آخر الأخبار

هل يسقط "بعبع" نتنياهو في قبضته؟

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

"علينا أن نقاتل بأسلحة تناسب ساحة المعركة الحديثة، وأهمها وسائل التواصل الاجتماعي. وما أهم صفقة جارية الآن؟ نعم، تيك توك".

بهذه الكلمات احتفى بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلي، بأنباء اقتراب صفقة بيع تطبيق تيك توك في الولايات المتحدة لشركات ومستثمرين أميركيين وعالميين، خلال لقائه مجموعة من المؤثرين الأميركيين في القنصلية الإسرائيلية في نيويورك .

واعتبر نتنياهو بيع تطبيق تيك توك لمستثمرين موالين لإسرائيل أهم صفقة في الوقت الراهن، وهو تصريح أثار جدلا واسعا في الولايات المتحدة، خاصة بين صفوف الشباب.



اقرأ أيضا

list of 3 items
* list 1 of 3 ما قصة الملياردير الغامض الذي يبتلع تيك توك من أجل إسرائيل؟
* list 2 of 3 ليس جنونا إنما هي إسرائيل الجديدة
* list 3 of 3 بلير "الأبيض" الذي يريد حكم غزة end of list

تأتي تلك الصفقة تتويجًا لمعركة متواصلة منذ سنوات مع التطبيق الصيني داخل أميركا، ففي أبريل/نيسان عام 2024، وخلال ولاية الرئيس السابق جو بايدن، صادق مجلس النواب الأميركي على مشروع قانون ينص على حظر تطبيق "تيك توك" في الولايات المتحدة إذا لم تبع الشركة المالكة الصينية "بايت دانس" حصتها لشركة (أو شركات) أميركية خلال عام واحد.

وفي نهاية شهر سبتمبر/أيلول الماضي، وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًّا أعلن فيه عن خطته لنقل ملكية تطبيق "تيك توك" داخل الولايات المتحدة إلى شركات أميركية، مقدرا قيمته بنحو 14 مليار دولار.

وبحسب ما أوردته وسائل الإعلام هناك، فإن تحالفًا يضم "أوراكل" و"إم جي إكس" إلى جانب "سيلفر ليك" سيستحوذ على الحصة الكبرى من الكيان الجديد "تيك توك أميركا" بنسبة 45%، وسيبقى أقل من 20% بيد الشركة الأم "بايت دانس"، بينما تذهب الحصة الباقية إلى مستثمرين آخرين حاليين وجدد. ولا تتيح النسبة الجديدة المخفضة للشركة الصينية الاحتفاظ بسيطرة كافية، مما يحقق رغبة الولايات المتحدة في تقليص نفوذ الصين على التطبيق الذي يستخدمه أكثر من 136 مليون أميركي.

إعلان

وراء هذا الصراع تكمن تقنية تيك توك الأساسية، وهي الخوارزمية المتطورة التي يعتمد عليها التطبيق لترشيح المحتوى للمستخدمين، وهي ركن أساسي في عمل التطبيق لدرجة أن الشركة الأم "بايت دانس" تعتبرها أهم ركيزة في هوية تطبيق مقاطع الفيديو القصيرة الأشهر حاليًّا، في حين ترى الولايات المتحدة أن وقوع هذه الخوارزمية تحت سيطرة كيان غير أميركي يشكل خطرا بالغا على الأمن القومي.

أما إسرائيل فأصبحت ترى أن التطبيق يمثل خطرا شديدا على رواج سرديتها في بلد ترغب دولة الاحتلال أن يظل الرأي العام فيه مواليا لها. على مدار العامين الماضيين اجتاحت تيك توك أميركا المقاطع التي تنتقد إسرائيل وتفند روايتها وتتعاطف مع القضية الفلسطينية مما مثل جرس إنذار حول تدهور صورة إسرائيل في أعين الشباب الأميركي، وإيذانا بتقويض أركان السردية التي تحاول بثها عبر وسائل الإعلام المختلفة.

"الخوارزمية" التي فضحت إسرائيل

قبل ظهور تطبيق تيك توك، اعتقد الكثيرون أن التقنية التي تربط المستخدمين ضمن "شبكات اجتماعية" هي الخلطة السحرية لنجاح تطبيقات التواصل الاجتماعي، نظرا للشعبية الهائلة التي تمتعت بها تطبيقات شركة ميتا وفي مقدمتها "فيسبوك" و"إنستغرام".

ولكن ما كشفه تطبيق تيك توك هو أن الخوارزمية التي تعتمد على إدراك اهتمامات المستخدم يمكن أن تكون أكثر قوة، وبدلا من تصميم الخوارزمية اعتمادا على "الرسم البياني الاجتماعي" مثل تطبيقات ميتا، أشار المسؤولون التنفيذيون في تيك توك إلى أن خوارزميتهم تعتمد على ما يُعرف بـ"مؤشرات الاهتمام" (interest signals).

هذا التصميم الفريد لخوارزمية تيك توك ينتج "دائرة تضخيم فيروسية" بالغة القوة، فعندما ينشر أحدهم مقطعًا جديدًا، تعرضه الخوارزمية في البداية على عيّنة صغيرة من المستخدمين الذين يُحتمل أن يثير اهتمامهم هذا النوع من المحتوى.

فإذا استجابت هذه المجموعة إيجابيًّا -بمشاهدة الفيديو حتى نهايته أو الإعجاب به أو مشاركته- تفسّر الخوارزمية ذلك على أنه مؤشر على جاذبية عامة لهذا المقطع. عندها، يُعاد دفع الفيديو إلى جمهور أوسع ممن تتقاطع اهتماماتهم مع النوع ذاته من المحتوى، وكلما أثبت المقطع قدرته على جذب المزيد من المستخدمين الجدد، اتسعت دائرة انتشاره في مسار تصاعدي سريع.

وبحسب ما توضحه المنصة نفسها: عند تحميل أي فيديو جديد، فإنه يُعرض أولًا على متابعين لصاحب الحساب أو على مستخدمين غرباء اختارتهم الخوارزمية استنادًا إلى سلوكهم السابق واحتمال تفاعلهم مع هذا النمط من المقاطع. فإذا لقي الفيديو استجابة إيجابية توسّع نطاق عرضه ليصل إلى مستخدمين آخرين يُرجَّح أنهم يشاركون الاهتمام نفسه.

تتكرر هذه العملية على نحو متسلسل، مما يسمح لبعض المقاطع بالانتشار الواسع في حال لاقت استجابة جيدة من المشاهدين الأوائل. أما إذا لم تُبدِ المجموعة الأولى اهتمامًا كافيًا، فإن الخوارزمية تقلل من ظهور المقطع وتحد من انتشاره.

ولهذا غالبا ستجد في صفحتك على تيك توك خليطًا من فيديوهات حققت ملايين المشاهدات وأخرى شاهدتها أعداد محدودة من المستخدمين.

مصدر الصورة كان حجم المشاركة والانتشار للمقاطع المساندة لفلسطين ضخمًا للغاية على تيكتوك مقارنة بالمقاطع المساندة لإسرائيل (أسوشيتد برس)

لتعزيز هذه العملية، يُصنّف مركز تيك توك الإبداعي، وهو منصة مخصّصة لتزويد المسوّقين والمؤثرين بالبيانات حول الموضوعات الأكثر رواجًا، الوسوم (الهاشتاغات) الصاعدة في فئات متعدّدة مثل الأخبار والترفيه والألعاب والتعليم والرياضة وخدمات الأعمال وغيرها.

إعلان

ويتيح المركز الاطلاع على هذه القوائم والإحصاءات سواء على مستوى دولة بعينها أو على الصعيد العالمي. وتُبنى هذه القوائم على خوارزمية تضع في اعتبارها بالأساس عدد المقاطع المرتبطة بالوسم، إلى جانب حجم المشاهدات التي تحققها تلك المقاطع.

هذه الخوارزمية الفريدة سرعان ما أثبتت قدرتها على إثارة انزعاج سياسي لدى المسؤولين في الولايات المتحدة وإسرائيل منذ اندلاع الحرب على غزة، بعدما ظهرت فجوة لافتة في التفاعل مع الوسوم المرتبطة بمساندة فلسطين والأخرى المؤيدة لإسرائيل عالميا وداخل أميركا نفسها، إذ كان حجم المشاركة والانتشار للمقاطع المساندة لفلسطين ضخمًا للغاية مقارنة بالمقاطع المساندة لإسرائيل.

بسبب أسلوب عمل الخوارزمية كانت هذه الفجوة تتسع باضطراد. وما أثار القلق أكثر أنه مهما بلغ انتشار الوسوم فإن تيك توك لا يرشحها بشكل واسع للأشخاص الذين لا يهتمون أصلا بهذا النوع من المحتوى، مما يعني أن انتشار المحتوى الداعم لفلسطين يعني ببساطة اهتماما ومشاركة واعية من أشخاص يظهر لهم محتوى يوافق تفضيلاتهم من الأساس.

ببساطة، كانت القضية الفلسطينية تحظى بداعمين متحمسين حقيقيين، في حين كانت الرواية الإسرائيلية تعاني تآكلا فعليا.

تأثير تيك توك

حدث ذلك بينما كان تيك توك يتحول إلى المنصة الرئيسية لتشكيل الرأي العام بشأن القضايا السياسية وسط صفوف الشباب الأميركيين، بدلًا من كونه مجرد تطبيق للترفيه.

ففي شهر يونيو/حزيران عام 2023، أصدر معهد رويترز للصحافة تقريرا يؤكد حدوث انخفاض حاد في شعبية المواقع الإخبارية التقليدية، ذاكرا أن 20% من الشباب، بين أعمار 18 و24 سنة، يلجؤون إلى تيك توك مصدرا أساسيا لمعرفة الأخبار، وهذه النسبة ارتفعت بنحو 5% مقارنة بالعام السابق (2022)، أي أن الأمر في زيادة مستمرة.

كما أشار تحليل حديث لمركز بيو للأبحاث (سبتمبر/أيلول 2025) إلى تحول لافت تراكم خلال السنوات الخمس الماضية (2020-2025)، إذ أصبح واحد من كل خمسة بالغين في الولايات المتحدة يحصل بانتظام على الأخبار عبر تطبيق تيك توك مقارنة بـ3% فقط عام 2020. ترتفع هذه النسبة إلى النصف (واحد من كل شخصين تقريبا) وسط صفوف البالغين تحت سن الثلاثين.

ويؤكد التحليل أن تطبيق تيك توك حقق أسرع وتيرة نمو في استهلاك الأخبار مقارنة بكافة منصات التواصل الاجتماعي الأخرى.

مصدر الصورة أسهمت خوارزميات تيك توك بدور محوري في نشر محتوى حيّ ومباشر عن الحرب بين أوساط الشباب الأميركي، إذ امتلأت المنصة بمقاطع فيديو من غزة (رويترز)

كشف تحليل بيو أيضا أن التطبيق يحظى بشعبية ملحوظة بين أبناء جيل "زد" على وجه الخصوص، إذ قال 63% من المراهقين الأميركيين إنهم يستخدمون تيك توك، في حين أشار 43% من البالغين دون الثلاثين إلى اعتمادهم عليه بانتظام لمتابعة الأخبار ارتفاعا من نسبة 9% فقط في عام 2020. وفي الإجمال، يُقدّر أن ما يقارب نصف مستخدمي المنصة في الولايات المتحدة هم من الفئة العمرية دون الخامسة والعشرين.

تقاطع هذا الصعود المحموم لتيك توك مع تحولات الرأي العام التي صاحبت عملية " طوفان الأقصى " والعدوان الإسرائيلي على غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث تُظهر استطلاعات متعددة أن الشباب الأميركيين أصبحوا أكثر تعاطفًا مع الفلسطينيين وأكثر انتقادًا للسياسات الإسرائيلية.

ففي استطلاع وطني أجراه مركز بيو للأبحاث نفسه في فبراير/شباط عام 2024، رأى 38% فقط من البالغين الأميركيين دون سن الثلاثين أن مبررات إسرائيل في قتال حماس "عادلة"، مقارنة بنحو 50% وسط صفوف الفئات الأكبر سنًّا.

كما كان الشباب أكثر ميلًا إلى وصف الرد العسكري الإسرائيلي بأنه "غير مقبول تمامًا" بنسبة 32% مقابل 16% في الفئات الأكبر سنا. والأهم أن 24% فقط من الأميركيين تحت سن الثلاثين عبّروا عن نظرة إيجابية اتجاه الحكومة الإسرائيلية، مقابل النصف تقريبا ممن تجاوزوا سن الخمسين.

إعلان

وفي السياق ذاته، أظهر استطلاع حديث أجراه معهد هاريس بول في أغسطس/آب الماضي، أن 60% من المواطنين الأميركيين، بين 18 و24 عامًا، أعربوا عن دعمهم للفلسطينيين، مقابل 35% فقط أيّدوا إسرائيل.

ويشير تحليل صادر عن معهد بروكينغز إلى أن صور معاناة المدنيين الفلسطينيين، التي تتكرر على وسائل التواصل الاجتماعي وتُعرض باستمرار أمام جمهور الشباب، أدت إلى تآكل حاد في دعم إسرائيل داخل هذه الفئة العمرية.

تركت هذه التحولات الشعبية بصمتها في الفضاء الرقمي كأوضح ما يكون، إذ حلّل باحثون من جامعة نورث إيسترن نحو 280 ألف منشور على تيك توك في الولايات المتحدة، بين أكتوبر/تشرين الأول 2023 ويناير/كانون الثاني 2024، ووجدوا أن عدد المقاطع المؤيدة لفلسطين فاق نظيراتها المؤيدة لإسرائيل بنسبة تقارب عشرين ضعفا كما حققت الأولى مستويات أعلى كثيرًا من التفاعل والمشاهدات.

فقد سُجل ما يقارب 170 ألف منشور مؤيد لفلسطين، حصدت نحو 236 مليون مشاهدة، مقابل أقل من 9 آلاف منشور مؤيد لإسرائيل حصدت نحو 14 مليون مشاهدة، خلال الفترة ذاتها.

وأظهر التحليل أيضا أن المحتوى المؤيد لفلسطين تطوّر على نحو تدريجي، مع نمو الحركات الاجتماعية واتساع رقعة المشاركة الرقمية، في حين اتسم المحتوى المؤيد لإسرائيل باندفاع مؤقت عقب الأحداث الكبرى.

بهذا أسهمت خوارزميات تيك توك بدور محوري في نشر محتوى حيّ ومباشر عن الحرب بين أوساط الشباب الأميركي، إذ امتلأت المنصة بمقاطع فيديو من غزة، تُظهر أطفالًا يُنتشلون من تحت الأنقاض، وعائلات تبحث عن الأمان وسط الركام، وصحفيين يعملون تحت القصف، وهي مشاهد غالبًا ما تغيب أو تُخفَّف حدتها في التغطيات التقليدية لوسائل الإعلام الأخرى.

وبهذا أصبح أبناء جيل "زد" يعرفون ما يحدث للفلسطينيين أولا بأول، ويرون بأعينهم حجم وتأثير الدمار الذي تسببه إسرائيل. باختصار، أصبح تيك توك مساحة رقمية يتعرّف من خلالها جيل "زد" الأميركي على الرواية الفلسطينية ويعاينون شهادات مباشرة من قلب الحرب، في مشهد إعلامي جديد لم تعهده الأجيال السابقة.

يشير تقرير معهد رويترز السابقة الإشارة إليه إلى أحد العوامل المهمة، التي تدفع نحو نمو وسائل التواصل الاجتماعي بوصفها منصات إخبارية، وهو زيادة الشهية للتقارير التي تحتوي على الوسائط المتعددة (ملتيميديا)، خاصة بين أبناء جيل "زد"، إذ إنهم الأقل اهتماما بقراءة الأخبار بسبب تفضيلهم الاستماع أو مشاهدة مقاطع الفيديو.

تطبيق تيك توك تحديدا هو أفضل وسيلة لإشباع هذا التوجه، لأننا الآن نعيش في عصر يعتمد في الأساس على استهلاك المحتوى المرئي بجميع أشكاله، خاصة مع انتشار الهواتف الذكية.

غير أن الخوف الأساسي من التطبيق لا يتعلق فقط بنوعية المحتوى الذي يعرض عليه، بل يرتبط بطبيعة غالبية مستخدميه، وأكثرهم من الشباب الأميركي، الذي لم يعد يقتنع بوسائل الإعلام التقليدية، التي يعتقدون أنها تخضع لسيطرة الحكومة أو أي جهات أخرى، ويمكنها حجب أي معلومات لا تخدم مصالحها.

وحتى فيسبوك، وهي المنصة الاجتماعية الكبرى من حيث عدد المستخدمين، أصبح ينظر إليها على أنها مقيدة بشدة وموجهة خاصة فيما يتعلق بالمحتوى الذي ينتقد إسرائيل حيث يعد مالكها مارك زوكربيرغ من أشد المناصرين لإسرائيل، وتُتّهم منصاته بفرض قيود متزايدة على الرواية الفلسطينية وعلى المنشورات الناقدة لإسرائيل.

السيطرة على تيك توك

في ضوء ذلك، يمكننا أن نفهم سرّ احتفاء إسرائيل بصفقة بيع تيك توك وترقبها للتغييرات المرتبطة بهذه العملية.

ففي وقت سابق من العام الحالي، أشار موقع إنترسبت الإخباري إلى أن الحملة من أجل حظر "تيك توك" في الولايات المتحدة اشتدت مع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وهو ما يظهر مثلا في تصريحات مايك غالاغر عضو مجلس الشيوخ الأميركي السابق -الذي تقدم بقانون حظر تيك توك لأول مرة- على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن في فبراير/شباط الماضي، التي أكد خلال أن مشروع قانون تيك توك كان "معطلًا" حتى هجوم حركة حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 الذي أعاد إحياء التشريع.

في ذلك التوقيت -تحديدا في نوفمبر/تشرين الثاني 2023- وجه غالاغر انتقادات حادة لتيك توك متهما الحزب الشيوعي الصيني باستخدام التطبيق في الترويج لدعاية مناهضة لإسرائيل.

كما أعرب نواب جمهوريون آخرون عن وجهات نظر مماثلة منهم نائب نيويورك مايك لولر -أحد رعاة تشريع حظر المنصة- الذي اتهم تيك توك بـ"التلاعب بالشباب الأميركي ضد إسرائيل" في معرض تعليقه على الاحتجاجات المناهضة لإسرائيل في الجامعات الأميركية في مايو/أيار 2024.

إعلان

في السياق ذاته، ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال في مارس/آذار 2024 أن الغضب من المقاطع المنشورة حول الصراع بين إسرائيل وحماس أعاد الزخم لجهود حظر تيك توك.

وقد صرّح عضو الكونغرس الديمقراطي، رجا كريشنامورثي، بأن الحرب على غزة هي التي دفعته إلى دعم فرض حظر تيك توك في الولايات المتحدة. وكذلك، وجه السيناتور الجمهوري جوش هاولي رسالة إلى إدارة بايدن يدعو فيها إلى حظر المنصة بسبب "انتشار المحتوى المناهض لإسرائيل".

هذا "العامل الإسرائيلي" الحاضر في الضغوط الأميركية على تيك توك يستمر في الإلقاء بظلاله على هيكل الصفقة المنتظرة، التي تحضر فيها أسماء موالية لإسرائيل بشدة في مقدمتها صفرا كاتس، الأميركية الإسرائيلية التي كانت حتى وقت قريب الرئيسة التنفيذية لشركة أوراكل وتشغل حاليا منصب نائب رئيس مجلس الإدارة.

ووفقا لموقع "ريسبونسبل ستيتكرافت" فإن كاتس أظهرت التزاما طويل الأمد بحماية صورة إسرائيل والتأثير في الرأي العام الأميركي لصالحها.

على سبيل المثال، كشفت رسالة مسربة من البريد الإلكتروني لرئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود باراك بتاريخ 16 فبراير/شباط 2015، عن دعوة موجهة من كاتس لباراك للمشاركة في برنامج تلفزيوني من إنتاج شقيقتها "ساريت كاتس" بعنوان "نساء الجيش الإسرائيلي"، بهدف "إضفاء الطابع الإنساني على صورة الجيش في نظر الجمهور الأميركي". وقد تم إنتاج البرنامج بالفعل في عام 2024 ولكن دون مشاركة باراك.

ومع بداية العدوان الإسرائيلي على غزة، أبدت أوراكل دعما لا يتزعزع لإسرائيل، وطالبت كاتس بعرض عبارة "أوراكل تقف مع إسرائيل" على جميع شاشات الشركة، في أكثر من 180 دولة.

كما واصل مسؤولو الشركة مشاريعهم مع حكومة الاحتلال وفي مقدمتها مشروع باسم "كلمات من حديد" يهدف لتعزيز المحتوى المؤيد لإسرائيل والتصدي للروايات الناقدة على تيك توك وإنستغرام وتويتر.

وفي فبراير/شباط 2024 تعاونت إدارة الأمن السيبراني في جيش الاحتلال الإسرائيلي مع شركة أوراكل في مشروع "لإيجاد حلول تقنية لإعادة تأهيل المستوطنات الإسرائيلية قرب غزة باستخدام تقنيات أوراكل".

ولاحقا حضرت كاتس اجتماعًا خاصًّا للضغط مع أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي للمطالبة باستمرار تدفق شحنات الأسلحة إلى إسرائيل كما أعلنت أوراكل عن شراكتها مع شركة رافائيل ، إحدى أكبر شركات الدفاع في إسرائيل، في مشروع ذكاء اصطناعي لتحسين أداء المقاتلين في ساحة المعركة.

وبجانب كاتس، يبرز أيضا اسم لاري إليسون ثاني أغنى رجل في العالم، المؤسس المشارك لأوراكل وصاحب العلاقات الوثيقة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

مصدر الصورة الرئيس التنفيذي لمجلس إدارة شركة أوراكل لاري إليسون في مؤتمر أوراكل في سان فرانسيسكو، كاليفورنيا، 30 سبتمبر/أيلول 2014 (رويترز)

وقد سبق أن عرض إليسون على نتنياهو عضوية مجلس إدارة أوراكل ودعاه لزيارة جزيرته الخاصة في هاواي، كما قدّم إليسون أكثر من 26 مليون دولار لمنظمة "أصدقاء الجيش الإسرائيلي" (FIFD) خلال عامي 2014 و2017.

تعد صفقة تيك توك، في واحد من أوجهها الرئيسية، محاولة من إسرائيل وحلفائها لإعادة التحكم في السردية الإعلامية وحصار منصة سببت صداعا مزمنا، عبر استغلال مخاوف الولايات المتحدة من النفوذ الصيني.

ولكن في وجه آخر، تمثل الصفقة جولة أخرى من جولات هيمنة الأثرياء على وسائل الإعلام في الولايات المتحدة، كما تشير إليه الكاتبة مارغريت سوليفان في صحيفة الغادريان البريطانية.

تشير الكاتبة إلى أن مصير تيك توك سيكون مشابها لمصير معظم وسائل الإعلام الأميركية، بدءًا من شبكات التلفزيون وصولًا إلى كبريات الصحف الأميركية التي أصبحت خاضعة لهيمنة "أوليغارشية" من الأثرياء ورجال الأعمال بما يفضي إلى "إعلام أكثر تطرفًا"، مشيرة مجددا إلى لاري إليسون نفسه الذي يقود عبر شركة "سكاي دانس" التي يملكها نجله ديفيد إليسون توسعًا إعلاميًّا ضخمًا شمل شركة "بارامونت غلوبال" المالكة لقنوات "سي بي إس" (CBS) الإخبارية، مع مساعي لشراء "وارنر براذرز ديسكفري" (Warner Bros) المالكة لشبكة "سي إن إن" (CNN) الإخبارية وشبكة البث والمحتوى التلفزيوني "إتش بي أو" (HBO) إضافة إلى الاستوديوهات السينمائية الشهيرة.

في النهاية، يبدو المشهد تماما كما وصفه وزير العمل الأميركي السابق روبرت رايش عبر حسابه على منصة إكس في 24 سبتمبر/أيلول الماضي: "أغنى رجل في العالم يمتلك إكس، وثاني أغنى رجل على وشك أن يصبح المالك الرئيسي لتيك توك، وثالث أغنى رجل يملك فيسبوك وإنستغرام وواتساب، أما رابعهم فيمتلك واشنطن بوست"، قاصدا إيلون ماسك ، ولاري إليسون، ومارك زوكربيرغ، وجيف بيزوس على الترتيب.

أما الاسم الذي لم يكتبه رايش فهو بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل الذي يعد المستفيد الأكبر من بيع تيك توك، أكثر من لاري أليسون، ومن دونالد ترامب نفسه.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة


الأكثر تداولا اسرائيل دونالد ترامب حماس

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا