آخر الأخبار

بين الرفض والضرورة.. انقسام إيراني بشأن التفاوض مع واشنطن

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

إيران.. المعسكر الإصلاحي يدعو لتفاوض مباشر مع واشنطن

يعود الجدل الداخلي في إيران حول التفاوض مع الولايات المتحدة بين التيار الإصلاحي والمحافظ، مع احتمال فرض عقوبات دولية تزيد الضغوط على الداخل الإيراني المنهك، فالإصلاحيون، يرفعون شعار "التفاوض المباشر مع واشنطن هو السبيل لإنقاذ البلاد"، بينما يرى المحافظون أن أي حوار مع واشنطن ليس سوى فخ يعيد إنتاج التآمر والعدوان.

الرئيس الأسبق للبرلمان الإيراني، مهدي كروبي، خرج بخطاب صريح، أكد فيه أن التفاوض المباشر مع الولايات المتحدة هو السبيل لرفع العقوبات وإنهاء شبح الحرب والحفاظ على وحدة الأراضي والمصالح الوطنية.

وشدد على ضرورة أن تحدد إيران بوضوح طبيعة علاقاتها مع العالم، بما في ذلك واشنطن، معتبرا أن الوضع الراهن ما هو إلا نتيجة "الإصرار المستمر على السياسات الخاطئة وتجاهل حقوق الشعب".

هذه التصريحات تعكس الموقف التقليدي للتيار الإصلاحي، الذي طالما اعتبر الانفتاح على الغرب ضرورة استراتيجية، خصوصا بعد التجارب السابقة مع الاتفاق النووي لعام 2015، ولم يكن كروبي وحده، إذ انضم إليه الرئيس الأسبق حسن روحاني، الذي دعا إلى التخلي عن "الصراعات والعداوات غير الضرورية"، في إشارة واضحة إلى الحاجة لخفض التوترات مع الولايات المتحدة وحلفائها.

روحاني، الذي قاد بنفسه مفاوضات الاتفاق النووي، يعرف جيدا تعقيدات الملف، وهو يرى أن أي عودة إلى طاولة المفاوضات قد تشكل مخرجا من عنق الزجاجة الاقتصادية الذي تعيشه إيران اليوم، لا سيما في ظل العقوبات التي تستنزف قدرات الدولة وتضغط على الشارع الإيراني.

الرئيس الحالي، مسعود بزشكيان، بدوره اختار نبرة مختلفة، إذ حذر من أن الانقسامات الداخلية أخطر على إيران من إعادة فرض العقوبات أو التهديدات الخارجية.

بزشكيان أكد أن إيران لا تسعى للحرب، لكنها "ستواجه الولايات المتحدة و إسرائيل بقوة" إذا هوجمت، ومع ذلك، ظل خطابه موجّها أكثر نحو الداخل، حيث دعا مرارا إلى وفاق داخلي يتيح للحكومة العمل بعيدا عن "المناكفات السياسية" التي تعطل القرارات الإستراتيجية.

تحذيره ليس مجرد جملة عابرة، بل اعتراف ضمني بأن الخطر الأكبر يكمن في الخلاف السياسي داخل إيران، خاصة أن القرارات المصيرية كالتفاوض مع واشنطن تحتاج إلى وحدة داخلية صلبة لا إلى جبهات متناحرة.

وكالة الطاقة

في غضون ذلك عبرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن أسفها لتعليق طهران تعاونها معها عقب المواجهة العسكرية مع إسرائيل، مطالبة بضرورة استئناف عمليات التفتيش بسرعة.

تقرير الوكالة، كشف أن إيران سرّعت إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة 60 بالمئة، وأن مخزونها وصل إلى نحو 440 كيلوغرامًا حتى منتصف يونيو، وهو مستوى خطير للغاية.

التقرير أشار بوضوح إلى أن 42 كيلوغراما فقط من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 بالمئة تكفي نظريا لإنتاج قنبلة نووية إذا ارتفع مستوى التخصيب، وهذا ما جعل الوكالة تحذر من أن الوضع الحالي يزيد من المخاطر المرتبطة ب البرنامج النووي الإيراني.

ومنذ 13 يوليو، لم يتمكن المفتشون من دخول المواقع النووية، ما يترك فجوة خطيرة في معرفة حجم المخزون أو الأضرار الناتجة عن الضربات الإسرائيلية والأميركية، هذه الثغرة تضاعف المخاوف الدولية، وتزيد الضغط على طهران للعودة إلى مسار التعاون.

من جانبه قدّم المحلل الخاص لسكاي نيوز عربية محمد صالح صدقيان، خلال حديثه إلى برنامج التاسعة قراءة مفصلة للانقسام الداخلي، فقد أوضح أن "الأصوليين يعتبرون أي تفاوض مع واشنطن بلا جدوى، مستشهدين بخمس جولات سابقة لم تسفر إلا عن الحرب، بل يتهمون الولايات المتحدة نفسها بأنها أعطت الضوء الأخضر لإسرائيل لمهاجمة إيران، في المقابل، يرى الإصلاحيون أن التفاوض شر لا بد منه، وأن الحل يكمن في العودة إلى الطاولة رغم المخاطر".

صدقيان لفت أيضًا إلى أن الرئيس بزشكيان يكرر الدعوة إلى تجنّب المناكفات السياسية، معتبراً أن الملف النووي يتصدر الأولويات لأنه مطروح حاليًا على مجلس الأمن الدولي.

توقف صدقيان عند تجربة روحاني، الذي قاد الاتفاق النووي عام 2015، معتبرا أن انسحاب الرئيس الأميركي خلال دورته السابقة دونالد ترامب منه، ثم فشل إدارة إبراهيم رئيسي في إحياء المفاوضات مع إدارة بايدن، أدخلا إيران في مأزق مضاعف، اليوم، بحسب صدقيان، يعود الإصلاحيون والمعتدلون للتفكير في "فتح نافذة تفاوض جديدة" خشية الانهيار الاقتصادي وضغط الشارع.

مراسل سكاي نيوز عربية في لندن، أشرف سعد، أوضح أن زيادة المخزون الإيراني من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 بالمئة خلال شهر واحد، تعني أن إيران باتت تمتلك أكثر من 404 كيلوغرامات، وهي كمية "ليست للاستخدامات السلمية إطلاقا".

وبحسب خبراء الطاقة النووية الذين استشهد بهم، فإن هذا المستوى من التخصيب "قريب جدا من الاستخدام العسكري"، ويمكن وضعه على رؤوس نووية أو صواريخ.

سعد، شدد على أن المفتاح بيد إيران عبر "السماح للمفتشين بالعودة والتعاون مع الوكالة الدولية، لكنه أشار إلى أن طهران ترفض أي محادثات بهذا الخصوص منذ الضربات العسكرية الأخيرة، ما يجعل الغموض سيد الموقف".

تقرير الوكالة الدولية والجهود الدبلوماسية المتعثرة يتزامنان مع مهلة قصيرة جدًا، إذ لم يتبقَ سوى ثلاثة أسابيع تقريبًا قبل تفعيل عقوبات جديدة ستستهدف قطاعات حيوية مثل النفط والبنوك، إضافة إلى عقوبات على مسؤولين بارزين تشمل تجميد الأرصدة وحظر السفر.

هذه العقوبات، كما حذر المراسلون، ستكون "قاسية للغاية" على اقتصاد يعاني أصلا من مشاكل بنيوية، وسط تساؤلات عن قدرة إيران على تحمل مزيد من الضغوط في ظل الاحتقان الشعبي الداخلي والانقسامات السياسية.

وسط هذه الأجواء، تكشف التحركات الدبلوماسية أن الباب لم يُغلق تماما، فالمفاوض السابق عباس عراقجي، عاد من زيارة إلى الصين ليتوجه مباشرة إلى الدوحة حيث التقى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد، المعلومات تشير إلى أنه نقل رسالة من الرئيس بزشكيان، ربما تتعلق بمساعي العودة إلى المفاوضات.

هذا التحرك قد يعكس محاولة لتخفيف التصعيد عبر وساطة قطرية أو تفاهمات غير معلنة، في وقت تبدو فيه إيران مضطرة لفتح قنوات خلفية لتجنب الأسوأ. لكن ما إذا كانت هذه الجهود ستثمر قبل عودة العقوبات يبقى سؤالًا مفتوحًا.

إيران اليوم تقف أمام مفترق طرق حاد، الخيار الأول هو الانخراط في مفاوضات مباشرة مع واشنطن، وهو خيار يلقى مقاومة عنيفة من الأصوليين لكنه قد يخفف الضغوط الاقتصادية ويمنع انفجارًا داخليًا.

الخيار الثاني، هو التصلب والمضي قدمًا في طريق التخصيب والعناد السياسي، بما يعني مواجهة عقوبات خانقة وربما مواجهة عسكرية أشمل، والانقسام الداخلي بين الإصلاحيين والمحافظين لم يعد ترفًا سياسيًا، بل تحوّل إلى عامل تهديد وجودي.

سكاي نيوز المصدر: سكاي نيوز
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا