آخر الأخبار

الجامعة الإسلامية بغزة تنهض من رمادها

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

غزة- بعد عامين من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ، التي كان التعليم أحد أهدافها الممنهجة، بقتل الطلبة والأساتذة وتدمير البنية التعليمية، تعود الحياة تدريجيا لتدب في أركان الجامعة الإسلامية ، كبرى الجامعات في القطاع المدمّر، استعدادا لاستئناف التعليم الوجاهي.

وشرعت الجامعة الإسلامية ب مدينة غزة في ترميم مبانٍ "نجت جزئيا" من مجزرة التدمير، التي حولت أغلبية مبانيها الإدارية والدراسية إلى أنقاض، على غرار باقي الجامعات الأخرى في القطاع.

ومن بين 9 مبان أساسية، تضم المختبرات العلمية، ومبنى الإدارة، و7 مبان مخصصة للمحاضرات الدراسية وشؤون الطلبة، دُمرت كليا، لا تزال 4 مباني "قائمة هندسيا"، رغم ما لحقها من تدمير، جراء الاستهداف الإسرائيلي الممنهج، وفقا لمساعد نائب رئيس الجامعة الإسلامية للشؤون الإدارية الدكتور صائب العويني.

حياة وسط الركام

وبأيد يكبلها الحصار، نجحت الجامعة الإسلامية في ترميم مبنيي "إرادة" و" فلسطين "، وفي اسميهما تجسيد لقدرة الفلسطيني في غزة على النهوض من بين الرماد والركام، واستخلاص الحياة من براثن الموت والدمار، والتغلب على معوقات كبيرة ومركبة، يتحدث عنها الدكتور العويني للجزيرة نت.

ويقول المسؤول في الجامعة الإسلامية، إن الدراسة الوجاهية ستبدأ في هذين المبنيين يوم 8 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري لطلبة كليتي الطب والهندسة. بينما ستقرر باقي كليات الجامعة العودة للتعليم الوجاهي بالتدريج، وحسب طبيعة كل مساق دراسي، وستكون وجاهية لكل الكليات والتخصصات.

وتحاول الجامعة الإسلامية وجامعات وكليات أخرى في القطاع استعادة الحياة الدراسية تدريجيا، إثر اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وبموجبه انخفضت أصوات الانفجارات وتراجعت معدلات القتل، دون أن تتوقف تماما.

عودة تدريجية

وحرمت الحرب آلاف الطلبة في مراحل التعليم الأساسية والجامعية من التعليم الوجاهي. ويقول العويني، إن الجامعة تراعي ذلك ولمنع "الصدمة"، فإنها اختارت العودة التدريجية لهذا للنمط التقليدي من التعليم، وتخصيص الأسبوع الأول لاستقبال الطلبة من كل الكليات، للتعارف والتفريغ والتهيئة النفسية.

إعلان

وقبل اندلاع الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 كانت الجامعة الإسلامية التي تأسست أواخر سبعينيات القرن الماضي، والمقامة على مساحة 105 دونمات (الدونم يعادل ألف متر مربع)، تضم بين أسوارها وكلياتها زهاء 14 ألفا و700 طالب وطالبة.

وطوال عامي الحرب غابت الحياة عن الجامعة، غير أن مسيرتها التعليمية لم تتوقف. ويقول الدكتور العويني، إن 4 فصول دراسية أنجزت خلال الحرب، وكانت الجامعة حريصة أن لا يتوقف مستقبل طلبتها.

ويقدّر أن نحو 5 آلاف طالب وطالبة استكملوا متطلبات تخصصاتهم بالتعليم عن بُعد وتخرّجوا خلال الحرب وحصلوا على شهاداتهم الجامعية.

مصدر الصورة الحرب الإسرائيلية دمرت 80% من مباني ومقدّرات الجامعة الإسلامية بغزة (الجزيرة)

معوقات

لم تكن العودة سهلة بالنسبة للجامعة الإسلامية في مقرّها الرئيسي بمدينة غزة، التي دمرت الحرب نحو 80% من مبانيها ومقدراتها، بما فيها المختبرات والأجهزة، في حين مقرها الرئيسي في شرق مدينة خان يونس جنوب القطاع مدمر بصورة بليغة، ويقع في منطقة مصنفة "صفراء" وخاضعة للسيطرة العسكرية الإسرائيلية.

كما واجهت عملية ترميم مبنيي "إرادة" و"فلسطين" معوقات من صنع الاحتلال، يقول الدكتور العويني، إنها مرتبطة بالحصار والقيود الإسرائيلية على دخول مواد البناء والمواد الخام واحتياجات أساسية أخرى.

ومن أصل 1500 مقعد للقاعات الدراسية للطلبة كمرحلة أولى، يقول الدكتور العويني، إنه تم توفير 150 مقعدا فقط بنسبة لا تتجاوز 10% من الاحتياجات الضرورية الملحة.

"وقد واجهتنا أزمة شديدة في توفير الأسمنت اللازم لعملية الترميم، حيث الكمية شحيحة للغاية في الأسواق، وارتفع سعر الكيس الواحد أكثر من 1500 شيكل (نحو 460 دولارا) من أصل 25 شيكلا (نحو 7 دولارات) قبل الحرب".

وعلاوة على التدمير الهائل الذي لحق بمباني ومنشآت الجامعة الإسلامية، تعرضت مقدراتها للعبث والسرقة، وازدادت معها تعقيدات توفير أبواب خشبية ونوافذ بديلة.

هذا الواقع المعقد، بحسب العويني، فرض على الجامعة البدء بترميم مبنيين فقط، بينما تحول ظروف الحصار والقيود الإسرائيلية دون ترميم مبنيين آخرين، بحاجة لمواد خام ومواد أساسية غير متوافرة في السوق المحلي.

مصدر الصورة طالبات تسجل للعودة إلى التعليم الوجاهي بالجامعة الإسلامية بغزة (الجزيرة)

إعفاء كامل

ومراعاة للظروف الصعبة التي فرضتها الحرب على الطلبة وذويهم، وتردي الواقع الاقتصادي، قررت الجامعة الإسلامية منح جميع الطلبة إعفاء كاملا من رسوم الفصل الأول المرتقب، والاكتفاء برسوم رمزية لتثبيت منحة الإعفاء، ويستثنى من هذه المنحة طلبة كلية الطب، على أن تُتاح لهم ميزة تقسيط الرسوم على دفعات.

وتعمل الجامعة بنظام "منح الامتياز"، بحيث يمنح الطالب الحاصل على معدل امتياز في الفصل الدراسي الأول منحة بقيمة 50% من رسوم الفصل الثاني.

"وتولد الحياة من رحم الموت"، كما يقول الدكتور العويني، وهو يشير إلى أن الجامعة فتحت باب التسجيل للطلبة الجدد من خريجي الثانوية العامة (التوجيهي) خلال الحرب.

وبفرح استقبلت طالبة الهندسة المعمارية فرح أبو عابد عودة التعليم الوجاهي في كلية الهندسة بالجامعة الإسلامية، بعد عامين من معاناة التعليم عن بُعد.

إعلان

غير أن فرح النازحة مع أسرتها (8 أفراد) في مدينة دير البلح وسط القطاع، تجد نفسها وزميلاتها وزملاءها سيعانون في الانتقال للتعليم الوجاهي، للظروف المعقدة الناجمة عن الحرب، وأصعبها التنقل من وإلى الجامعة في مدينة غزة، لعدم توافر وسائل مواصلات متاحة، وكذلك الوقت الذي ستستهلكه أيّ وسيلة بسبب وعورة الطرق المدمرة، وعدم توافر سيولة نقدية لدى الأهالي.

تدرس فرح (22 عاما) في السنة الخامسة، وتوشك على التخرج ونيل شهادتها الجامعية، وقد حرمتها الحرب من فرصة خوض تدريب عملي في مكاتب هندسية متخصصة، تعرضت للتدمير أو أغلقت أبوابها وتوقفت عن العمل لتداعيات الحرب والنزوح.

ودمرت آلة الحرب الإسرائيلية منزل فرح في مدينة خان يونس، إبان اجتياحها في ديسمبر/كانون الثاني من العام 2023، وتتطلع أن يكون لها كمهندسة شابة دور في إعادة إعمار القطاع المنكوب.

إرادة حياة

ويقول مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي الدكتور إسماعيل الثوابتة للجزيرة نت، إن قطاع التعليم العالي في غزة من أكثر القطاعات التي نالها التدمير المنهجي خلال حرب الإبادة.

وحسب الثوابتة، استهدفت مقاتلات الاحتلال وآلة حربه بشكل متعمد الجامعات والمؤسسات الأكاديمية والمباني التعليمية، في محاولة لطمس الهوية العلمية والثقافية الفلسطينية ومحو الذاكرة الوطنية التي تمثلها هذه الجامعات.

وتشير بيانات المكتب الإعلامي الحكومي إلى أن ما نسبته 95% من مدارس ومؤسسات التعليم في القطاع قد تضررت بفعل الحرب، وأن أكثر من 165 جامعة ومدرسة ومؤسسة تعليمية دُمرت كليا، كما تعرضت 392 مؤسسة أخرى للتدمير الجزئي.

ويوضح الثوابتة، أن هذا التدمير يشمل الجامعات الفلسطينية الرئيسة، مثل الجامعة الإسلامية و جامعة الأزهر وجامعة الأقصى وغيرها، التي كانت تشكل منارات للتعليم والبحث العلمي، وتحمل على عاتقها مسؤولية إعداد الكوادر الوطنية في مختلف المجالات.

وفي حالة الجامعة الإسلامية، يعتقد الثوابتة، أن تدميرها لم يكن فعلا عشوائيا، بل يدخل ضمن مخطط الاحتلال لتجريف البنية الفكرية والعلمية في فلسطين، عبر ضرب مؤسسات التعليم العالي التي تخرج المهندسين والأطباء والباحثين والإعلاميين والعلماء.

وخلف التدمير الإسرائيلي الممنهج لقطاع التعليم في غزة خسائر فادحة تقدر بأكثر من 4 مليارات دولار، علاوة على استشهاد أكثر من 193 عالما وأكاديميا وباحثا، وحرمان نحو 785 ألف طالب من مواصلة تعليمهم الجامعي والمدرسي، بحسب الثوابتة.

ويقول "رغم الدمار الهائل، فإن الجامعات الفلسطينية، وفي مقدمتها الجامعة الإسلامية، بدأت فور إعلان وقف إطلاق النار باتخاذ خطوات لإعادة ترميم بعض مبانيها المهدمة، وفق إمكانات محدودة جدا، تعبيراً عن إرادة الحياة والصمود الأكاديمي، ولتأكيد أن العلم في فلسطين لا يمكن أن يُقصف أو يُباد".

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا