أفادت وكالة رويترز للأنباء بنقل مصاببن إلى مستشفى الشفاء الرئيسي في مدينة غزة يوم الاثنين، في أعقاب الغارات الإسرائيلية التي أحدثت أعمدة دخان في سماء المدينة.
وقال مسعفون فلسطينيون إن الجيش الإسرائيلي قتل 18 شخصاً على الأقل في أنحاء غزة يوم الاثنين، معظمهم في مدينة غزة.
وتقدمت الدبابات الإسرائيلية حتى أصبحت على بُعد مئات الأمتار من مستشفى الشفاء، حيث يقول الأطباء إن مئات المرضى ما زالوا يتلقون العلاج هناك على الرغم من الأوامر الإسرائيلية بمغادرتها، وفق الوكالة.
وقال مسؤولون في وزارة الصحة إن الدبابات حاصرت أيضاً المنطقة المحيطة بمستشفى الحلو القريب، والذي يأوي 90 مريضاً، من بينهم 12 رضيعاً على الأقل في حاضنات. وأفاد مسعفون بتعرض المستشفى للقصف ليل الأحد.
وقال مسعفون لوكالة رويترز إن الموقع تعرض للقصف، وأظهر مقطع فيديو حصلت عليه الوكالة غرف المستشفى والأسرّة هناك متناثرة مع الحطام.
وقال ريكاردو بيريس المتحدث باسم اليونيسف لرويترز: "حان الوقت لنقلهم لأن مدينة غزة أصبحت مرة أخرى منطقة قتال، لكن إلى أين ننقلهم؟ لا يوجد مكان آمن لهم".
وكان أحد الأطفال يتلقى العلاج على سرير داخل مستشفى في الشفاء دون فراش.
في حين، تعرّضت العديد من مستشفيات غزة المكتظة بالسكان لهجمات وأضرار، كما أنها تواجه نقصاً في الأدوية.
وقد شنّت إسرائيل واحدة من أكبر هجماتها في الحرب خلال هذا شهر سبتمبر/ أيلول الجاري، وهو هجوم شامل على مدينة غزة، حيث يقول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه يهدف إلى "القضاء على حماس في معاقلها الأخيرة".
في هذه الأثناء، يعاني سكان شمال قطاع غزة من شح شديد في المواد الغذائية التي إن وُجدت تكون أسعارها باهظة، بعدما نزح كثير من التجار إلى جنوب القطاع.
وقالت إحدى المواطنات في شمال القطاع لبي بي سي إنها تريد البقاء في الشمال ولا تريد النزوح، لكنها تعاني من أجل الحصول على طعام لشرائه.
وتوضح "أنا أرغب اليوم في شراء كيلو دقيق ولذلك سأقطع مسافة كبيرة لشرائه، إن وُجد أساساً....نريد شراء معلبات وأرز للحصول على طعام، ونرغب في شحن هواتفنا المحمولة، لكن أغلب المحلات للأسف أُغلقت وأصبحت البضائع أسعارها باهظة للغاية".
وقالت إيمان من مدينة غزة شمال القطاع إنها وأهلها لايزالون يعيشون هناك، وذكرت أن "المواد التموينية في مدينة غزة لم تعد متوفرة كما كانت في السابق وقد بدأت تقل تدريجياً والآن لم تعد متاحة، كالجبن والحليب المجفف... ولم يتبق فقط سوى مواد غذائية قليلة نستطيع أكلها حتى نشعر ببعض من الطاقة وحتى نقاوم ونعيش".
بينما قال محمد عبد الله من شمال القطاع إن "نزوح التجار من شمال القطاع إلى جنوبه وإغلاق معبر زيكيم التي كانت تدخل عبره البضائع إلى شمال قطاع غزة، فاقم الوضع".
في غضون ذلك، حذّر عدنان أبو حسنة، المستشار الإعلامي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، من أن الأوضاع في مدينة غزة تتجه نحو ما وصفه بـ"تسونامي إنساني كبير"، واصفاً المشهد هناك بأنه "حالة من الجنون".
وقال أبو حسنة في تصريحات لبي بي سي، إن ما يقارب نصف مليون شخص ما زالوا محاصرين داخل المدينة "في مساحة لا تتجاوز ثمانية كيلومترات مربعة"، وسط انهيار شامل في المنظومة الإنسانية، بما في ذلك الخدمات الصحية والإغاثية والبنى التحتية الأساسية.
وأشار إلى أن شاحنات المساعدات التابعة للأونروا الموجودة خارج قطاع غزة تُمنع من الدخول، في حين تعاني الوكالة من عجز مالي يقدَّر بـ 200 مليون دولار، الأمر الذي يهدد بتقليص عملياتها في جميع مناطق عملها.
وأوضح أبو حسنة أن الجيش الإسرائيلي يواصل التقدم داخل المدينة، بينما تبقى عشرات العائلات محاصرة "في جزر صغيرة" يصعب خروجها منها "دون التعرض لخطر شديد على حياتها".
وفيما يتعلق بجنوب القطاع، لفت إلى أن هناك مليوناً و200 ألف شخص يعيشون أصلاً على مساحة لا تزيد عن 35 كيلومتراً مربعاً، محذراً من أن "دفع نحو مليون شخص آخرين إلى المنطقة سيجعل كل كيلومتر مربع يضم 70 ألف نسمة".
وأكد أبو حسنة أن "المجاعة انتقلت أيضاً من غزة إلى مناطق الوسط والجنوب مع النازحين"، مشدداً على أن المنظومة الإنسانية بأكملها "في حالة انهيار"، وأن عدد الشاحنات التي تدخل القطاع "تقلّص بطريقة دراماتيكية إلى بضع عشرات فقط".
واختتم قائلاً: "في غزة الآن حالة من اللامنطقية، حالة من الجنون. الشاحنات موجودة خارج القطاع ولا يُسمح بدخولها، بينما الناس في الشوارع، والمنظومة الصحية والإنسانية منهارة تماماً".