أعلن الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر عن مقتل خمسة من متطوعيه في السودان، أثناء تأدية عملهم، في ولاية شمال كردفان وسط السودان، في الوقت الذي اعترف فيه حاكم إقليم دارفور بوجود تقصير من قيادات الدولة والقوات المشتركة أدت إلى سقوط مدينة الفاشر.
وأوضح الاتحاد الدولي أن المتطوعين الخمسة قُتلوا في 27 أكتوبر/ تشرين الأول في مدينة بارا بولاية شمال كردفان خلال مهمة رسمية أثناء توزيعهم الوجبات الغئاية في "التكايا" وهم يرتدون السترات الرسمية "التي من المفترض أن توفر لهم الحماية الكاملة"، بالإضافة إلى حملهم بطاقات هوية صادرة عن الفرع المحلي للاتحاد.
وأشار الهلال الأحمر السوداني إلى مقطع مصور على مواقع التواصل يظهر تعذيب متطوعين وضرب بعض أعضاء فريق متطوعى جمعية الهلال الأحمر السودانى في ولاية شمال كردفان بمدينة بارا، واصفاً المشهد بأنه "يندى له جبين الإنسانية"، مؤكداً مقتل خمسة متطوعين، فيما لا يزال مصير ثلاثة متطوعين مجهولاً.
يأتي ذلك بعد أن أعلنت فيه قوات الدعم السريع، السبت، أنها استعادت السيطرة على بارا، وهي مدينة استراتيجية تقع على مفترق طرق رئيسية تؤدي إلى إقليم دارفور.
وأعربت وكالات الأمم المتحدة عن قلقها إزاء مستوى العنف المُبلغ عنه في المدينة.
وكانت منطقة كردفان الغنية بالنفط ساحة قتال رئيسية في الحرب الأهلية السودانية بين الجيش النظامي وقوات الدعم السريع شبه العسكرية.
وقال ناشطون وجماعات حقوقية إن المكاسب الأخيرة التي حققتها قوات الدعم السريع في وسط السودان ودارفور خلفت مئات القتلى من المدنيين.
وينفى الجانبان جميع الاتهامات بارتكاب انتهاكات يتبادلان الاتهامات بشأنها.
في الوقت نفسه، أعلنت جمعية الهلال الأحمر السوداني فرع ولاية شمال دارفور أن "وحدة طويلة تواصل بالمجهود الذاتي عبر متطوعيها في تقديم الوجبات الغذائية للنازحين الجدد من الفاشر".
وأفادت بأن فرقها قدمت الثلاثاء وجبتين لعدد (1186) أسرة شارك فيها 25 متطوع ومتطوعة، مشيرة إلى أن إجمال النازحين الذين استفادوا بتقديم وجبات لهم خلال الاربعة ايام الماضية بلغ 1562 أسرة.
يذكر أن الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب والهلال الأحمر أعلن أن الهلال الأحمر السوداني فقد 21 زميلا أثناء تأدية واجبهم منذ اندلاع النزاع في أبريل/ نيسان 2023.
في سياق متصل، أفادت مجموعة مراقبة الحرب بوقوع مجازر واسعة النطاق في كردفان تشمل مدينة بارا بعد أن أعلنت قوات الدعم السريع استعادة السيطرة عليها.
وعلاوة على ذلك، أفاد مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة يوم الاثنين بورود تقارير عن إعدامات ميدانية لمدنيين على يد مقاتلي قوات الدعم السريع في بارا بعد استعادتها.
وأفادت تقارير بمقتل عشرات المدنيين، وجهت إليهم اتهامات بدعم القوات المسلحة السودانية.
وقالت جاكلين بارليفليت، رئيسة فرع مكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في بورتسودان، يوم الثلاثاء إن "ناجين أبلغوا عن أعمال عنف وانتهاكات لحقوق الإنسان" عقب سقوط بارا.
وأضافت للصحفيين في جنيف أن هذا أدى إلى "نزوح المزيد من الآلاف" داخل شمال كردفان.
وأوضحت جاكلين، متحدثةً من أمستردام، "نشعر بالقلق إزاء احتمال حصار مدينة الأُبيّض، التي تؤوي عشرات الآلاف من النازحين السودانيين، ما قد يزيد من تفاقم الاحتياجات الإنسانية في المنطقة".
من ناحية أخرى، أعلنت وزارة الخارجية السودانية أنها أبلغت مديرة مكتب برنامج الأمم المتحدة، لوران باكيرا، ومديرة قسم العمليات بالمنظمة بأنهما غير مرغوب فيهما.
وقالت الوزراة، بحسب وكالة السودان الرسمية للأنباء، إنها طلبت من الاثنين مغادرة السودان خلال 72 ساعة.
وأكدت أن هذا القرار لا يؤثر علي التعاون القائم بين الحكومة السودانية والمنظمة الدولية، مشيرة إلى أنها مستمرة في التعاون مع بقية المنظمات وفقا للنظم والقوانين الدولية واحترام سيادة الدول.
ولم تشر الحكومة السودانية إلى أسباب طردها المسؤول الأممي الكبير من البلاد.
من جهة أخرى، اعترف حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي بوجود تقصير من قيادات الدولة والقوات المشتركة أدت إلى سقوط مدينة الفاشر.
وقال في خطاب مصور إنه رغم عدم التكافؤ بين الجيش وقوات الدعم السريع إلا أن هنالك تقصيراً من جانبهم، مشدداً على ضرورة معالجة الأخطاء لحماية البلاد مما وصفها بـ"الغزو".
وأوضح أن قوات الدعم السريع تنفذ أجندة دولة خارجية - لم يسمها - تسعى إلى ما وصفه باستعمار السودان.
وكان مناوي قد أكد لبي بي سي قبل أيام أن دولة الإمارات العربية المتحدة تقوم بتوفير الدعم اللوجستي والعسكري للقوات.
ودعا السودانيين إلى ما وصفه بالاستنفار الداخلي والخارجي لاسترداد كامل الأراضي التي سيطرت عليها قوات الدعم السريع في البلاد.
وقال حاكم إقليم دارفور إن تركيزهم سينصب خلال الفترة المقبلة على توفير المساعدات الإنسانية للمتضررين وذلك من خلال حشد الدعم من الخارج.
يأتي ذلك في الوقت الذي أفاد فيه الهلال الأحمر السوداني بفقدان الاتصال بطواقمه في مدينة الفاشر.
في السياق ذاته، نددت المملكة العربية السعودية، الثلاثاء، بانتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها قوات الدعم السريع السودانية شبه العسكرية في الفاشر، مع ظهور تقارير عن فظائع بعد سيطرة المجموعة على المدينة الاستراتيجية.
وأعربت وزارة الخارجية السعودية في بيان على منصة إكس عن "قلقها العميق وإدانتها للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان خلال الهجمات الأخيرة التي شنتها قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر".
وتدعم الرياض الحكومة السودانية المتحالفة مع الجيش، التي تقاتل قواتها قوات الدعم السريع، وشاركت في محادثات السلام بشأن السودان.
كما أعربت قطر عن إدانتها "الانتهاكات المروعة" لقوات الدعم، مع "قلقها العميق إزاء الوضع الإنساني المأساوي"، وحثت الجماعة شبه العسكرية على "تحمل مسؤولياتها في حماية المدنيين".
على الصعيد الخارجي، قالت وزيرة التنمية الدولية السابقة، أنيليز دودز، إن المملكة المتحدة "يجب أن تلعب دوراً" في منع المزيد من المجازر في دارفور.
وفي حديثها لبرنامج "العالم الليلة"، قالت النائبة العمالية، التي ترأس أيضاً المجموعة البرلمانية لجميع الأحزاب المعنية بالسودان، إن التقارير الواردة من الفاشر، التي سيطرت عليها قوات الدعم السريع، "مقلقة للغاية"، وإن "للمملكة المتحدة دور مهم للغاية هنا".
وأضافت أنه "داخل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، نحن ما يُسمى "حامل القلم"، في إشارة إلى عضو المجلس الذي يكون من بين الأعضاء الدائمين، والذي يقود المفاوضات وصياغة القرارات المتعلقة بجدول أعمال المجلس.
وبالتالي فحامل القلم هو المنوط به أن يعالج ما يتعلق بالسودان وبحماية المدنيين في النزاعات، بحسب دودز، التي أضافت "علينا حقاً أن نلعب دوراً".
وجاء في حديثها: "لقد دعوت الحكومة إلى السعي لعقد جلسة طارئة للمجلس، وأفهم أنهم يسعون إلى ذلك، وهذا مهم بحق"
كما دعت إلى مراقبة الضغوط التي تُمارس على الدول الرباعية: وهي الولايات المتحدة والسعودية ومصر والإمارات، مشددة على أهمية "استخدام كل الوسائل للضغط على الأطراف المتحاربة، وخاصةً قوات الدعم السريع، لحماية المدنيين ووقف هذه المجازر المروعة".
المصدر:
بي بي سي
مصدر الصورة
مصدر الصورة
مصدر الصورة
مصدر الصورة
مصدر الصورة