آخر الأخبار

وقفات التضامن.. سبيل ذوي أسرى الضفة لمؤازرة أبنائهم

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

نابلس- بعمره الثمانيني يحمل رشاد بصلات صورة نجله الأسير طارق، ويجرُّ أقدامه وزوجته عفاف التي تصغره بقليل إلى دوار الشهداء وسط مدينة نابلس شمال الضفة الغربية ، ليشاركا في فعاليات التضامن مع الأسرى بسجون الاحتلال الاسرائيلي ، وسط آمال عريضة تحدوهم، بسماع أي جديد يُهدئ روعهم ويطمئنهم على ابنهم والأسرى الآخرين.

هذا المشهد اعتاده الزوجان منذ 23 عاما، دون كلل أو ملل، كحال كثير من عائلات الأسرى الذين يتخذون من مراكز المدن وميادينها وسيلة لحشد الجماهير ومؤازرة أبنائهم الأسرى، ولفضح الاحتلال وجرائمه، مدعومين بهيئات محلية، أهلية ورسمية، تعنى بشؤون الأسرى وتساندهم.

ويرى الوالدان، اللذان يقطنان مدينة نابلس، في الميدان "الفرصة" التي لا يمكنهما تفويتها، والخيار الأخير لإيصال رسائلهم ومعاناتهم للجهات المختلفة، لتتحرك، لذا يواظبان على الحضور والاعتصام باستمرار.

مصدر الصورة رشاد وعفاف بصلات خلال مشاركتهما في اعتصام تضامني مع ابنهما الأسير طارق وسط مدينة نابلس (الجزيرة)

حرص على المشاركة

تقول عفاف بصلات (أم لؤي) بينما تحتضن بين ذراعيها صورة ابنها الأسير طارق، إنها تتابع مواقع التواصل ووسائل الاعلام المختلفة، والدعوات الرسمية، لتعرف آخر أخبار الفعاليات المناصرة للأسرى، وتأتي وزوجها لمؤازرة الأسرى واستقصاء آخر أخبارهم من ذويهم أو من الجهات المسؤولة، حيث يحجب الاحتلال المعلومات ويُصعِّد عمليات قمعه للأسرى.

وتضيف للجزيرة نت "ضحّى الأسرى بأعمارهم ومستقبلهم ليعيش شعبهم بكرامته، والواجب الآن تحريرهم من السجون، وطمأنتنا عليهم على الأقل، في ظل ما نسمعه ونراه من انتهاكات وجرائم بحقهم، فأسرانا أهل الكرامة وليسوا مجرمي حرب كما يُصوِّرهم الاحتلال".

والرسالة ذاتها يحملها الحاج رشاد (أبو لؤي) في التضامن مع نجله طارق، ويعيش رغم مرضه وكبر سنه همَّا مشتركا مع زوجته، ويرى بالاعتصامات مع الأسرى "أملا وحيدا متبقيا" أمام حالة الخذلان التي يعيشونها، ويطالب برفع وتيرة الاعتصامات ونصرة الأسرى.

إعلان

ويقول أبو لؤي للجزيرة نت إنه يستغل كل فرصة ولحظة للتضامن مع نجله، ونقل صوته ورسائله للعالم، غير آبه بحالته الصحية وأمراضه، ويطالب بزيارته شخصيا أو عبر محامين، أو سماع صوته بالاتصال به، مضيفا "كان أملنا أن نراه حرا ضمن صفقات الأسرى التي جرت، لكنها لم تشمله".

ويتابع "نريد أن نعرف ما إذا كان بصحة جيدة، وكيف يعيش، أهو معتقل مع آخرين أم تم عزله في زنازين سجن نفحة، حيث يقبع الآن، وفق ما نُقل إلينا مؤخرا".

مصدر الصورة عفاف بصلات والدة الأسير طارق (الثانية يمين) تؤازر ابنها الأسير كباقي الأمهات وذوي الأسرى (الجزيرة)

قلق دائم

اعتقل طارق بصلات (44 عاما) قرب مدينة طولكرم شمال الضفة الغربية عام 2002، واتهمه الاحتلال بمحاولة تنفيذ عملية استشهادية، وحكم بالسجن مدى الحياة، وتنقل بين مختلف سجون الاحتلال وتجرَّع ويلاتها.

ويلفت أبو لؤي إلى أن الاحتلال "صعَّد إجراءاته ضد الأسرى خلال الحرب، وقطع عنهم كل وسائل الاتصال، ونحن نتظاهر ونحتج وكلنا أمل بأن تصل أصواتنا إليهم، أو على الأقل نشعر بأننا أدينا واجبنا تجاههم".

وحال عائلة الأسير بصلات مثل كثير من ذوي الأسرى، يتتبعون أخبار أبنائهم من هنا وهناك، ويستقون آخر المعلومات عنهم عبر الأسرى المفرج عنهم، إذ لم يعد لهم غير ذلك وسيلة في ظل التضييق على الزيارات للأهالي والمحامين.

ويقول الوالدان "نعيش مصيبة الأسر ومراره، ونخشى أن نرحل عن الدنيا دون أن نراه محررا، فالأمراض تُحاصرنا والاحتلال يشدد على طارق في سجنه".



ويتصاعد الأمل في نبرة أبو لؤي وزوجته ويقولان "سيقدر الله لنا رؤيته ذات يوم حرا، وحينئذ سآخذه إلى كل أهالي الأسرى الذين أعرفهم ليطمئنهم على أبنائهم كما فعل الآخرون معنا".

ثمة ما يخفف من حالة القهر التي يعيشها رشاد وعفاف مع استمرار تغييب نجلهما الأسير ومنع زيارته، وهو ما يكابده ذوو الأسرى أمثالهم، الذين يتخذون من مراكز المدن ميادين للاعتصام، ويحملون صور أبنائهم ويطلقون صرخاتهم وهتافاتهم منددين بجرائم الاحتلال.

وتُهوِّن تلك الهتافات والعبارات التي خطت فوق اللافتات التضامنية عن الأهالي جانبا من المعاناة، فهي على الأقل تنقل "رسالة"، كما يقولون.

مصدر الصورة صور وهتافات ولافتات ترفع خلال مؤازرة الأسرى لأبنائهم المعتقلين في سجون الاحتلال تخفف من معاناة الأهالي (الجزيرة)

مواساة وأمل

ويصف الأهالي الاحتجاجات والفعاليات بأنها "أقل واجب" تجاه أبنائهم الأسرى، في وقت يتجاهل فيه العالم، إنسانيا وحقوقيا، قضيتهم، ويتغافل عن جرائم إسرائيل المتواصلة ضدهم.

"لكن في بعض المواساة أمل" يقول ذوو أسرى التقتهم الجزيرة نت خلال اعتصام بنابلس، كالحاجة السبعينية أم صالح قنة المنحدرة من قرية كفر قليل قرب مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، وتأتي دوما لتؤازر ابنها الأسير صالح المعتقل منذ 23 عاما.

بشغف تنتظر أم صالح كما بقية أهالي الأسرى هذه الفعاليات، وتقول للجزيرة نت "نأتي لنواسي بعضنا، فكل الأسرى أبنائي، ويخفف من قلقي على ابني رؤيتي لأهالي الأسرى، وتضيف "من يرى هَم غيره يتلاشى هَمه ومعاناته".

إعلان

وغير بعيد من الاعتصام كان "سمير" الذي تحرر قريبا من سجون الاحتلال يقف مشاركا ومناصرا ومخففا على الأهالي معاناتهم وخوفهم على أبنائهم، وناقلا ما بحوزته من أخبار تطمئنهم.

مصدر الصورة رشاد (الثاني) وعفاف (عن يمينه) ضمن أهالي الأسرى المعتصمين مع أبنائهم (الجزيرة)

ومثل عائلة بصلات وأم صالح يتمنى أهالي الأسرى أن تستمر الفعاليات التضامنية مع الأسرى، وأن تتضاعف كمَّا ونوعا، بحيث تشارك بها قطاعات واسعة من الناس، ولعدة مرات شهريا، وأن تعلن حالة الإضراب العام وتغلق المحال التجارية وقت الاعتصام، وأن تنصب خيمة احتجاج دائمة.

وبينما تُصَّعد إسرائيل حملات الاعتقال اليومية ضد عشرات الفلسطينيين بالضفة الغربية، تواصل كذلك انتهاكاتها ضد أكثر من 11 ألف أسير بسجونها، بينهم أكثر من 50 أسيرة، وأكثر من 400 طفل، ونحو 4 آلاف أسير إداري (تهم سرية).

وتواصل إدارة سجون الاحتلال -حسب بيان- لمؤسسات الأسرى (هيئة شؤون الأسرى و نادي الأسير الفلسطيني ) سياسة الإهمال الطبي بحق الأسرى، وبالتالي استفحال الأمراض بينهم، لا سيما الجرب "سكابيوس"، كما تحرمهم زيارة ذويهم، إضافة لاقتحام غرفهم والتنكيل بهم.

وبالمقابل، يواصل الأهالي اعتصاماتهم في الميدان انتصارا ومؤازرة لأبنائهم، فمنهم من قضى 23 عاما كحال عائلة بصلات ومنهم أكثر، لكنهم يحملون سويا هَم الأسرى وآلامهم.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة


الأكثر تداولا دونالد ترامب اسرائيل حماس

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا