تترقب المنطقة انعقاد قمة عربية ـ إسلامية مرتقبة في الدوحة خلال الأسبوع المقبل، بعد أيام من الهجوم الإسرائيلي على قطر ومحاولة استهداف قادة من حركة حماس المقيمين فيها، في خطوة اعتبرها مراقبون تهديدا مباشرا لدور الدوحة كوسيط رئيسي في ملفات المنطقة، وعلى رأسها الحرب الدائرة في غزة.
زيارة رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد إلى الدوحة جاءت كأول تحرك تضامني بارز، حيث أكد من العاصمة القطرية دعم بلاده "لكل الإجراءات التي تتخذها قطر للحفاظ على سيادتها وسلامة أراضيها"، في رسالة واضحة بأن أمن الخليج خط أحمر.
الموقف الإماراتي تجسد أيضًا في حجم ونوعية الوفد المرافق، الذي ضم شخصيات بارزة في وزارات الدفاع والداخلية والأمن الوطني، بما عكس أن التضامن لم يكن سياسيًا فقط بل أمنيًا ودفاعيًا أيضًا.
من جانبه، أكد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان رفض وإدانة بلاده للهجوم، مشددًا على أن الرياض ستكون إلى جانب قطر في أي خطوات تتخذها، وهو ما يشي بأن القمة المرتقبة قد تشهد تقاربًا غير مسبوق في المواقف الخليجية والعربية تجاه إسرائيل.
وساطة مهددة ومفاوضات منسوفة
أوضح الباحث بمركز تريندز للبحوث محمد الظهوري، خلال حديثه إلى غرفة الأخبار على سكاي نيوز عربية أن عام 2025 مثّل سنة عصيبة على قطر، إذ تعرضت لهجومين: الأول من إيران في يونيو في إطار المواجهات مع إسرائيل، والثاني مؤخرًا من قبل إسرائيل نفسها.
هذا الواقع، بحسب الظهوري، يعكس أن "السلوك الإسرائيلي لا يضع وعيا سياسيا متماسكا حول أهمية منطقة الخليج"، مشيرًا إلى أن التباهي الإسرائيلي في الإعلام بالعملية، بل وتصريحات دبلوماسيين إسرائيليين بأن "المحاولة ستنجح في المرة المقبلة"، يؤكد خطورة هذا التوجه.
الظهوري شدد على أن الوساطة القطرية باتت مهددة، إذ "كيف يمكن بناء الثقة بين الأطراف إذا تم استهداف الدولة المضيفة أو أحد أطراف النزاع على أراضيها؟"، معتبرًا أن ما جرى "نسف المفاوضات"، ما لم تتحرك الولايات المتحدة لتوفير ضمانات للدوحة بعدم استهدافها مستقبلاً، حتى تستعيد موقعها كوسيط في محادثات التهدئة.
أوراق الضغط الخليجية
وفق رؤية الظهوري، فإن دول الخليج تمتلك أوراقًا اقتصادية مؤثرة على الساحة العالمية، تمكنها من ممارسة ضغوط على واشنطن لتغيير مقاربتها. فإذا أراد الرئيس الأميركي دونالد ترامب لعب دور إيجابي، فعليه أن يوازن بين مصلحة بلاده ومصالح الخليج، وهو ما اعتبره "مربط الفرس" في المرحلة المقبلة.
كما لفت إلى أن الموقف الإماراتي الأخير عكس متانة العلاقات الاجتماعية والتاريخية بين الدوحة وأبوظبي، وأن استهداف قطر هو استهداف مباشر لأمن الخليج ككل، وهي رسالة ينبغي أن تصل إلى تل أبيب.
الظهوري توقف عند البعد الأميركي ـ الإسرائيلي في الحادثة، معتبرا أن العلاقة بين ترامب ونتنياهو ليست بالقوة التي يروج لها الإعلام، فهي أقرب إلى "علاقة مؤسساتية" تصنعها اللوبيات الإسرائيلية في واشنطن، وليست قائمة على تفاهم شخصي عميق.
وأضاف أن طريقة إبلاغ ترامب بالضربة من قبل الجيش الأميركي وليس عبر نتنياهو، تحمل رسالة بأن هناك فجوة في الثقة بين الرجلين.
نحو موقف عربي موحد
ويرى الظهوري أن القمة المرتقبة في الدوحة قد تمثل لحظة مفصلية لصياغة موقف عربي ـ إسلامي موحد، بهدف إقناع الغرب والولايات المتحدة بضرورة تغيير المقاربة الإسرائيلية، خصوصا أن التطورات الأوروبية تسير في هذا الاتجاه، مع استعداد عدة دول للاعتراف بالدولة الفلسطينية، وتزايد الأصوات الأوروبية المهددة بتعليق جزئي للشراكة مع تل أبيب.
وبحسب الظهوري، فإن كل هذه المعطيات "تخدم تطلعات الدول العربية لتغيير السلوك الإسرائيلي القائم على تعطيل المسار التفاوضي"، وفتح الباب أمام واقع جديد في الشرق الأوسط يقوم على الأمن الجماعي العربي، واعتبار أمن الخليج ركيزة لا يمكن تجاوزها.