آخر الأخبار

بعد استهداف قطر.. هل باتت مظلة الأمن الأميركية حبرا على ورق؟

شارك

واشنطن- على مدار العقود الأربعة الأخيرة، وتحديدا منذ نجاح الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، عملت واشنطن على بناء منظومة عسكرية للأمن الخليجي عمادها وجود عسكري مباشر في قواعد عسكرية ضخمة في دول مجلس التعاون، كما سعت إلى تسليح هذه الدول وتدريب جيوشها في مناورات مشتركة.

وخلال فترة حكم الرئيس دونالد ترامب الأولى كثفت واشنطن ضغطها على حلفائها العرب من أجل تأسيس تحالف إقليمي عسكري يعرف باسم "تحالف الشرق الأوسط الإستراتيجي" أو اختصارا بكلمة "ميسا" (MESA)، وعُرف إعلاميا باسم "الناتو العربي".

ويضم هذا التحالف إضافة للولايات المتحدة وإسرائيل 8 دول عربية، هي: دول مجلس التعاون الخليجي ال6 ومصر والأردن، في محاولة تعكس الرؤية الأميركية لخريطة شرق أوسط جديد.

ومع أفول فكرة الناتو العربي، لجأت إدارة ترامب إلى الاتفاقيات الإبراهيمية لتكون وسيلة لتطبيع العلاقات بين إسرائيل وعدد من الدول العربية.

مصدر الصورة التوقيع على اتفاقات أبراهام في البيت الأبيض يوم 15 سبتمبر/أيلول 2020 (الأوروبية)

إسرائيل في سينتكوم

بعد ذلك، وطبقا لخطوات تدريجية مدروسة، أعلن البنتاغون دخول إسرائيل رسميا نطاق مسؤوليات منطقة القيادة الوسطى العسكرية "سينتكوم" إلى جانب بقية دول الشرق الأوسط الأخرى مع بداية حكم الرئيس السابق جو بايدن في يناير/كانون الثاني 2021.

وتؤمن النخبة الأميركية أن من شأن آلية تحالف عسكري أن تقرب بين إسرائيل والدول الخليجية لما يجمعها من هدف رئيسي يتمثل في مواجهة -ما تصفها- "التهديدات الإيرانية".

وسمحت خطوة البنتاغون بتعزيز التنسيق بين القوات الأميركية المنتشرة في المنطقة وشركائها العرب وحليفتها إسرائيل، إلى أن بدأت إسرائيل حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة ، حيث وفرت لها الولايات المتحدة مظلة عسكرية وسياسية لاستكمال عدوانها.

مصدر الصورة نتنياهو (يسار) خلال لقائه بقائد القيادة المركزية الأميركية "سينتكوم" مايكل كوريلا (الفرنسية)

الهجوم على قطر

مثل الهجوم الإسرائيلي على العاصمة القطرية الدوحة الذي استهدف وفد التفاوض لحركة المقاومة الإسلامية ( حماس ) نقطة فاصلة وضربة قاتلة لخطط واشنطن المتعلقة بمظلات الأمن الجماعي في المنطقة.

إعلان

وهنا لا بد من الإشارة إلى تصريحات بريت ماكغورك، كبير مسؤولي الشرق الأوسط بمجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض في عهد بايدن الذي أكد فيها خلال كلمة له أمام منتدى المنامة العام الماضي أن "بلاده تعمل على بناء بنية تحتية متكاملة للدفاع الجوي والبحري بالشرق الأوسط تضمن حلفاء واشنطن".

وفي السياق ذاته، تحدث خبير الشؤون الدولية بمعهد بيكر في جامعة رايس بولاية تكساس كريستيان كوتس أولريشسن وقال إن "الغارة الجوية في الدوحة تعد عملا عدوانيا وقحا وأكثر هجوم مباشر على دولة خليجية منذ مقتل أحد كبار نشطاء حركة حماس في دبي عام 2010".

وأضاف في حديثه "للجزيرة نت" أن الهجوم سيثير تساؤلات حول قيمة الدبلوماسية والوساطة في المستقبل وكذلك حول دور القاعدة العسكرية الأميركية في العديد التي من المفترض أن تكتشف وتردع التهديدات الجوية.

واعتبر الخبير أولريشسن في حديثه أن "الضربة ستكون ذات أهمية على التصورات الإقليمية في الخليج لمظلة الأمن والدفاع الأميركية، مثلها مثل الضربة المنسوبة إلى إيران على المنشآت النفطية السعودية".

وقال إنه في عام 2019، تسبب فشل إدارة ترامب الأولى بالاستجابة في موجات صدمة في عواصم دول مجلس التعاون الخليجي، مما دفع القادة الإقليميين إلى إعادة تقييم قيمة الردع الأميركي.

من جهته، قال أستاذ العلاقات الدولية بجامعة سيراكيوز بشمال ولاية نيويورك البروفيسور -أسامة خليل- في حديث "للجزيرة نت" إن الضربة الجوية الإسرائيلية في الدوحة تُظهر أن القواعد العسكرية الأميركية التي تم إنشاؤها في جميع أنحاء دول الخليج تهدف إلى بسط القوة الأميركية إقليميا وعالميا، مشيرا إلى أن الجيش الأميركي لن يحمي هذه الدول إلا إذا اتبعت سياسات تتماشى مع واشنطن.

رسالة سلبية

بدوره، اعتبر خبير الشؤون الإستراتيجية ومدير مؤسسة دراسات دول الخليج جورجيو كافيرو، أن الضربة الإسرائيلية غير المسبوقة على قطر -وهي حليف وثيق للولايات المتحدة ومضيفة المقر الأمامي للقيادة المركزية الأميركية- تمثل ضربة خطيرة للدبلوماسية الإقليمية والاستقرار في الخليج.

وقال "للجزيرة نت" إنه من خلال استهداف بلد محوري لجهود الوساطة في الشرق الأوسط، أشارت إسرائيل إلى أنه حتى دول مجلس التعاون الخليجي ليست في مأمن من عدوان تل أبيب.

ورجح أن مصداقية الولايات المتحدة ستتأثر كضامن أمني لدول مجلس التعاون الخليجي حتما نتيجة لهذا الهجوم.

أما الأكاديمية وخبيرة الشؤون الخارجية الأميركية بالمركز العربي بواشنطن، عسل آراد فذكرت أنه مع استضافة قطر لأكبر قاعدة عسكرية للولايات المتحدة في المنطقة، ترسل هذه الضربة رسالة قوية حول حدود النفوذ الأميركي على الإجراءات الإسرائيلية ما لم تستخدم الولايات المتحدة نفوذها الكبير على إسرائيل.

وفي حديثها "للجزيرة نت"، قالت الخبيرة عسل إن ذلك "قد يثير مخاوف بين حلفاء الولايات المتحدة بشأن استعداد إسرائيل للتصرف من جانب واحد ومحتمل، والعجز الواضح للولايات المتحدة عن إيقافها، مما يعقد حساباتهم الدبلوماسية في المنطقة، في الوقت نفسه، يثير تساؤلات حول فائدة الضمانات الأمنية الأميركية للشركاء في المنطقة".

مصدر الصورة دوريات خفر السواحل الأميركية بالخليج العربي (رويترز)

انتقاد إسرائيل

من جانبه، يقول البروفيسور ستيفن هايدمان، رئيس قسم دراسات الشرق الأوسط في جامعة سميث بولاية ماساتشوستس الأميركية، في حديث "للجزيرة نت" إن "تعليقات البيت الأبيض في أعقاب الهجوم انتقدت إسرائيل بشكل غير معهود، وتضمنت التزاما من ترامب شخصيا لقطر بأن مثل هذا الهجوم لن يحدث مرة أخرى".

إعلان

وأضاف أن هذا يعني أن الولايات المتحدة ستوضح لإسرائيل أنها لا تستطيع تكرار مثل هذا الحدث، "لكن بالنسبة لشركاء الولايات المتحدة في الخليج، فإن ما إذا كانت الضمانات الأميركية ستعتبر ذات مصداقية قد أصبحت الآن موضع تساؤل".

وأقر هايدمان -وهو الخبير غير المقيم بمركز سياسات الشرق الأوسط في معهد "بروكينغز" بواشنطن- أنه إذا شعرت إسرائيل بأنها قادرة على التصرف بطرق تقوض الدبلوماسية الأميركية بشكل مباشر، واستخدام جيشها ضد دول تعتبرها الولايات المتحدة شريكا إقليميا رئيسيا، فما مدى الثقة التي يمكن أن تمتلكها دول المنطقة في قدرة الولايات المتحدة على كبح جماح إسرائيل؟

وقال إن هذا الهجوم -إلى جانب تعليقات كبار أعضاء الحكومة في إسرائيل الذين يحثون على ضم الضفة الغربية المحتلة- يتسبب بالفعل في إعادة تقييم الحكومات في الخليج حول قيمة التطبيع مع إسرائيل، وحول مدى ثقتها في مظلات الولايات المتحدة الأمنية.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة


الأكثر تداولا اسرائيل نتنياهو حماس

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا