آخر الأخبار

يوم غضب بقابس التونسية ضد التلوث الكيميائي والأمن يقمع

شارك

تونس- تجددت أمس الأربعاء احتجاجات أهالي محافظة قابس جنوب تونس إثر تكرر حالات اختناق عدد من التلاميذ والأهالي في المناطق المحاذية للمجمع الكيميائي بالمنطقة، حيث تجاوز عدد الذين نقلوا للمستشفيات 100 إصابة خلال اليومين الأخيرين، بحسب مصادر إعلامية محلية.

وخرج الآلاف من السكان في مسيرة انطلقت من ساحة الشهداء بالمدينة نحو منطقة شط السلام الأكثر تضررا من تسربات المجمع، مطالبين بتفكيك وحداته الصناعية، بدعوة من حركة "أوقفوا التلوث" تنديدا بما اعتبرته لا مبالاة السلطة تجاه ما يحدث في المحافظة من تلوث وأمراض خطيرة.

وقد فرّقت قوات الأمن المحتجين باستعمال القنابل المسيلة للدموع في محاولة لمنع وصولهم إلى المجمع.

"هدية مسمومة"

يُشار إلى أنه تم إنشاء هذا المجمع سنة 1969 بمنطقة شط السلام، وهو يحتوي على 51 وحدة إنتاج صناعية كيميائية، ويحول مادة الفوسفات إلى جملة من المواد الأخرى كالحامض الكبريتي والحامض الفسفوري الذي يحتوي على مادة الفوسفوجيبس.

وجاءت هذه المسيرة بعد يوم من اجتماع عدد من نشطاء المجتمع المدني مع ممثلي لجنة أرسلها رئيس الجمهورية قيس سعيد من العاصمة تونس لتفقد الوحدات الصناعية والخروج بتقرير مفصل عن حقيقة ما يحدث بالمجمع الكيميائي، وضمت اللجنة ممثلين عن وزارتي البيئة والصناعة.

وفي تصريح للجزيرة نت، قال الحبيب قيزة الموظف السابق بالمجمع الكيميائي التونسي والأمين العام للكونفدرالية التونسية للشغل إن المجمع يعد "هدية مسمومة" لأبناء الجهة أضرت بالمنطقة على جميع المستويات، خاصة الصحية والاجتماعية.

وأكد تردي الوضع الصحي مع غياب الخدمات اللازمة وطالب بالوقف الفوري للمجمع، مشيرا إلى وجود دراسة جاهزة لنقله إلى منطقة "منزل الحبيب" بالجنوب بعيدا عن السكان، واعتبر أن غياب الإرادة السياسية يعد السبب الرئيسي لتواصل الأزمة.

مصدر الصورة الحبيب قيزة: المجمع المجمع "هدية مسمومة" لأبناء قابس (الجزيرة)

ضرر كبير

من جهته، أكد الوزير السابق والقيادي في حركة الشعب وأحد أبناء المنطقة محمد مسيليني للجزيرة نت حصول ضرر كبير لمدينته قابس جراء ارتفاع نسب التلوث، موضحا أنه من حق المواطن التظاهر والتعبير عن رفضه للوضع الحالي. وأكد أن غياب قرار الدولة من شأنه أن يؤجج الأوضاع، وأن السلطة مطالبة بالتحرك الفوري لحماية المواطن من التلوث والأمراض المنتشرة.

إعلان

وتتمثل أهم مطالب المجتمع المدني الناشط في مجال البيئة وضد تلوث المدينة جراء المجمع الكيميائي في إلغاء القرارات الحكومية الصادرة في الخامس من مارس/آذار الماضي والمتعلقة بإنشاء مشاريع الهيدروجين الأخضر ووحدة جديدة لإنتاج الأمونيا، مع التمسك بتنفيذ قرار حكومي صدر سنة 2017 يقضي بتفكيك وحدات المجمع الصناعية الملوثة.

هذا وأثبتت دراسة حديثة أجريت منذ 3 أشهر بطلب من المجمع نفسه عدم التطابق مع المعايير الدولية والوطنية بخصوص تصريف المياه المستعملة وشبكات الصرف الصحي، وهو ما يفسره تلوث البحر، وكشفت الدراسة نفسها المنشورة على الموقع الرسمي للمجمع تسجيل انبعاثات ملوثة للهواء وأقرت بمشاكل وحدات الإنتاج.

في حين أكد تحقيق أجراه مختبر "فاكيتا الفرنسي" منذ حوالي سنة إثر إجراء تحليلات للمياه وللرواسب قرب المجمع الكيميائي، إلقاء 14 ألف طن من الجبس الفوسفوري، إلى جانب إلقاء الماء والطين المحتويين على مستويات عالية من المعادن الثقيلة في البحر.

معاناة السكان

ويحمّل سكان المنطقة المجمع مسؤولية تدهور الوضع البيئي في قابس وتسببه في انتشار أمراض العقم والتشوهات الخلقية والحساسية وأمراض الجهاز التنفسي، وتعاني المحافظة من ارتفاع نسبة الإصابة بمرض السرطان.

وأكدت دراسة محلية أجريت على منطقة شط السلام أن 40% من أطفال المنطقة المجانبة للمجمع الكيميائي مصابون بأمراض تنفسية، و10% من العائلات مصابة بسرطان الرئة، في حين بلغت نسبة الأسر المصابة بسرطان الكلى حوالي 12%.

وقالت المواطنة كريمة الشريف للجزيرة نت إنها خسرت اثنين من أبنائها بسبب مرض الالتهاب الكبدي، واضطرت لبيع أرضها ومسكنها المجاور للمجمع واستقرت في المدينة حتى تحمي عائلتها من التلوث والاختناق اليومي بالغازات السامة.

مصدر الصورة عبد الحليم كروف مريض سرطان حمّل المجمع مسؤولية انتشار هذا المرض في قابس (الجزيرة)

وأكدت أنها أيضا تعاني من مرض الفشل الكلوي، محملة التلوث الصادر عن المجمع السبب المباشر في إصابة ابنيها بمرض الفيروس الكبدي، وأشارت إلى أنه "تم التلاعب بتقريرهما الطبي، مما دفعها اليوم لرفع قضية تطالب فيها بحقهما".

من جهته، قال عبد الحليم كروف (70 عاما) رئيس جمعية مرضى السرطان في منطقة غنوش بمحافظة قابس للجزيرة نت إن سرطان الجيوب الأنفية هو الأكثر انتشارا في الجهة، وأرجع السبب الرئيسي إلى الغازات السامة الصادرة عن المجمع الكيميائي. وأوضح أنه أنشأ الجمعية بعد تجربة خاصة مع هذا المرض.

وقال محمد الماجري، أحد السكان بشط السلام للجزيرة نت "كل عائلة بالمنطقة تواجه مشكلات صحية، وذاقت طعم الفقد والمرض"، وتحدث عن إصابة حفيده بمرض مزمن منذ أن كان عمره سنتين، وأوضح أنه يحتاج تنفسا اصطناعيا بصفة يومية، إلى جانب إصابة زوجته السابقة بهشاشة العظام.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة


الأكثر تداولا اسرائيل حماس دونالد ترامب

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا