في مقاله "حرب مع روسيا خلال ألف يوم؟"، يناقش الكاتب ماتيو بوك-كوتيه التحذيرات الصادرة عن أجهزة الاستخبارات الأوروبية التي تتوقع احتمال اندلاع صراع مفتوح بين أوروبا وروسيا خلال 3 سنوات.
ويرى الكاتب، في مقال بصحيفة لوفيغارو، أن هذا السيناريو لا يمكن استبعاده كليا، مستشهدا بسابقة عام 2022 حين لم يصدق أحد أن روسيا ستغزو أوكرانيا ، ومع ذلك حدث الغزو بالفعل.
ويؤكد بوك-كوتيه أن روسيا تظل قوة إمبراطورية عدوانية لا تتسامح مع استقلال جيرانها، وأن انضمام دول أوروبا الشرقية إلى حلف الناتو كان في الأساس محاولة لحماية نفسها من النفوذ الروسي، مؤكدا أنهم محقون في ذلك.
ويحذر في هذا الصدد من أن هذا الصراع، الذي لا يزال محصورا في منطقة محددة، قد يمتد غدا إلى دول البلطيق، مما يعني أنه سينتشر ليتحول إلى "صدام دون منطقة عازلة بين الإمبراطورية الروسية والإمبراطورية الغربية"، على حد تعبيره.
لكن بوك-كوتيه ينتقد في الوقت نفسه النخب الأوروبية التي تستغل الخطر الروسي لتعزيز مشروعها الفدرالي داخل الاتحاد الأوروبي ، معتقدة أن الخوف من بوتين (في إشارة إلى الرئيس الروسي) يمكن أن يوحد أوروبا سياسيا.
ويرى الكاتب أن خطاب الحرب المقبلة خلال "ألف يوم" يخدم قبل كل شيء مصالح سياسية داخلية، إذ تستخدمه ما يسميها بـ"النومنكلاتورا" (الطبقة الحاكمة في الوسط السياسي الأوروبي) لإعادة شرعنة سلطتها، واستعادة لغة الهوية والحدود، ولكن فقط عندما يتعلق الأمر بحدود أوكرانيا.
وينتقد الكاتب ما يراه تناقضا يعكسه تسامح هذه النخب مع الهجرة غير المنضبطة داخل أوروبا، وما تسببه من اضطرابات اجتماعية، وبين حماسها الشديد للدفاع عن سيادة أوكرانيا البعيدة.
ويتساءل بوك-كوتيه أيضا عما إذا كانت التهديدات التي تواجه الديمقراطية الأوروبية داخلية بقدر ما هي خارجية، محذرا من أن تضخيم الخطر الروسي قد يُستخدم لتبرير قمع المعارضات الداخلية، ووصم الخصوم السياسيين بأنهم عملاء لموسكو . ويشير إلى خطر أن تُلغى أو تُشكك نتائج انتخابات مستقبلية في بعض الدول الأوروبية بذريعة "التدخل الروسي" إذا جاءت مخالفة لتطلعات النخب الحاكمة.
ويختم الكاتب بالتأكيد على ضرورة النظر بجدية إلى التهديد الروسي الحقيقي، ولكن في الوقت نفسه الحذر من استغلال هذا التهديد من قبل من يسعون للبقاء في السلطة "بأي ثمن". فالتوازن بين الوعي بالخطر الخارجي ورفض التلاعب السياسي به، هو الموقف العقلاني الذي يفتقده "الوسط المتطرف" الأوروبي اليوم.
المصدر:
الجزيرة