قالت مجلة لوبوان إن نيكولا ساركوزي سيكون أول رئيس فرنسي سابق يسجن، لكن حالة مشابهة وقعت قبل قرن من الزمن، عندما سجن رئيس الوزراء جوزيف كايو بتهمة "التخابر مع العدو".
وذكرت الصحيفة بأن إعلان سجن نيكولا ساركوزي الذي حكم عليه بـ5 سنوات، شكل زلزالا سياسيا، أعاد إلى الأذهان أن الجمهورية لم تشهد شيئا مماثلا من قبل، وإن كان بعض الملوك الفرنسيين أسروا، مثل جان الثاني الطيب الذي أسره الإنجليز عام 1356، و لويس الـ16 الذي سجن عام 1792 قبل إعدامه.
ومع ذلك سبق أن واجه أحد كبار المسؤولين هذا المصير المشؤوم، عندما أوقف رئيس مجلس الوزراء السابق جوزيف كايو في منزله يوم 14 يناير/كانون الثاني عام 1918، ونقل إلى سجن "لا سانتيه"، حيث تم حبسه بنفس التهمة، كما تقول الصحيفة.
لم يكن كايو شخصا عاديا، فقد ولد لعائلة سياسية، وكان ثريا منذ ولادته، وبرز كمفتش مالي لامع، وخلال محاكمة زوجته عام 1914، قال بفخر "في سن الـ35، دخلت البرلمان مظفرا"، وبالفعل أصبح وزيرا للمالية عام 1899، ثم مرة أخرى عام 1906، ثم رئيسا للوزراء عام 1911.
أما ذنبه -حسب الصحيفة- فهو أنه ترك وراءه من الأعداء أكثر مما ترك من الأصدقاء، وقد وصفه الكاتب موريس باريس بأنه "أكثر الرجال كراهية في فرنسا، إذ كان متعجرفا، ومتفاخرا بثروته، ومغرما بالصيد وتوجيه السخرية اللاذعة، وكان يتلذذ بإثارة العداء".
وقد ترك كايو -كما تقول الصحيفة- بصمتين سياسيتين كبيرتين، هما قانون ضريبة الدخل عام 1909، والتفاوض مع ألمانيا عام 1911 لتجنب الحرب في المغرب، مقابل تنازلات في الكونغو، وقال بفخر "لقد زودت فرنسا بنظام ضريبي حديث"، و"لقد أنقذت سلام العالم".
أثار ذلك غضبا شديدا بين اليمين السياسي، وبلغت الكراهية ذروتها عام 1914، عندما نشرت جريدة لوفيغارو، بقيادة مديرها غاستون كالمت، 110 مقالات في 3 أشهر من أجل النيل من كايو.
في 16 مارس 1914، اقتحمت زوجته هنرييت كايو مكتب كالمت، وأطلقت عليه 6 رصاصات وقتلته، وقالت عند توقيفها، "كان هذا هو الحل الوحيد، لا توجد عدالة في فرنسا"، ومع ذلك، تم تبرئتها في نهاية المطاف يوم 28 يوليو/تموز 1914، لكن مقتل مدير لوفيغارو كان له أثر مدمر على مسيرة زوجها السياسية.
حكم على كايو أمام المحكمة العليا بالسجن 3 سنوات والحرمان من الحقوق المدنية، بتهمة مراسلة العدو، لكن البرلمان اليساري صوت على العفو عنه في يوليو/تموز 1924
عام 1914، أُرسل كايو في "مهمة" إلى البرازيل، حيث اتهم هناك بالتقرب من عميل ألماني، في وقت كان ينظر فيه إلى دعواته للسلام على أنها خيانة في زمن الحرب، وكان خصمه السياسي الأكبر كليمنصو يقول "أخوض الحرب، ولا شيء سوى الحرب".
وأخيرا، قرر الرئيس بوانكاريه بالتشاور مع كليمنصو -حسب الصحيفة- اعتقال كايو والاستمرار في الحرب حتى النهاية، ثم طلب رفع الحصانة البرلمانية عنه في ديسمبر/كانون الأول عام 1917، بتهمة التخابر مع العدو التي قد تصل عقوبتها إلى الإعدام.
وفي 23 فبراير/شباط 1920 حكم على كايو أمام المحكمة العليا بالسجن 3 سنوات والحرمان من الحقوق المدنية، بتهمة "مراسلة العدو، لكن البرلمان اليساري صوت على العفو عنه في يوليو/تموز 1924 وعاد لاحقا إلى الحكومة كوزير مرتين (1925 و1926)، ثم أصبح عضوا في مجلس الشيوخ.