آخر الأخبار

الدمار الهائل يحول دون معرفة الغزيين لمنازلهم وأراضيهم

شارك

غزة- حينما عاد محمد النجار إلى منطقة النزلة شمال قطاع غزة لتفقّد منزله بعد رحلة نزوحه من الجنوب، لم يتمكن من العثور عليه بسبب الدمار الواسع الذي أصاب المنطقة. ويؤكد ابنه مصباح "أقسم بالله، جيراننا دلونا على مكان البيت الذي تدمر بالكامل".

وكانت نسبة الدمار في مدينة غزة وشمالي القطاع صادمة للنجار وعائلته، فقد تبدلت ملامح المناطق وزالت معالمها، ولم يعد بالإمكان التعرّف عليها بسهولة. وحتى الشوارع التي طالما خطت أقدامهم عليها وحفظوا تفاصيلها عن ظهر قلب، غدت اليوم غريبة الملامح ومشوّهة المظهر.

وما إن تجاوز محمد منطقة وادي غزة ، الفاصل بين شمال القطاع ووسطه وجنوبه، حتى بدأ بالتعرف على منطقة أخرى لم يألفها من قبل.

مصدر الصورة محمد النجار تعرّف بصعوبة على موقع منزله المهدم وانتقل للعيش في خيمة (الجزيرة)

رحلة قاسية

اضطر النجار إلى اصطحاب أسرته المكونة من 25 شخصا، هم زوجته وأبناؤه وأحفاده، إلى منطقة غرب مدينة غزة للإقامة هناك، نظرا لكونها أكثر أمانا من منطقة الشمال التي تتعرض لإطلاق النار من آليات الاحتلال. وكانت رحلة النزوح القصيرة قاسية عليهم، فقد اضطروا للإقامة قرب مكب نفايات في بلدة القرارة جنوب القطاع، وتحملوا أذى الحشرات والرائحة الكريهة، دون تلقي أي مساعدة.

وخلال النزوح، اضطرت الأسرة للمبيت في العراء، مما أدى إلى إصابة أحفاده بأمراض عديدة نتيجة سوء الأوضاع الصحية. كما كلفهم التنقل قرابة ألف دولار، في الوقت الذي يعاني فيه هذا الأب من الإفلاس وعدم القدرة على شراء الطعام أو توفير أقل الإمكانيات اللازمة لحياة كريمة لأفراد عائلته.

وتتكون الخيمة التي تقيم بها أسرة النجار حاليا من ألواح خشبية وأغطية قماشية، لا تقي من المطر ولا توفر الدفء اللازم.

مصدر الصورة حركة عودة النازحين إلى شمال القطاع بطيئة بسبب عدم امتلاك السكان المال اللازم (الجزيرة)

بدوره، عاد منتصر نصر إلى شمال غزة بعد رحلة نزوح طويلة من الجنوب، كان يسير بخطوات متثاقلة، يرهقه المرض قبل التعب. أراد أن يرى منزله، لكن ملامح المنطقة اختفت وصار كل شيء صمتًا وكومة رماد.

إعلان

بحث طويلا مع أسرته عن بيته الذي فقد معالمه تماما، حتى تعرف عليه بصعوبة بين الركام، وقد أصبح أثرا بعد عين.
واليوم، يقيم نصر أسفل سقف مهدوم بلا جدران، لا يقيه برد الطقس ولا الرياح ولا الأمطار. ويقول بصوت خافت "لم يبقَ لنا مأوى، ولا نملك ثمن خيمة أو حتى أغطية ترد عنا البرد".

مصدر الصورة مرض منتصر نصر يزيد من معاناته خاصة مع فقدانه منزله والعيش أسفل سقف متهدم (الجزيرة)

دمار كلي

نصر الذي أصيب قبل عام في انفجار صاروخ إسرائيلي، يعاني من أمراض متعددة، ولا يستطيع السير بسهولة. وخلال رحلة النزوح، أقام مع أسرته في ما يشبه الخيمة على شاطئ بحر منطقة المواصي غرب خان يونس ، يتقاسمون الخبز القليل والماء غير النظيف، والانتظار الطويل.

كانت تلك الأيام- كما يؤكد- الأصعب في حياته، لكنّ ما رآه بعد العودة كان أشد وجعا، إذ لم يجد سوى سقف منهار يؤوي تحته جسده المرهق وأحلامه المحطمة.

أما الغزية إيمان جنيد، ور غم تعرض منزلها للقصف -لم يهدم كاملا وكان بالإمكان إصلاح بعض غرفه- فإنها لما عادت إلى منطقتها شمال قطاع غزة بعد وقف إطلاق النار، كانت تأمل أن تجده كما تركته. غير أنها حين وصلت، لم تجد شيئا، لا بيتا، ولا شارعا، ولا معلما واحدا تعرفه، كل ما حولها كان أنقاضا وذكريات ضائعة.

مصدر الصورة الدمار لم يترك لإيمان جنيد سوى ذكريات ضائعة وكفاح لرعاية أطفالها الأيتام (الجزيرة)

فقدت إيمان، وهي أم لأربعة أيتام، زوجها في الأسبوع الأول من الحرب قبل عامين، ومنذ ذلك الوقت تحمل وحدها مسؤولية أطفالها وتكافح من أجل البقاء. تقول بصوت يغلبه الانكسار "هربنا مشيا على الأقدام، لم نأخذ شيئا معنا سوى ما نحمله على ظهورنا، وصلنا إلى المواصي، ونصبنا خيمة على الشاطئ، دون مساعدة من أي جهة".

من جهتها، فقدت إسراء أبو ركبة زوجها إسماعيل منذ الأيام الأولى للعدوان، ولا تعرف له أثرا حتى الآن، وتعيش وحدها مع أطفالها الثلاثة في مواجهة قسوة الحياة والفراغ. وطال الفقد أيضا المنزل، فهي حتى الآن لا تعرف شيئا عنه ولا تستطيع الوصول إليه نظرا لوجوده في منطقة مشروع بيت لاهيا التي لا تزال قوات الاحتلال تسيطر عليها.

واضطرت أبو ركبة للعيش مع أختها الأرملة في خيمة منصوبة فوق كومة من الركام، واختارتا هذا الموقع المرتفع كي لا تغمرهما مياه الأمطار في ليالي الشتاء.

مصدر الصورة إسراء أبو ركبة فقدت زوجها ومنزلها وتكافح وحدها من أجل البقاء (الجزيرة)

مجهودات

تدرك بلدية غزة حجم الصعوبات التي يواجهها المواطنون في تحديد مواقع بيوتهم وأراضيهم بعد الدمار والتجريف الواسع، بحسب عاصم النبيه عضو المجلس البلدي. ويوضح للجزيرة نت أن لديهم قسما متخصصا في الأنظمة الجغرافية يحتفظ بكل الإحداثيات والبيانات الخاصة بالمنازل والأراضي والشوارع.

ويطمئن النبيه سكان المدينة أن كل بيانات القسم موجودة ومحوسبة ولم تفقدها البلدية، وبوسع المواطن استعادة الإحداثيات الخاصة بأرضه ومنزله، مضيفا "سنتيح ذلك قريبا عبر خدمة مخصصة لهذا الغرض". وأشار إلى أنهم أطلقوا خدمة هاتفية لتلقي الطلبات بشأن مختلف الخدمات، ومن ضمنها المساعدة في تحديد مواقع المنازل المدمرة.

بلدية غزة تعمل على فتح الشوارع لتسهيل عودة النازحين رغم تدمير أغلب تجهيزاتها (الجزيرة)

واستدرك عاصم النبيه أن بعض الصعوبات قد تواجه العائلات التي لم تنظم ملكية أراضيها خلال السنوات الماضية، مؤكدا أن البلدية ستعمل على إيجاد حلول لذلك من خلال الاستعانة بمهندسيها المختصين في المرحلة القادمة.

إعلان

وتحدث النبيه عن جهودهم في تسهيل عودة السكان إلى منازلهم أو ما تبقى منها عقب وقف إطلاق النار، مبينا أن أولى الخطوات تمثلت في فتح الشوارع الرئيسية ثم المتفرعة منها رغم أن الاحتلال دمّر نحو 85% من آليات البلدية.

وأضاف أنهم يعملون على توصيل المياه للأهالي في ظل الشح الكبير، وبدؤوا بإجراءات إسعافية لصيانة بعض الآبار ضمن خطة شاملة لإعادة تأهيل الخدمات الأساسية تمهيدا لعودة المواطنين تدريجيا إلى مناطقهم المدمرة.

لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي
الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة


الأكثر تداولا دونالد ترامب حماس اسرائيل

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا