في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
أعاد الجدل حول خطط إسرائيل لضم أراضٍ في الضفة الغربية خلط الأوراق في المنطقة، بعدما بدا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يسير بخطى واثقة نحو فرض وقائع جديدة على الأرض، لكن المواقف العربية الصارمة، وعلى رأسها الموقف الإماراتي، دفعت الحكومة الإسرائيلية إلى التراجع المؤقت، وسط تحذيرات من تداعيات تهدد بإشعال الضفة الغربية.
الإمارات.. "الخط الأحمر" في وجه الضم
شكلت دولة الإمارات مركز الثقل في المواقف العربية الرافضة للضم، فقد وصفت لانا نسيبة، مساعدة وزير الخارجية للشؤون السياسية، أي تحرك إسرائيلي لضم أراضٍ في الضفة بأنه "خط أحمر" يقوّض روح الاتفاقيات الإبراهيمية، مؤكدة ضرورة وقف أي خطط تهدد الاندماج الإقليمي.
من جانبه، شدد المستشار الدبلوماسي لرئيس الدولة، أنور قرقاش، على أن السلام لن يتحقق إلا من خلال حل الدولتين، محذراً من أن الضم سيقضي على فرص الاستقرار الإقليمي.
أما وزير الدولة خليفة بن شاهين المرر، فقد دعا إلى وقف الاستيطان والتهجير، وذكّر بضرورة حماية القدس من ممارسات المتطرفين.
هذا الموقف لم يكن مجرد اعتراض دبلوماسي، بل وضع سقفا واضحا لأي محاولة إسرائيلية لتجاوز الثوابت، ليؤكد أن روح الاتفاقيات الإبراهيمية لا يمكن فصلها عن الحقوق الفلسطينية.
هنا يبرز تعليق المتحدث باسم حركة فتح، عبد الفتاح دولة، خلال حديثه إلى التاسعة على سكاي نيوز عربية، الذي اعتبر الموقف الإماراتي "تاريخياً ومشرفاً"، بل ورسالة واضحة إلى نتنياهو واليمين المتطرف.
وأوضح أن رئيس الوزراء الإسرائيلي كان يعتقد أن الفلسطينيين يفتقرون إلى أوراق ضغط عربية، فجاء الرد من أبوظبي ليثبت العكس.
وتابع دولة: "هذا الموقف الإماراتي يشكل موقفا حاسما وثابتا تجاه حقوق الشعب الفلسطيني، وهو رسالة واضحة لنتنياهو واليمين المتطرف أن هناك موقفا صلبا لا يمكن تجاوزه".
من زاويته، لا يرى عبد الفتاح دولة في الموقف الإماراتي مجرد دعم سياسي، بل تأسيسا لمعادلة جديدة تربط أي عملية تطبيع أو تواصل مع إسرائيل بحقوق الشعب الفلسطيني، بما ينسجم مع مبادرة السلام العربية، وهذه القراءة تضع الإمارات في قلب الضغط العربي الذي لا يستطيع نتنياهو القفز عليه.
كانت صحيفة "إسرائيل هيوم"، قد كشفت في وقت سابق، أن نتنياهو سحب بند فرض السيادة على الضفة من جدول أعمال الحكومة تحت ضغط أميركي مباشر، كما أورد موقع "أكسيوس" أن المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف حذّر من أن الضم سيعقد قدرة واشنطن على بناء تحالف إقليمي بعد الحرب على غزة، ويقوّض فرص السلام السعودي - الإسرائيلي.
لكن عبد الفتاح دولة، رأى أن هذا التراجع ليس إلا مناورة جديدة من نتنياهو، الذي "يجيد التكتيك وإدارة الصراع"، معتبرا أن أي استراتيجية إسرائيلية لا يمكن أن تتجاوز صلابة الموقف العربي، الذي برزت الإمارات رأس حربته.
من منظور فتح، فإن هذا الضغط العربي – الأميركي المتقاطع، وإن لم يكن كافياً بعد، يجبر إسرائيل على إعادة حساباتها، ويثبت أن مشروع الضم ليس قدراً محتوماً، بل خيارا قابلا للإفشال.
لم يقتصر الرفض على الإمارات، ف الجامعة العربية و مجلس التعاون الخليجي أعلنا رفضهما المطلق للضم، واعتبر الأمين العام للجامعة، أحمد أبو الغيط، الدعوات الإسرائيلية "خطيرة وغير مسؤولة"، مؤكداً أن حماية مؤسسات الدولة الفلسطينية هو "العنوان الأهم للمرحلة القادمة".
أما الأمين العام لمجلس التعاون، جاسم البديوي، فندد بمحاولات "تعميق الاستيطان"، مطالباً بحماية حقوق الشعب الفلسطيني.
بالنسبة لعبد الفتاح دولة، هذه المواقف تلتقي في نقطة واحدة: "لا يمكن القبول بالمساس بثوابت تتعلق بحقوق مستقبل وجود الشعب الفلسطيني"، وهو ما يربك حسابات إسرائيل ويدفعها للارتباك في تحديد أولوياتها.
اشتعال الضفة
الضغط لم يأتِ فقط من الخارج، صحيفة "جيروزاليم بوست" نقلت عن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية تحذيرات من "اشتعال فوري" في الضفة نتيجة الأزمة الاقتصادية العميقة وحالة الغموض السياسي.
ورغم أن العمليات المسلحة منخفضة نسبياً حالياً، فإن تقديرات الأجهزة الأمنية تشير إلى أن استمرار الضغط قد يشعل انتفاضة جديدة، خصوصاً مع تنامي حضور المستوطنين وتوسعهم.
في هذا السياق، أكد دولة أن نتنياهو، رغم كل ما يملكه من أدوات عسكرية، "لا يستطيع فرض حل يتجاوز حقوق الشعب الفلسطيني"، مشيراً إلى أن المشروع الاستعماري اليميني قد يفرض وقائع مؤقتة، لكنه سيصطدم في النهاية ب المقاومة الفلسطينية والضغط الدولي والعربي.
يرى المتحدث باسم حركة فتح أن الموقف العربي الموحد، بقيادة الإمارات والسعودية ومصر، يشكل جداراً يصعب على نتنياهو تجاوزه.
وتابع في التاسعة: "الموقف الذي عبّرت عنه الإمارات هو نفس الموقف العربي والإسلامي الثابت، والولايات المتحدة تدرك ذلك بسبب حجم الضغط العربي".
في حديثه، استحضر عبد الفتاح دولة اتفاق أوسلو، مؤكداً أن رغم محاولات نتنياهو نسفه، إلا أن الاتفاق أرسى إنجازات لا يمكن التراجع عنها، أبرزها قيام السلطة الوطنية الفلسطينية وعودة مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى أرض الوطن.
وأوضح أن هذه المؤسسات تشكل "نواة صالحة وقادرة على أن تكون دولة فلسطينية ذات سيادة"، وهو ما يضعف محاولات نتنياهو لتجاوز الاتفاق كلياً، مشيرا إلى أنه بالنسبة لفتح، فإن البناء على ما تحقق من أوسلو يظل خطوة ضرورية لتعزيز حضور الدولة الفلسطينية على الساحة الدولية.
كما حذّر دولة، من أن أي خطوة إسرائيلية لضم الضفة ستفتح الباب أمام "مواجهة مفتوحة" جديدة مع الاحتلال.
وأكد أن: "الفلسطيني لا يمكن أن يظل صامتاً أمام حقه، ونحن ندفع فاتورة الدم للحفاظ على أرضنا ومستقبل وجودنا".
وتساءل عبد الفتاح دولة: هل يمكن أن تصمد أمام محاولات الضم؟ بالنسبة له، مضيفا أن الإجابة واضحة: "إن لم يلتزم نتنياهو ودولة الاحتلال بهذا الاتفاق، فلا حاجة له".
فركيزة الاتفاقيات، كما يرى، تقوم على الحقوق الفلسطينية والدولة المستقلة وفق قرارات الشرعية الدولية، ومن دون ذلك، فإن هذه الاتفاقيات تفقد معناها، لتتحول من أداة للسلام إلى عبء يهدد الاستقرار، وهنا، يضع دولة الموقف الإماراتي في موقع الحارس على روح هذه الاتفاقيات.
رغم أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، قدمت دعماً غير محدود لإسرائيل، فإن عبد الفتاح دولة يرى أن واشنطن لا تستطيع الاستمرار في هذا النهج طويلاً.
وأشار دولة إلى أن حتى محاولات واشنطن التضييق على الحضور الفلسطيني في الأمم المتحدة لن تؤثر على "الصوت الفلسطيني" الذي يزداد قوة على الساحة الدولية.