في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
عقب سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر ، عاصمة ولاية شمال دارفور ، وسط تقارير متزايدة عن انتهاكات واسعة النطاق بحق المدنيين، برزت الكثير من التساؤلات حول السيناريوهات المحتملة التي سيذهب إلها السودان.
وبحسب الكثير من الخبراء والمراقبين فإن السودان وبعد التطورات الأخيرة في الفاشر أصبح يقف أمام 3 سيناريوهات، في مقدمتها تصعيد عسكري، أو التوصل لتسويات سياسية، والثالث يدور حول مقاربات دولية وإقليمية في التعامل مع الأزمة السودانية، في أعقاب التقارير عن الانتهاكات التي وقعت بالفاشر.
ووفقا لشبكة أطباء السودان فإن قوات الدعم السريع قتلت جميع المرضى في مستشفيات المدينة، وأعربت منظمة الصحة العالمية عن صدمتها إزاء تقارير عن مقتل 460 من المرضى ومرافقيهم.
بدوره، دعا وزير الإعلام السوداني خالد الأعيسر المجتمع الدولي لتصنيف مليشيا الدعم السريع منظمة إرهابية، كما طالب بمحاسبة قادة المليشيا بسبب الجرائم والانتهاكات في الفاشر، واصفا إياهم بأنهم "مجرمون قتلة لا علاقة لهم بالإنسانية".
وفي المقابل، أعرب قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان حميدتي عن أسفه بشأن ما وقع في الفاشر، معلنا عن تشكيل لجنة تحقيق، وقال إن الحرب فُرضت على قوات الدعم السريع، "لكن صفحة الحرب في الفاشر تم طيها الآن"، مشددا على ضرورة عودة أهالي الفاشر إلى ديارهم لتعود المدينة لسيرتها الأولى.
من وجهة نظر الأكاديمي الدكتور فتحي أبو عمار فإن المسؤولية عن الدماء المراقة يتحملها من صاغ الأسباب لهذه الحروب المتعاقبة في السودان، ورغم تشديده على تجريم قتل أي مواطن بغير حق، فإنه دعا إلى النظر للمشهد السوداني برمته وعدم تجزئته.
وبحسب أبو عمار -الذي كان يتحدث لبرنامج ما وراء الخبر- فإن الجيش السوداني ارتكب انتهاكات مماثلة في مناطق عدة، بالبلاد مؤكدا أن تصنيف الدعم السريع جهة إرهابية لا يحل المشكلة، بل يزيدها تعقيدا.
في حين حمّل المستشار في الأكاديمية العليا للدراسات الأمنية والإستراتيجية، الدكتور المعتصم الحسن، مسؤولية المجازر التي ارتكبت في الفاشر لأجهزة دولية "خططت لتسليم الفاشر لقوات الدعم السريع".
ويحمّل الخبير العسكري والإستراتيجي قوات حلف شمال الأطلسي ( الناتو ) وقواعده في ليبيا مسؤولية التشويش على القوات المسلحة السودانية وإرسال مسيرات وطائرات لاستهداف الجيش.
أما بالنسبة للجيش فهو-بحسب الحسن- أجرى انسحابا تكتيكيا إلى مكان آمن، وأن العملية العسكرية مستمرة سواء حول الفاشر أو عبر الطيران.
وفي سياق دفاعه عن موقف الجيش أكد المتحدث نفسه أن الجيش السوداني صمد عامين وخاض أكثر من 280 معركة، "لكن تدخل عناصر خارجية غيّر المعادلة"، محملا المسؤولية للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين قادتا المفاوضات إذ كانتا تحضران للإجهاز على الفاشر.
ووصف الجرائم المرتكبة في الفاشر بأنه لم يسبق لها مثيل حتى في رواندا أو سربرنيتسا، وقال إن بحيرات الدماء شوهدت عبر الأقمار الصناعية ، مؤكدا أن هذه الانتهاكات استمرت عامين وليست وليدة الأيام الأخيرة، وأن قادة ارتكبوها وهم معروفون بالاسم والرتبة والمكان.
ولم تخف السفيرة سوزان بيج نائبة مساعد وزير الخارجية الأميركية السابقة للشؤون الأفريقية والمستشارة السابقة للمبعوث الأميركي الخاص إلى السودان صدمتها مما جرى بعد سقوط الفاشر.
وأما عن سبل وضع حل لما يجري في الفاشر، فدعت المسؤولة الأميركية السابقة إلى تهدئة الوضع ومحاولة استئناف المحادثات بين الطرفين في أسرع وقت ممكن، ولم تستبعد أن يكون تدخل قوى إقليمية في دعم قوات الدعم السريع قد أسهم بوصول الأمور إلى ما وصلت إليه، لكنها نفت أن يكون هناك دور لقوات الناتو أو الولايات المتحدة الأميركية بما جرى بالفاشر.
ورجحت بيج -في حديثها لبرنامج ما وراء الخبر- أن الإدارة الأميركية سوف تنتظر نتائج التحقيقات بشأن ما جرى في الفاشر، وقالت إنه يجب التوقف عن إلقاء اللوم المتبادل لأن "الجانبين قتلا أبرياء مدنيين"، مشددة على أن الأهم الآن هو وقف الحرب وخروج الأطراف الخارجية من الصراع.
بالمقابل، أكد الحسن على أن التسوية يجب أن تكون بشروط الجيش السوداني والشعب السوداني، وقال إن هذه الشروط واضحة: لا مشاركة للدعم السريع في مستقبل الحياة العسكرية والسياسية في السودان، ولا مشاركة للجهات التي حرضت سواء إقليمية أو محلية في الوساطة.
ويرى الخبير الإستراتيجي أن الرهان ما زال معقودا على الحسم العسكري بالنسبة للجيش السوداني، مشيرا إلى أن 120 ألف مواطن يرفعون أسلحتهم للتوجه إلى الفاشر، وأن "هذه المليشيا ليس لها مستقبل في السودان مهما دُعمت من دول إقليمية أو جوار".
المصدر:
الجزيرة