في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
من جنوب السودان إلى زامبيا، تكثّف إسرائيل تحركاتها الدبلوماسية والعسكرية في القارة، عارضة المساعدات والتقنيات وحتى السلاح، في محاولة يقول خبراء إنها قد تعيد رسم خريطة نفوذها هناك.
ففي أواخر أغسطس/آب الماضي، رفرف العلم الإسرائيلي مجددا فوق العاصمة الزامبية لوساكا بعد انقطاع دام أكثر من نصف قرن.
وقد اعتبر وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، الذي حضر حفل إعادة افتتاح السفارة، الخطوة "عودة إلى أفريقيا"، في وقت تواجه فيه تل أبيب عزلة دولية متزايدة بسبب حربها على غزة.
كما وصف الإعلام الإسرائيلي المناسبة بـ"الانتصار"، في حين رأت إحدى الصحف أن زامبيا قد تكون "الحدود الكبرى التالية لإسرائيل في أفريقيا".
يرى محللون أن هذه الخطوة ليست معزولة، بل جزء من حملة أوسع تهدف إلى كسب حلفاء جدد في القارة، خصوصا مع تصاعد الانتقادات الدولية لإسرائيل.
وفي تصريح للجزيرة، قالت الباحثة فايث مابيرا من جامعة ويتواترسراند إن ما يجري "إحياء لإستراتيجية فرق تسد" في مواجهة جنوب أفريقيا ، أبرز منتقدي إسرائيل داخل القارة.
وقبل أيام من حفل لوساكا، زارت شارن هاسكل نائبة وزير الخارجية الإسرائيلي نيجيريا ، لكن أبوجا لم تُعلن رسميا عن اللقاء.
وبعدها بأسابيع، أوقفت السلطات النيجيرية أحد قادة الجالية الفلسطينية، في خطوة أثارت تساؤلات عن ارتباطها بالزيارة.
كما واصلت هاسكل جولتها إلى جنوب السودان، متعهدة بتقديم مساعدات إنسانية، لكن الزيارة تزامنت مع تقارير عن محادثات سرية لنقل فلسطينيين قسرا من غزة إلى جوبا ، وهو ما نفته الأخيرة رغم تأكيد وكالات أنباء كبرى عن وجود هذه المناقشات.
شهدت العلاقة بين إسرائيل وأفريقيا تقلبات حادة. ففي الخمسينيات والستينيات، نجحت تل أبيب في استمالة دول أفريقية حديثة الاستقلال، لكنها فقدت معظمها بعد حرب أكتوبر 1973 حين قطعت أكثر من 20 دولة علاقاتها معها.
ومنذ ذلك الحين، تحاول إسرائيل استعادة حضورها، لكنها لم تتمكن إلا من إعادة فتح 11 سفارة، مقابل 33 قبل 1973.
وتركّز إسرائيل على شرق أفريقيا، مقدمة مساعدات محدودة في مجالات الزراعة والمياه والصحة، لكنها في المقابل عززت حضورها العسكري.
وأكدت تقارير أممية أن أسلحة إسرائيلية غذّت الحرب الأهلية في جنوب السودان بعد استقلاله.
ورغم الخطاب المؤيد لفلسطين، اشترت دول مثل نيجيريا والكاميرون وتشاد وأوغندا أسلحة إسرائيلية خلال العقدين الماضيين.
لكن، ومع اندلاع حرب غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، تراجعت مكاسب إسرائيل الدبلوماسية في القارة.
فقد أدانها الاتحاد الأفريقي بوضوح، كما أن جنوب أفريقيا قادت معركة قضائية ضدها أمام محكمة العدل الدولية بتهمة الإبادة.
وفي أبريل/نيسان 2024، طُرد السفير الإسرائيلي من فعالية للاتحاد الأفريقي في أديس أبابا ، قبل أن يُعلَن تعليق صفة المراقب التي حصلت عليها إسرائيل عام 2021.
رغم ذلك، ما زالت إسرائيل تراهن على دول مثل زامبيا وجنوب السودان، التي امتنعت عن التصويت على قرار إدانتها في الأمم المتحدة .
لكن محللين يرون أن هذه المكاسب هشة، وأن جنوب أفريقيا تبقى رأس الحربة في مواجهة النفوذ الإسرائيلي.
وفي هذا الصدد، قال محمد ديساي، مؤسس حركة "أفريقيا من أجل فلسطين"، للجزيرة "تنامت حركات التضامن الشعبية مع فلسطين بشكل هائل. أي حكومة تحاول الانجذاب للوعود الإسرائيلية ستُحاسب من شعبها. في النهاية، ستفشل جهود إسرائيل في القارة".