في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
كييف- بنحو 1.6 مليار دولار تحاول أوكرانيا دعم رواتب معلمي المدارس الحكومية هذا العام، في خطوة تهدف إلى تعزيز الاستقرار المالي للقطاع التعليمي وضمان استمرار العملية التعليمية رغم الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد.
ويتوقع أن يشمل هذا الدعم نحو 280 ألف معلم ومعلمة في مختلف أنحاء أوكرانيا، وهو ما وصفه الرئيس فولوديمير زيلينسكي بأنه "وفاء من قبل الدولة بجميع الالتزامات الاجتماعية، وزيادة ملموسة في دعم المواطنين".
وتأتي هذه المبادرة في وقت تتعرض فيه مدارس أوكرانيا لضغوط متكررة نتيجة سنوات من الأزمات المتلاحقة، كان آخرها الحرب مع روسيا المستمرة منذ أكثر من 3 أعوام، وفي ظل الظاهرة المعروفة بـ"فقر المعلمين" الذين يعانون من انخفاض مستويات الأجور مقارنة بالمتطلبات المعيشية الأساسية.
لكن إعلان الرئيس الأوكراني مر كأي حدث عابر بالنسبة لغالبية المعلمين أنفسهم، دون أي رد فعل أو أثر إيجابي يذكر، فهو بالنسبة للكثيرين أشبه بذر الرماد في العيون، وعلى هذا يستشهدون بالأرقام.
مارينا تيريوخانوفا، محررة الشؤون الاجتماعية بصحيفة "الحقائق" (فاكتي) قالت للجزيرة نت "وصلنا إلى عام 2025، ولا تزال مشكلة تدني رواتب المعلمين مستمرة".
وتابعت "وفقا لأحدث البيانات الصادرة عن دائرة الإحصاء الحكومي، يبلغ متوسط راتب المعلمين حاليا 14 ألفا و307 هريفنيا (نحو 350 دولارا) وهذا يقل بنسبة 39% تقريبا عن متوسط الرواتب في باقي ومعظم مؤسسات الدولة والبالغ نحو 572 دولارا.
وتضيف بهذا الصدد "بعد خصم ضريبة الدخل، سيحصل كل معلم مع نهاية هذا الشهر على زيادة تقدر بنحو 50 دولارا، وهذا لن يغطي العجز أمام تضخم متزايد يتوقع أن تصل نسبته 12.6% هذا العام".
أما فيتالي بوتنيك أستاذ رياضيات في مدرسة حكومية بالعاصمة كييف، فعلق قائلا للجزيرة نت "ليس دعما بل صدقة. رواتب المعلمين توجب الشفقة عليهم، فهي الأقل على الإطلاق بين المهن الممولة حكوميا. لولا التوجه نحو العمل الإضافي في مجال التعليم أو غيره لما استطعنا العيش باكتفاء".
لكن للحرب تداعيات خفية على أوكرانيا ذات أبعاد أكبر وأخطر على قطاع التعليم، فقد أدت إلى تراجع كبير يزداد عاما بعد عام في أعداد المعلمين، وينذر بأزمة خلال بضعة أعوام قادمة.
فوفق دراسة أعدها مركز "فاما" للدراسات، فإن أعداد معلمي المدارس تراجعت على مدار السنوات الماضية من 337.5 ألفا إلى نحو 280 ألفا، ومن المتوقع أن تخسر البلاد نحو 100-108.3 آلاف معلم حتى عام 2030.
وفي حديث مع الجزيرة نت، قالت خبيرة المركز إينيتا إيفاسكو إن "نسبة 12% فقط من المعلمين راضية عن رواتبها، ونسبة 80% تشعر أن المجتمع لا يقدرون أهمية دورها الذي تقوم به، واليوم يتجه 7% فقط من خريجي الجامعات التربوية للعمل بالمدارس".
وتضيف "تاريخيا، كان المعلمون في أوكرانيا يتمتعون بمكانة اجتماعية عالية، لكنها تراجعت بشكل عام، والضغط عليهم زاد رغم تراجع أعداد الطلاب نتيجة الحرب بنسبة 8% ليصل إلى قرابة 3.7 ملايين، ناهيك عن الضغوط الأخرى المتعلقة بالحرب وتداعياتها النفسية وغيرها".
وإلى جانب ما سبق، تعتبر مباني ومرافق المدارس ورياض الأطفال والجامعات والمعاهد من أبرز ضحايا الحرب وعمليات القصف الروسي.
وحسب وزارة التعليم الأوكرانية، تضررت أكثر من 2600 مؤسسة تعليمية، ودمرت 406 منها بالكامل منذ بداية الحرب، أي ما يعادل 10% من العدد الكلي لتلك المؤسسات في البلاد.
وفي 5 مقاطعات شرقية وجنوبية تشهد أعمالا قتالية، انتقلت نحو 5 آلاف مؤسسة تعليمية لنظام التعليم عن بعد، من أصل 12 ألفا و902 مؤسسة استمر نشاطها في الأجزاء الخاضعة لسيطرة أوكرانيا ضمن تلك المقاطعات.
وبحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة " يونيسيف " يواجه 5.3 ملايين طفل أوكراني مشاكل في التعليم بسبب الحرب، من بينهم نحو 3.6 ملايين حرموا من مدارسهم حتى إشعار آخر.
وتقدر نقابة المعلمين الأوكرانيين حجم الخسائر المباشرة التي أصابت البنية التحتية للتعليم بما يصل إلى 9.7 مليارات دولار، ويقدرها معهد كييف للاقتصاد بنحو 7.3 مليارات.
وترى محررة الشؤون الاجتماعية بصحيفة "الحقائق" أن الحل يحتاج إرادة حكومية حقيقية لكنه لن يأتي قبل نهاية الحرب، فهو لا يشمل الأمل الأوكراني بزيادة رواتب المعلمين إلى مستوى لائق وحسب "بل إعادة الإعمار ووقف التهديدات وتحقيق استقرار إمدادات الكهرباء وعودة ملايين النازحين واللاجئين إلى البلاد".