تنطلق الأحد جولة من المفاوضات "غير المباشرة" لبحث آليات تنفيذ المرحلة الأولى من خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الخاصة بإطلاق سراح الرهائن وإنهاء الحرب في غزة، وفق ما أفادت به مصادر دبلوماسية وأمنية مصرية وأمريكية وفلسطينية لبي بي سي.
وذكرت المصادر أن المفاوضات ستنطلق بمشاركة وفود من إسرائيل والولايات المتحدة وحركة حماس، إلى جانب مصر وتركيا، وأن مقر المفاوضات في مصر لم يُحسم بعد، إلا أن منتجع شرم الشيخ على البحر الأحمر يُعدّ الموقع الأكثر ترجيحاً لاستضافتها.
وقالت مصادر أمنية مصرية إن جولة المحادثات المقبلة ستُعقد في مصر بدلاً من قطر بسبب "التوتر القائم"، مشيرة إلى أن القاهرة ستكون "المحطة الأقرب لبدء المحادثات".
وفي إسرائيل، بدأت الاستعدادات العملية للجولة الجديدة، بما في ذلك إعداد خرائط الانسحاب من مناطق في قطاع غزة، وبحث قوائم السجناء الفلسطينيين المحتمل الإفراج عنهم ضمن صفقة التبادل، وذلك في ضوء خطة ترامب التي تتضمن إطلاق سراح نحو 250 مسجوناً محكوماً بالمؤبد، بحسب ما أُبلغت به السلطات المصرية.
من جهته، قال مصدر في حماس مُطّلع على موقف الحركة من المقترح الأمريكي لبي بي سي إن بعض بنود الخطة التي طرحها الرئيس ترامب لإنهاء الحرب في قطاع غزة "لا تزال مبهمة وغامضة وتحتاج إلى مفاوضات إضافية"، وذلك بُعيد إصدار الحركة ردها على الخطة، من دون التطرق إلى مطلب نزع سلاحها.
وأوضح المصدر أن "المقترح الأمريكي غير منضبط وبحاجة إلى مزيد من النقاش عبر الوسطاء".
وأشار مسؤول أمني مصري مُطّلع على مسار المفاوضات خلال العامين الماضيين إلى أن مهلة الـ72 ساعة المقررة لإطلاق سراح الرهائن "قد تُمدد، ولكن من دون المساس بالتزام الإفراج عن جميعهم"، موضحاً أن "الجدول الزمني لإعادة جثامين القتلى قد يتأخر بسبب الظروف الميدانية، وهو ما تدركه إسرائيل".
وفي سياق متصل، قال مصدر دبلوماسي مصري لي بي سي إن القاهرة تعتزم استضافة مؤتمر للفصائل الفلسطينية لبحث مستقبل قطاع غزة بعد انتهاء الحرب.
وأوضح أن مصر "ستبدأ قريباً التحضيرات والدعوات لعقد حوار فلسطيني شامل حول الوحدة الوطنية ومستقبل القطاع، بما في ذلك تشكيل لجنة أو هيئة مستقلة من الكفاءات لإدارة غزة بشكل مؤقت، إلى حين توحيد السلطة الفلسطينية في مختلف الأراضي".
حذّر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب السبت حماس من أنه "لن يتهاون مع أي تأخير" في تنفيذ خطته الهادفة لإنهاء الحرب مع إسرائيل والإفراج عن الرهائن المحتجزين في قطاع غزة.
وتوجّه موفد ترامب إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف وصهره جاريد كوشنر إلى مصر لوضع اللمسات الأخيرة على تفاصيل الإفراج عن الرهائن، وفق ما أعلن مسؤول في البيت الابيض السبت.
وكتب ترامب على منصته تروث سوشال "على حماس التحرك بسرعة وإلا كل الأمور قد تحدث. لن أتهاون مع أي تأخير، وهو ما يعتقد كثيرون أنه قد يحصل، أو أي نتيجة تشكّل غزة بموجبها خطراً من جديد... لننجز هذا الأمر سريعاً".
وفي وقت لاحق السبت، قال ترامب عبر المنصة ذاتها "بعد مفاوضات، وافقت إسرائيل على خط انسحاب أولي عرضناه على حماس"، مرفقاً ذلك بخريطة تُظهر خط انسحاب بالأصفر داخل قطاع غزة، يبعد عن الحدود مع إسرائيل بمسافات تتراوح بين 1,5 كيلومتراً إلى 3,5 كيلومترات.
وأضاف "متى تؤكد حماس موافقتها (على خط الانسحاب هذا)، يسري وقف إطلاق النار فوراً، ويبدأ تبادل الرهائن والسجناء، وسنوفر الظروف للمرحلة المقبلة من الانسحاب".
والسبت أيضاً، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه طلب من وفده المفاوض التوجه إلى القاهرة لإجراء مباحثات بشأن غزة، غداة موافقة حماس على الإفراج عن الرهائن.
وقال في كلمة متلفزة "أصدرتُ توجيهاتي للوفد المفاوض للتوجه إلى مصر لإنجاز التفاصيل التقنية"، مبدياً عزمه على أن "تقتصر المفاوضات على بضعة أيام"، من دون أن يحدد موعد بدئها.
وأشاد ترامب بإعلان "إسرائيل أنها علّقت بشكل مؤقت القصف لمنح اتفاق الإفراج عن الرهائن والسلام فرصة الإنجاز"، رغم تأكيد الدفاع المدني في غزة أن إسرائيل واصلت الغارات والقصف، لافتاً إلى مقتل 57 شخصاً على الأقل منذ فجر السبت.
وتنص خطة الرئيس الأمريكي على وقف إطلاق النار في غزة والإفراج عن الرهائن خلال 72 ساعة وانسحاب تدريجي للجيش الإسرائيلي من القطاع ونزع سلاح حماس ومغادرة مقاتليها.
ودعا ترامب إسرائيل الجمعة إلى "توقف قصف غزة فوراً"، وذلك بعدما أعلنت حماس في بيان موافقتها على الإفراج عن الرهائن بموجب الخطة التي اقترحها.
منذ فجر السبت، قُتل 70 فلسطينياً بنيران الجيش الإسرائيلي في مناطق متفرقة من قطاع غزة.
وبحسب ما نقلت وكالة الأنباء الفلسطينية عن مصادر طبية، "فقد نُقل 15 شهيداً إلى مستشفى الشفاء، و32 إلى المعمداني، وإثنان إلى مستشفى العودة، و19 إلى مستشفى ناصر، وإثنان إلى مستشفى الأقصى".
وأسفرت الحرب في غزة، منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول عن مقتل 67,074 فلسطينياً، أغلبيتهم من الأطفال والنساء، وإصابة 169,430 آخرين، في حصيلة غير نهائية لوزارة الصحة في القطاع.
وتؤكد الوزارة دائماً أن عدداً من الضحايا لا يزال تحت الركام وفي الطرقات، ولا تستطيع طواقم الإسعاف والإنقاذ الوصول إليهم.
ومع تواصل العمليات على الأرض، أكدت حركة "حماس" في بيان صحفي أن ما يحدث من "مجازر متواصلة" يفضح ما وصفته بـ"أكاذيب" رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ويكشف "زيف ادعاءاته حول تخفيف استهداف المدنيين".
وجددت الحركة دعوتها للمجتمع الدولي، والدول العربية والإسلامية، إلى "تحمّل مسؤولياتهم القانونية والإنسانية، والتحرك العاجل لحماية الشعب الفلسطيني في غزة ووقف حرب الإبادة والتجويع المستمرة منذ عامين"، بحسب البيان.
نشرت حركة حماس على تيلغرام مقطعاً مصوراً قالت إنه " الظهور الأول لرئيس حركة حماس في قطاع غزة ورئيس وفدها المفاوض الأخ المجاهد الدكتور خليل الحية، منذ محاولة الاغتيال الغادرة في العاصمة القطرية الدوحة والذي استشهد فيها نجله همام ومدير مكتبه جهاد لبد وعدد من فريق مكتبه".
ونقلت حماس المقطع عن قناة "التلفزيون العربي" القطرية، إذ وجّه الحية فيه رسالة أكد خلالها أن "دماء الشهداء، ومن بينهم أبناؤه، ستكون طريقاً للنصر".
وقال الحية في كلمته: "بقدر ألم فراق ابني ومرافقي وباقي الشهداء، لا أفرق بينهم وبين باقي أبناء قطاع غزة الذين كلهم أبنائي".
وكان خمسة من أعضاء حركة حماس وضابط أمن قطري قُتلوا في الغارة الإسرائيلية التي استهدفت اجتماعاً للوفد المفاوض للحركة في العاصمة الدوحة، في سبتمبر/أيلول الماضي.