آخر الأخبار

احتجاجات "جيل زد" تتواصل في المغرب.. فهل تحتويها الحكومة؟

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

الرباط- لليوم الرابع على التوالي، تستمر الاحتجاجات الشبابية في المغرب ، مطالبة بإصلاح قطاعات الصحة والتعليم وتوفير فرص عمل، وقد دعت إلى هذه التحركات مجموعة شبابية ناشطة على مواقع التواصل الاجتماعي تُعرف عالميا باسم " جيل زد ".

ورغم تدخل قوات الأمن لمنع هذه الاحتجاجات بدعوى عدم الترخيص لها، واعتقال المئات من المشاركين في مدن الرباط و الدار البيضاء و مراكش و أغادير ووجدة و طنجة ، لم تتوقف الاحتجاجات بل امتدت لتشمل مدنا أخرى.

وفي الرباط، اعتقلت الشرطة عددا من الشباب ونقلتهم إلى مراكز الأمن للتحقيق معهم قبل إطلاق سراحهم، في حين مثل 35 شابا وشابة أمام النيابة العامة صباح الثلاثاء، وستستمر محاكمتهم من دون الحاجة إلى اعتقالهم.

وفي الدار البيضاء، قررت النيابة العامة اعتقال 18 شخصا، من بين 24 جرى توقيفهم الأحد الماضي إثر احتجاجات في الطريق السيار، ووجهت لهم تهم عرقلة حركة السير وتعطيل المرور.

واستنكرت جمعيات حقوقية وأحزاب سياسية استعمال القوة لتفريق المتظاهرين، غير أن وكالة المغرب للأنباء الرسمية نقلت عن خبير أمني قوله إن "تدخل عناصر الأمن لمنع وقفات احتجاجية دعت إليها جهات مجهولة تم وفق مقاربة متوازنة، تحرص على صون مرتكزات النظام العام، وضمان سلامة عناصر هذه القوات والمتجمهرين".

وعقدت الأغلبية الحكومية اجتماعا اليوم الثلاثاء بحضور رئيس الحكومة ورئيس حزب التجمع الوطني للأحرار عزيز أخنوش ورؤساء حزبي الأصالة والمعاصرة والاستقلال لمناقشة هذه الاحتجاجات التي شهدتها عدة مدن.

من جهة أخرى، دعت لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب إلى اجتماع غدا الأربعاء بحضور وزير الصحة والحماية الاجتماعية، لمناقشة "الوضعية الراهنة للمنظومة الصحية والتدابير المتخذة من أجل تسريع تنزيل إصلاحها لضمان حق المواطنين في العلاج والرعاية الصحية".

إعلان

مطالب تتسع

ورفع الشباب المحتجون في بداية حركتهم الاحتجاجية، السبت الماضي، شعارات تطالب بإصلاح قطاعي الصحة والتعليم وتوجيه الإنفاق الحكومي لهذين القطاعين الحيويين عوض صرفه في مشاريع بناء الملاعب، قبل أن تضاف لها مطالب أخرى مثل توفير فرص العمل والعدالة وإسقاط الفساد.

ويجتمع الناشطون من "جيل زد" (Z) على مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة موقع "ديسكورد" لمناقشة تطورات الأحداث الميدانية والمدن التي سيتم تنظيم الاحتجاجات فيها، وتعلن عن أماكن التجمع عبر صفحاتها قبل ساعتين على الموعد المحدد.

رغم الجهود الحكومية في بناء المستشفيات والمدارس وزيادة الميزانيات، ما يزال قطاعا الصحة والتعليم في المغرب يواجهان إشكاليات عميقة تدفع المواطنين إلى اللجوء إلى المدارس والمستشفيات الخاصة بحثا عن الجودة.

وصنف المنتدى الاقتصادي العالمي "دافوس" المغرب في المرتبة الـ101 عالميا في جودة التعليم، بينما جاء في المرتبة 94 من أصل 99 دولة في مؤشر الرعاية الصحية لعام 2025.

ورفعت الحكومة موازنة التعليم إلى نحو 90 مليار درهم مغربي (9 مليارات دولار أميركي) عام 2025، مع تحسين أجور المعلمين وأساتذة الجامعات وإطلاق برامج إصلاحية كـ"مدارس الريادة" وفتح أقسام جامعية جديدة تتماشى مع سوق العمل.

وفي الصحة، ارتفعت الميزانية من 19.7 مليار درهم عام 2021 إلى 32.6 مليار عام 2025 (3.59 مليارات دولار)، مع إطلاق مشاريع لبناء مستشفيات جامعية جديدة وتأهيل المراكز الاستشفائية وتجهيزها.

إلى جانب رفع عدد الكوادر الصحية عبر توسيع طاقة كليات الطب والمعاهد التمريضية ومراجعة مدة تأهيل الأطباء بهدف الرفع من أعداد العاملين في القطاع إلى أكثر من 90 ألفا بغية تجاوز عتبة 24 مهنيا صحيا لكل 10 آلاف نسمة عام 2026، والعمل على رفعها إلى 45 مهنيا سنة 2030.

مصدر الصورة انتقادات حقوقية وسياسية واسعة لطريقة التعامل الأمني مع المظاهرات (الجزيرة)

انتقادات حقوقية

ولقي التعامل الأمني مع مطالب المحتجين انتقادات حقوقية وسياسية واسعة، ودعا حزب العدالة والتنمية في بيان الحكومة والسلطات إلى التعامل مع هذه الأشكال الاحتجاجية والمظاهرات السلمية التي ينظمها المواطنون وخاصة الشباب بحكمة سياسية ووفق ما ينص عليه ويضمنه الدستور والقانون من الحقوق والحريات الأساسية.

وأكدت منظمة الشبيبة الحركية (حزب الحركة الشعبية) أن الأزمة الحالية هي نتيجة حتمية لغياب الرؤية الحكومية لمعالجة قضايا التعليم، والتأهيل والتدريب، والتشغيل والعدالة المجالية، مشيرة -في بيان- إلى أن اتساع دائرة فقدان الأمل وانعدام الثقة في المؤسسات أدى إلى حراك شبابي.

واستنكرت كل من الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، والعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، والجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان بالمغرب، ومنتدى كرامة لحقوق الإنسان، التدخلات العنيفة التي طالت الاحتجاجات السلمية وطالبت بالإفراج الفوري عن كافة المعتقلين وفتح تحقيق شامل في الانتهاكات المسجلة.

وأجرت الجزيرة نت اتصالات برؤساء الفرق البرلمانية للأغلبية الحكومية للتعليق على الاحتجاجات وطريقة تعامل الدولة معها، إلا أنهم برّروا عدم الرد بانشغالهم في اجتماعات حزبية.

إعلان

وقالت نجية الدريوش كاتبة الدولة لدى وزير الفلاحة والقيادية في حزب "التجمع الوطني للأحرار"، الذي يقود الحكومة، إن هذه الأخيرة حققت إصلاحات عديدة، وأضافت مخاطبة أعضاء حزبها في لقاء نهاية الأسبوع أن الحكومة ورثت إرثا ثقيلا و5 سنوات غير كافية لإنجاز كل الإصلاحات في التعليم والصحة.



وعي شبابي

وأكد النائب رشيد الحموني، رئيس "فريق التقدم والاشتراكية" بمجلس النواب أن المعارضة دعمت المشروع الملكي لإصلاح المنظومة الصحية، غير أنه بعد المصادقة عليها، تم إعفاء الوزير وتعيين آخر جديد، ومنذ ذلك الحين -حسب قوله- "لم يصدر أي مرسوم أو إجراء لتفعيل القوانين منذ أكثر من سنة".

وأشار الحموني للجزيرة نت إلى أن تجميد مشروع قانون "المجموعات الصحية الترابية"، الذي كان من شأنه حل مشاكل الموارد البشرية وتحفيز الكوادر الصحية، يثير تساؤلات حول الجهات المستفيدة من هذه الخطوة.

وأضاف أن الشباب الذين خرجوا للاحتجاج هم أنفسهم الذين أشارت إليهم تقارير بنك المغرب والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وكشفت أن واحدا من بين كل 4 شباب، تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة، لا يعملون وليسوا بالمدرسة، ولا يتابعون أي تكوين (تأهيل أكاديمي أو مهني) أي ما يعادل 1.5 مليون فرد.

واعتبر أن هؤلاء فقدوا الثقة في الحكومة، خاصة بعدما وعدتهم بمليون منصب شغل، ولم توف بوعودها.

من جانبه، يرى المحلل السياسي إسماعيل حمودي أن أسباب خروج الشباب من "جيل زد" للاحتجاج متعددة، غير أن الوعي بالتفاوتات الاجتماعية والمجالية يظل السبب الأبرز.

وأشار حمودي، في تصريح للجزيرة نت، إلى أن الوعي الشعبي يتغذى أيضا من إدراك "الأولويات المقلوبة" للحكومة، التي توجه كل طاقتها نحو متطلبات المونديال، بينما أهملت القطاعات الاجتماعية، وتركتها فريسة لهيمنة القطاع الخاص، الذي صار بعضه على صلة بالحكومة الحالية، ويحظى برعايتها ودعمها.

كما أضاف أن الحكومة تواجه سمعة سيئة باتت تلاحقها بعد أن التصقت بها صورة "حكومة التبزنس" وافتراس المال العام.

وأكد أن كل هذه العوامل عززت الوعي لدى شرائح مختلفة، ومنهم الشباب من "جيل زد"، بالحاجة إلى رفع الصوت ضد السياسات الحكومية المتبعة، خصوصا أنها أسهمت أيضا في ارتفاع البطالة بشكل غير مسبوق، وتدهور القطاعات الاجتماعية.

تفاعل الحكومة

وفي أول رد فعل رسمي على الاحتجاجات، أكدت رئاسة الأغلبية الحكومية -في بيان صحفي مساء اليوم الثلاثاء- على "حسن إنصاتها وتفهمها للمطالب الاجتماعية واستعدادها للتجاوب الإيجابي والمسؤول معها، عبر الحوار والنقاش داخل المؤسسات والفضاءات العمومية، وإيجاد حلول واقعية وقابلة للتنزيل، للانتصار لقضايا الوطن والمواطن".

وعقدت الأغلبية الحكومية اجتماعا اليوم الثلاثاء برئاسة رئيس الحكومة عزيز اخنوش ورؤساء حزبي الأصالة والمعاصرة والاستقلال، وحضور رئيس مجلس النواب ووزراء الصحة والتربية الوطنية والتعليم العالي والادماج الاقتصادي والصناعة.

وأكدت أن المقاربة المبنية على الحوار والنقاش هي السبيل الوحيد لمعالجة مختلف الإشكالات التي تواجهها البلاد، مشيرة إلى أن طموح الإصلاح الصادر عن هذه "التعبيرات الشبابية" يلتقي مع الأولويات التي تشتغل عليها الحكومة.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة


الأكثر تداولا اسرائيل دونالد ترامب حماس

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا