آخر الأخبار

انتخابات سوريا.. بين تحديات الواقع وآمال الانتقال السياسي

شارك
سوريا.. مرحلة حاسمة تدخلها البلاد مع اقتراب الانتخابات

رغم التحديات المتصاعدة والتوترات الأمنية المستمرة، تتسارع دمشق نحو استكمال التحضيرات لإجراء انتخابات تشريعية، هي الأولى منذ سقوط نظام الأسد.

ويعد هذا الاستحقاق، وفق السلطات السورية، خطوة نحو ملء الفراغ التشريعي واستعادة الثقة مع المواطنين والمجتمع الدولي، لكن التساؤلات تتصاعد حول مدى إمكانية نجاحه كخطوة حقيقية نحو انتقال سياسي شامل.

وتبدأ اليوم اللجان الفرعية على مستوى كل المناطق عملية اختيار أعضاء الهيئات الناخبة المشاركة في الاستحقاق الانتخابي غير المباشر، والذي سيؤدي إلى تسمية 3 أعضاء مجلس الشعب.

ومن المتوقع أن ترفع الأسماء إلى اللجنة العليا للانتخابات، التي ستقوم بإقرارها قبل السماح بتقديم الطعون على الأعضاء الذين لا يستوفون شروط ومعايير العضوية.

آلية الاختيار.. النزاهة والكفاءة في صلب العملية

وأكد المتحدث باسم اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب، نوار نجمة، خلال حديثه إلى برنامج "التاسعة" على "سكاي نيوز عربية"، أن التركيز الأساسي في عمل اللجنة هو مسألة الاختيار، والتي تمثل حجر الزاوية لضمان نزاهة العملية الانتخابية.

وأوضح نجمة أن المعايير المعتمدة تشمل النزاهة والكفاءة والشفافية، وتطبق على كل مستويات اللجنة، بما فيها اللجان الفرعية التي ستختار أعضاء الهيئات الناخبة.

وأشار إلى أن المرسوم الصادر عن رئيس الجمهورية ينظم العملية الانتخابية، ويستثني فقط الأشخاص المتورطين في الانتهاكات والجرائم خلال فترة الثورة السورية، دون استبعاد الموظفين العاديين أو أصحاب الرأي المخالف.

يقول نجمة إن "هناك أشخاص تورطوا في الدماء أو دعموا التورط، سواء بالمال أو الرأي. هؤلاء فقط من سيتم استبعادهم". مؤكدا أن الغالبية العظمى من المواطنين كانوا معارضين لانتهاكات النظام السابق.

محافظات مستبعدة

أقر نوار نجمة بأن الانتخابات لن تشمل محافظات السويداء والرقة والحسكة، بسبب سيطرة قوى مسلحة عليها، مما يجعل إجراء العملية الانتخابية فيها مستحيلا ضمن معايير النزاهة والحياد.

وأوضح أن هذا القرار جاء كخيار أقل سوءا، مع الاحتفاظ بالمقاعد الشاغرة لحين استقرار الوضع في تلك المناطق.

ويؤكد نجمة أن "اللجنة العليا للانتخابات ومجلس الشعب ليست مسؤولة عن هذا الأمر، بل القوى العسكرية المسيطرة على تلك المناطق تتحمل المسؤولية الكاملة".

الهيئات الناخبة خطوة مؤقتة نحو المشاركة

وفي ظل الظروف الديموغرافية واللوجستية المعقدة، بما فيها وجود ملايين النازحين واللاجئين وغياب الأوراق الثبوتية، لجأت اللجنة العليا إلى آلية غير مباشرة للانتخابات تعتمد على الهيئات الناخبة.

وأوضح نجمة أن الهدف من هذه الآلية هو الحد من التزوير والمال السياسي، وتعزيز شعور المواطنين بالمشاركة عبر اللقاءات التشاورية ولجان الطعون التي تتيح لكل مواطن الاعتراض على أعضاء الهيئات الناخبة.

ويقول نجمة: "نحن نسعى لأن يعطي أعضاء الهيئات الناخبة الانطباع للمجتمع السوري بأنهم يمثلونه فعلا، حتى لو لم يكن التصويت المباشر ممكنا".

الانفتاح السياسي: بين الواقع والتحديات

أكد نوار نجمة أن المشاركة السياسية في سوريا ليست مرتبطة بالسلطة أو المناصب كما كانت عليه خلال 6 عقود من حكم النظام السابق، حيث كان كل عمل سياسي مرتبطا بالسلطة.

وأضاف أن حرية العمل السياسي مفتوحة الآن، سواء للأشخاص المؤيدين أو المعارضين أو أصحاب المواقف الوسطية.

وأشار نجمة إلى أن الحكومة الحالية ليست حكومة أمر واقع بمعنى سلطة غير شرعية، بل نتجت عن شرعية ثورية، وتخوض مرحلة بناء الدولة والمؤسسات، مع فتح تدريجي لمشاركة مكونات أخرى من المجتمع السوري، بما في ذلك الأشخاص الذين جاءوا من مناطق المعارضة سابقا مثل إدلب.

يؤكد نجمة ان "الانفتاح تدريجي، لكن بنهاية المرحلة الانتقالية، يجب أن نكون أمام شكل مختلف لمؤسسات الدولة، يعتمد على الثقة والاستقرار السياسي".

تمثيل المجتمع: الهيئات الناخبة مصغرة عن كل سوريا

وأوضح نجمة أن الهيئات الناخبة ستتشكل بنسبة تمثيلية دقيقة لكل مكونات المجتمع في كل منطقة، سواء من حيث الدين أو العرق أو المهن، لتكون نموذجا مصغرا عن المجتمع في المنطقة.

وأضاف أن البرلمان هو المكان الحقيقي لتعدد الألوان والتنوع السياسي، وليس الهيئات الناخبة أو الحكومة، حيث يركز البرلمان على المشاركة السياسية الفعلية لجميع السوريين.

يعتبر نجمة أن "البرلمان هو التحدي الأكبر، هو المكان الذي تتجسد فيه المشاركة السياسية، ونحتاج الانتظار لمعرفة ما إذا كنا أمام 'لون واحد' أو سوريا كاملة".

الانتخابات بين الواقع والمرحلة الانتقالية

ويفرض الواقع السوري المعقد قيودا كبيرة على العملية الانتخابية المباشرة، ويجعل من آلية الهيئات الناخبة خطوة مؤقتة لتعزيز المشاركة السياسية ومواجهة تحديات النزاهة واللوجستية.

ومع ذلك، تظل الانتخابات الحالية محدودة النطاق، خاصة في المحافظات التي تسيطر عليها قوى مسلحة، وتواجه البلاد تحديات في استعادة الثقة مع المجتمع الدولي.

ويؤكد نجمة خلال حديثه أن هذه المرحلة الانتقالية تستغرق حوالي 30 شهرا، وبعدها من المتوقع إجراء انتخابات مباشرة و قانون انتخابي جديد، مما يعكس الرغبة في الانتقال إلى شكل أكثر تمثيلية ومصداقية، رغم التعقيدات الراهنة.

ويشدد نجمة على أن "المرحلة الانتقالية تفرض علينا هذه الحالة، لكن بنهاية هذه الفترة، نأمل أن تكون سوريا أمام عملية انتخابية حقيقية، تعكس التنوع الكامل للمجتمع السوري".

ورغم الطابع غير المباشر والتحديات الأمنية والديموغرافية، فإن الانتخابات التشريعية في سوريا، تمثل خطوة رمزية نحو إعادة بناء المؤسسات واستعادة الثقة الداخلية والخارجية. لكنها ليست كافية لتقديم انتقال سياسي شامل في الوقت الحالي، بل تعد مرحلة انتقالية مؤقتة، يتطلب نجاحها مزيدًا من الوقت، والشفافية، والانفتاح الحقيقي على كل مكونات المجتمع السوري.

سكاي نيوز المصدر: سكاي نيوز
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا