تحليل بقلم آرون بليك من شبكة CNN
(CNN)-- يبدو أن محاولات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للتوصل إلى السلام في أوكرانيا مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين تسير على نحو سيء، كما كان متوقعًا .
ومنذ لقائهما في ولاية ألاسكا الأمريكية الشهر الماضي، لم يُبدِ بوتين اهتمامًا يُذكر بإجراء مفاوضات السلام المباشرة مع أوكرانيا التي سعى ترامب لها .
وهاجمت روسيا شركة أمريكية في أوكرانيا، وواصلت قصف المدنيين، ومؤخرًا، أرسلت طائرات بدون طيار إلى المجال الجوي البولندي في حدث غير مسبوق على ما يبدو، أثار مخاوف حلف شمال الأطلسي (الناتو) من حرب أوسع نطاقًا.
وتسأل ترامب على منصته "تروث سوشيال"، الأربعاء: "ما قصة انتهاك روسيا للمجال الجوي البولندي بطائرات بدون طيار؟"، وأضاف، دون الخوض في التفاصيل: "ها نحن ذا".
وسبق لترامب أن تساءل أن بوتين قد "يُغريني"، لكنه لم يُحرك ساكنًا لتنفيذ هذا الرأي، متجاوزًا مرارًا وتكرارًا مهلة "الأسبوعين" التي منحها للرئيس الروسي لإحلال السلام .
لكن حتى مع تردد ترامب الشديد في استنتاج أن بوتين يتلاعب به، كان المشرعون الجمهوريون يفعلون ذلك نيابةً عنه، وهم غالبًا ماكانوا يُزيّفون المواقف لتجنب تنفير ترامب، لكنهم يُصوّرون رئيسًا أمريكيًا مُستغلًا .
وقالت السيناتور جوني إرنست، الأربعاء: "يريد الرئيس ترامب التأكد من أنه يُتيح كل فرصة للسلام لحل هذه الحرب. لكن بوتين يتلاعب به"، قبل أن تُضيف: "وأعتقد أن الرئيس يُدرك ذلك " .
وكذلك أدلى السيناتور توم تيليس بتصريحات مماثلة، وقال: "أعتقد أن روسيا تتلاعب بنا - إنها تتلاعب بنا حقًا كالبيانو الآن"، مُدعيًا أن ترامب "ليس ساذجًا ".
ولا يترشح أيٌّ من السيناتورين لإعادة انتخابه العام المقبل، مما يسمح لهما بأن يكونا أكثر صراحةً في تقييماتهما لتعامل ترامب مع السياسة الخارجية لكن الأمر لا يقتصر على الجمهوريين المُغادرين مناصبهم فقط .
وأشار رئيس هيئة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ، روجر ويكر، إلى هذا التوجه خلال خطاب ألقاه، الاثنين، قبل التطورات في بولندا، وقال إن ترامب "منح فلاديمير بوتين كل الفرص"، لكن الرئيس الروسي "سخر من عملية السلام" و"تلاعب بالمفاوضات".
اجتماع ألاسكا "لم يكن ُمثمرا"
وحتى أن أحد أعضاء إدارة ترامب، وزير الخزانة سكوت بيسنت، وصف اجتماع ألاسكا مع بوتين بأنه "لم يكن ُمثمرا"، وذكر لشبكة فوكس نيوز الأسبوع الماضي: "منذ الاجتماع التاريخي في أنكوريج... لم يلتزم الرئيس بوتين بما أشار إلى رغبته في القيام به ".
وتأتي هذه التصريحات في أعقاب تصريحات مشابهة أدلى بها بعض قادة العالم الرئيسيين بهذا الشأن، فقد قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في أواخر أغسطس/آب إن عدم موافقة بوتين على عقد اجتماع مع أوكرانيا يعني "أن الرئيس بوتين خدع الرئيس ترامب مرة أخرى".
وحذر الأمين العام لحلف "الناتو"، مارك روته، الذي تربطه علاقة وطيدة بترامب على الساحة العالمية هذا العام، من يسعون للتوصل إلى اتفاق سلام قائلاً: "لا ينبغي أن نكون ساذجين" - دون الإشارة تحديدًا إلى الرئيس الأمريكي .
وفي حين أن هذا الاتجاه يتزايد في الحزب الجمهوري، إلا أنه ليس جديدًا تمامًا، فقد راهن السيناتور تشاك غراسلي منذ إبريل/ نيسان على أن بوتين يتلاعب بالحكومة الأمريكية فحسب، وكتب على منصة إكس (تويتر سابقا): "من فضلك، أيها الرئيس ترامب، افرض أشد العقوبات على بوتين. يجب أن تروا من الأدلة الواضحة أنه يتلاعب بأمريكا ".
وذكرت إرنست بالفعل بما قالته هذا الأسبوع، ففي يوليو/ تموز، قالت إن بوتين "يتلاعب بالولايات المتحدة. والرئيس ترامب يدرك ذلك، إنه دائمًا ما يريد أن يمنح فرصة للسلام لكن بوتين لا يتعاون " .
إن قول إرنست هذا مرتين، بفارق شهرين، يكشف الحقيقة .
لقد قالت في كل مرة إن ترامب يفهم ما يحدث بالفعل. ولكن هل يفهم حقًا؟ إذا كان قد فهم أنه يُخدع في يوليو، كما قالت إرنست، فلماذا يُعقد اجتماع مع بوتين في ألاسكا ويُصوّر على أنه تطور مهم؟ لماذا استمر ترامب في تجاوز المواعيد النهائية التي حددها لاتخاذ قرارات نهائية بشأن العقوبات وغيرها من الإجراءات الأكثر صرامة؟ إذا كان ترامب قد فهم أنه يُخدع، فقد كان لديه طريقة غريبة لإظهار ذلك .
لقد فرض ترامب بالفعل رسومًا جمركية هائلة على الهند كعقاب على شرائها النفط الروسي وأشار، الأحد، إلى استعداده للانتقال إلى مرحلة ثانية من العقوبات على موسكو، لكنه تجاهل إلى حد كبير المساندة التشريعية لفرض عقوبات بقيادة صديقه، السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، والتي تحظى بدعم واسع النطاق من الحزبين .
أحدث استراتيجية
ويبدو أن أحدث استراتيجية من الجمهوريين هي اعتراف بأن المحاولات الأكثر ليونة لدفع ترامب إلى اتخاذ موقف أكثر تشددًا تجاه روسيا لم تُفلح.
لقد تعامل ترامب مع بوتين بلطفٍ واضح لسنوات، بطرقٍ اختبرت صقور روسيا في الحزب.
والآن يبدو أنهم يفقدون صبرهم، ويحذرون ترامب من أن التشبث بالأمل في التوصل إلى اتفاق قد يجعله يبدو أحمق.
ولخّص النائب دون بيكون الأمر ببراعة، الاثنين، حيث قال لشبكة CNN : "حاولنا أن نأمل أن يتخذ الرئيس الموقف الصحيح بشأن روسيا وأوكرانيا، لكنه لم يفعل"، وأضاف النائب الجمهوري: "سياسة الإدارة تجاه روسيا ضعيفة ومتذبذبة، وبوتين يستغل ذلك".
وهؤلاء الجمهوريون الآخرون لا يُعبّرون عن ذلك بوضوح، لكنهم مُتفقون في جوهر الأمر.