آخر الأخبار

من الجدار إلى المجهول: رحلة محفوفة بالموت بحثا عن العمل داخل إسرائيل

شارك





منذ عام 2013 حتى الـ7 من أكتوبر/تشرين الأول من عام 2023 كانت حياة (ش.ص) تسير بشكل طبيعي نوعا ما، إذ يستيقظ يوميا قبل الفجر وينطلق من مدينة نابلس شمال الضفة الغربية إلى الداخل الفلسطيني للعمل في قطاع البناء في مهنة الكهرباء، مجتازا حاجز الطيبة العسكري الجاثم على أراضي مدينة طولكرم .

لكن منذ اندلاع الحرب الأخيرة على غزة انقلبت حياة هذا العامل الفلسطيني إلى جحيم، إذ اتخذت إسرائيل إجراءات عقاب جماعية حرمت بموجبها عمال الضفة الغربية كافة من تصاريح العمل، وبات 248 ألف عامل عاطلين عن العمل وفقا لبيانات الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين.

شعر (ش.ص) بقلة الحيلة، ورغم محاولته الحصول على فرص عمل في الضفة الغربية لكن العمل كان متقطعا والأجر قليل، فلم يجد سبيلا أمامه سوى الدخول عن طريق "التهريب" إلى القدس ومنها إلى الداخل الفلسطيني من أجل العمل مجددا في ورشات البناء، رغم علمه أن المصير الذي ينتظره في حال ألقى جيش الاحتلال القبض عليه هو الموت قتلا بالرصاص أو الاعتقال في أفضل الأحوال.

مسؤولية كبيرة

في حديثه للجزيرة نت قال هذا الشاب "نعلم أن الدخول دون تصريح عمل قد يكلفنا حياتنا، لكنني رب لأسرة تتكون من 5 أفراد، وأنا ملتزم بمصاريف شهرية تتمثل بشيكات، بالإضافة لكل ما هو مطلوب من مصاريف المعيشة اليومية التي يجب أن يوفرها كل أب".

انطلق من منزله مرارا وهو يعلم أنه قد لا يعود إليه، لكنه غامر في سبيل لقمة العيش، ونجح في رحلة "التهريب" الأولى وعمل في منطقة تل أبيب ، ووصف إقامته "غير الشرعية" هناك، بـ "الخوف والرعب لأن أماكن العمل كانت تُداهم يوميا على يد الشرطة الإسرائيلية.. وكنا نبيت داخل البناية التي نعمل بها، وواجهنا صعوبات كبيرة في إحضار الطعام والشراب".

إعلان

تخللت رحلاته واحدة من أخطر اللحظات، وهي القفز عن الجدار العازل من منطقة الرام الذي بمجرد القفز من أعلاه يصبح الشخص داخل مدينة القدس وبالتحديد في بلدة بيت حنينا ، التي بات الجدار الفاصل بينها وبين الرام، مصيدة لعمال الضفة الغربية منذ اندلاع الحرب بشكل عام، ومنذ عملية إطلاق النار التي نفذها شابان من مناطق الضفة الغربية دخلا القدس من خلال "التهريب" في الشهر المنصرم بشكل خاص.

مغامرة

"كانت مغامرة موت، وكنت أتوقع أنهم سيقبضون عليّ في أي لحظة.. قفزت مرارا من مناطق عدة في الرام ومن بلدة أبو ديس.. أحيانا يتسلق العمال الجدار وعندما يصلون إلى أعلاه استعدادا للقفز من جهة القدس، يصرخ أحدهم أن الجيش قادم فيقفزون مرة أخرى إلى الرام ويختبئون لساعات إضافية"، يضيف العامل الفلسطيني.

لا تنتهي المغامرة الخطرة عند حد القفز عن الجدار، إذ أشار (ش.ص) إلى أن العمال يختبئون بعد القفز منه في مرآب للحافلات أو في منازل مهجورة حتى يأتي السائق الذي سيقلّهم نحو الورشات في الداخل الفلسطيني المحتل، وتستغرق هذه الرحلة يوما وليلة وأحيانا أكثر من ذلك.

هذا الحال دفع ببعض الناس لاستغلال حاجة العمال الصعبة في ظل الحرب، وطلبوا منهم مبالغ طائلة مقابل استصدار تصاريح عمل، حتى وصل استصدار بعضها إلى نحو 8200 دولار أميركي.

وقبل أن يختم هذا العامل العاطل عن العمل الآن حديثه للجزيرة نت أكد أن الكثير من العمال عزفوا عن الدخول دون تصاريح عمل في الأسابيع الأخيرة لأن إطلاق النار عليهم هو المصير الذي ينتظرهم.



44 شهيدا و32 ألف معتقل

عضو الدائرة الإعلامية في الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، سعيد عمران، قال إن عدد العاطلين عن العمل في فلسطين الآن هو 507 آلاف، بينهم 248 ألفا كانوا يعملون في الداخل الفلسطيني.

وأوضح عمران في حديثه للجزيرة نت أن الاحتلال يستهدف العمال ويلاحقهم بشكل يومي، مما أدى إلى استشهاد 44 عاملا منذ الـ7 من أكتوبر/تشرين الأول من عام 2023، مضيفا أنه تم اعتقال أكثر من 32 ألف عامل منذ ذلك التاريخ حتى يومنا هذا، سواء أثناء توجه هؤلاء إلى أماكن عملهم، أو من داخل الورش التي يعملون بها.

ويقدر عمران أن نحو 40 ألف عامل فلسطيني يعملون في الداخل الفلسطيني الآن دون تصاريح عمل وفي ظل أوضاع خطِرة ومأساوية، ويضاف لهؤلاء ما بين 26 إلى 30 ألف عامل فلسطيني يعملون داخل مستوطنات الضفة الغربية، وهؤلاء بالتحديد لم ينقطعوا عن العمل إلا في الأيام الأولى من الحرب.

ووصف عضو اللجنة الإعلامية في اتحاد العمال هذا الوضع بالمأساوي في ظل ارتفاع نسب البطالة وزيادة معدلات الفقر، وارتفاع نسب العائلات التي تعيلها امرأة بسبب استشهاد الزوج أو الابن.

وسُجلت أحدث حالات الاعتداء على العمال قرب الجدار العازل في القدس يوم 20 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، إذ أطلقت قوات الاحتلال الرصاص تجاه عاملَين وأصابت أحدهما في منطقة الفخذ، والآخر في منطقة القدم.

إعلان

وكان من اللافت إقحام أحد المستوطنين نفسه في ملاحقة العمال الفلسطينيين، وذلك بعد انتشار صور له وهو يحتجز عاملا فلسطينيا قفز عن الجدار من جهة بلدة الرام، بادعاء دخوله بشكل "غير قانوني"، وتواصل المستوطن مع الشرطة وطالبها بالحضور لاعتقاله.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا