة خطيرة في أرمينيا التي تعد أقدم دولة مسيحة في العالم.

مصدر الصورة الأمن الأرميني اعتقل رئيس أساقفة الكنيسة الأرمنية الرسولية باغرات غالستانيان وآخرين بعد عمليات تنصّت سرية (رويترز)

حقيقة الصراع

واعتبر الخبير في الشؤون الأرمينية أوغانيس ستيبانيان، أن الأزمة المحيطة بالكنيسة الرسولية الأرمنية باتت تُعدّ أحد المواضيع الرئيسية في الحياة الاجتماعية والسياسية لأرمينيا خلال 2025، وتشكل في جوهرها صراعا بين نموذجين لهوية البلاد.

ويقول ستيبانيان للجزيرة نت، إن الصراع بين رئيس الوزراء نيكول باشينيان والكنيسة الرسولية الأرمنية يتجاوز الخلافات الشخصية، وهو صراع بين النموذج التقليدي للهوية الأرمنية، القائم على دور الكنيسة، والنموذج الجديد الذي يروّج له باشينيان تحت شعار "أرمينيا الحقيقية".

ويؤكد بأن إجراءات باشينيان، بما في ذلك محاولاته لمراجعة الرموز الوطنية (تغيير الدستور وشعار النبالة)، تهدف للتوصل إلى معاهدة سلام مع أذربيجان بأي ثمن، لكنها بذلك تُفاقم التناقضات الداخلية في البلاد.

ويشير إلى أنه على مدى قرون، كانت الكنيسة الرسولية الأرمنية أكثر من مجرد مؤسسة دينية، بل شكلت أساس الهوية الوطنية، والاستمرارية الثقافية، ولذلك، يُنظر بحساسية إلى أي محاولة من جانب السلطات السياسية للتدخل في الشؤون الداخلية للكنيسة.

ويرجح الخبير ستيبانيان أن تدخل أرمينيا مرحلة صراع مفتوح، لا يقتصر على النفوذ فحسب، بل أيضا على مسألة شكل أرمينيا القادمة: هل برأسها الروحي الخاص أم بمؤسسة دينية خاضعة تماما لسيطرة الدولة؟ حسب تعبيره.

مصدر الصورة دير خور فيراب في أرمينيا حيث تشهد البلاد أزمة آخذة بالتفاقم بين الكنيسة والحكومة (غيتي)

أخطار محدقة

من جانبه، يقول الصحفي والمحلل السياسي أرتور سركيسيان، إن الكنيسة تورَّطت في العمل السياسي وتحوَّلت إلى معقل للمعارضة مستغلة كونها أحد أكثر المؤسسات نفوذا في المجتمع الأرمني.

ويضيف للجزيرة نت أن تحول الكنيسة إلى مركز جذب للمعارضة والذهاب للمواجهة مع الحكومة العلمانية، قد يؤدي إلى انشقاق جديد داخل أرمينيا وفي أوساط الجالية الأرمنية الشاسعة.

ويشير المتحدث إلى أنه في حال عزل الكاثوليكوس، بعد دعوته للإطاحة بباشينيان، قد لا تعترف بعض الطوائف بالزعيم الروحي الجديد، مما قد يثير تساؤلات حول حدود نفوذ الكنيسة والحكومة في المجتمع الأرمني المعاصر.

وبرأيه، فإن قيام الكنيسة بدفع المجتمع للاحتجاجات يُمثِّل خروجا عن رسالتها الدينية والروحية والاجتماعية، بحيث يجب أن تكون على مسافة واحدة من كافة الفرقاء السياسيين.

ويتابع المحلل سركيسيان بأن الكنيسة لعبت على وتر العواطف الدينية، حيث عمدت إلى إدخال جهات وشخصيات روحية من كافة أرجاء العالم المسيحي على خط الأزمة والتحريض ضد الحكومة الحالية.

إعلان

ويخلص إلى أن الخلفية الحقيقية لذلك تكمن في محاولة التغطية على الاضطرابات داخل الكنيسة نفسها، حيث يطالب بعض رجال الدين، الذين خاب أملهم في قيادة الكاثوليكوس، بإصلاحات وديمقراطية في إدارة الكنيسة وانفتاح أكبر.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا