في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
دمشق- يشهد الملف السوري الإسرائيلي تطورات سياسية ودبلوماسية، تزامنا مع مناقشات حول اتفاق أمني محتمل بين دمشق و تل أبيب يهدف إلى ترتيب الأوضاع الأمنية في الجنوب السوري بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
ويركز الاتفاق على إنشاء مناطق منزوعة السلاح وضمانات أمنية متبادلة بوساطة أميركية، لكن تساؤلات عن استدامته وتأثيره على السيادة السورية تظل قائمة.
وتشير تقارير إعلامية إسرائيلية إلى أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تدفع نحو إتمام الصفقة بنسبة 99%، بوساطة مبعوث أميركي.
ويأتي ذلك بعد انسحاب إسرائيل من اتفاق الفصل (فض الاشتباك بين سوريا وإسرائيل) عام 1974 وسيطرتها على المنطقة العازلة، مما أثار مخاوف دمشق من توسع إسرائيلي.
ويقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسين بن طلال، البروفيسور حسن عبد الله الدعجة، إن الضغط الأميركي هو المحرك الأساسي للاتفاق، بهدف تقليل التوترات الإقليمية وتعزيز مصالح واشنطن وحلفائها، مشيرا إلى أن الاتفاق قد يكون خطوة لتسويات إقليمية في ظل رغبة القوى الكبرى في احتواء الأزمات.
ويضيف الدعجة -للجزيرة نت- أن الاتفاق قد يُستغل إقليميا لتأكيد ابتعاد سوريا عن تحالفاتها مع إيران و حزب الله ، مما قد يضعف تأثيرها في ميزان القوى.
وتنص البنود الرئيسية للاتفاق المقترح على إقامة:
ويحذِّر الدعجة من أن هذه البنود تضمن عمقا أمنيا لإسرائيل، لكنها تُقلل من سيطرة دمشق على حدودها، ويعتبر أن احتفاظ إسرائيل بجبل الشيخ تهديدا للسيادة السورية، فضلا عن أنه قد يُثير رفضا شعبيا ويجعل الاتفاق هشا إذا لم يُعالج جذور الصراع.
ويوضح أن نجاح الاتفاق يعتمد على آليات واضحة لوقف الاشتباكات وضمانات دولية، مؤكدا أن السلطة الجديدة في دمشق ستواجه تحديات مؤسساتية وانقسامات داخلية، مما يصعّب تطبيق الاتفاق، وقد ترى المعارضة فيه تنازلا عن السيادة، مما يُثير احتجاجات أو مواجهات مسلحة.
لكن الاتفاق -بحسب الدعجة- قد يفتح الباب لدعم دولي يُعزِّز شرعية السلطة الجديدة، شريطة الحفاظ على وحدة الأراضي السورية.
وكالة رويترز تنقل عن الرئيس السوري أحمد الشرع قوله إن المفاوضات الجارية مع إسرائيل للتوصل إلى اتفاق أمني قد تؤدي إلى نتائج في الأيام المقبلة، مشددا على أن السلام والتطبيع ليسا على الطاولة الآن#الأخبار #الجزيرة_سوريا pic.twitter.com/9evWXQ97uy
— قناة الجزيرة (@AJArabic) September 18, 2025
من جهته، يقول مدير مركز جسور للدراسات محمد سرميني -للجزيرة نت- إن الاتفاق يهدف لتثبيت الاستقرار في درعا والسويداء، لكنه قد يُثير مقاومة محلية إذا رأت الجماعات أنه تنازل عن السيادة.
فالاتفاق -يوضح سرميني- لا يعالج الأسباب الجذرية للصراع، مما يجعله عرضة للانهيار، مضيفا أن التفاصيل الفنية، مثل تحديد المنطقة العازلة وتمويل إعادة الإعمار، قد تُعرقل التنفيذ.
ويشير إلى أن الجماعات المحلية في السويداء قد تعارض الاتفاق، معتبرة إياه انتقاصا من السيادة، مما قد يُعرقل تنفيذه، لكن ضمانات دولية وإعادة إعمار قد تُخفِّفُ التوتر، مضيفا أن إشراك المكونات الدرزية في مناصب أمنية قد يُسهم في تقليل التوتر في المنطقة.
في حين يعتبر الباحث السوري أسامة آغي أن الاتفاق محاولة إسرائيلية لفرض السيطرة، مؤكدا أن قضايا السيادة يجب أن تُناقش في ظل حكومة منتخبة، وليس حكومة انتقالية غير مخولة بذلك.
وحذَّر آغي -في حديثه للجزيرة نت- من أن الاتفاق قد يُنظر إليه كانتقاص من السيادة، داعيا إلى العودة لاتفاق 1974 ليكون مدخلا لإدارة التوازن مع إسرائيل.
وشدد على ضرورة انفتاح الحكومة الانتقالية على جميع المكونات الوطنية وتعزيز العلاقات العربية والتركية لتجاوز الأزمات الاقتصادية والخدمية.
ولفت الباحث إلى أن السويداء قضية داخلية تتطلب منح السوريين حقوقا متساوية، ودعا إلى مؤتمر وطني شامل يضمن مشاركة الجميع، مع رفض المساومة على الجولان.
من ناحية أخرى، قال المحلل العسكري العقيد أديب عليوي إن الاتفاق لن ينجح دون ضغط أميركي على إسرائيل للانسحاب من المنطقة العازلة والعودة لاتفاق 1974، مضيفا للجزيرة نت أن احتفاظ إسرائيل بجبل الشيخ وإنشاء ممر جوي يُهددان الأمن القومي السوري والعربي.
وفي حال فشل الاتفاق، يتوقع عليوي تحول الصراع إلى حرب شعبية مدعومة من الدولة، مع دعم تركي لتطوير دفاع جوي، مشيرا إلى أن استقرار المنطقة يتطلب إلزام إسرائيل بالعودة إلى اتفاق 1974 لتجنب التصعيد.
وحول فكرة إنشاء منطقة منزوعة السلاح وممر جوي إسرائيلي في الجنوب، قال عليوي إن ذلك لا يشكل تهديدا للأمن القومي السوري وحده، بل للأمن العربي والتركي أيضا.
وأكد أن الممر الجوي يعني استباحة الأجواء السورية واستخدامها لتهديد دول المنطقة، ومن ثم فإن نزع السلاح عن محافظات كاملة، مثل القنيطرة ودرعا والسويداء، أمر مرفوض كليا، وفق عليوي.