في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
كابل- تعيش العلاقات بين أفغانستان و باكستان واحدة من أكثر مراحلها توترا، بعد تعثُّر محادثات إسطنبول التي استمرت 5 أيام دون التوصل إلى اتفاق حول هدنة طويلة الأمد بين البلدين.
وبينما تتحدث كابل عن ضرورة "الاحترام المتبادل للسيادة"، تُحذِّر إسلام آباد من حرب مفتوحة" إذا فشلت المحادثات مع أفغانستان، وفق تعبير وزير الدفاع الباكستاني خواجة محمد آصف.
وأثارت تصريحات آصف الأخيرة التي لوّح فيها "بالحرب المفتوحة" قلقا وتنديدا إقليميا واسعا، فالجيش الباكستاني، رغم قدرته العسكرية، يدرك أن الدخول في مواجهة شاملة مع أفغانستان يعني فتح جبهة طويلة ومعقدة، في وقت تواجه فيه البلاد تحديات اقتصادية داخلية وضغوطا سياسية متزايدة.
ويقول المتحدث باسم الحكومة الأفغانية، ذبيح الله مجاهد للجزيرة نت "ذهبنا إلى إسطنبول لنبحث ترتيبات أمنية متبادلة، لكن الجانب الباكستاني أراد التزامات أحادية الجانب، وهذا أمر غير مقبول لأي دولة ذات سيادة، وكيف تطالبنا باكستان أن نضبط حركة تأسست قبيل وصولنا إلى السلطة عام 2007، وهي مشكلة باكستانية بحتة لا علاقة لنا بها لا من قريب أو بعيد".
ويرى خبراء الشأن الأفغاني أن الجولة الثانية من المفاوضات بين أفغانستان وباكستان في إسطنبول تقدمت بصورة إيجابية إلى الأمام، ولكن المطلب الباكستاني بشأن حركة طالبان باكستان جعل المفاوضات تتعثر، ولولاء جهود تركية وقطرية لفشلت لأن مواقف الطرفين متباعدة منذ البداية.
ويعتقد الخبراء أن حركة طالبان باكستان هي السبب الرئيسي لتعثّر محادثات إسطنبول بين كابل وإسلام آباد، فالحكومة الأفغانية تحمّل الجانب الباكستاني استفحال أمرها، وأعلنت على لسان مسؤول كبير أن كابل حاولت التوسط بين طالبان باكستان وإسلام آباد ولكن جهات باكستانية عارضت تنفيذ بنود الاتفاق.
ويقول وزير الدفاع الأفغاني السابق شاه محمود مياخيل للجزيرة نت " حركة طالبان أفغانستان قطعت على نفسها وعدا في اتفاق الدوحة بعدم استخدام الأراضي الأفغانية ضد الآخرين، عندما نرى الوضع مع جيرانها مثل إيران وطاجيكستان وأوزبكستان وتركمانستان والصين، نرى أنها تلتزم بوعودها".
وأضاف "مطالبة إسلام آباد من الحكومة الأفغانية محاربة طالبان باكستان، طلب تعجيزي، حتى لو أرادت ذلك لا تستطيع تنفيذه".
أما وكيل وزارة الداخلية الأفغاني محمد نبي عمري فيقول "لقد استضفنا قبل سنتين الوفد الباكستاني الرسمي وممثلين عن طالبان باكستان في كابل، وتم التوافق على أمور كثيرة، أهمها وقف إطلاق النار في المناطق القبلية".
وأضاف للجزيرة نت "بعد عودة الوفد الباكستاني، أعلن الجيش بدء عملية عسكرية ضد طالبان باكستان، هناك مجموعة في باكستان لا تريد الاستقرار في المنطقة، والآن لا علاقة لنا بما يجري داخل الأراضي الباكستانية".
والاشتباكات الأخيرة ليست جديدة في المشهد الحدودي بين البلدين، فـ" خط دورند " الممتد لأكثر من 2600 كيلومتر ظل لعقود مسرحا للاشتباكات بين أفغانستان وباكستان، ولكن ما حدث بعد وصول طالبان إلى السلطة كان سابقة في تاريخ العلاقات مع باكستان، فالمشكلة ليست وليدة اللحظة، بل هي امتداد لصراع طويل حول الحدود.
وكان خط ديورند دائما نقطة خلاف، لكن بعد 2021، عندما عادت طالبان إلى الحكم، تغيّرت موازين القوة، ولم تعد باكستان الطرف المهيمن كما في الماضي.
ويقول وكيل وزارة الداخلية السابق، خوشال سادات للجزيرة نت "شنت القوات الأفغانية هجوما عسكريا في سبع ولايات تقع على خط ديوراند مع باكستان، لم يخطر ببال أحد، ومعناه أن العلاقات بين الطرفين وصلت إلى نفق مسدود، ولا أعتقد أن الهدنة الحالية ستستمر طويلا".
من جهته، يرى الكاتب والباحث السياسي، جميل الكوزي في حديثه مع الجزيرة نت أنه "منذ استيلاء حركة طالبان على السلطة في أفغانستان، تأمل باكستان أن تكون الحكومة الأفغانية الجديدة حليفا أمنيا، ولكن ما حدث هو العكس، حيث خرجت طالبان من العباءة الباكستانية ووصل الأمر إلى أنها فتحت قنوات دبلوماسية واقتصادية مع الهند التي تعتبرها باكستان خصما لدودا".
كما أن الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الأفغاني، أمير خان متقي، إلى الهند فجّرت الوضع، ولجأت باكستان إلى قصف العاصمة كابل بالتزامن مع زيارته".
ويقول المحلل السياسي عبد الحكيم أندر للجزيرة نت "باكستان تستخدم لغة التصعيد للضغط السياسي أكثر من التحضير الفعلي لحرب" مضيفا أن "البلدين يعلمان أن الحرب ليست خيارا رابحا لأي طرف".
ويضيف أندر أن ما يخيف طالبان هو أن تستغل باكستان "الغطاء الدولي لمكافحة الإرهاب" لتبرير ضرباتها داخل العمق الأفغاني، وهو ما تعتبره كابل انتهاكا مباشرا لسيادتها.
وانعكست التوترات بسرعة على المعابر التجارية بين البلدين، إذ أغلقت السلطات الباكستانية جميع معابرها الحدودية مع أفغانستان منذ 19 يوما، مما تسبب في تكدس مئات الشاحنات على طرفي الحدود، إضافة إلى انتظار آلاف اللاجئين الذين يريدون العودة إلى أفغانستان.
ويقول عضو غرف التجارة الأفغانية، عبد الجليل قيوم للجزيرة نت "بعد إغلاق المعابر الرئيسية بين البلدين تجاوزت الخسائر الاقتصادية المباشرة الناجمة 122.5 مليون دولار أميركي، ومع كل يوم يمرّ على الإغلاق، سيتكبد الشعب الأفغاني تكاليف اقتصادية أكبر".
ووفق خبراء الشأن الأفغاني، يمكن رسم 3 سيناريوهات رئيسية لمستقبل العلاقة بين أفغانستان وباكستان في ظل الوضع الراهن ومحادثات إسطنبول:
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة