دبي، الإمارات العربية المتحدة ( CNN )-- سجل القطاع المصرفي المصري، رقمًا قياسيًا في صافي الأصول الأجنبية ليصل إلى 18.5 مليار دولار بنهاية شهر يوليو/تموز 2025 بزيادة سنوية بلغت 39.7%، وفق بيانات البنك المركزي المصري.
وأرجع خبراء سبب هذه القفزة إلى تحسن عوائد البلاد من النقد الأجنبي من مصادر تحويلات العاملين بالخارج، والسياحة، والصادرات، وكذلك التصدير العقاري بالساحل الشمالي، متوقعين استمرار مسار الصعود لصافي الأصول، مما ينعكس على تحسن سعر صرف الجنيه مقابل الدولار، وتلبية احتياجات المستثمرين والأفراد من النقد الأجنبي.
ويمثل صافي الأصول الأجنبية للقطاع المصرفي حجم ما يمتلكه البنك المركزي والبنوك التجارية من أصول العملة الأجنبية (ودائع، أوراق مالية)، مخصومًا منه التزاماتها بالنقد الأجنبي، ويشير تسجيل صافي الأصول الأجنبية قيمًا إيجابية إلى امتلاك البنوك فائض نقد أجنبي يفوق التزاماتها، أما في حالة وصوله إلى قيمة سالبة، يعني أن التزامات البنوك بالنقد الأجنبي تفوق ما تملكه منه.
وبسبب أزمة نقص النقد الأجنبي بعد اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا وموجة التضخم العالمي، تحول صافي الأصول الأجنبية في مصر إلى السالب في فبراير/شباط من عام 2022، واستمر في هذه المنطقة حتى تحول للمنطقة الموجبة لأول مرة في مايو/أيار 2024 بعد تنفيذ صفقة رأس الحكمة، وتفاوت قيم الأصول الأجنبية على مدار العام، حتى بلغت ذروتها لتسجل 15.4 مليار دولار بنهاية يونيو/حزيران الماضي.
وقال الخبير المصرفي وعضو مجلس إدارة البنك المصري الخليجي، محمد عبدالعال، إن صافي الأصول الأجنبية للقطاع المصرفي واصل ارتفاعه للشهر الثالث على التوالي، ليسجل أعلى فائض خلال آخر 4 سنوات، مما يرجح استمرار هذا المسار الصاعد خلال الشهور المقبلة، مشيرًا إلى أن صافي الأصول الأجنبية جاء مدفوعًا بزيادة صافي الأصول لدى البنوك التجارية، والذي سجل فائضًا بلغ 7.99 مليار دولار في يوليو/تموز، في المقابل، تحسن نسبيًا لدى البنك المركزي ليصل إلى 10.5 مليار دولار نهاية ذات الشهر.
وارتفع فائض الأصول الأجنبية لدى البنك المركزي ليصل إلى 10.5 مليار دولار بنهاية يوليو، من 10.1 مليار دولار في يونيو، ليصل صافي الأصول الأجنبية لدى المركزي إلى 47.8 مليار دولار خلال يوليو، فيما استقرت الالتزامات عند 37.31 مليار دولار، وفق بيان رسمي.
وأرجع عبدالعال، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، أسباب الطفرة في صافي الأصول الأجنبية في القطاع المصرفي إلى زيادة تدفقات البلاد من النقد الأجنبي، من مصادر تحويلات العاملين بالخارج والصادرات المصرية والسياحة، على الترتيب، مشيرًا في الوقت ذاته إلى زيادة الفائض جاء رغم التحديات الاقتصادية والسياسية التي تواجهها مصر هذه الفترة، وتأثر إيرادات قناة السويس بسبب التوترات في البحر الأحمر، وتأجيل صرف الشريحة الخامسة من قرض صندوق النقد الدولي.
وسبق أن أجل صندوق النقد الدولي دمج المراجعتين الخامسة والسادسة من القرض المقدم للبلاد، إلى الخريف، وفق بيان رسمي، وذلك لتأخر تنفيذ برنامج بيع الشركات المملوكة للدولة، وفق بيان رسمي للحكومة المصرية، والتي أرجعت سبب هذا التأخير لتخوفها من الظروف الجيوسياسية بالمنطقة ستؤثر على القيمة العادلة لبيع الأصول الحكومية.
وأشار محمد عبدالعال، إلى أهمية استمرار نمو صافي الأصول الأجنبية للقطاع المصرفي، سواء بمنح الثقة والاستقرار والصلابة للبنوك التجارية في قدرتها على سداد التزاماتها المحلية والدولية، وتلبية احتياجات العملاء من المؤسسات والشركات المستوردة أو الأفراد، وظهر هذا التأثير في خفض القيود المفروضة على استخدام بطاقات الائتمان في الخارج، وتدبير الدولار لأغراض السفر، مضيفًا أن استمرار تدفق النقد الأجنبي للبلاد يعزز من نمو تدفقات الاستثمار الأجنبي غير المباشر في أدوات الدين الحكومية، وكذلك استمرار تحسن سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار.
وخفضت البنوك العاملة بالسوق المصرية، من قيود تدبير الدولار للعملاء سواء للأفراد للسفر خارج مصر أو المعاملات الدولية من خلال بطاقات الائتمان، بقيام بعض البنوك بزيادة تدبير الدولار للعملاء المسافرين خارج البلاد إلى 10 آلاف دولار، وخفض الرسوم على المعاملات الدولية، وإلغاء البند الخاص بمتابعة العملاء المسافرين لإثبات استخدام البطاقة أثناء وجودهم خارج البلاد.
وقال الخبير المصرفي وعضو مجلس إدارة بنك القاهرة سابقا، محمد بدرة، إن صافي الأصول الأجنبية للقطاع المصرفي تحول من المنطقة السالبة بقيمة 10 مليارات دولار إلى المنطقة الإيجابية برقم قياسي يتجاوز 18 مليار دولار، مما يعكس تحسن السياسة النقدية، مشيرًا إلى أن أبرز أسباب هذه الطفرة في الأصول إلى زيادة العوائد الدولارية من تصدير العقار، من خلال المشتريات المحلوظة لعملاء من الخليج لوحدات بالساحل الشمالي، والسياحة، وتحويلات المصريين بالخارج، والأخيرة سجلت رقما تاريخيا غير مسبوق.
وسجلت تحويلات المصـريين العاملين بالخارج، تدفقات قياسية خلال السنة المالية 2024/2025 لتسجل نحو 36.5 مليار دولار، بمعدل زيادة سنوية 66.2%، وحققت التحويلات خلال شهر يونيو أعلى مستوى شهري مسجل تاريخيًا بمعدل زيادة بلغ 40.7% على أساس سنوي لتصل إلى نحو 3.6 مليار دولار، وفق بيان رسمي.
ورجح بدرة، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، أن يواصل صافي الأصول الأجنبية للقطاع المصرفي مسار النمو خلال الفترة المقبلة، مدفوعًا بتحسن إيرادات قناة السويس، حال استقرار الأوضاع الجيوسياسية بالمنطقة، في الوقت نفسه هذه الأوضاع قد تمثل تحديات على استمرار تحسن إيرادات السياحة، كما توقع أن يسهم تحسن صافي الأصول في خفض سعر الدولار مقابل الجنيه المصري خلال الفترة المقبلة لقيم بسيطة.
وبدأ الجنيه المصري رحلة صعود تدريجية أمام الدولار منذ 23 يونيو الماضي، رابحًا بضعة قروش في معظم أيام التداول، لينخفض سعر الدولار من متوسط 50.74 جنيه للشراء في يوم 22 من الشهر نفسه إلى 48.47 جنيه، الثلاثاء، بقيمة 2.27 جنيه، وفق بيانات البنك المركزي المصري.